كلمة في حق عالمين كبيرين عاشا معا ورحلا معا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • علي المتقي
    عضو الملتقى
    • 10-01-2009
    • 602

    كلمة في حق عالمين كبيرين عاشا معا ورحلا معا

    [align=justify]بعد أيام قليلة من رحيل شيخ اليسار العربي المفكر الكبير والمناضل الصلب محمود أمين العالم عن سن تناهز السابعة والثمانين عاما ، أبى رفيقه في الكفاح على امتداد نصف قرن الشيخ عبد العظيم أنيس إلا أن يلتحق به عن سن تناهز السادسة والثمانين عاما ، ويودعا هذا العالم بسلام .
    ومحمود أمين العالم وعبد العظيم أنيس ليسا بالاسمين اللذين يرحلان عن هذا العالم دون أن يتوقف كل المثقفين العرب بكل أيديلوجياتهم وأطيافهم السياسية وقفة إجلال واحترام وتقدير أمام تراثهما الفلسفي والنقدي الكبير، ومجهوداتهما الجبارة في خدمة الثقافة و السياسة العربيتين . فقد كافحا إلى جانب رفاقهم الاستعمار الأنجليزي في مصر المحروسة وهما في سن صغيرة ، فألقي القبض على أنيس وأطلق سرحه لصغر سنه. ودخلا السجن معا في عهد عبد الناصر وفي عهد السادات . وطردا من عملهما مرات ومرات دون أن يحد ذلك من اندفاعهما أو يغير من مواقفهما ومبادئهما.
    وقد أثار كتابهما الصغير حجما الكبير علما في مرحلته" في الثقافة المصرية" جدلا واسعا بعد صدوره في بداية الخمسينيات ، إذ عُد آنذاك الوثيقة المنظرة للواقعية الجديدة في الثقافة العربية ، و قد زاد من قيمته أن قدم له ثالث الأثافي المثقف اللبناني اليساري الكبير المرحوم حسين مروة. وقد خاضا من خلاله صراعا ثقافيا وفكريا مع كبار المثقفين المصريين آنذاك كطه حسين وعباس محمود العقاد وانتقدا بشدة كتابات إحسان عبد القدوس.
    وقد ظل الشيخان الجليلان رفيقين على امتداد أكثر من نصف قرن ، فهذا محمود أمين العالم يقول عن علاقتهما بعد سن الثمانين في مجلة ديوان العرب
    " فعبر السنوات الـ 50 لصداقتنا المشتركة شعرت أنها لم تكن علاقة معايشة فقط ولكنها حقيقة موضوعية، فقد ولدنا بحي الأزهر، وتعلمنا في مدرسة واحدة ثم فصلنا من المدرسة، وعندما فتح باب المجانية عدنا الي المدرسة ثانية حتي التقينا في عام 1935 في معركة ضد النحاس باشا، وضد الانجليز، تلك المظاهرة التي اعتقل فيها د. أنيس لأول مرة وهو ما زال صغيرا، ثم أبعدتنا الحياة والتقينا في الأربعينيات حيث كان المناخ متوتراً محملاً بروح ثورة قادمة.
    وبفقدان هذين المفكرين الكبيرين بعد فقدان حسين مروة صاحب كتاب النزعات المادية في الفلسفة الإسلامية منذ سنين، نكون قد فقدنا كُتابا تتلمذنا على كتبهم في دراستنا الثانوية والجامعية، بعدما أثروا الفلسفة والنقد العربيين مرحلة كاملة من مراحل الفكر العربي. رحم الله الفقيدين، وأسكنهما فسيح جناته.
    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة علي المتقي; الساعة 31-01-2009, 13:43.
    [frame="1 98"][align=center]أحبتي : أخاف من كل الناس ، وأنتم لا أخافكم، فالمجيئ إليكم متعه، والبحث عنكم فتنة ولذه، ولقاؤكم فرحة تعاش ولا تقال.[/align][/frame]
    مدونتي ترحب بمن يطرق أبوابها:
    http://moutaki.jeeran.com/
  • عبدالرؤوف النويهى
    أديب وكاتب
    • 12-10-2007
    • 2218

    #2
    لله درّك ..أستاذنا د.المتقى
    العالم ..هرم من أهرامنا الفكرية .
    كتابه الوعى ..والوعى الزائف ،من كتبه المرموقة فكراً وفلسفةً وابداعاً.
    قضايا فكرية ..مشروع فكرى غير مسبوق،قرأتُ فيها أعمق دراسات فكرية وفلسفية .
    لنا معكم وقفات.
    فالمزيد.. المزيد.

    تعليق

    • علي المتقي
      عضو الملتقى
      • 10-01-2009
      • 602

      #3
      الأستاذ الجليل السيد عبد الرؤوف :تعليقاتكم شمعة تضيء مشاركاتي في الدراسات النقدية ، فمن الغبطة والسعادة أن تجد من يشاركك أفكارك و آراءك .
      إن محمود أمين العالم ـ أخي عبد الرؤوف ـ وغيره من أهرام جيله هم أهرام بالنسبة لجيلنا الذي عاصرهم وتتلمذ عليهم وقرأ كتبهم و أفكارهم . ومن الواجب علينا كجيل وسيط بين جيل محمود والجيل الجديد أن نقوم بواجب التعريف بهؤلاء الأهرام الكبار الذين خدموا الأمة العربية وضحوا بسعادتهم في سبيلها، فإذا قمت باستطلاع رأي بسيط في أوساط الجيل الجديد لفاجأك جهلهم بثقافة الخمسينيات و الستينيات ، ولن يعرفوا أكثر مما تقدمه الكتب المدرسية . ومن فضائل المنتديات أن فتحت حوارا تشترك فيه كل الأجيال . لك مودتي وتقديري الخالصين.
      التعديل الأخير تم بواسطة علي المتقي; الساعة 31-01-2009, 19:24.
      [frame="1 98"][align=center]أحبتي : أخاف من كل الناس ، وأنتم لا أخافكم، فالمجيئ إليكم متعه، والبحث عنكم فتنة ولذه، ولقاؤكم فرحة تعاش ولا تقال.[/align][/frame]
      مدونتي ترحب بمن يطرق أبوابها:
      http://moutaki.jeeran.com/

      تعليق

      • بنت الشهباء
        أديب وكاتب
        • 16-05-2007
        • 6341

        #4
        بالرغم من أنني لأول مرة أسمع بهما ، لكن بعد أن قرأت هذه النبذة البسيطة عن حياتهما شعرت بأنهما كانا مثلا في الإخلاص والوفاء لوطنيتهما في الدفاع عنها ، ومثلا في تربية الأجيال التي تأبى إلا أن تقدم لهما نموذجا عاليا في الفكر والأدب والفلسفة ....
        رحم الله الفقيدين محمود أمين العالم والشيخ عبد العظيم أنيس وأسكنهما جنان الخلد والفردوس
        إنه سميع مجيب
        ولك منا جزيل الشكر والتقدير أستاذنا الفاضل علي التقي لما قدمته لنا

        أمينة أحمد خشفة

        تعليق

        • علي المتقي
          عضو الملتقى
          • 10-01-2009
          • 602

          #5
          الأخت الكريمة بنت الشهباء :ليس غريبا أن تسمعي بهما لأول مرة ، لأن الجيل الذي تنتمين إليه وجد نفسه وسط ثقافة استهلاكية عابرة ألغت كل ما هو قومي ووطني أصيل ، ولم تعد تهتم بالثقافة في ذاتها ولذاتها ، لكن مهما كانت الشروط التي تحكمنا، لا يصح أن ننسى آباءنا وأسلافنا حتى ولو خالفناهم الرأي ، فالاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية .
          للإشارة ، فقد وظفتُ صفة الشيخ في حديثي عن الرجلين لا بمفهومها المصري الذي يعنى الفقيه في العلوم الدينية و الشرعية ، وإنما بمعنى الرجل المسن الذي عمَّر طويلا ، فالمرحوم محمود أمين العالم أستاذ فلسفة وعلم اجتماع ، والمرحوم عبد العظيم أنيس دكتور في الرياضيات. وأرجوك وأرجو أبناء جيلك أن تكون مناسبة رحيل الرجلين إلى عالم البقاء فرصة لكتابة اسميهما في محرك البحث غوغل لمعرفة القليل عن حياتهما، فهي جديرة بأن نتعرف عليها . مع صادق مودتي وتقديري.
          التعديل الأخير تم بواسطة علي المتقي; الساعة 31-01-2009, 21:02.
          [frame="1 98"][align=center]أحبتي : أخاف من كل الناس ، وأنتم لا أخافكم، فالمجيئ إليكم متعه، والبحث عنكم فتنة ولذه، ولقاؤكم فرحة تعاش ولا تقال.[/align][/frame]
          مدونتي ترحب بمن يطرق أبوابها:
          http://moutaki.jeeran.com/

          تعليق

          • عبدالرؤوف النويهى
            أديب وكاتب
            • 12-10-2007
            • 2218

            #6
            النبش فى الذاكرة

            [align=justify]وقت أن كان الجميع يلوذ بالصمت،ويركن إلى الدعة،كان طلاب جامعة القاهرة ،فى غضب عارم وثورة مُحرقة للأخضر واليابس،والمطالبة بتطهير سيناء من الدنس الصهيونى.
            التحقت بكلية الحقوق جامعة القاهرة ،والمد الطلابى العارم ..يهز عرش السلطة ويزعزع سطوتهاويندد بقياداتها.
            والمظاهرات لاتتوقف فى رواق الجامعة أو خارجها.

            وتقابلت أنا ،الفلاح القادم من طنطا ،ابن الثامنة عشر ربيعاً ، مع خيرة مثقفى مصر.. محمود أمين العالم، ود.فؤاد مرسى ،ود.إسماعيل صبرى عبدالله ..وآخرين وآخريات.. يضيق المكان عن حصرهم.
            كنت كالفراشة ..أهيم وراء الأضواء الباهرة وأنساق إليها.
            بضاعتى.. بعض ثقافاتى ولغتى الفرنسية التى، وقتئذ، أُجيدها بطلاقة.فمكتبة والدى يرحمه الله ،ممتلئة بالنوادر من الكتب والمجلات ومؤلفات الرواد والمحدثين ،ومؤلفات الدكتور محمد النويهى ابن عم والدى وصديقه الحميم، ثقافة الناقد الأدبى ،ونفسية أبى نواس ،وشخصية بشار ،والشعر الجاهلى منهج لدارسته وتقويمه،والشعر السودانى وقضية الشعر الجديد،ومقالاته فى جريدة الجمهورية المصرية.هذا المفكر النابغة الذى أخذ بيدى إلى دنيا الفكر والأدب والثقافة والعقل.

            التقيت فى الجامعة.. بالكبار ..ومنهم الأستاذالجليل الراحل/محمود أمين العالم ،كان لقاءً عابراً،ترك فى نفسى ،تقديراً ومكانةً.
            قرأتُ مؤلفاته وعشقتُ عقلانيته ..وسط زخم الترهل الفكرى والنفاق الثقافى.
            قضاياه الفكرية ،هذه المجلة.. التى تضارع مجلة العصور الحديثة، التى أصدرها جون بول سارتر فى فرنسا،رغم اختلاف المشارب وتباين المناهج الفكرية والقناعات السياسية.[/align]

            [align=justify]ومن حسن طالعى ..أن عاد بى د.المتقى ،إلى مايزيد عن 35سنة ،علنى أتذكر هذه الأيام والتى أسميها سنوات الجمر.وسأوالى النبش فى الذاكرة ،فلعل البئر يحتفظ ببعض القطرات .[/align]

            وها أنا أقرأ مقالة جيدة ،للشاعرة /فاطمة ناعوت ،نشرتها فى جريدة (المصرى اليوم)أقدمها لما فيها من صدق وتقدير.

            صخرة العالِم

            [align=justify]مسجون كَسَّرِ الصخرة، للصخرةِ سبعة أبواب، شوف فين الباب واضربْ"، هكذا كان يزعقُ السجّانُ الخشن في وجه المفكر المصريّ الكبير "محمود أمين العالم"، وهو يلوّحُ بالسوط. السوطُ الذي نالَ من ظهر العالِم ورفاقه من مثقفيْ ومفكريْ ومناضليْ وثوّار مصرَ في معتقلات 59 الشهيرة. هذا أثناء النهار، أما في المساء، فكان العالمُ يدعو السجّانَ إلى زنزانته لكي يعلّمَه القراءةَ والكتابة، وطبعا يسرِّبُ في وعيه حقوقَه المهدَرةَ عند حاكمه وعند الحياة. أندهشُ وأهتفُ في عجبٍ: يا أستاذ محمود، يجلدُك بالنهار، وتمحو أميّتَه بالليل! فيقول، وابتسامته الرائقةُ الشهيرةُ تُشرِقُ وجهَه: طبعا يا فاطمة، كلٌّ منّا يؤدي دورَه. هو يظنُّ أنني مجرمٌ يستحقُ العقاب؛ لأن رؤساءه أفهموه أنّ "شيوعيّ" يعني: كافر وعدو الوطن، ولذلك جلْدُه لي واجبٌ يؤديه بإتقان، وأما واجبي، وحقُّه عندي، فهو تعليمُه وتثقيفه هو وسواه ممن جعلتهم الدولةُ جهلاءَ أُميّين كي تسوسَهم وتبطشَ بهم أعداءها من مثقفين يكافحون من أجل تحقيق الديموقراطية والعدالة لمثله من الأميين والفقراء. أسألُه: يعني لم تكره سجّانَك؟ فيجيبني: "مطلقا، بالعكس، هو ضحيةُ التغييب والجهل، بل أحبّه وأشفقُ عليه، وأصغي إليه إصغاءَ التلميذِ لأستاذه وهو يتأمل الصخرةَ، ثم يشيرُ بإصبعه على مكامن ضعفها لأهبطَ بمِعولي عليها فتتحطم، ذاك عملي في عقوبة الأشغال الشاقة. لا تتفتتُ الصخرةُ إلا من نقاط ضعفها السبع، أبوابها السبعة. يعلمني بالنهار كيف أفتتُ الصخور، وأعلمه بالليل كيف يفتتُ أسوارَ العتمة من حوله." ثم يقضي الأستاذُ الجميل ليلَه الطويل بالزنزانة في كتابة القصائدِ على الحائط، ولم تزل تلك القصائدُ موجودةً في سجن القلعة، ترفض الحيطانُ أن تمحوها!
            هذا هو محمود أمين العالم، الذي فقدناه بالأمس، من أسفٍ، لتسقطَ من صندوق جواهرنا أيقونةٌ حُرّةٌ نادرةٌ، ليت مصرَ تقدرُ أن تعوضها!
            جاءني شابٌ في أحد المؤتمرات لأتوسّط له أن يصافحَ الأستاذ. فقلتُ: "اذهبْ إليه وحدَك، فليس أكثر تواضعا ورُقيًّا من العلماء، وهو عالِمٌ أيُّ عالِمٍ!" لكن حياءَ الشاب منعه، فذهبت وقلت: "هذا الشابُ يودُّ مصافحتك يا أستاذ." فينهض العالمُ الجليل من مقعده ويصافحه في نبلٍ قائلا: "أنا اسمي محمود أمين العالم." فأغتاظُ وأقولُ: "يا أستاذنا لا تقدّمْ نفسَكَ، فتلك صفعةٌ لنا، وأنتَ مَنْ أنت!" فيضحك قائلا: "بطلي بَكش يا بنت، هو أنا عملت حاجة؟ انتوا اللي حتعملوا وتصلحوا البلد دي!" يسيرُ في الشارع فيسلّم على البواب والسائس ويسأل عن أولادهم ويسمع شكاواهم! فأيّ رجلٍ هذا الذي فقدنا!
            أما الطُّرفةُ التي لا أنساها فكانت يوم نشر "الأهرام" خبرا عن كتابي: "الكتابة بالطباشير"، تحت عنوان: "العالم يحذّر من كتاب ناعوت". وكان الأستاذُ قد كتب مقدمةً فاتنة لكتابي تحت عنوان "تحذيرٌ ومقاربة"، أعتبرُها، وأبدا، وسامًا فوق صدري أفاخرُ به العالمين. حذّرَ الأستاذُ محمود في مقدمته القارئَ من القراءة السطحية غير العميقة لهذا الكتاب. يومها أيقظني رنينُ الهاتف في السادسة صباحا، لأجد أمي تصرخ: "هببتي ايه في كتابك الأخير؟ وليه بيحذّروا الناس منه؟!" والحكاية أن "الأهرام" لم يضع كسرةً تحت اللام في كلمة "العالِم"، فقرأتها أمي: "العالَم يُحذّر من كتاب ناعوت!"، وارتعبتْ.
            أستاذي الجميل، سلامٌ عليك، وقبلةٌ على يدك.[/align]

            تعليق

            • علي المتقي
              عضو الملتقى
              • 10-01-2009
              • 602

              #7
              [align=justify]ذ عبد الرؤوف :شكرا جزيلا على هذه الشهادة الحية الصادقة التي نقلتها عن الجامعة المصرية في السبعينيات سنوات الجمر والرصاص كما تسميها الصحافة المغربية، لا في مصر وحدها ، وإنما في العالم العربي أجمع وربما في العالم الثالث كله ، كما أشكركم جزيل الشكر على أن عرفتنا بصخرة العالم وشاهدة العصر الشاعرة السيدة فاطمة ناعوت ، شهادة عادت بي إلى المرحلة الجامعية التي ، على الرغم من معاناتها وفقرها وآلامها، تعد بالنسبة لجيلي أجمل أيام العمر ، بوعيها وثقافتها وصراعاتها وشقاوتها ، والحوارات الثقافية بيننا وبين جيل أساتذتنا الذين نفتقدهم واحدا وراء الأخر.
              لقد زرت القاهرة ـ تلك المدينة العظيمة الساحرة بكل شيء فيها ـ لأول مرة في التسعينيات عندما كنت أهيئ بحثي لنيل دكتوراه الدولة عن المنابر الشعرية في الخمسينات (مجلة شعر ومجلة الآداب ومجلة الثقافة الوطنية التي أتعبني البحث عن أعدادها في المغرب)
              وكم كانت أمنيتي أن التقي الدكتور محمود أمين العالم الذي كان أحد أعمدة الواقعية الجديدة في العالم العربي في الخمسينيات . فزرت الجامعة المصرية ،وفوجئت بصعوبة الدخول إلى الجامعة على خلاف الأمر عندنا في المغرب ، فقد تطلب مني الأمر المرور عبر مكاتب أمن الجامعة الذي رحب بي وبزميلي الذي يرافقني ـوالحق يقال ـ ترحيبا يليق بعمق العلاقات بين الشعبين المغربي والمصري. وبعد التأكد من هويتي، توجه معي أحد حراسه إلى مكتب السيد العميد آنذاك التي استدعى الناقدة المشمولة برحمة الله السيدة كمال ألفت الروبي ، التي توجهت معي إلى شعبة اللغة العربية ، فالتقيت رئيس الشعبة آنذاك الناقد الكبير عبد المنعم تليمة ،وما زالت كلماته ترن في أذني وهوينادي السيدة ابتسام كاتبة الشعبة طالبا منها أن تقوم بواجب الضيافة .
              استدعانا السيد عبد المنعم إلى بيته الذي كان يعقد فيه صالونا أدبيا كل خميس، وتتبعنا محاضرة ألقاها أحد أساتذة الرياضيات حول أفكار التوحيد في الفيزياء، وأذكركيف كان البيت غاصا بمختلف المثقفين بمختلف تخصصاتهم ، وبمختلف أجيالهم ، وكم كانت دهشتي و إعجابي وأنا أسمع أن من بين الحضور لِواءً يتابع المحاضرة ويتدخل مستفهما ومحاورا ومناقشا.
              وفي اليوم الموالي استدعيت إلى لقاء أدبي آخر بكاردن سيتي نظمته جمعية النقد الأدبي ،فالتقيت هناك المرحوم عز الدين اسماعيل و شيوخا آخرين لا أذكر أسماءهم الآن . ولسوء حظي لم أتمكن من لقاء محمود أمين العالم لغيابه عن القاهرة .
              وعلى الرغم من أن مياها كثيرة مرت تحت الجسر ، وتغيرت طبيعة الثقافة ووظيفتها ، واصبحت الأفكار غير الأفكار، والآراء غير الآراء، وانتهت الواقعية كمنهج من مناهج النقد بسقوط جدار برلين ، فإنني كمواطن عربي قومي وكطالب علم تتلمذ على كتابات هذين الرجلين العظيمين ، وعلى كتابات جيلهما في العالم العربي كله ، لا يليق بي إلا أن أسجد أمام الله عز وجل وأقول بقلب خاشع ـ رب ارحمهما واغفر لهما ، واجعل معاناتهما في الدنيا مغفرة لهما في الآخرة، وعِلْمُهما ظِلٌّ لهما يوم لا ظل إلا ظلك ، يا رب العالمين .
              وكم يسعدني أن تكون ـ الأستاذ الجليل عبد الرؤوف ـ أحد أفراد عائلة الناقد الكبير محمد النويهي الذي قضيت مع كتاباته وقتا ليس بالقصير بحكم تخصصي في الأدب الحديث . مع خالص مودتي وتقديري.[/align]
              [frame="1 98"][align=center]أحبتي : أخاف من كل الناس ، وأنتم لا أخافكم، فالمجيئ إليكم متعه، والبحث عنكم فتنة ولذه، ولقاؤكم فرحة تعاش ولا تقال.[/align][/frame]
              مدونتي ترحب بمن يطرق أبوابها:
              http://moutaki.jeeran.com/

              تعليق

              • عبدالرؤوف النويهى
                أديب وكاتب
                • 12-10-2007
                • 2218

                #8
                [align=justify]تمنيت فى لحظة ما ،أن أترك كلية الحقوق وألتحق بكلية الآداب،زميلى فى مدرسة الأقباط الثانوية بطنطا ،حاول أن يأخذنى معه ،لكن تمسكت بقرارى ،أن ألتحق بكلية الحقوق.
                عشتُ صغيراً فى القرية ،أرى الظلم والطغيان والفقر والجهل والمرض وضياع الضمير وضحالة الفكر وقلة العقل،فصممت على رفع لواء العدل ،مهما كان الثمن.
                وافقنى والدى على مضض،فقد كان من طليعة الذين يعرفون معنى الحرية والقدرة على الإختيار .كان يرغب أن أستكمل مسيرة الدكتور النويهى ،الذى ملأ الدنيا وشغل الناس .
                هذا الذى تصدى للكاتب الجبار /العقاد ،ونال منه وفتك به.. عن دراسته "ابن الرومى ..حياته من شعره".
                وما أكثر ذكريات والدى رحمه الله عن رشاد النويهى ،(اسم الشهرة للدكتور محمد النويهى).
                وتمر الأيام والسنون،وأجدنى فى سنة 1995م أقترح مهرجاناًثقافياُ، لمرور 15سنة على رحيل الدكتور النويهى ،وإقامة ندوات فكرية وثقافية للحصاد الفكرى والثقافى للدكتور النويهى.
                فكان صديقى وأخى وأستاذى الدكتور/ نصر حامد أبو زيد ،هو من وقع عليه إختيارى كى يكون مقرراً عاماً ومشرفاً على هذا المهرجان الكبير .
                وقمتُ وزوجتى الأستاذة /نوال يوسف ،ببدء الخطوات ،فكانت شعلة نشاط مع الجامعة الأمريكية ومقابلة الدكتور /حمدى السكوت وغيره ممن صاحبوا أوتتلمذوا على يد النويهى.
                وشدنى الحنين إلى جامعة القاهرة التى احتضنتنى شاباً ،فصاحبت زوجتى وذهبت إلى جامعة القاهرة ودخلت إلى كلية الآداب وقابلت الدكتور /نصر ود/جابر عصفور، ورغبتُ فى لقاء الدكتور /عبدالمنعم تليمة ،لكنه لم يكن موجوداً.
                ودار الحديث عن مآثر النويهى ودراساته والإجحاف الذى أصابه من خفافيش النفاق الثقافى والعفن الفكرى الضحل.وشاركنا من كان موجوداًمن الأساتذة الذين ما إن عرفوا وسمعوا عن ابن أخ الدكتور النويهى إلا وهرعوا للسلام والتحية.
                وبدأت فى تنفيذ الخطوات الأولى ،فاتصلتُ بشيخ شيوخ الفكر العربى الإسلامى الدكتور محمد خلف الله ،صاحب الدارسة الخطيرة (الفن القصصى فى القرآن الكريم ) والتى قامت ثورة شيوخ الأزهر بسببها ومنع مناقشتها وعوقب الشيخ أمين الخولى لإشرافه عليها.
                كانت الرسالة فى طبعتها الأولى ولم تناقش بعد ،وقد أهداها الدكتور /خلف الله، للدكتور النويهى ..وهى موجودة فى مكتبتى وعليها إهداء (هدية للأخ الدكتور النويهى .. أخوك خلف الله)
                واعتذر الدكتور محمد خلفالله، عن الحضور لكبر سنه وأكبرتُ صراحته وصدقه وتمنيتُ له الصحة والسلامة. ووافق الكثير ممن دعوتهم ،بل قال لى بعضهم ..بأنهم بصدد كتابة دراسات عن الدكتور النويهى.
                واستدعيتُ أحد الباحثين الذي نالوا ماجستيراً عن "المنهج النقدى عند الدكتور النويهى".

                ولكن كحياة النويهى الصادمة والمتصادمة مع الفكر السائد والمألوف والمتداول ،وثورته العارمة ،لم يكتب لهذا المهرجان بالظهور .
                فقد كانت المعركة القضائية على أشدها، فى المحاكم، للتفريق بين الدكتور /نصر وزوجته الدكتورة /إبتهال يونس ،لإرتداده عن الإسلام!!!!!!![/align]

                تعليق

                • علي المتقي
                  عضو الملتقى
                  • 10-01-2009
                  • 602

                  #9
                  ما أجمل أن يعود الإنسان بذاكرته إلى الوراء ، ويحكي عن ماض جميل يأبى النسيان ، هنيئا لك أخي عبد الرؤوف على إرادتك وإصرارك على رد الاعتبار للجيل الذي تتلمذنا عليه ممثلا في المرحوم الدكتور النويهي .
                  [frame="1 98"][align=center]أحبتي : أخاف من كل الناس ، وأنتم لا أخافكم، فالمجيئ إليكم متعه، والبحث عنكم فتنة ولذه، ولقاؤكم فرحة تعاش ولا تقال.[/align][/frame]
                  مدونتي ترحب بمن يطرق أبوابها:
                  http://moutaki.jeeran.com/

                  تعليق

                  • الهام ملهبي
                    عضو الملتقى
                    • 04-11-2008
                    • 113

                    #10
                    [align=center]غبت عن الملتقى لفترة ، و عدت لأجد الأستاذين علي المتقي و عبد الرؤوف النويهي قد سبقاني إلى الاستمتاع بنقاش غني و شيق ، حول بعض أهرام الفكر العربي.
                    نعم المفكرين محمود أمين العالم و عبد العظيم أنيس ليسا إسمين يرحلان عن هذا العالم ، انهما صرحين خالدين خطا بصماتهما بإمعان في تاريخ الفكر العربي . و التاريخ لا يمكن أن ينكرهما ، لأن نزاهته ستأبى عليه أن ينسى من ساهم في بنائه .
                    هذه الأسماء اللامعة هي شموعنا المضيئة التي أنارت و تنير الطريق لكل جيل، و التي أضيف إليها إسمين مهمين آخرين هما صادق جلال العظم ، و مصطفى حجازي.
                    مصطفى حجازي الذي منذ قرأت كتابه "مدخل الى سيكولوجية الانسان المقهور" منذ ما يزيد عن عشر سنوات ، وهو لا يفارقني أبدا ، أعود إليه باستمرار إما كمرجع أو للاستئنان من حين لآخر.
                    أما نصر حامد أبو زيد فعلم آخر متميز ، كتاباته فيها من الامتاع ما يكفي لجعلك تنسى انك تقرأ كتابا فكريا صعبا : التفكير في زمن التكفير - نقد الخطاب الديني - المرأة في خطاب الأزمة...
                    ترتبط عندي هذه الأسماء بذكريات مرحلة الجامعة أيضا.
                    في الفترة التي كان نصر حامد أبو زيد يتعرض لمحاكمات الحسبة لتفريقه عن زوجته ابتهال يونس ، كنا نلخص كتاباته في مطبوعات صغيرة و نوزعها في الجامعة كشكل للتضامن ، و كم كان هذا العمل يجر علينا من الويلات ، لأنه يخلق صراعات و مناوشات مع الطلبة المنتمين للتيارت الإسلامية ، و كان الأمر يزيدنا حماسا و كأننا في شكل آخر للتضامن

                    .[/align]
                    التعديل الأخير تم بواسطة الهام ملهبي; الساعة 10-02-2009, 14:54.
                    [SIZE="5"][B][COLOR="Red"][CENTER]واصل معي يا صاحبي
                    لا زال في القلب شيء يستحق الانتباه[/CENTER][/COLOR][/B][/SIZE]

                    تعليق

                    • علي المتقي
                      عضو الملتقى
                      • 10-01-2009
                      • 602

                      #11
                      الأخت المحترمة :إلهام : أرجو أن يكون سبب غيابك عن المنتدى كل هذه الفترة خيرا .
                      ذكرت أسماء لا تقل أهمية عن العالمين الكبيرين المشمولين بعفو الله محمود وعبد العظيم ، ولو عدنا قليلا بذاكرتنا إلى الوراء لأعددنا لا أقول العشرات بل المئات ممن ساهموا في بناء شخصيتنا العلمية و القومية وهويتنا العربية الإسلامية ، بل كيف ننسى أساتذنا الذين جلسنا أمامهم في جامعة محمد الخامس بالرباط وجامعة محمد بن عبد الله في فاس ، كيف ننسى أمجد الطرابلسي رحمه الله ذلك الهرم الذي كان وزيرا للثقافة في دولة الوحدة بين مصر وسوريا ، ولما فشل المشروع اعتزل السياسة وجاء إلى المغرب ليقضي باقي حياته في تكوين جيل من الأساتذة هو الذي يتحمل اليوم مسؤولية التدريس بمختلف الجامعات المغربية ، كيف ننسى المرحوم أحمد المجاطي / المعداوي الذي علمنا أبجدية الإيقاع الشعري كيف ننسى الأستاذ عبد الله الطيب السوداني الجنسية التي تصدر كرسي النقد الأدبي ما يزيد عن عقدين من الزمن وغيرهم كثير ، وإذا تحدثنا عن العالم و أنيس فلأن جرح مغادرتهما هذا العالم بسلام ما زال حديثا ولم يندمل بعد .مع كامل مودتي وتقديري.
                      [frame="1 98"][align=center]أحبتي : أخاف من كل الناس ، وأنتم لا أخافكم، فالمجيئ إليكم متعه، والبحث عنكم فتنة ولذه، ولقاؤكم فرحة تعاش ولا تقال.[/align][/frame]
                      مدونتي ترحب بمن يطرق أبوابها:
                      http://moutaki.jeeran.com/

                      تعليق

                      • عبدالرؤوف النويهى
                        أديب وكاتب
                        • 12-10-2007
                        • 2218

                        #12
                        [align=justify]فى لحظة ما ،وأثناء محاكمة الدكتور/ نصر حامد أبو زيد،شعرتُ بهزيمة ماحقة، طالت روحى وعلقمت فمى ،فلم أعد استطعم شيئاً ،وأبت بطنى هضم الطعام.

                        الليل موعدنا..شعارنا الذى نختم به أحاديثناالليلية ..فقد كان الدكتور نصر ،يقتطع من وقته الثمين ،دقائق قد تستمر إلى ساعة أو أقل قليلاً. نتكلم فيها عما يجرى حولنا ،وآخر ما قرأنا .....إلخ.


                        كان كتابه "التفكير فى زمن التكفير " من كتبه التى أهدانيها ،بإهداء جليل من مفكر جليل .(
                        إلى الأخ العزيز الأستاذ
                        عبدالرؤوف النويهى
                        مع المودة والإعزاز.
                        نصر
                        19/4/1995م
                        )
                        وحكى لى حكاية قال لى : فى يوم من الأيام ،قام أحد أصدقائى بدعوتى لأذهب معه عند أقاربه الذين غاب عنهم طويلاً ،ويرغب فى رؤيتهم والإطمئنان على أحوالهم،وصمم وبقوة على اصطحابى معه، فحددت له يوماً،وكان يوم جمعة.
                        وذهبت معه وجلسنا عند أقاربه الذين إحتفوا بنا إحتفاءً لانظير له.
                        ثم دعى الداعى إلى صلاة الجمعة ،فقمنا جميعاً للصلاة ،فى المسجد الكبير بالقرية ..وتبين لى أن هناك بعض من كان يدرسون فى الكلية (كلية الآداب جامعةالقاهرة )من أهل القرية.
                        وطلبوا منى إعتلاء المنبر لإلقاء خطبة الجمعة ،تكريماً لى ولكونى أستاذاً لهم ،فى قسم الدراسات العربية الإسلامية،ولم تكن زوبعة القضايا قد اشتعلت بعد ،فامتنعت ..لأننى لم أكن مستعداً بموضوع الخطبة.
                        وقام خطيب المسجد بإعتلاء المنبر ،وأخذ يخطب ويتشدق ويحكى عن القصص القرآنى ،والحكايات الخرافية التى جمعها المفسرون من بطون الروايات التوراتية ،والتى لايقبلها عقل ولايحكمها منطق.
                        وأكثر من نصف ساعة.. لم أجد كلمة واحدة عاقلة، اللهم إلا الخرافات والأباطيل والحكايات التى لارأس لها ولاذنب.
                        ودار بذهنى آنذاك ..بقى إنت يانصر وأمثالك...عايزين تدعو الناس إلى طرح كل هذه الخرافات والحكايات والتفاهات!! دا من يوم كتاب الشعر الجاهلى لطه حسين حتى اللحظة ،لم نستطع أن نلمس القشرة الخارجية لعقول الناس،إذن كم يكفى من الزمن ..حتى نخترق هذه القشرة لنصل إلى عقولهم!!!
                        فقلت له على الفور :طيب والعمل؟؟
                        هل سنترك الخرافة تتحكم فينا ؟
                        قال لى :أبداً هى محاولات فردية ،المجتمع فى حاجة إلى يقظة ،يعنى عمك (الدكتور /محمد النويهى)لما كتب بعض المقالات فى مجلة الآداب البيروتية وكان بيطالب فيها بثورة فكرية دينية إجتماعية تربوية ،إتهموه بالكفر."


                        هذه الحكاية لم أنسها أبداً،لأننى كنت_ أخيراً_أصلى الجمعة فى أحد المساجد وقام خطيب المسجد وأخذ يخطب خطبة الجمعة ،وكان يتحدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ،وفجأة قال :حتى الصحابة رضوان الله عليهم .كانوا يقتمسون مخاط النبى !!بل بوله أيضاً ويدعكون به وجوههم بل ويشربونه!!

                        وظهرت كلمات د/نصر ..تملأ عقلى وتهزنى هزاً ..وسيل الفتاوى المريضة إرضاع الكبير ،وغيرها من خرافات وخزعبلات !![/align]

                        تعليق

                        • علي المتقي
                          عضو الملتقى
                          • 10-01-2009
                          • 602

                          #13
                          الأستاذ الجليل عبد الرؤوف ، قرأت إضافتك اليوم بالصدفة ، إذ لم أُبلّغ عبر الإيمايل بوجود رد على هذه المشاركة ، وقد طرحتَ فيها أفكارا أود التعليق عليها .
                          أثار الأستاذ نصر حامد أبو زيد مسألة التأثير في المجتمع وتغيير أفكاره وعقلنته ، وأعتقد أن أحسن وسيلة لذلك ليس الكتابة التي لا تطلع عليها إلا نخبة النخبة ، خصوصا إذا كانت من طينة كتابات نصر حامد أبي زيد ،و إنما باعتلاء المنابر ، والتحدث من داخل الدائرة التي ينتمي إليها المتلقي . أما أن تتحدث من خارج الدائرة وتوظف أوصافا ـ حتى ولو كانت صحيحة ـ قد تثير ردود أفعال المتلقي ، فإن ذلك سيكون له تأثير عكسي في زمن يلعب فيه الإعلام دورا خطيرا .
                          لا أتحدث من فراغ، فأنا أعتلي المنابر و ألقي دروسا ، لكنها دروس تنطلق من الآية القرآنية الكريمة : ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ، وأنطلق من كتابات المفسرين لأبين لمن يحضرون دروسي الاختلاف بينهم الذي يصل إلى حد التعارض ،مما يؤكد أن أيا منهم لا يملك الحقيقة وحده ، وأين أيا منهم لا يلغي الآخر أو يقصيه ، كما أبين أن الكثير من الأخبار التي ترد في كتب التفسير لا أساس لها من الصحة ، فهي لم تعرفها العرب قبل مجيء الإسلام، ولم يتحدث عنها النص القرآني الكريم ولا السنة النبوية ومع ذلك نجدها بالجملة في تفاسيرهم ، مما يدل على أنها من الاسرائيليات التي تسربت إلى كتب التفسير . ومن بين السور التي وقفتُ عندها أخيرا سورة الفجر ، التي تتحدث عن عاد وثمود وفرعون ، فبينت الاختلاف بين المفسرين و أن الاخبار التي وردت في هذه التفاسير لم يتحدث عنها القرآن، كزمن هؤلاء الأقوام ومكان وجودهم و أسماء زعمائهم ، لأن الهدف من القصة ليس حكاية تاريخهم وإنما العبرة بمن سبق من الأقوام .
                          وبالطبع حاولت أن أصحح و أبين كيفية قراءة القصص القرآني دون الطعن لا في المفسرين ولا في غيرهم ، بل طلبت من الحاضرين العودة إلى ما ورد في سور أخرى، لأن القرآن يفسر بعضه بعضا ، ومعرفة البلاغة كآلية من آليات فهم النص القرآني ، وعرض ما يقرؤون في كتب التفاسير على العقل فما قبله قبلناه وما لم يقبل تركناه ووضعناه بين قوسين، لأن مفسرينا مجرد مجتهدين يجيبون على أسئلة عصرهم ، وقد يصيبون فيكون أجرهم مضاعفا، وقد يخطئون فيكون لهم أجر الاجتهاد .
                          وقد وجدت في عامة الناس وفقهائهم آذانا صاغية ، وبدأ يتكون لديهم حس نقدي يُقوّمون به ما يقرؤون ، ويستفسرون عما يطرح إشكالا ، كما اقتنعوا أن كل الكتابات تتمتع بحقيقة نسبية هي حقيقة الاجتهاد ’ أما الحقيقة المطلقة فلا يملكها إلا العقل المطلق الذي هو صفة من صفات الخالق عز وجل وحده.
                          وقد كان لهذا التصور دور كبير في محاربة التطرف في الأفكار ، فليس هناك شخص ما يمتلك الحقيقة وحده ، والاختلاف مشروع لأن في اختلاف الأئمة رحمة .
                          وقد وصلت إلى اقتناع مفاده أن الفكر المتحجر لا يصحح إلا بالفكر المعتدل المتسامح ، الذي يحسن الاستماع إلى الآخرين ، ويكتسب ثقتهم وودهم ، وليس بفكر يشكل طرفا نقيضا، حتى ولو كان صحيحا.
                          و أنا أستغرب كل الاستغراب لمن يتهم إنسانا يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله في سره وعلانيته بالكفر. قد أخالفه الرأي وقد أقول له لا أتفق معك ، وقد أحاول أن أقنعه بتغيير رأيه ، قد أقول له إن ما تقوله لا يجب أن تسمعه العامة لأن وعيها لن يصل بهم إلى إدراك ما ترمي إليه ، لكن لن أقول أبدا أنت كافر ومشرك وغير ذلك، لأن الكفر والشرك وغيرهما من الصفات الكبيرة ليست كلمة تقال أو فعلا يفعل ، وإنما هي اعتقاد يعتقد عن سبق إصرار.
                          [frame="1 98"][align=center]أحبتي : أخاف من كل الناس ، وأنتم لا أخافكم، فالمجيئ إليكم متعه، والبحث عنكم فتنة ولذه، ولقاؤكم فرحة تعاش ولا تقال.[/align][/frame]
                          مدونتي ترحب بمن يطرق أبوابها:
                          http://moutaki.jeeran.com/

                          تعليق

                          يعمل...
                          X