من الطبيعي أن يكون هناك تفاوت بين قدرات القراء .. و برئي كلما اختلفت قدرات القراء ، نحو الصعود طبعا لا الهبوط، كلما كان الحوار أكثر فعالية ، على أن يكون الحوار ضمن منطقة و فكرة الحوار المطروحة.
بالنسبة للحورات الدينية أو العلمية هنا نوعية الحوار على الغالب ستكون بين المتخصصين و غير المتخصصين .. و هنا هدف الحوار تصحيح مسار العقيدة أو الإيديولوجية الموجودة في العقول . و المتخصصون هنا يجب أن يكون ممن يحملون العلم المطلوب.. فلا يأتي فلان عامي و يطرح نقاشا فيه أمور فقهية يعجز عنها أحيانا رجل الدين.. و ما أكثر الأمثلة التي نراه على الشبكة العنكبوتية .
أما الاختلاف في الاستنتاجات من قارئ إلى آخر بالنسبة للنص الأدبي أو السياسي أو الاجتماعي فهنا القارئ يستخدم طريقة التأويل او النقد ، و يمكن أن يكون المتحاور متخصص أو غير متخصص .. لكن الغير متخصص لن يستطيع أن يصمد طويلا أمام الحوار لأنه ليس في جعبته ما يفيد موضوع الحوار.. لذلك تطلق العبارات التي ذكرتها أنفا حضرتك.
فمثلا: كيف للشعوب العربية أن تتحاور مع شعوب الغرب حول الاختراعات المتقدمة جدا عندهم و نحن لا نعرف مسبقا أي شيء عن هذه الاختراعات قد يقودنا إلى التفاعل.
الجدال بين أهل المذاهب أو كافر و مسلم أو جاهل و عالم لا يسمى حورا
فالجدل هو الاختلاف مع الرغبة المسبقة بعدم قبول الأخر و الاقتناع منه بأي فكرة حتى لو كانت صحيحة.. و أسلوب الجدل يؤدي إلى فشل النقاش و احتدام الخلاف و الجدل قائم على المهاترات و عدم الرغبة في الاستماع و جني الفائدة.
أما الحوار فهو حديث يقوم على احترام الذات و الاعتراف بالأخر و برئيه مدام لم يمس بالثوابت في العقيدة.فالحوار حديث يهدف أو يرجى منه تحقيق الفائدة .
أما في ما سميته بهروب الكاتب:قد يكون الهروب من ضعف الإمكانيات الثقافية في احتواء القارئ و احتواء تساؤلاته.
حسنا .. ماذا لو كان القارئ لا يفقه شيئا و أثار أسئلة ساذجة توحي بالنوم ، أو أنه دخل لإثارة الفتنة و تخريب المقال، أو أنه يريد ان يضيف سموما تلوث نظافة الموضوع، فبرأيك كيف يكون رد الكاتب عليه؟؟
أريد أن أؤكد على كلمة الاختلاف.. الاختلاف هو أساس وجود الحوار و لولاه لما قام الحوار.. الحوار لا يتم على ما نحن متفقون عليه ، بل على ما نحن مختلفين عليه.
و بناء على هذا لا بد من اختلاف الأشخاص المتحاورة.. فمنهم المثقف و المؤدب الذي يتسع صدره إلى ابعد الحدود ، و يحتوي المتحاور أمامه مهما بلغت درجة فظاظته.
و منه المتحاور الذي لا يحاورك إلا مهنيا و يطالبك بالأدلة و البراهين المستندة على المنطق و العقل..
و منه المتحاور المأخوذ بالعاطفة الذي يتأثر مع كل المتحاورين و يميل مع كل الافكارو يكون الحوار معه مذبذب .. و منه المتحاور المتعصب لفكره، لمذهبه، لعقيدته.. و لا يقبل النقاش لآجل التغير، و يعتبر التحاور معه حول مسالة ما تعديا على حدوده.
و منها المتحاور المفلس الذي لا يملك في جعبته ما يفيد فيه موضوع الحوار.
و بناء على هذا، وجب قبل الإقرار بالتحاور أن يختار الفكرة جيدا و يختار المتحاور الذي سيتحاور معه و يضع الأسس التي تنجح العملية الحوارية و يستخدم أسلوب لغة الحوار الهادئ و يضمر في نيته مسبقا أن الهدف من الحوار هو التصحيح أو طرح فكرة جديدة لا تخل و لا تمس بثوابت العقيدة مع احترام الطرف الأخر و استيعابه و الاعتراف به و تبني وجهة نظره ان كانت صحيحة أو التقريب بين وجهات النظر للوصل الى حل يرضي الطرفين . و بهذه الطريقة ينجح الحوار و يصل إلى هدفه .
لا أعرف يا سيد سليم أن كنت اقتربت من فكرتك أم ابتعدت..
مع تحياتي
رنا خطيب
تعليق