بســـــم الله الرحمن الرحيم
الخميس : 05 / 05 / 2011 م
أدب الصــمت
بقلم :
حســــن عبدالحميد الدراوي
ذات يوم كنت أجلس بين أحبة وفُتح موضــــوعاً للنقاش والكل انبرى ليدلل على وجهة نظره وأحقيتها في الإمتثال لها ولكنني إلتزمت الصمت وجلســــتُ أنظر إلى هذا وذاك وســــــاعتها تذكرتُ كلاماً لأبي يرحمه الله قاله لي وقت كنتُ شـــــاباً وبعد أن إنفض المجلس جلســــتُ أتذكر كلام أبي عليه رحمة الله وأزيد عليه لعل الفائدة تكون فيه :
فالكلام ترجمان يُعبّر عن مستودعات الضمائر ويُخبر عن مكنونات السرائر ولا يمكن استرجاعه، ولا يقدر على رد شوارده فحقٌ على العاقل أن يحترز من زلـله بالإمساك عنه أو بالإقلال منه .
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاذ بن جبل :
فالكلام ترجمان يُعبّر عن مستودعات الضمائر ويُخبر عن مكنونات السرائر ولا يمكن استرجاعه، ولا يقدر على رد شوارده فحقٌ على العاقل أن يحترز من زلـله بالإمساك عنه أو بالإقلال منه .
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاذ بن جبل :
يا معاذ أنت سالم ما سكتَّ فإذا تكلمت فعليك أو لك .
وقال:
رحم الله من قال خيراً فغنم أو سكت فسلم .
وقال أمير المؤمنين عليه السلام:
اللسان معيار إطاشة الجهل وأرجحةالعقل .
وقال بعض الحكماء :
إلزم الصمت تُعَدُّ حكيماً جاهلاً كنت أو عالماً .
وقال بعض الأدباء:
سعُدَ من لسانه صموت وكلامه قوت .
وقال بعض البلغاء:
من أعوذ ما يتكلم العاقل أن لا يتكلم إلا لحاجة أو محجّة ولا يُفكّر إلا في
عاقبته أو فيآخرته .
وقال غيره:
إلزم الصمت فإنه يُكسبك صفو المحبة ويؤمنك سوء المغبة ويُلبسك ثوب الوقار ويكفيك مؤونة الإعتذار .
وقال بعض الفصحاء :
أعقِل لسانك إلا عن حق توضحه أو باطل تدحضه أو حكمة تنشرها أو نعمة تذكرها.
وقال بعضهم في ذلك شعراً:
رأيتُ العِزَّ في أدبٍ وعقلٍ .......... وفي الجهلِ المذلةُ والهوانُ
وما حسن الرجال لهم بحسنٍ .......إذا لم يسعد الحسن البيان
كفى بالمرءِ عيباً أن تراهُ ............. له وجهٌ وليسلهُ لسان
وللكلام شروط أربع :
وقال:
رحم الله من قال خيراً فغنم أو سكت فسلم .
وقال أمير المؤمنين عليه السلام:
اللسان معيار إطاشة الجهل وأرجحةالعقل .
وقال بعض الحكماء :
إلزم الصمت تُعَدُّ حكيماً جاهلاً كنت أو عالماً .
وقال بعض الأدباء:
سعُدَ من لسانه صموت وكلامه قوت .
وقال بعض البلغاء:
من أعوذ ما يتكلم العاقل أن لا يتكلم إلا لحاجة أو محجّة ولا يُفكّر إلا في
عاقبته أو فيآخرته .
وقال غيره:
إلزم الصمت فإنه يُكسبك صفو المحبة ويؤمنك سوء المغبة ويُلبسك ثوب الوقار ويكفيك مؤونة الإعتذار .
وقال بعض الفصحاء :
أعقِل لسانك إلا عن حق توضحه أو باطل تدحضه أو حكمة تنشرها أو نعمة تذكرها.
وقال بعضهم في ذلك شعراً:
رأيتُ العِزَّ في أدبٍ وعقلٍ .......... وفي الجهلِ المذلةُ والهوانُ
وما حسن الرجال لهم بحسنٍ .......إذا لم يسعد الحسن البيان
كفى بالمرءِ عيباً أن تراهُ ............. له وجهٌ وليسلهُ لسان
وللكلام شروط أربع :
الشرطالأول:
أن يكون الكلام لِداعٍ يدعو إليه إما في اجتلاب نفع أودفع ضرر.
الشرط الثاني:
أن يأتي به في موضعه ويتوخى إصابة فرصِه.
الشرط الثالث:
أن يقتصر منه على قدر حاجته .
الشرط الرابع:
أن يكون الكلام لِداعٍ يدعو إليه إما في اجتلاب نفع أودفع ضرر.
الشرط الثاني:
أن يأتي به في موضعه ويتوخى إصابة فرصِه.
الشرط الثالث:
أن يقتصر منه على قدر حاجته .
الشرط الرابع:
أن يتخيّر اللفظ الذي يتكلم به.
ولنحلل كل شــــرط من الشروط الأربع
فالشرط الأول:
أن يكون للكلام داعٍ لأن ما لا داعي له يُعَدُّ هذيان وما لا سبب له يُعَدّ هجر,
ومن سامح نفسهُ في الكلام ولم يُراعِ صحّة دواعيه وإصابة معانيه كان قوله
هذراً ولا ورائه معلولاً, كما حُكِيَ عن بن عائشة أن شاباً كان يجالس الأحنف ويُطيل الصمت فأعجب ذلك الأحنف فخلت الحلقة يوماً فقال له الأحنف:
تكلم ياابن أخي فقال:
يا عم لو أن رجلاً سقط من شرف هذا المسجد هل كان يضرّه شيء ؟ فقال الأحنف: ليتنا تركناك مستوراً .
ثم تمثل الأحنف بقول الشاعر:
ولنحلل كل شــــرط من الشروط الأربع
فالشرط الأول:
أن يكون للكلام داعٍ لأن ما لا داعي له يُعَدُّ هذيان وما لا سبب له يُعَدّ هجر,
ومن سامح نفسهُ في الكلام ولم يُراعِ صحّة دواعيه وإصابة معانيه كان قوله
هذراً ولا ورائه معلولاً, كما حُكِيَ عن بن عائشة أن شاباً كان يجالس الأحنف ويُطيل الصمت فأعجب ذلك الأحنف فخلت الحلقة يوماً فقال له الأحنف:
تكلم ياابن أخي فقال:
يا عم لو أن رجلاً سقط من شرف هذا المسجد هل كان يضرّه شيء ؟ فقال الأحنف: ليتنا تركناك مستوراً .
ثم تمثل الأحنف بقول الشاعر:
وكائنٍ نرى من صاحبٍ لك مُعجَب .... زيادته أو نقصه في التكلم
لسان الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤادهُ .....ولم يبقَ إلا صورةاللحم والدم
لسان الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤادهُ .....ولم يبقَ إلا صورةاللحم والدم
وحُكِيَ عن أبي يوسف الفقيه أن رجلاً كان يجلس إليه فيُطيل الصمت فقال له
أبو يوسف ألاتسأل؟ قال: بلى متى يُفطر الصائمُ . قال : إذا غربت الشمس,
قال: فإن لم تغرب إلى نصف الليل. قال: فتبسّم أبو يوسف وتمثـّل ببيتي الخطفي وهو جدجدير .
أبو يوسف ألاتسأل؟ قال: بلى متى يُفطر الصائمُ . قال : إذا غربت الشمس,
قال: فإن لم تغرب إلى نصف الليل. قال: فتبسّم أبو يوسف وتمثـّل ببيتي الخطفي وهو جدجدير .
عجبتُ لإزراء العييي بنفسه ....... وصمت الذي قد كان بالقولِ أعلما
وفي الصمت ِسترّ للعييي وإنما ........ صحيفة لب المرء أن يتكلما
وفي الصمت ِسترّ للعييي وإنما ........ صحيفة لب المرء أن يتكلما
الشرط الثاني:
وهو أن يأتي بالكلام في موضعه لأن الكلام في غير حينه لا يقع موقع الإنتفاع
به, وما لاينفع من الكلام فهو هذيان وهجر. فإن قدّم ما يتقضّى التأخير كان
عجلة وخرقاً, وإنأخّر ما يقتضى التقديم كان توانياً وعجزاً, لأن لكل مقام قولاً
وفي كل زمان عملاً.
وقد قال الشاعر:
به, وما لاينفع من الكلام فهو هذيان وهجر. فإن قدّم ما يتقضّى التأخير كان
عجلة وخرقاً, وإنأخّر ما يقتضى التقديم كان توانياً وعجزاً, لأن لكل مقام قولاً
وفي كل زمان عملاً.
وقد قال الشاعر:
تضع الحديث على مواضعه ........ وكلامها من بعدها نذر
الشرط الثالث:
هو أن يقتصر منه على حاجته فإنّ الكلام إن لم ينحصر بالحاجة ولم يقدر
بالكفاية لم يكن لحدّه غاية ولا لقدره نهاية, وما لم يكن من الكلام محصوراً
كان حصراً إن قصُرَ وهزراً إن كثر.
ورويَ أنّ أعرابياً تكلّم عند رسول الله وطوّل فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
كم دون لسانك من حجاب؟
قال: شفتاي وأسناني.
قال صلى الله عليه وســــلم :
فإن الله عز وجل يكره الإنبعاث في الكلام.
فنضّر الله وجهه أوجز في كلامه فاقتصر على حاجته.
وقال بعض الحكماء:
هو أن يقتصر منه على حاجته فإنّ الكلام إن لم ينحصر بالحاجة ولم يقدر
بالكفاية لم يكن لحدّه غاية ولا لقدره نهاية, وما لم يكن من الكلام محصوراً
كان حصراً إن قصُرَ وهزراً إن كثر.
ورويَ أنّ أعرابياً تكلّم عند رسول الله وطوّل فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
كم دون لسانك من حجاب؟
قال: شفتاي وأسناني.
قال صلى الله عليه وســــلم :
فإن الله عز وجل يكره الإنبعاث في الكلام.
فنضّر الله وجهه أوجز في كلامه فاقتصر على حاجته.
وقال بعض الحكماء:
من كثركلامه كثرت آثامه.
وقال ابن مسعود:
أنذركمفضول المنطق.
وقال بعض الحكماء:
مقتل الرجل بين فكيه.
وقال بعض الأدباء:
رُبَّ ألسِنَةٍ كالسيوف تقطع أعناق أصحابها وما ينقص من هيئات الرجال يزيد في بهائها وألبابها.
وقال النبي صلى الله عليه وســــلم :
أبغضكم إليّ المتفيهق المكثار والملحّ المهزار.
وقيل في منثور الحكم:
إذا تمال عقل نقص الكلام.
الشرط الرابع:
هو اختيار اللفظ يتكلم به فلان , اللسان عنوان الإنسان يترجم عن مجهوله ويُبرهن عن محصوله فيلزم أن يكون بتهذيب ألفاظه .
روي عن النبي صلى الله عليه أنه قال لعمّه العباس:
يعجبني جمالك .
قال: وما جمالي يا رسول الله؟
قال: لسانك.
وقال خالد بن صفوان:
هو اختيار اللفظ يتكلم به فلان , اللسان عنوان الإنسان يترجم عن مجهوله ويُبرهن عن محصوله فيلزم أن يكون بتهذيب ألفاظه .
روي عن النبي صلى الله عليه أنه قال لعمّه العباس:
يعجبني جمالك .
قال: وما جمالي يا رسول الله؟
قال: لسانك.
وقال خالد بن صفوان:
ما الإنسان لولا اللسان إلا بهيمة مهملة.
وقال بعض الحكماء:
اللسان وزير الإنسان.
وقال بعض البلغاء:
ليس يصح اختيار الكلام إلا لمن أخذ نفسه بالبلاغة وكلفه الزوم الفصاحة حتى يصير متدرباً بها معتاداً لها, فلا يأتي بكلام مُستكره اللفظ ولامُختل المعنى, لأن البلاغة ليست على معانٍ مفردة ولا لألفاظها غاية وإنما البلاغة أن تكون بالمعاني الصحيحة مستودعة في الألفاظ الفصيحة فتكون فصاحة الألفاظ مع صحّةالمعاني هي البلاغة.
وقد قيل لليوناني:
ما البلاغة؟
قال: إختيار الكلام وتصحيح الأقسام.
وقيل ذلك للرومي فقال:
ليس يصح اختيار الكلام إلا لمن أخذ نفسه بالبلاغة وكلفه الزوم الفصاحة حتى يصير متدرباً بها معتاداً لها, فلا يأتي بكلام مُستكره اللفظ ولامُختل المعنى, لأن البلاغة ليست على معانٍ مفردة ولا لألفاظها غاية وإنما البلاغة أن تكون بالمعاني الصحيحة مستودعة في الألفاظ الفصيحة فتكون فصاحة الألفاظ مع صحّةالمعاني هي البلاغة.
وقد قيل لليوناني:
ما البلاغة؟
قال: إختيار الكلام وتصحيح الأقسام.
وقيل ذلك للرومي فقال:
حسن الإختصار عند البديهة والغزارة يوم الإطالة .
وقيل للهندي فقال:
معرفةالفصل من الوصل.
وقيل للعربي فقال:
البلاغة ماحسُنَ إيجازه وقلّ مجازه وتناسب صدوره وإعجازه.
وقال ابن المقفع:
البلاغة قلة الحصر والجرأة على البشر.
وسُئِل الحجاج ابن القرية عن الإيجاز فقال:
هو أن تقول فلا تبطئ وأن تصيب فلا تخطئ.
وقال الشاعر:
خيرالكلام قليلٌ ......... على كثيرٍ دليلُ
والعَي معنى قصيرٌ ........ يحويهِ لفظٌ طويلُ
وفي الكلام فضولٌ ........ وفيه قالٌ وقيلُ
والعَي معنى قصيرٌ ........ يحويهِ لفظٌ طويلُ
وفي الكلام فضولٌ ........ وفيه قالٌ وقيلُ
كان عبدالعزيز بن مروان يجزل عطاء من يعرب كلامه وينقص عطاء من
يلحن فيه, فسارع الناس في زمانه إلى تعليم العربية, قال يوماً إلى رجلٍ
ممن أنت؟
قال:
من بنو عبد الدار, قال: تجدها في جائزتك فنقصت جائزته مائة دينار لأنه
لحن في (بني) حيث قالها {بنو} .
وما أحسن ما قال الشاعر في الصمت:
يلحن فيه, فسارع الناس في زمانه إلى تعليم العربية, قال يوماً إلى رجلٍ
ممن أنت؟
قال:
من بنو عبد الدار, قال: تجدها في جائزتك فنقصت جائزته مائة دينار لأنه
لحن في (بني) حيث قالها {بنو} .
وما أحسن ما قال الشاعر في الصمت:
الصمت زينٌ والسكوتُ سلامة ..... فإذا نطقتَ فلا تكن مكثاراً
ما أن ندمتُ على سكوتي مرّة ....... ولقد ندمتُ على الكلامِ مِراراً
ما أن ندمتُ على سكوتي مرّة ....... ولقد ندمتُ على الكلامِ مِراراً
وعن علي أمير المؤمنين أنه قال:
ما حبس الله جارحةً في حصنٍ أوثق من اللسان :
الأسنان أمامه والشفتان من أمام ذلك واللهاة مطبّقة عليه والقلب من دون
ذلك, فاتق الله ولا تطلق هذا المحبوس من حبسه إلا إذا أمنتشرّه.
الأسنان أمامه والشفتان من أمام ذلك واللهاة مطبّقة عليه والقلب من دون
ذلك, فاتق الله ولا تطلق هذا المحبوس من حبسه إلا إذا أمنتشرّه.
خالص التحية والتقدير
محبكم
حســــن عبدالحميد الدراوي
تعليق