
الثواني متباطئــة..يجلس على حافة السرير ..يفر بمسبحته التي تلتصق بالتاريخ
بضع حبــــــــات عرقٍ أندت جبينه..سمع وقع خطواته وقبلة على يد أمه..وهمساته التي تسأل عن أبيـــــــــه
ينقر الباب خفيفاً..يواربه ..يدخل..يُقبــِّل يديــــــه ..فيما ظلَّ هَو مشدوداً إلى وجه ابنه ينتظر خروج الكلمات من معاقِلــــــــــــها ..الإبن يُمارس الإبتسامة الصامتة,
يأخذ بيد أبيه إلى حيث العائلـــــــــة تجتمع حول مائدة عامرة تفوح منهــــا رائحة أشجار الزيتون وأعشــــــــــاب الزعتر وخبز تنور البيت الســــاخن,
راح الولد يحكي..يرسم لوحة بالكلمات هي أشبـــــه ما تكون ضربات بالفرشاة ..لصور الإستشهاد ورموز الإنتفاضـــــة الباسلة,
لمس الوالد في الآونة الأخيرة أن ابنه يكثر الحديث عن الموت
إنتابه شيئاً غريباً..تذكر قبل أسبوع حين أقبل صديق لابنه لم يتوقع قدومه..يدعوه للذهاب إلى مكان ما..
رأى خلسة ابنه مع مجموعـــــة يخرجون شبه متسللين … تذكر المكان..
فكثيراً ما انتابته الرغبة في الدخول إليه..
مـــــرّت أيام..رأى ابنه وقد نبتت على وجهه لحية لم تُحلق
دخل عليه ابنه في يوم ٍقريب..و وهجٌ ينبعث من محجري عينيه
عرف ما يبغيه…رفض الإمتثال لأمره..ولكن..كان الإصرار لدى ابنه يقوى كلما سبقه أصدقاؤه إليها..
ينظر إلى أبيه نظرة استعطاف ..وكأنها تقول..(لا تحرمني إياها..دعني أذهب إليها وأنت راض ٍعني).
رجع إلى غرفته..وجلس على حافة السرير..فتح المذياع يتحيّن اللحظة المؤاتية ليسمع ما إذا كانت هناك عملية استشهادية ..بطلها يحمل إسماً يخفق داخل قلبه.
*
تعليق