قراءة في القصة القصيرة ((الحلــم الأخيــــر)) للأديبة مــها راجــح

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد سلطان
    أديب وكاتب
    • 18-01-2009
    • 4442

    قراءة في القصة القصيرة ((الحلــم الأخيــــر)) للأديبة مــها راجــح


    الحلـــم الأخيــــــــــــــر

    مشى مجهداً إلى المخيم الذي يُقيم فيه مع الآلاف مثله..مستسلماً لقدره ..جلس على أرضٍ نحاسيةٍ ..تكسو وجهه ذرات تراب تائهة..جسده هزيل ..غائر ..هواءٌ جاف ٌفاترٌ يخنقه ..عيناه المتعبتان تريان الغبار والموت..قصته لم تُحكَ..وجهه يبدو كالحزن المنسي ..جسمه محروق من شمس الفقر النائي .. يعلم أن وجودَه لا يهم أحداً..كان تفكيره محصوراً بها ..بطفلته..التي كانت تترامى على راحتيه كماء ونور.. ترقد الآن كرزمةٍ يسهل كسرها..صدرها الواهن يعلو بألم وشفتاها الصغيرتان ترتعشان بشدة.
    عليه أن يعرضها على الطبيب
    (تحتاج إلى مستشفى ..بأقصى سرعة..لا نملك إمدادات)
    ..(انتظر قراراً من لجنة حقوق الإنسان)..
    (أعطها شيئاً مؤقتاً الآن).
    ذهب إلى خيمته..يمسح بلورات العرق التي تتسابق على سحنته السمراء..جرحه المفتوح غائر في ملح التشرد والضياع.
    انتظر كثيراً..كثيراً جداً..جاءت مندوبة ..طلبت رؤيتها ..أخذتها ..وبعد دقائق ..أعادتها مع ابتسامة مصطنعة ..وخرجت.
    اعتقد أنها أعطتها دواء..تراءى له أنها تتنفس بسهولة..ربما غدا ًسوف تفتح عينيها.
    تربّص به الخوف والقلق مجدداً على ابنته ..فقد كان وجودها يحوي حزنه وقهره..فهي من تصنع الفرح له.
    إذا ما انشق الصبح في اليوم التالي وأعلن عن وصوله ..أيقظته رطوبة الأرض ..راح يحدق حول نفسه ..حرك يديه ورجليه المتصلبة ..حمل جسد ابنته ليدفئه..لم يعد صدرها يعلو كما كان..
    قدمت اللجنة أسفها العميق ..كان الهدوء يعمُّ المكان ..حيث افترشت الأرض حُلُمَه الأخير.


    قصة للأديبة : مها راجح
    بعنوان : الحلم الأخير

    الرابط : http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=34643


    مشى مجهداً إلى المخيم الذي يُقيم فيه مع الآلاف مثله..مستسلماً لقدره ..جلس على أرضٍ نحاسيةٍ ..تكسو وجهه ذرات تراب تائهة..جسده هزيل ..غائر ..هواءٌ جاف ٌفاترٌ يخنقه ..عيناه المتعبتان تريان الغبار والموت..

    أعجبني هنا هذا التقسيم المدهش :
    فبالبداية قمتِ بوصف حالته منفرداً ثم حالة الآلاف المتواجدة معه ـ مثله ـ ثم وصف مشبع لفسيولوجيته على حده ثم وصف المكان و فيى الناية امتزاج الجميع فى وصف وحد رائع و رهيب .. كان تقسيماً رائعاً مها فيه فنية و حرفية عالية في الكتابة
    ترقد الآن كرزمةٍ يسهل كسرها..صدرها الواهن يعلو بألم وشفتاها الصغيرتان ترتعشان بشدة.
    عليه أن يعرضها على الطبيب
    (تحتاج إلى مستشفى ..بأقصى سرعة..لا نملك إمدادات)
    ..(انتظر قراراً من لجنة حقوق الإنسان)..
    (أعطها شيئاً مؤقتاً الآن).
    ها أيضا تركيب سلس للمفردات علت للصورة وضوح و زهاء و بينت كم المعاناة و الآلام التى تسكننا حينما نتعاطف مع بطل القصة . نعم التعاطف و الإشفاق هنا كان بالإكراه علينا .. حيث الموقف المؤسف و حالة الضياع التى يعيشها كل منا غير منفصلين عن بعضنا فكلنا في نفس بؤرة المخيم و النكبة ..
    ذهب إلى خيمته..يمسح بلورات العرق التي تتسابق على سحنته السمراء..جرحه المفتوح غائر في ملح التشرد والضياع.
    انتظر كثيراً..كثيراً جداً..جاءت مندوبة ..طلبت رؤيتها ..أخذتها ..وبعد دقائق ..أعادتها مع ابتسامة مصطنعة ..وخرجت.
    اعتقد أنها أعطتها دواء..تراءى له أنها تتنفس بسهولة..ربما غدا ًسوف تفتح عينيها.
    استعادة الحالة الأولى لنفس المشهد لكن يتدرج نحو الهدف الريئسي الذى بدأ من أجله القلم و راح يضفر الوجع بالموت و الأمل الذى ينتظر مرور مندوب أو مفوض يزرع فينا الأمل ثم يتركه و يرحل .. ربما سيعطيه دواء ((اعتقد أنها أعطتها دواء)) ..أو ((ربما غدا ًسوف تفتح عينيها.)) الله مها ,, رائعة تلك اللفتة .. أحببتها كثيراً تجزم بأن هذا الأمل المنشود و الحلم أصبح معلقاً على التسويف الغدي و ربما ستتفتح عيناه .. هل الدواء هو ماء الحياة الذى سيعيدها و يحي الحلم الميت .. رمز جميل و استخدام قوى كان أجمل ما في القصة .. تركيب حلو و ممتع و شيق للقارئ لكن مغبط للنفس يجعلها من الممكن أن ثتور في لحظة ,, هل هو عمل ثورى تحريضي ؟ يستثير المشاعر و يحرك قوالب نائمة .. هنا الكاتبة نجحت في أسر القارئ كما أسرت نفسها داخل مخيم الحالة فاستفزت منا الدمعة و تجعلتها تتلاعب و تترقرق على الوجنات دون قصد .. فأحياناً يبكي الكاتب هو نفسه أثناء السطور نتيجة المعايشة فيترك القلم كي يلعب هو مع السطور و ينكحها فيكون الثكاثر الفني ولادة رائعة دون قيد الكاتب أو فرض تقريراته بالعمل .. أى أن العمل يخرج منقحاً بذاته ..
    تربّص به الخوف والقلق مجدداً على ابنته ..فقد كان وجودها يحوي حزنه وقهره..فهي من تصنع الفرح له.
    مازالت الحالة في يد الكاتبة و رأسها .. لم تتركها بل ازداد الألم و بدأ في تفاقمه .. هنا التركيب الفني واضح و صريح حيمنا يذهب للطفلة يراقبها يتمنى أن يتحقق حلمه فهي بالنسبة له الحلم و الفرحة .. سطٌر صغيرٌ دخل قرب نهاية القصة كان لابد عنه ؟؟ لا أعتقد أن وجوده هنا كلن ضرورياً لكن جاء كي يزيد من حبكة القصة و يصعد أحداثها بقوة .. إذن يأتي االرد القاطع بأنه فرض نفسه على الكاتب و كان لابد عنه (معايشة لنفس الحالة) .. كان مشهد جميل و هادئ جدد الأمل في القارئ و حدفه سريعاً إلى القفلة المقاربة من النهاية الآتية :
    إذا ما انشق الصبح في اليوم التالي وأعلن عن وصوله ..أيقظته رطوبة الأرض ..راح يحدق حول نفسه ..حرك يديه ورجليه المتصلبة ..حمل جسد ابنته ليدفئه..لم يعد صدرها يعلو كما كان..

    كما كان..
    تلاهث في الأنفاس شعرتها هنا .. أنفاس حادة و زفير مسموع .. هنا لعبة الكاتب و جودة قلمه .. يدفعك بقوة ناحية الهدف المنشود من القصة بدهشة و غرابة دون تحكم لأعصابك و انفعالاتك ,, فلو نظرنا لتصعيد الحدث و إحكام الحبكة سنراها عنيفة و قوية كادت أن تشج رأس من تعاطف و أشفق على البطل ((ما انشق الصبح ,, أيقظته رطوبة الأرض .. ..راح يحدق .. حول نفسه .. حرك يديه .. ورجليه .. المتصلبة .. حمل جسد ابنته ليدفئه .. ..لم يعد صدرها يعلو .. كما كان ,, هنا يصح التقديم و التأخير جائزاً كانما نقول : كما كان لم يعد صدرها يعلو أو تبقيه الكاتبة على شاكلته . المهم أننا بصدد جمال لغوي و ترتيب نقسي اجتهدت فيه الكاتبة بل و تفوقت على نفسها ..
    النهاية هنا من أعنف نهايات القص و أقواها .. سريعة مكثفة .. موجزة .. تصاعدت بقوة و شراسة قلم ثار في لحظة .. و هذا تأكد بجملة القفلة :
    قدمت اللجنة أسفها العميق ..كان الهدوء يعمُّ المكان ..حيث افترشت الأرض حُلُمَه الأخير.
    ضياع الحلم و خيبة أمل و فشل من المندوبة ؛ فالدواء لم يصلح .. رما انتهت صلاحيته كالعادة أو كان دواء زائف .. فقط كان لإرضاء الأب و غرس بذرة الأمل .. كما هو العهد دائما مع اللجنة .. اللجنة .. اللجنة .. اللجنة .. كلم أصبحت خنيقة تثير الإشمئزاز كلما سمعتها و بالتأكيد سيزداد الاشمئزاز حينما عندما أجد الأرض تفترش بأحلامنا ..
    ((افترشت الأرض حلمه الأخير))
    صورة قادرة جداً . جسدت الصورة بإصرار على انتزاع الدمعة و الشفقة من قلب القارئ .؛ فهنا الحلم مات و ضاع الأمل الذى جرى وراءه القارئ مع الكاتب و كنت أنتظره .. لكن سريعاً و كالعادة تدفن أحلامنا و يواريها الثرى ..

    صفحتي على فيس بوك
    https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757
  • سالم عمر البدوي بلحمر
    عضـو ملتقى الأدباء والمبدعين العرب
    • 27-06-2009
    • 1447

    #2
    لاتدفن احلامنا ويواريها الثرى وحسب وانما بعدما تفتت وتجزأ وتطمس عناوينها حتى لايتمكن متابع الاثار معرفة محتواها واصحابها اليس كذلك ياغالي ؟.
    تقديري وشكري يردك على عطاءاتك الراقية المتواصلة وتحية لك من الدمام معطرة بعطر العطر .
    [align=center]
    بين النخلة والنخلة مسافة لايقيسها إلا أنا .

    أبعدوني قسراً من على أديمك ,ولم ينزعوا قلبي من بين حناياك .





    [/align]

    تعليق

    • محمد سلطان
      أديب وكاتب
      • 18-01-2009
      • 4442

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة سالم عمر البدوي بلحمر مشاهدة المشاركة
      لاتدفن احلامنا ويواريها الثرى وحسب وانما بعدما تفتت وتجزأ وتطمس عناوينها حتى لايتمكن متابع الاثار معرفة محتواها واصحابها اليس كذلك ياغالي ؟.
      تقديري وشكري يردك على عطاءاتك الراقية المتواصلة وتحية لك من الدمام معطرة بعطر العطر .

      أستاذنا الجميل

      سالم عمر

      أشكرك على المرور الطيب الذى أضاف على القراءة جمالاً و ثقة في القلم

      أشكرك سيدي على التشجيع و روحك الطيبة و سلام لك من أرض الدوحة ..

      تحياتي و محبتي
      صفحتي على فيس بوك
      https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

      تعليق

      • محمود الأزهري
        عضو أساسي
        • 14-06-2009
        • 593

        #4
        تحية للقاصة الجميلة مها
        وتحية ومحبة للناقد القدير محمد إبراهيم سلطان
        لقراءته المحبة للنص
        الكاششفة عن أعماقه
        محبة وتقدير
        محمود الأزهرى
        مصر
        :emot129:محبتى وتقديرى
        محمود الأزهرى
        تكاد يدى تندى إذا ما لمستها
        وينبت فى أطرافها الورق الخضر

        [SIGPIC][/SIGPIC]

        تعليق

        • مها راجح
          حرف عميق من فم الصمت
          • 22-10-2008
          • 10970

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة محمد ابراهيم سلطان مشاهدة المشاركة

          الحلـــم الأخيــــــــــــــر

          مشى مجهداً إلى المخيم الذي يُقيم فيه مع الآلاف مثله..مستسلماً لقدره ..جلس على أرضٍ نحاسيةٍ ..تكسو وجهه ذرات تراب تائهة..جسده هزيل ..غائر ..هواءٌ جاف ٌفاترٌ يخنقه ..عيناه المتعبتان تريان الغبار والموت..قصته لم تُحكَ..وجهه يبدو كالحزن المنسي ..جسمه محروق من شمس الفقر النائي .. يعلم أن وجودَه لا يهم أحداً..كان تفكيره محصوراً بها ..بطفلته..التي كانت تترامى على راحتيه كماء ونور.. ترقد الآن كرزمةٍ يسهل كسرها..صدرها الواهن يعلو بألم وشفتاها الصغيرتان ترتعشان بشدة.
          عليه أن يعرضها على الطبيب
          (تحتاج إلى مستشفى ..بأقصى سرعة..لا نملك إمدادات)
          ..(انتظر قراراً من لجنة حقوق الإنسان)..
          (أعطها شيئاً مؤقتاً الآن).
          ذهب إلى خيمته..يمسح بلورات العرق التي تتسابق على سحنته السمراء..جرحه المفتوح غائر في ملح التشرد والضياع.
          انتظر كثيراً..كثيراً جداً..جاءت مندوبة ..طلبت رؤيتها ..أخذتها ..وبعد دقائق ..أعادتها مع ابتسامة مصطنعة ..وخرجت.
          اعتقد أنها أعطتها دواء..تراءى له أنها تتنفس بسهولة..ربما غدا ًسوف تفتح عينيها.
          تربّص به الخوف والقلق مجدداً على ابنته ..فقد كان وجودها يحوي حزنه وقهره..فهي من تصنع الفرح له.
          إذا ما انشق الصبح في اليوم التالي وأعلن عن وصوله ..أيقظته رطوبة الأرض ..راح يحدق حول نفسه ..حرك يديه ورجليه المتصلبة ..حمل جسد ابنته ليدفئه..لم يعد صدرها يعلو كما كان..
          قدمت اللجنة أسفها العميق ..كان الهدوء يعمُّ المكان ..حيث افترشت الأرض حُلُمَه الأخير.


          قصة للأديبة : مها راجح
          بعنوان : الحلم الأخير

          الرابط : http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=34643


          مشى مجهداً إلى المخيم الذي يُقيم فيه مع الآلاف مثله..مستسلماً لقدره ..جلس على أرضٍ نحاسيةٍ ..تكسو وجهه ذرات تراب تائهة..جسده هزيل ..غائر ..هواءٌ جاف ٌفاترٌ يخنقه ..عيناه المتعبتان تريان الغبار والموت..

          أعجبني هنا هذا التقسيم المدهش :
          فبالبداية قمتِ بوصف حالته منفرداً ثم حالة الآلاف المتواجدة معه ـ مثله ـ ثم وصف مشبع لفسيولوجيته على حده ثم وصف المكان و فيى الناية امتزاج الجميع فى وصف وحد رائع و رهيب .. كان تقسيماً رائعاً مها فيه فنية و حرفية عالية في الكتابة
          ترقد الآن كرزمةٍ يسهل كسرها..صدرها الواهن يعلو بألم وشفتاها الصغيرتان ترتعشان بشدة.
          عليه أن يعرضها على الطبيب
          (تحتاج إلى مستشفى ..بأقصى سرعة..لا نملك إمدادات)
          ..(انتظر قراراً من لجنة حقوق الإنسان)..
          (أعطها شيئاً مؤقتاً الآن).
          ها أيضا تركيب سلس للمفردات علت للصورة وضوح و زهاء و بينت كم المعاناة و الآلام التى تسكننا حينما نتعاطف مع بطل القصة . نعم التعاطف و الإشفاق هنا كان بالإكراه علينا .. حيث الموقف المؤسف و حالة الضياع التى يعيشها كل منا غير منفصلين عن بعضنا فكلنا في نفس بؤرة المخيم و النكبة ..
          ذهب إلى خيمته..يمسح بلورات العرق التي تتسابق على سحنته السمراء..جرحه المفتوح غائر في ملح التشرد والضياع.
          انتظر كثيراً..كثيراً جداً..جاءت مندوبة ..طلبت رؤيتها ..أخذتها ..وبعد دقائق ..أعادتها مع ابتسامة مصطنعة ..وخرجت.
          اعتقد أنها أعطتها دواء..تراءى له أنها تتنفس بسهولة..ربما غدا ًسوف تفتح عينيها.
          استعادة الحالة الأولى لنفس المشهد لكن يتدرج نحو الهدف الريئسي الذى بدأ من أجله القلم و راح يضفر الوجع بالموت و الأمل الذى ينتظر مرور مندوب أو مفوض يزرع فينا الأمل ثم يتركه و يرحل .. ربما سيعطيه دواء ((اعتقد أنها أعطتها دواء)) ..أو ((ربما غدا ًسوف تفتح عينيها.)) الله مها ,, رائعة تلك اللفتة .. أحببتها كثيراً تجزم بأن هذا الأمل المنشود و الحلم أصبح معلقاً على التسويف الغدي و ربما ستتفتح عيناه .. هل الدواء هو ماء الحياة الذى سيعيدها و يحي الحلم الميت .. رمز جميل و استخدام قوى كان أجمل ما في القصة .. تركيب حلو و ممتع و شيق للقارئ لكن مغبط للنفس يجعلها من الممكن أن ثتور في لحظة ,, هل هو عمل ثورى تحريضي ؟ يستثير المشاعر و يحرك قوالب نائمة .. هنا الكاتبة نجحت في أسر القارئ كما أسرت نفسها داخل مخيم الحالة فاستفزت منا الدمعة و تجعلتها تتلاعب و تترقرق على الوجنات دون قصد .. فأحياناً يبكي الكاتب هو نفسه أثناء السطور نتيجة المعايشة فيترك القلم كي يلعب هو مع السطور و ينكحها فيكون الثكاثر الفني ولادة رائعة دون قيد الكاتب أو فرض تقريراته بالعمل .. أى أن العمل يخرج منقحاً بذاته ..
          تربّص به الخوف والقلق مجدداً على ابنته ..فقد كان وجودها يحوي حزنه وقهره..فهي من تصنع الفرح له.
          مازالت الحالة في يد الكاتبة و رأسها .. لم تتركها بل ازداد الألم و بدأ في تفاقمه .. هنا التركيب الفني واضح و صريح حيمنا يذهب للطفلة يراقبها يتمنى أن يتحقق حلمه فهي بالنسبة له الحلم و الفرحة .. سطٌر صغيرٌ دخل قرب نهاية القصة كان لابد عنه ؟؟ لا أعتقد أن وجوده هنا كلن ضرورياً لكن جاء كي يزيد من حبكة القصة و يصعد أحداثها بقوة .. إذن يأتي االرد القاطع بأنه فرض نفسه على الكاتب و كان لابد عنه (معايشة لنفس الحالة) .. كان مشهد جميل و هادئ جدد الأمل في القارئ و حدفه سريعاً إلى القفلة المقاربة من النهاية الآتية :
          إذا ما انشق الصبح في اليوم التالي وأعلن عن وصوله ..أيقظته رطوبة الأرض ..راح يحدق حول نفسه ..حرك يديه ورجليه المتصلبة ..حمل جسد ابنته ليدفئه..لم يعد صدرها يعلو كما كان..

          كما كان..
          تلاهث في الأنفاس شعرتها هنا .. أنفاس حادة و زفير مسموع .. هنا لعبة الكاتب و جودة قلمه .. يدفعك بقوة ناحية الهدف المنشود من القصة بدهشة و غرابة دون تحكم لأعصابك و انفعالاتك ,, فلو نظرنا لتصعيد الحدث و إحكام الحبكة سنراها عنيفة و قوية كادت أن تشج رأس من تعاطف و أشفق على البطل ((ما انشق الصبح ,, أيقظته رطوبة الأرض .. ..راح يحدق .. حول نفسه .. حرك يديه .. ورجليه .. المتصلبة .. حمل جسد ابنته ليدفئه .. ..لم يعد صدرها يعلو .. كما كان ,, هنا يصح التقديم و التأخير جائزاً كانما نقول : كما كان لم يعد صدرها يعلو أو تبقيه الكاتبة على شاكلته . المهم أننا بصدد جمال لغوي و ترتيب نقسي اجتهدت فيه الكاتبة بل و تفوقت على نفسها ..
          النهاية هنا من أعنف نهايات القص و أقواها .. سريعة مكثفة .. موجزة .. تصاعدت بقوة و شراسة قلم ثار في لحظة .. و هذا تأكد بجملة القفلة :
          قدمت اللجنة أسفها العميق ..كان الهدوء يعمُّ المكان ..حيث افترشت الأرض حُلُمَه الأخير.
          ضياع الحلم و خيبة أمل و فشل من المندوبة ؛ فالدواء لم يصلح .. رما انتهت صلاحيته كالعادة أو كان دواء زائف .. فقط كان لإرضاء الأب و غرس بذرة الأمل .. كما هو العهد دائما مع اللجنة .. اللجنة .. اللجنة .. اللجنة .. كلم أصبحت خنيقة تثير الإشمئزاز كلما سمعتها و بالتأكيد سيزداد الاشمئزاز حينما عندما أجد الأرض تفترش بأحلامنا ..
          ((افترشت الأرض حلمه الأخير))
          صورة قادرة جداً . جسدت الصورة بإصرار على انتزاع الدمعة و الشفقة من قلب القارئ .؛ فهنا الحلم مات و ضاع الأمل الذى جرى وراءه القارئ مع الكاتب و كنت أنتظره .. لكن سريعاً و كالعادة تدفن أحلامنا و يواريها الثرى ..



          زميلنا الشاب والمبدع محمد سلطان
          شكرا لك
          شكرا لتفاعلك واهتمامك بما نكتب
          بورك قلمك وفكرك أخي الفاضل
          سررت بهذا النقد الجميل والذي يدفعنا للأفضل
          شكرا لك ولمن مر هنا
          رحمك الله يا أمي الغالية

          تعليق

          • مها راجح
            حرف عميق من فم الصمت
            • 22-10-2008
            • 10970

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة محمود الأزهري مشاهدة المشاركة
            تحية للقاصة الجميلة مها
            وتحية ومحبة للناقد القدير محمد إبراهيم سلطان
            لقراءته المحبة للنص
            الكاششفة عن أعماقه
            محبة وتقدير
            محمود الأزهرى
            مصر
            الأديب الكبير الأستاذ محمود الأزهري
            كلي فخربهذا التعليـــــــــــــق
            بوركتم
            تحيتي ومودتي
            رحمك الله يا أمي الغالية

            تعليق

            يعمل...
            X