الغزالي أم ابن رشد ... من الجاني ( لنقاش )... ( منقول )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نورس يكن
    أديب وكاتب
    • 01-09-2009
    • 684

    الغزالي أم ابن رشد ... من الجاني ( لنقاش )... ( منقول )

    أيهما أكثر جناية على الفكر الإسلامي , تلك الجناية التي عاقت تطوره وازدهاره , الإمام الغزالي أم ابن رشد ؟ . أعتقد أن هذا التساؤل يمثل معضلة هامة من معضلات فكرنا الإسلامي , معضلة ممتدة منذ القرن الرابع الهجري إلى اليوم , وهي معضلة تعارض النقل مع العقل , والصراع بين ثلاثة مناهج للوصول للحقيقة ؛ المنهج النقلي والمنهج العقلي والمنهج الذوقي الصوفي .
    وبداية تجدر الإشارة , إلى أن الغزالي وابن رشد كلاهما مؤمن باحث عن الحقيقة , والفارق بينهما هو فارق في المنهج الذي تبناه كل منهم للوصول للحقيقة ؛ فأختار الغزالي طريق الكشف والحدس الصوفي , للوصل إلي معرفة تركيبية , وشمولية , ومباشرة , ومتماسكة . وهي بالطبع ” رؤيا ” صوفية قلبية خالصة لا دور للعقل فيها .
    أما ابن رشد فقد تبني منهج البرهان العقلي للوصول للحقيقة . وقد كان فيلسوف قرطبة وقاضيها , علي قناعة كاملة بأن الدين والفلسفة كلاهما حق , والحق لا يضاد الحق . ومن ثم حاول التوفيق بين دينه وبين قناعاته الفلسفية , فجاء إيمانه بعقائده الدينية إيماناً صادقاً , لا يقوم علي التقليد بل علي الاقتناع العقلي .
    وكلاهما إذا نظرنا إليه من منظور فكري خالص , قد ارتكب جناية فادحة عندما مارس سياسة الإقصاء والاستبعاد في مقابل أصحاب الاتجاه الأخر وما يمثله من قناعات ؛ فهاجم الإمام الغزالي (في القرن الرابع الهجري) العلوم العقلية , وكفر فلاسفة اليونان وأتباعهم من فلاسفة الإسلام في كتابة ” تهافت الفلاسفة ” . وبعده بقرنين من الزمان كتب ابن رشد كتابه ” تهافت التهافت ” ليناقش ويبطل أراء الغزالي , ويعيب عليه أنه ألف هذا الكتاب من أجل الجدل , لا من أجل الوصول للحقيقة . ودافع ابن رشد في كتابه عن العقل وعن الفلسفة كأداة صالحة للوصول للحقيقة .
    إلا أن بارقة أبن رشد تلك لم تفلح في عودة الحياة إلي العلوم العقلية , ومن ثم بعث الحضارة الإسلامية من جديد . لأن السياسة بمثالبها قد تدخلت في هذا الخلاف الفكري وتبنت معظم السلطات السياسية في العالم الإسلامي مذهب الإمام الغزالي وناصرته علي بقية المذاهب واضطهدت أصحابها . وهذا بالطبع ليس حباً واقتناعاً به , بل لأنها وجدت أنه يحقق أهدافها , ويحفظ لها استقرارها .
    وهنا ظهرت محنة ابن رشد وتم اضطهاده وحرق كتبه . ولم يكن هذا مصير ابن رشد فقط ؛ فقد كان جميع فلاسفة الأندلس في عصره عرضة للاضطهاد مثله؛ لأن أصحاب دولة الموحدين صدروا عن مذهب الغزالي مباشرة , وكان مؤسس دولتهم بأفريقيا تلميذ للإمام الغزالي , ولم يكن هذا الوضع المأساوي للفلاسفة يختلف عن هذا كثيراً في بلاد المشرق العربي .
    وهنا يحق لنا التساؤل : ماذا لو لم تتدخل السياسة بمثالبها المعهودة في هذا الصراع الفكري لتناصر طرفاً على طرف آخر؟.
    أعتقد أنه لو ظل الأمر مجرد خلافاً فكرياً لكان من الممكن أن يتطور الاتجاهان معاً الفلسفة والتصوف , ليعترف كل منهم بالآخر . ويبدعا معاً منهجاًً جديداً للوصول للحقيقة يقوم علي الحدس والكشف الصوفي وعلي البرهان العقلي أيضاً .ولتطور الفكر الإسلامي بالشكل الذي يساعد علي بعث الحضارة الإسلامية من جديد , وهي تحمل للإنسانية نمطاً ومنهجاً فكرياً جديد , يمثل أعظم أنجاز يمكن أن يقدمه الفكر الإسلامي للفكر الإنساني .
    ولعل ما أشير إليه هنا يؤكده ويزيد ه وضوحاً الفيلسوف الإنجليزي برتراند رسل (1872-1970 م) في كتابه ” التصوف والمنطق ” , حيث يشير إلي أن ” وحدة المتصوف مع رجل العلم تشكل أعلي مكانة مرموقة , يمكن إنجازها في عالم الفكر . فهذا الانفعال ( التصوف ) هو الملهم لما هو أفضل ما في الإنسان “.
    وبناء على ذلك يمكن القول أن الجناية على الفكر الإسلامي تقع على عاتق كل من :
    - الإمام الغزالي : للجوئه لتكفير الفلاسفة , واستبعاده لأي دوراً للعقل والنظر العقلي في الأمور الإيمانية .
    - ابن رشد : لإعجابه إلي درجة الغلو بأرسطو وبالفلسفة اليونانية , مما أوقعه علي نحو شبه كامل في قبضة الفلسفة اليونانية باستدلالاتها وميتافيزيقها الخانقة .
    - السلطات السياسية : التي تبنت – وحتى اليوم – مذهب الإمام الغزالي وناصرته علي بقية المذاهب واضطهدت أصحابها , ؛ وذلك لأنها وجدت أن مذهب الغزالي يحقق أهدافها , ويحفظ لها استقرارها .
    وفي النهاية فأن النصيب الأكبر من الخطأ الذي أدي إلي عدم تطور الفكر الإسلامي , يقع علي عاتق تلك الأجيال الممتدة من زمن الإمام الغزالي إلي اليوم من المشتغلين بالعلوم الدينية والفلسفية ؛ فهم جميعاً أكانوا سلفيون أم عقليون أم صوفيون , كثيراً ما رأينهم يستعيدون الصراع الفكري الذي كان في الماضي , ولا يكتفون بصراعات الماضي , بل يبحثون عن خصوم لهم في الحاضر من أصحاب الاتجاهات الأخرى , ليدخلوا معهم في معارك لا فأئده منها تستهلك الجهد والوقت . وكان الأجدى لهم البحث عن مواطن الالتقاء والتكامل بينهم , ومحاولة الوصول إلي صيغ فكرية جديدة تساعد علي تطور الفكر الإسلامي وبعث الحضارة الإسلامية من جديد .
    واعتقد أن هذا هو الدرس الأهم الذي يجب أن نستوعبه نحن دارسي العلوم الدينية والإنسانية الشبان الذين نتمنى ونسعى إلي أن يكون لنا دور في صياغة مستقبل بلادنا , وأن نكمل المسيرة التي بدأها أساتذتنا , عن طريق الفهم الواعي لتراثنا والرؤية الواضحة لواقعنا , وبالقناعة الكاملة بأنه لا مكان في مجال الفكر لأي استبعاد أو إقصاء أو تكفير , وبأن العقل يجب ألا يعادي الإيمان , والإيمان الحقيقي يجب ألا يعادى العقل ولا الفلسفة بمنهجها القائم علي التحليل والنفاذ إلي ما وراء الأشياء والظواهر الخادعة
    .فالعقل والإيمان ليسا منهجين مختلفين للوصول للحقيق , ولا يوجد أي فاصل بينهما , فكلاهما يكمل الأخر . فالعقل يستضيء بنور الإيمان , والإيمان يضبط ويستقيم بحدود العقل . وهما معاً يمثلان حجر الزاوية في معركتنا لتحرير الإنسان المعاصر , وتخليصه من كل القوى التي تحاول تشيئته و استلابه روحاً وعقلاً وجسداً .
    التعديل الأخير تم بواسطة نورس يكن; الساعة 27-01-2010, 10:51.
    (( انا اكبر من العروض ))
  • نورس يكن
    أديب وكاتب
    • 01-09-2009
    • 684

    #2
    المرأة في فكر الامام الغزالي

    إذا حاولنا الوقوف علي رؤية أبي حامد للمسألة النسوية فإننا نلاحظ أنه يناصب المرأة العداء دونما مواربة ، فهي في عرفه عنوان الكيد و الشر و الغدر و الغواية ، و " قيل شاوروهن وخالفوهن، ويجب علي الرجل الفاضل المتيقظ أن يحتاط في خطبة النساء و طلبهن، وليزوج البنت لا سيما إذا بلغت ، لئلا يقع في الغدر و العيب و مرض الروح و تعب القلب، وعلى الحقيقة كل ما ينال الرجل من البلاء و الهلاك و المحن فبسبب النساء " (الغزالي، التبر المسبوك في نصائح الملوك ، دار الكتب العلمية ، الطبعة الأولي ،بيروت 1988 ، ص 131).
    ويعدد الغزالي ما للرجل من امتيازات حقوقية مقارنة بالمرأة داعيا إياه إلى الرفق بها رفق السجان بمسجونيه، و تتمثل تلك الامتيازات في:
    1) بإمكان الرجل تطليق زوجته متى شاء.
    ـ 2)لا يمكن للمرأة التصرف في مال زوجها دون إذنه.
    ـ 3)يمكن للرجل الزواج من نساء أخريات بينما يحظر علي زوجته الزواج من غيره .
    ـ4) عدم قدرة المرأة علي مغادرة بيت زوجها إذا لم يأذن لها بذلك.
    ـ 5)تخاف الزوجة زوجها أما هو فلا يخافها.
    (انظر :م ن ، ص 129، حيث يعدد الغزالي تلك الامتيازات)
    ويبلغ الصلف الذكوري به إلي حدود القول : " المرأة أسير الرجل، و يجب على الرجال مداراة النساء لنقص عقولهن، و بسبب نقص عقولهن لا يجوز لأحد أن يتدبر بأمرهن و لا يلتفت إلى أقوالهن( ص130 )، ويحذر من عدم الأخذ بنصائحه التي يرفعها إلي مستوى الأوامر قائلا : " لا يتدبر احد برأي النساء ، فإن من تدبر بآرائهن أو ائتمر بمشورتهن خسر درهمه درهمين " (ص131وهذه المرأة المستعبدة حقوقيا و أخلاقيا و سياسيا واجتماعيا تغدو عندما يتعلق الأمر بالمتعة الجنسية موضوعا مرغوبا فيه ، ينبغي الإقبال عليه بنهم و شراهة، و إذا ما أصابنا العجز يجب البحث عن الدواء الشافي ولو عند الملائكة حفاظا علي فحولة بدأ نجمها في الأفول . وضمن هذا السياق حفلت مؤلفات الغزالي بالعديد من القضايا التي تدعو حقا إلي الدهشة، فهو يروي مثلا عن الرسول هذا الحديث : " شكوت إلي جبريل عليه السلام ضعفي في الوقاع فدلني على الهريسة "(الغزالي، آداب النكاح و كسر الشهوتين، دار المعارف، سوسة / تونس، ص 22 )، فهل يتعلق الأمر بحديث صحيح تأكد حجة الإسلام من صدق نسبته قبل أن يضمنه كتابه " آداب النكاح و كسر الشهوتين " أم انه قد رواه على عواهنه فألحق الأذى بمن نسبه إليه مصورا إياه في ثوب من يلجأ إلى الملائكة كي تحل له قضية جد شخصية استعصت عليه ؟
    وسواء كانت هذه أو تلك فإننا نواجه شخصية مزدوجة ميالة إلى السادية، تحقر من شأن النساء من ناحية و تنصح بأكل الهريسة للاستمتاع بأجسادهن من ناحية ثانية. لنقرأ الفقرة التالية و لنتأمل حجم الشراهة الجنسية المنفلتة من أسوار الكبت بأسانيد قدسية : " ومن الطباع ما تغلب عليه الشهوة بحيث لا تحصنه المرأة الواحدة، فيستحب لصاحبها الزيادة على الواحدة إلى الأربع فإن يسر الله له مودة و رحمة و اطمأن قلبه بهن، و إلا فيستحب له الاستبدال، فقد نكح علي رضي الله عنه بعد وفاة فاطمة عليها السلام بسبع ليال، و يقال إن الحسين بن علي كان منكاحا حتي نكح زيادة على مائتي امرأة، و كان ربما عقد على أربع في وقت واحد وربما طلق أربعا في وقت واحد و استبدل بهن ، وقد قال عليه الصلاة والسلام للحسن : أشبهت خلقي و خلقي ، و قال صلى الله عليه و سلم : حسن مني و حسين من علي ، فقيل إن كثرة نكاحه أحد ما يشبه به خلق رسول الله صلي الله عليه و سلم "(م ن ، ص ص 20 / 21 )
    ويكشف التناقض بين الغزالي و ابن رشد بهذا الخصوص عن صراع مرير مازالت رحاه تدور بين الخطابين المشار إليهما آنفا، فبينما تتطلب علمنة المجتمع و عقلنة التفكير الفصل بين الدولة و الدين، و بالتالي التعامل مع مسالة المرأة من زاوية عقلية صرفة، فان الربط بين هذين المجالين يقضي بالتعامل معها من زاوية نصية ثبوتية بأن نتبع إزاءها وصايا الأجداد .
    (( انا اكبر من العروض ))

    تعليق

    • نورس يكن
      أديب وكاتب
      • 01-09-2009
      • 684

      #3
      المرأة في فكر ابن رشد

      عندما طرح أفلاطون مسألة ما إذا كان من الواجب أن تشارك النساء الرجال في مهام حفظ المدينة، أم أنه من الأفضل جعل مهمتهن مقصورة على الإنجاب وتدبير البيت.... الخ، تدخل ابن رشد ليبدي رأيه من خلال أربع ملاحظات".‏
      فمن الناحية المبدئية: "قلت إن النساء من جهة أنهن والرجال نوع واحد من الغاية الإنسانية، فإنهن بالضرورة يشتركن وإياهم فيها (في الأفعال الإنسانية)، وإن اختلفن عنهم بعض الاختلاف. أعني أن الرجال أكثر كداً في الأعمال الإنسانية من النساء، وإن لم يكن من غير الممتنع أن تكون النساء أكثر حذقاً في بعض الأعمال، كما يظن ذلك في فن الموسيقى العملية، ولذا يقال إن الألحان تبلغ كمالها إذا أنشأها الرجال وعملتها (أدتها) النساء. فإذا كان كذلك، وكان طبع النساء والرجال طبعاً واحداً في النوع، وكان الطبع الواحد بالنوع إنما يقصد به في المدينة العمل، فمن البين إذن أن النساء يقمن في هذه المدينة بالأعمال نفسها التي يقوم بها الرجال. إلا أنّه بما أنهن أضعف منهم فقد ينبغي أن يكلفن من الأعمال بأقلها مشقة".‏

      ومن الناحية العملية: "إنا نرى نساءً يشاركن الرجال في الصنائع، إلا أنهن في هذا أقل منهم قوة، وإن كان معظم النساء أشد حذقاً من الرجال في بعض الصنائع، كما في صناعة النسيج والخياطة وغيرهما. وأما اشتراكهن في صناعة الحرب وغيرها فذلك بيّنٌ من حال ساكني البراري وأهل الثغور. ومثل هذا ما جبلت عليه بعض النساء من الذكاء وحسن الاستعداد، فلا يمتنع أن يكون لذلك بينهن حكيمات أو صاحبات رياسة".‏

      ومن الناحية الشرعية: فإنه "لما ظُنَّ أن يكون هذا الصنف نادراً في النساء، منعت بعض الشرائع أن يجعل فيهن الإمامة، أعني الإمامة الكبرى، ولإمكان وجود هذا بينهن أبعدت ذلك بعض الشرائع".‏

      أما الملاحظة الرابعة فتتعلق بوضعية المرأة في المجتمع العربي، وفي الأندلس بصفة خاصة يقول: "وإنما زالت كفاية النساء في هذه المدن لأنهن اتُّخذن للنسل وللقيام بأزواجهن، وكذا للإنجاب والرضاعة والتربية، فكان ذلك مبطلاً لأفعالهن (الأخرى). ولما لم تكن النساء في هذه المدن مهيئات على نحو من الفضائل الإنسانية، كان الغالب عليهن فيها أن يشبهن الأعشاب. ولكونهن حملاً ثقيلاً على الرجال صرن سبباً من أسباب فقر هذه المدن. وبالرغم من أن الأحياء منهن فيها ضعف عدد الرجال، فإنهن لا يقمن بجلائل الأعمال الضرورية، وإنما ينتدبن في الغالب لأقل الأعمال، كما في صناعة الغزل والنسيج، عندما تدعو الحاجة إلى الأموال بسبب الإنفاق، وهذا كله بين بنفسه"‏
      (( انا اكبر من العروض ))

      تعليق

      • نورس يكن
        أديب وكاتب
        • 01-09-2009
        • 684

        #4
        نحن هنا في دعو لنقاش
        اهلا بكم جميعا
        (( انا اكبر من العروض ))

        تعليق

        • دعد قنوع
          عضو الملتقى
          • 26-01-2010
          • 159

          #5
          أخي نورس يكن المبدع :
          أثار إعجابي موضوعك هذا الذي ينبي عن فكر محلل استراتيجي من الدرجة الراقية والمبدعة فقد اخترت تصنيفين فكريين وإيمانيين مختلفين هما في الحقيقة وكما نوهت لو اجتمعا لتغير وجه التاريخ العالمي والإسلامي خاصة.
          فقد بينت بفكر نير عمق الفجوة ووضحت العامل السياسي ودوره الخطير في زلق الأمم بحضاراتها إلى مدافن كان الأجدى بها لتكون رياض للنعيم.
          أشكر أخي نورس لمجهودك الخلاق والباعث في التنمية التي دأبت المجتمعات في الآونة الأخيرة من القرن الماضي للعمل ارتقاء وتطويرا.
          تحيتي ومودتي

          تعليق

          • رائد حبش
            بنـ أبـ ـجد
            • 27-03-2008
            • 622

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة نورس يكن مشاهدة المشاركة
            أيهما أكثر جناية على الفكر الإسلامي , تلك الجناية التي عاقت تطوره وازدهاره , الإمام الغزالي أم ابن رشد ؟ . أعتقد أن هذا التساؤل يمثل معضلة هامة من معضلات فكرنا الإسلامي , معضلة ممتدة منذ القرن الرابع الهجري إلى اليوم , وهي معضلة تعارض النقل مع العقل , والصراع بين ثلاثة مناهج للوصول للحقيقة ؛ المنهج النقلي والمنهج العقلي والمنهج الذوقي الصوفي .
            وبداية تجدر الإشارة , إلى أن الغزالي وابن رشد كلاهما مؤمن باحث عن الحقيقة , والفارق بينهما هو فارق في المنهج الذي تبناه كل منهم للوصول للحقيقة ؛ فأختار الغزالي طريق الكشف والحدس الصوفي , للوصل إلي معرفة تركيبية , وشمولية , ومباشرة , ومتماسكة . وهي بالطبع ” رؤيا ” صوفية قلبية خالصة لا دور للعقل فيها .
            أما ابن رشد فقد تبني منهج البرهان العقلي للوصول للحقيقة . وقد كان فيلسوف قرطبة وقاضيها , علي قناعة كاملة بأن الدين والفلسفة كلاهما حق , والحق لا يضاد الحق . ومن ثم حاول التوفيق بين دينه وبين قناعاته الفلسفية , فجاء إيمانه بعقائده الدينية إيماناً صادقاً , لا يقوم علي التقليد بل علي الاقتناع العقلي .
            وكلاهما إذا نظرنا إليه من منظور فكري خالص , قد ارتكب جناية فادحة عندما مارس سياسة الإقصاء والاستبعاد في مقابل أصحاب الاتجاه الأخر وما يمثله من قناعات ؛ فهاجم الإمام الغزالي (في القرن الرابع الهجري) العلوم العقلية , وكفر فلاسفة اليونان وأتباعهم من فلاسفة الإسلام في كتابة ” تهافت الفلاسفة ” . وبعده بقرنين من الزمان كتب ابن رشد كتابه ” تهافت التهافت ” ليناقش ويبطل أراء الغزالي , ويعيب عليه أنه ألف هذا الكتاب من أجل الجدل , لا من أجل الوصول للحقيقة . ودافع ابن رشد في كتابه عن العقل وعن الفلسفة كأداة صالحة للوصول للحقيقة .
            إلا أن بارقة أبن رشد تلك لم تفلح في عودة الحياة إلي العلوم العقلية , ومن ثم بعث الحضارة الإسلامية من جديد . لأن السياسة بمثالبها قد تدخلت في هذا الخلاف الفكري وتبنت معظم السلطات السياسية في العالم الإسلامي مذهب الإمام الغزالي وناصرته علي بقية المذاهب واضطهدت أصحابها . وهذا بالطبع ليس حباً واقتناعاً به , بل لأنها وجدت أنه يحقق أهدافها , ويحفظ لها استقرارها .
            وهنا ظهرت محنة ابن رشد وتم اضطهاده وحرق كتبه . ولم يكن هذا مصير ابن رشد فقط ؛ فقد كان جميع فلاسفة الأندلس في عصره عرضة للاضطهاد مثله؛ لأن أصحاب دولة الموحدين صدروا عن مذهب الغزالي مباشرة , وكان مؤسس دولتهم بأفريقيا تلميذ للإمام الغزالي , ولم يكن هذا الوضع المأساوي للفلاسفة يختلف عن هذا كثيراً في بلاد المشرق العربي .
            وهنا يحق لنا التساؤل : ماذا لو لم تتدخل السياسة بمثالبها المعهودة في هذا الصراع الفكري لتناصر طرفاً على طرف آخر؟.
            أعتقد أنه لو ظل الأمر مجرد خلافاً فكرياً لكان من الممكن أن يتطور الاتجاهان معاً الفلسفة والتصوف , ليعترف كل منهم بالآخر . ويبدعا معاً منهجاًً جديداً للوصول للحقيقة يقوم علي الحدس والكشف الصوفي وعلي البرهان العقلي أيضاً .ولتطور الفكر الإسلامي بالشكل الذي يساعد علي بعث الحضارة الإسلامية من جديد , وهي تحمل للإنسانية نمطاً ومنهجاً فكرياً جديد , يمثل أعظم أنجاز يمكن أن يقدمه الفكر الإسلامي للفكر الإنساني .
            ولعل ما أشير إليه هنا يؤكده ويزيد ه وضوحاً الفيلسوف الإنجليزي برتراند رسل (1872-1970 م) في كتابه ” التصوف والمنطق ” , حيث يشير إلي أن ” وحدة المتصوف مع رجل العلم تشكل أعلي مكانة مرموقة , يمكن إنجازها في عالم الفكر . فهذا الانفعال ( التصوف ) هو الملهم لما هو أفضل ما في الإنسان “.
            وبناء على ذلك يمكن القول أن الجناية على الفكر الإسلامي تقع على عاتق كل من :
            - الإمام الغزالي : للجوئه لتكفير الفلاسفة , واستبعاده لأي دوراً للعقل والنظر العقلي في الأمور الإيمانية .
            - ابن رشد : لإعجابه إلي درجة الغلو بأرسطو وبالفلسفة اليونانية , مما أوقعه علي نحو شبه كامل في قبضة الفلسفة اليونانية باستدلالاتها وميتافيزيقها الخانقة .
            - السلطات السياسية : التي تبنت – وحتى اليوم – مذهب الإمام الغزالي وناصرته علي بقية المذاهب واضطهدت أصحابها , ؛ وذلك لأنها وجدت أن مذهب الغزالي يحقق أهدافها , ويحفظ لها استقرارها .
            وفي النهاية فأن النصيب الأكبر من الخطأ الذي أدي إلي عدم تطور الفكر الإسلامي , يقع علي عاتق تلك الأجيال الممتدة من زمن الإمام الغزالي إلي اليوم من المشتغلين بالعلوم الدينية والفلسفية ؛ فهم جميعاً أكانوا سلفيون أم عقليون أم صوفيون , كثيراً ما رأينهم يستعيدون الصراع الفكري الذي كان في الماضي , ولا يكتفون بصراعات الماضي , بل يبحثون عن خصوم لهم في الحاضر من أصحاب الاتجاهات الأخرى , ليدخلوا معهم في معارك لا فأئده منها تستهلك الجهد والوقت . وكان الأجدى لهم البحث عن مواطن الالتقاء والتكامل بينهم , ومحاولة الوصول إلي صيغ فكرية جديدة تساعد علي تطور الفكر الإسلامي وبعث الحضارة الإسلامية من جديد .
            واعتقد أن هذا هو الدرس الأهم الذي يجب أن نستوعبه نحن دارسي العلوم الدينية والإنسانية الشبان الذين نتمنى ونسعى إلي أن يكون لنا دور في صياغة مستقبل بلادنا , وأن نكمل المسيرة التي بدأها أساتذتنا , عن طريق الفهم الواعي لتراثنا والرؤية الواضحة لواقعنا , وبالقناعة الكاملة بأنه لا مكان في مجال الفكر لأي استبعاد أو إقصاء أو تكفير , وبأن العقل يجب ألا يعادي الإيمان , والإيمان الحقيقي يجب ألا يعادى العقل ولا الفلسفة بمنهجها القائم علي التحليل والنفاذ إلي ما وراء الأشياء والظواهر الخادعة
            .فالعقل والإيمان ليسا منهجين مختلفين للوصول للحقيق , ولا يوجد أي فاصل بينهما , فكلاهما يكمل الأخر . فالعقل يستضيء بنور الإيمان , والإيمان يضبط ويستقيم بحدود العقل . وهما معاً يمثلان حجر الزاوية في معركتنا لتحرير الإنسان المعاصر , وتخليصه من كل القوى التي تحاول تشيئته و استلابه روحاً وعقلاً وجسداً .

            http://www.doroob.com/?p=25185





            قص لصق. والموضوع هنا مثبّت أيضا!
            التعديل الأخير تم بواسطة رائد حبش; الساعة 27-01-2010, 01:05.
            www.palestineremembered.com/Jaffa/Bayt-Dajan/ar/index.html
            لا افتخـار إلا لمن لا يضـام....مدرك أو محـــارب لا ينـام

            تعليق

            • mmogy
              كاتب
              • 16-05-2007
              • 11282

              #7
              الأستاذ نورس يكن
              رجاء توضيح ماأشار إليه الأستاذ رائد حبش من نقلكم للنص دون اشارة إلى أنه منقول .
              ننتظر ردكم مع الشكر
              إنْ أبْطـَأتْ غـَارَةُ الأرْحَامِ وابْـتـَعـَدَتْ، فـَأقـْرَبُ الشيءِ مِنـَّا غـَارَةُ اللهِ
              يا غـَارَةَ اللهِ جـِدّي السـَّيـْرَ مُسْرِعَة في حَلِّ عُـقـْدَتـِنـَا يَا غـَارَةَ اللهِ
              عَدَتِ العَادونَ وَجَارُوا، وَرَجَوْنـَا اللهَ مُجـيراً
              وَكـَفـَى باللهِ وَلـِيـَّا، وَكـَفـَى باللهِ نـَصِيراً.
              وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوكيلُ, وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

              تعليق

              • د. م. عبد الحميد مظهر
                ملّاح
                • 11-10-2008
                • 2318

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة رائد حبش مشاهدة المشاركة
                http://www.doroob.com/?p=25185


                قص لصق. والموضوع هنا مثبّت أيضا!
                أخى و عزيزى الأستاذ المهندس رائد حبش

                تحية من الأعماق لما قمت به من توضيح عمليات القص و اللصق ، وبارك الله لكل من يكشف عمليلت القص و اللصق فى موضوعات كثيرة تطرح للنقاش

                و عندى أمل فى المزيد من الكشف

                و تحياتى
                التعديل الأخير تم بواسطة د. م. عبد الحميد مظهر; الساعة 27-01-2010, 04:37.

                تعليق

                • د. م. عبد الحميد مظهر
                  ملّاح
                  • 11-10-2008
                  • 2318

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة محمد شعبان الموجي مشاهدة المشاركة
                  الأستاذ نورس يكن
                  رجاء توضيح ماأشار إليه الأستاذ رائد حبش من نقلكم للنص دون اشارة إلى أنه منقول .
                  ننتظر ردكم مع الشكر
                  بسم الله الرحمن الرحيم

                  الأستاذ الكبير محمد شعبان الموجى

                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                  تحية طيبة و بعد

                  اصيب بحالة من الاكتئاب الشديد ، و اليأس عندما أقرأ ما اكتشفه المهندس رائد حبش فى هذه الصفحة و غيرها...

                  فهل هناك أى أمل فى الارتقاء فى الفكر و الثقافة بوجود مثل هذا الأسلوب ...القص و اللصق؟

                  أين القراءة المتأنية؟

                  أين الأمانة العلمية؟

                  أين التوثيق السليم؟

                  كيف نكشف الصدق من الزيف؟

                  و هل يمكن ان نثق بما يكتب هنا فى حوارات قص و لص و نقل، و ليس من وراءها غير فقدان الأمل فى الارتقاء و اليأس من وجود القارىء الحقيقى؟

                  وسلام

                  سلام متشائم من هذا الجيل الذى يستسهل النقل و القص واللصق

                  و تحياتى لمجهودك من اجل الرقى بالعمل الفكرى والثقافى الجاد والرصين

                  ولكن

                  لاحول ولا قوة إلا بالله

                  وحزين...حزين والله
                  التعديل الأخير تم بواسطة د. م. عبد الحميد مظهر; الساعة 27-01-2010, 04:50.

                  تعليق

                  • د. م. عبد الحميد مظهر
                    ملّاح
                    • 11-10-2008
                    • 2318

                    #10
                    [align=right]
                    بسم الله الرحمن الرحيم

                    الأستاذ الكريم نورس يكن

                    تحية طيبة

                    أدعوك إلى ملتقي الحوار الثقافي و الفكري فى الصالون الأدبى لتعرض لنا كتب الغزالى و ابن رشد ، حتى يمكننا مناقشتك فى كثير من الأفكار المنسوبة لهما من خلال كتبهم الأصلية بدلاً من النقل والقص و اللصق من ملخصات منشورة على النت، ، و لتكن البداية بكتب...

                    تهافت الفلاسفة
                    وتهافت التهافت

                    فما الرأى؟

                    وتحياتى
                    [/align]
                    التعديل الأخير تم بواسطة د. م. عبد الحميد مظهر; الساعة 27-01-2010, 05:10.

                    تعليق

                    • نورس يكن
                      أديب وكاتب
                      • 01-09-2009
                      • 684

                      #11
                      انه ليس قص ولصق ايه الاعزاء
                      انه رأي اعجبني
                      ومقال اقنعني ونقلته .... وهي ليست ملخصات
                      انا أنا قس هنا مبدئيا المرأة في فكر الغزالي .. وابن رشد
                      وبالترتيب سوف نمر على مواضيع اخر ومن المحتمل ان أطرح هنا كتب بأكملها وليس مقالات
                      ولكن السؤال : الموضوع موجود من اسبوع
                      والان يدخل احدهم ليكشف انه منقول وتقوم الدنيا وتقعد
                      مدام الرابط كان واضح امامكم لماذا تحتاجون التوضيح

                      نعم منقول لانه مهم ويقدم الفائدة
                      فالغير منقول انا اضع عليه اسمي .. ومن الواضح ان اسمي لم يكن موجود هنا ...


                      لم يكن هناك داعي لكل هذه القصة
                      (( انا اكبر من العروض ))

                      تعليق

                      • نورس يكن
                        أديب وكاتب
                        • 01-09-2009
                        • 684

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة د. م. عبد الحميد مظهر مشاهدة المشاركة
                        [align=right]
                        بسم الله الرحمن الرحيم

                        الأستاذ الكريم نورس يكن

                        تحية طيبة

                        أدعوك إلى ملتقي الحوار الثقافي و الفكري فى الصالون الأدبى لتعرض لنا كتب الغزالى و ابن رشد ، حتى يمكننا مناقشتك فى كثير من الأفكار المنسوبة لهما من خلال كتبهم الأصلية بدلاً من النقل والقص و اللصق من ملخصات منشورة على النت، ، و لتكن البداية بكتب...

                        تهافت الفلاسفة
                        وتهافت التهافت

                        فما الرأى؟

                        وتحياتى
                        [/align]

                        بكل سرور
                        ولكن ناقسني انت هنا بنظرة كل منهم الى المرأة
                        وانا بعد ان انتهي من امتحاناتي
                        سوف احمل لك تهافت التهافت
                        وتهافت الفلاسة
                        واناقشك الى ان تمل مني
                        مع من الان وقبل البداية ملاحظة : انا من المعجبين بفكر ابن رشد
                        (( انا اكبر من العروض ))

                        تعليق

                        • نورس يكن
                          أديب وكاتب
                          • 01-09-2009
                          • 684

                          #13
                          اهلا بالجميع
                          وخالص التحية لكم
                          (( انا اكبر من العروض ))

                          تعليق

                          • ركاد حسن خليل
                            أديب وكاتب
                            • 18-05-2008
                            • 5145

                            #14
                            عزيزي نورس
                            أجد أنه من الأسلم أن تشير للمصدر لكل نص في كل مداخلة حين يكون النص منقولاً..
                            تقديري ومحبّتي
                            ركاد أبو الحسن

                            تعليق

                            • mmogy
                              كاتب
                              • 16-05-2007
                              • 11282

                              #15
                              الأستاذ نورس يكن
                              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                              الملتقيات الخاصة تخضع للقانون العام للنشر .. ولذلك يجب الإشارة إلى مصدر النقل ورابط المصدر بشكل واضح .. وكتابة أية مداخلة بجوار اسمك وصورتك دون الإشارة لكونها منقوله يعني أنها لك وفقا للعرف وللمنطق ولما هو متفق عليه في كل الدنيا .. لذلك أرجو الإلتزام بالقانون العام .
                              وأتمنى ان يتسع صدرك لمثل هذا التنبيه
                              إنْ أبْطـَأتْ غـَارَةُ الأرْحَامِ وابْـتـَعـَدَتْ، فـَأقـْرَبُ الشيءِ مِنـَّا غـَارَةُ اللهِ
                              يا غـَارَةَ اللهِ جـِدّي السـَّيـْرَ مُسْرِعَة في حَلِّ عُـقـْدَتـِنـَا يَا غـَارَةَ اللهِ
                              عَدَتِ العَادونَ وَجَارُوا، وَرَجَوْنـَا اللهَ مُجـيراً
                              وَكـَفـَى باللهِ وَلـِيـَّا، وَكـَفـَى باللهِ نـَصِيراً.
                              وَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوكيلُ, وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ.

                              تعليق

                              يعمل...
                              X