نُسَيْمَة ! (قصة) حسين ليشوري.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسين ليشوري
    طويلب علم، مستشار أدبي.
    • 06-12-2008
    • 8016

    نُسَيْمَة ! (قصة) حسين ليشوري.

    نُسَيْمَةُ !

    في ضحى يوم ربيعيٍّ من أيام أيار (مايو) الجميلة، جلست وحدي في روضة من رياض الأنس في خبايا نفسي، روضة يعجز اللّسان عن وصفها و يكبو القلم في رسمها، و لولا سبق القول إن الجَنّة "فيها ما لا عين رأت، و لا أذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر" لخلتُها جنّة فرّت من الجنان فتمثّلت هنا في هذا المكان، و كنت أنا فيها من الفائزين، أنا الفناّن الحيران الحزين !!!
    و بينما أنا جالس هنا، أترون ؟ أمتِّع نفسي بأطاييب "الفردوس"، سمعتُ وقع قدمين على الممر المجاور، فالتفتُّ و رأيت، و يا لهول ما رأيت !!! رأيت مخلوقا غريبا، نصفه السّفلي كجسم عنزة مكسو بشعر طويل، و نصفه العلوي جسم إنسان بارز العضلات، و أما رأسه المخيف بقرنيه الصغيرتين و أذنيه الكبيرتين و عينيه الحمراوين فكان أغرب من النصفين معا !
    تجمَّد الدّم في عروقي و تسمّرت في مكاني لا ألوي على شيء سوى التعوّذ بالله العظيم من الشّيطان الرّجيم !!!
    و ما إن اقترب مني، و أنا في حالي تلك من الهلع و الفزع، حتى سمعته ينشِد بلسان عربي مبين، فعرفت أنه شيطان شاعر أو هو شيطان الشعر نفسه، فذهب عني بعض الفزع و اطمأننت قليلا، و أما هو فمرّ بقربي غير آبهٍ بي، يلوح بيديه و يجر ذيلا لو رأيته حسبته رُمحا من المطاط أصابته الشمس فلانَ و ارتخى ...؛ كان المسكين (؟!!) مبهوتا بجمال الجنان، مشدوها بالرَّوْح و الريحان، و راح يطلق لخياله العنان، فقال كلاما هو إلى النَّثر أقرب منه إلى الشِّعر، و كان يخلط السجع بالأوزان غير عابئ بالألحان، و أنى له أن يراعي القواعد و هو التائه الولهان بما رآه من سحر هذا المكان ؟ قال :

    " يا نَسْمَة حارت في روحها النسمات
    و يا بَسْمَة غارت من لطفها البسمات
    نُسَيْمَة، يا آية ما حوتها الكلمـــــــات
    و يا غِنْوة غرقت في بحرها النغمات !"

    و بعد صمت، و قد التبست عليه بحورُ الشعر، و هو شيطان الشعر فيما أحسب، و اختلطت عليه القوافي، استأنف منشدا:

    "نُسَيْمَة يا فتاة ليست كالفتيات،
    و يا حبا وجدتُّ به طعم الحياة،
    لست وحدي الميتم بذي الفتاة
    فقد شاع هواها في الكائنات !"

    و لما سمعته ينشد هكذا و قد أثار خيالي قلت:

    "نُسَيْمَة يا أنشودة الرُّوحِ في القلب،
    و يا غِنوة غنَّاها الرَّوْحُ للــــــحب !"

    إلتفت إلي دهشا و رجع بعض الخطوات و قال بصوت راعد : " تزاحمني في هواي يا إنسان ؟ أما تخاف بطش الجان ؟"
    قلت بلا تردد غير أن فرائصي كانت ترتعد : "ألم تقل : لستُ وحدي المتيّم بذي الفتاة، فقد شاع هواها في الكائنات ؟"
    قال: " أجل، قلتُ ذلك، لكن ألم تسمع {و الشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون، و أنهم يقولون ما لا يفعلون } ؟"
    قلت : " بلى، سمعت !"
    قال: " إذن ما لك و الهوا (الهواء) ؟"
    قلت و قد بدأت الطمأنينة تعود باستحياء إلى قلبي المفزوع: " كيف ما لي و الهوا، ألستُ من الكائنات، و لي حق التمتع به مثلك ؟ و هل الهوا هواك وحدك ؟"
    قال: " نعم، لك حق، و لكن لا تزاحمني في شواعري فقد قطعت علي حبل خواطري !!!"
    قلت : " لا تبالِ بما قلتُه، إنما قصدت مآنستَك فقط لما رأيتك تشكو مواجدتَك !"
    قال : " تؤانسني يا مجنون ؟!!! "
    قلت و قد ذهب عنيّ الرّوع أو يكاد: " نحن إذن سيّان، أنا مجنون، و أنت مأنوس !"
    نظر إلي مستغربا من "جنوني" و قال: "أراك سريع الجواب حاضر البديهة، فأنت لا محالة قد عاشرت قوما ليسوا من جنسك !"
    قلت :" لا ! إنما أنا إنسي يلتقي بجني لأول مرة فقط !
    قال : " تقول "لأول مرة" ؟ عجباً لك يا إنسان، أما تدري أن لك قرينا منا نحن الجان ؟"
    قلت: " أعلم هذا و لكنني لم أره و لم أتحدّث معه قطُّ !"
    قال: " إن لم تره فهو يراك، و إن لم تحدّثه فهو يحدّثك، و ربما، بل أكيد، يعبث بك !"
    قلت: " دعْنا من هذا الآن، و أخبرني لماذا اضطربت في شعرك ؟ أما تتقن العروض فأخللت بالأوزان ؟"
    قلت له ذلك مخادعة كأنني أتقنها أو أعرفها على الأقل.
    قال: "كيف تقول هذا و أنا من شعراء الجن ؟ أما سمعت قول الناس "شيطان الشعر" لمّا يتحدّثون عن نظمه و قرضه ؟"
    قلت: " بَلـى سمعت و قرأت عنكم، و قد قلت أنا في نفسي منذ قليل " إنه شيطان شاعر أو هو شيطان الشعر نفسه"، و لست أدري لماذا خطر ذلك على بالي، يبدو أنني ما فعلت ذلك إلا تماشيا مع العادة فقط، غير أنني لا أؤمن بأن للشعر شياطين، و إنما هو خواطر تنتظم إذا ما وجدتْ الدواعي و الظروف المواتية و الاستعدادَ الفطري أو الكسبي !
    قال: " صدقت، فاكتم عنا ذلك !"
    قلت:" اطمئن، لكن هذا لا يمنعك من مراعاة قواعد العروض و التزام شروط الشعر و إلا ما كان كلامك شعرا و إنما هو نثر جميل فقط !"
    قال: "هذا صحيح، يجب مراعاة ما تقول، غير أن تلك القواعد إنما هي قيود تحدُّ من شاعرية الشّاعر، فالشّعر ما عبّر عن خوالج النّفس بصدق و صُبَّ بإحكام في قوالب الألفاظ الملائمة، فإن عجزتَ فما تقوله من نثر جميل قد يفوق الشعر أحيانا !"
    قلت: "قد يكون في قولك بعض الصدق، لكن، أخبرني عن هذا الذي كنت تقول، هل صحيح أنك بالنسيم مجنون ؟ أو إلى هذا الحد أنت به مفتون ؟"
    قال: " آه لو تدري ما أعاني منه ؟! ثم ألم تسمع الناس يتعوّذون من النّفس و الهوى ؟ و ...
    قلت مقاطعا: " و من الشّيطان أيضا ! "
    نظر إلي بحدة جنونية و عيناه ترسلان الشّرّ، و كاد يبطش بي لو لم أتعوذ سريعا بالله العظيم من الشيطان الرجيم، فخنس و حبس بعدما تجهّم وجهُه و عبس، و لما لم يستطع فعل شيء معي بسبب الحصن الحصين الذي لذت به، أخذ يضطرب اضطراب "المجنون" أو قل المعتوه، و راح يحرك ذنبه، أو رمحه المطاطي، بشدة، و لما رآني أنظر إليه مبتسما و أمسك نفسي عن الضّحك، و حتى يُخْفي عنّي اضطرابَه، أمسك برمحه و التقم رأس ذيله، فبدا لي ساعتها كأنه نافخ مزود، و هو المزود في الوقت نفسه، فلم أستطع أن أحبس ضحكة فأطلقتها عالية : ها، ها، ها !
    و لما هدأ و سكتُّ، قال : " لا فائدة من التّشاجر الآن و نحن في هذا المكان، بل في هذا الجنان، فهلاّ واصلت معي الوصف، و لنكمل وصف النسيم إذا أردت أوّلا !
    قلت : "حسن، فاسمع !

    "نُسَيْمَة يا فتاة غار منها الدلال،
    فثار، من حسد، بها الجمال،
    و حار من حسنها الخيال،
    فتاهت في حبّها الرّجال !"

    (أيّها القارئ النبيه: اكتم عني ما تراه من عيوب في هذا "الشعر" و لا تفضحني، أرجوك !).
    قال: " لأنت أشد هُياما بالنّسيم منيّ !"
    قلت: " كيف لا أكون كذلك و أنت لا تزال معي في مكانك ؟ إنّما الجليس بالجليس يقتدي !"
    قال: " من قال هذا الكلام الحكيم ؟ "
    قلت مزهوا بنفسي: " أنا، هل أعجبتك حكمتي ؟"
    نظر إلي شزرا و هو يبتسم تبسم السّاخر، و لعله كان يقول في نفسه الشّيطانيّة " ما أشدّ غرورَ هذا الإنسان ؟ ! ماذا يظن نفسه ؟ هل هو أفصح بيانا مني و أنا من الجان ؟ ! " ثم قال بصوت عال يمتحنني: " أخبرني على أي بحر جاء شعرك الذي قلت الآن ؟"
    قلت: "من البحر المتداخل يا جان، و هو على وزن "فعول مفاعلن مستفعلن فاعلان"
    قال: "جيّد !"
    قلت في أعماق نفسي حتى لا يسمعني : " لو قلتُ له إنه من البحر الأبيض المتوسط، لقال "جيّد" ما أغبى شيطان الشعر هذا، أو ما أغباني معه و به !"
    ثم قال: "هل لك في هذا الموضوع ما تقوله نثرا ؟"
    قلت: "نعم، اسمع ! نُسَيْمَة ! رأيتك فتاة رشيقة ترسل علي أنفاسها الرقيقة، فتسري الحياة في أعماقي سريان الرُّوح في أعراقي !"
    قال: "الله، الله ! و ماذا أيضا ؟
    قلت مغاضبا (ظاهرا) : "و هل انقلب الوضع فصرت أنا العاشق الولهان و أنت السّامع الكسلان ؟"
    قال و هو يضحك وقد بدت لي أنيابه المخيفة أكثر: " لا، لا يا صديقي (صديقه ؟ عجيب !!!) لقد أعجبني كلامك فأحببت الاستزادة منه فقط !"
    قلت: " لا زيادة عندي الآن، و هل عندك شيء تقوله أنت من هذا البيان ؟"
    قال: "الحق و الحق أقول، (؟!!! هذه من عندي و لم أبدها له، أنتم تفهمونني طبعا !)، أنا لست في مستواك و لذا لا تضحك من بياني، أرجوك !"
    قلت: "اطمئن، قل و لا تخف، (لقد انقلبت الأوضاع، فصرت أنا الذي يطمئنه الآن !) أعلم أننا معشر الإنس أوضح بيانا منكم، أما سمعت قول الله عزّ و جلّ {قل لو اجتمعت الإنس و الجن...}، الآية، فقد بدأ بنا نحن الإنس قبلكم لقدرتنا على البيان أكثر منكم ؟"
    قال و هو متجهم الوجه:" أعلم هذا، فلا داعي لتكراره علي في كل مرة !"
    قلت و أنا أحاول تهدئته بابتسامة بريئة (؟!!!): " لا علينا، قل ما عندك !"
    قال بعد تردّد : " نُسَيْمَة، أما رأيت لما تقبلين مزهوة في زينتك، كيف تنحني الأزاهير إجلالا لك، و تضطرب الأوراق احتفاء بك، و تولول العصافير جذلانة منك، و ترقص الفراشات لقدومك، و تصير الطبيعة في عرس بك، و أنا الشاعر الولهان في تعس منك، و أغار أنا منها عليك ؟"
    قلت بعد صمت مقصود، رحت أفكر فيه كيف أواجهه بالحقيقة المرة : "أحسنت، غير أنك أزعجت أُذُنَيَّ بـ "كاكاتك" (كافاتك) المتكررة، أما وجدتَّ غير هذا يا هذا ؟ لقد أتيْتَ من الرّكاكة بما يعجز عنه البلغاء، ها، ها، ها !"
    قال و وجهه يتمعّر من الخجل: "لقد حذرّتك أنني لست في مستواك، فقل أنت !"
    قلت: "حسن، سأستأنف من حيث توقفت أنت، فاسمع ! و أغار أنا منها عليك ؟ وا عجبا مني ! أغار عليك، يا فتاتي، من الفراش و العصافير، و الأوراق و الأزاهير ؟ كيف لا أغار و قد سكن حبك قلبا ما عرف الحب قبلا !؟"
    نظر إليّ و علاماتُ التعجب تتطاير من رأسه تطاير الشّرر من التنور (الكانون) و كيف لا يتطاير الشرر منه و هو المخلوق من النّار ؟ ثم قال: " عجبا منك يا إنسان ما أروع هذا البيان !"
    قلت: "كفى مدحا و إلا اضطررت لحثو التّراب على رأسك !"
    قال:" تحثو التراب عليَّ ؟! لماذا ؟ لم أقل إلا ما أحسست به من إعجاب بحسن كلامك !"
    قلت بعدما رأيته استطاب المقام و أراد أن يواصل الكلام، قرّرت إنهاء هذا التسلي خشية منه على عقلي: " أرى أنك فارغ الفؤاد من الشواغل غير هوى "نُسَيْمَة"، أما لك من شغل يـا شيـ..... جان ؟"
    قال:" بلى، لي أشغال كثيرة أنت تعرفها، لكنّني لما وجدت كثيرا من البشر قد فاقونا في الشّيطنة جئت لأستريح هنا، فوجدتك فكان هذا الحوار اللطيف و الممتع معك، ثم لماذا هذا السؤال ؟ هل سئمت من حديثي و مجالستي ؟ (عجيب أمر هذا الشيطان، لعله شيطان أبله، قلت هذا في نفسي و لم أعلنه له حذرا من العواقب !) ثم قلت بصوت مسموع: "لا، لا ! لم أسأم من مجالستك، و هل يُسأم من مجالسة مخلوق لطيف و ظريف مثلك ؟!"
    قال:" شكرا يا صديقي ! (صديقُه ؟!!! و يعيدها ثانية ؟ إنه لشيطان أبله حقا !).
    قلت: "العفو! معذرة، لي أشغال كثيرة، أنا ذاهب لقضائها !"
    و هممت بالنهوض غير أنني شعرت بدُوار أصابني فجأة، فجلست على الفور و أغمضت عَيْنَيَّ حتى أسترجع قواي، فأخذتني غفوة، لست أدري كم دامت، و لما فتحتهما وجدتني ممددا على فراشي و قد كنت استلقيت عليه منذ ساعة !

    [align=left]
    البُليدة في 23/07/1992، و روجعت بعد ذلك و تنشر اليوم لأول مرة).
    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة حسين ليشوري; الساعة 25-12-2009, 12:25.
    sigpic
    (رسم نور الدين محساس)
    (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

    "القلم المعاند"
    (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
    "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
    و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

  • روان محمد يوسف
    عضو الملتقى
    • 10-06-2009
    • 427

    #2
    [align=center]

    الأستاذ الجليل

    حسين ليشوري
    كما هو عهدي بما أقرأ لك
    فإن جاذبية أسلوبك لها مكان قدير لا يكاد ينجو منها قارئ واع متذوق
    ولا يزعجنك ما انكسر من عروض
    فإن ميزان المعنى عندك راجح
    وهذا الحوار الجميل المشوق وددنا لو طال وطالت متعتنا معه
    وعندي سؤال صغير أستطلع رأيك أستاذنا الجليل
    "إنما أنا إنسي يلتقي بجني لأول مرة"
    لأول مرة، أم أولَ مرة؟
    وما رأيك في التعبيرين ؟
    وهل لهما علاقة بالمعنى
    أحببت أن أثير هذا النقاش في صفحتك فأرجو منك المعذرة
    ولك احترامي


    [/align]
    [CENTER][FONT=Traditional Arabic][COLOR=darkgreen][B]أم المثنى[/B][/COLOR][/FONT][/CENTER]
    [CENTER][bimg]http://up8.up-images.com/up//uploads/images/images-085e7ac6c0.jpg[/bimg][/CENTER]

    تعليق

    • حسين ليشوري
      طويلب علم، مستشار أدبي.
      • 06-12-2008
      • 8016

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة روان محمد يوسف مشاهدة المشاركة
      [align=center]

      الأستاذ الجليل
      حسين ليشوري
      كما هو عهدي بما أقرأ لك
      فإن جاذبية أسلوبك لها مكان قدير لا يكاد ينجو منها قارئ واع متذوق
      ولا يزعجنك ما انكسر من عروض
      فإن ميزان المعنى عندك راجح
      وهذا الحوار الجميل المشوق وددنا لو طال وطالت متعتنا معه
      وعندي سؤال صغير أستطلع رأيك أستاذنا الجليل
      "إنما أنا إنسي يلتقي بجني لأول مرة"
      لأول مرة، أم أولَ مرة؟
      وما رأيك في التعبيرين ؟
      وهل لهما علاقة بالمعنى
      أحببت أن أثير هذا النقاش في صفحتك فأرجو منك المعذرة
      ولك احترامي


      [/align]
      أهلا بالأستاذة الفاضلة روان صاحبة الأفضال على أبي "مرقال"(أنا)
      أشكرك جزيل الشكر على ما تتكرمين به من قراءة نصوصي المتواضعة، بارك الله فيك و أنا ممنون لك، فلولا كرمك لوئد كثيرٌ من أعمالي.
      أما عما انكسر من العروض فهو بيت القصيد المقصود !
      و أما فيما يخص سؤالك فأنا أفضل "لأول مرة" على "أوَّلَ مرة" لمابينهما من تميّز، حسب رأيي الشخصي، لأن في الثانية معنى الظرف، ظرف الزمان، و في الأولى معني العدد أو العهد باللقاء كما جاء في قوله تعالى في أول سورة الحشر : (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ )، و الله أعلم.
      لعل لصلتي بالقرآن الكريم منذ الصغر أثر فصرت أكتب بالفطرة ( يا للتواضع !!!) فليس لي تعليل فيما أكتب.
      أنا سعيد بقراءتك المتميزة دائما و لذا تجدينني عاجزا عن شكرك.
      جزاك الله عني خيرا و بارك فيك.
      تحيتي و تقديري كما تعلمين و لا تغيبي عنا هكذا !
      دمت بعافية و أعانك الله في أشغالك.
      التعديل الأخير تم بواسطة حسين ليشوري; الساعة 12-11-2009, 13:25.
      sigpic
      (رسم نور الدين محساس)
      (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

      "القلم المعاند"
      (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
      "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
      و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

      تعليق

      • روان محمد يوسف
        عضو الملتقى
        • 10-06-2009
        • 427

        #4
        [align=center]


        أستاذنا الجليل

        حسين ليشوري

        لا أذاق الله والديك حر النار
        وإنها لقيمة كبيرة مثل هذا النقاش مع قلم سديد كقلمك
        أما سؤالي عن أول مرة فإنما كان ذلك على سبيل الطمع من وجهين

        الأول: الطمع في مناقشة طيبة كهذه في لغة الضاد الحبيبة

        والثاني: أنني تأولت في نفسي أن تقول: إنما ذكرت لأول مرة لأن ثانية تتلوها
        لأني حين قرأت عبارتك "لأول مرة" تذكرت قول الله عز وجل (لأول الحشر)
        فالحشر الأول كان إجلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود
        والحشر الثاني كان إجلاء عمر إياهم من خيبر إلى الشام
        فطمعت أن يكون لمرتك مرة تالية تلقى فيها شيطان الشعر ذاك
        فلعل حديثا آخر يكون بينكما فنحظى بقراءته

        ولك خالص الاحترام


        [/align]
        [CENTER][FONT=Traditional Arabic][COLOR=darkgreen][B]أم المثنى[/B][/COLOR][/FONT][/CENTER]
        [CENTER][bimg]http://up8.up-images.com/up//uploads/images/images-085e7ac6c0.jpg[/bimg][/CENTER]

        تعليق

        • حسين ليشوري
          طويلب علم، مستشار أدبي.
          • 06-12-2008
          • 8016

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة روان محمد يوسف مشاهدة المشاركة
          [align=center]

          أستاذنا الجليل
          حسين ليشوري
          لا أذاق الله والديك حر النار
          وإنها لقيمة كبيرة مثل هذا النقاش مع قلم سديد كقلمك
          أما سؤالي عن أول مرة فإنما كان ذلك على سبيل الطمع من وجهين
          الأول: الطمع في مناقشة طيبة كهذه في لغة الضاد الحبيبة
          والثاني: أنني تأولت في نفسي أن تقول: إنما ذكرت لأول مرة لأن ثانية تلوها
          لأني حين قرأت عبارتك "لأول مرة" تذكرت قول الله عز وجل (لأول الحشر)
          فالحشر الأول كان إجلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود
          والحشر الثاني كان إجلاء عمر إياهم من خيبر إلى الشام
          فطمعت أن يكون لمرتك مرة تالية تلقى فيها شيطان الشعر ذاك
          فلعل حديثا آخر يكون بينكما فنحظى بقراءته
          ولك خالص الاحترام

          [/align]
          أهلا بالأستاذة روان الأديبة الأريبة.
          أنت تخجلينني بكرم و تقديرك.
          ما أنا إلا محب للغة العربية، بل عاشق لها، و إذا ما خدمتها فالشرف لي.
          أنا محتار كيف أفعل مع "شيطاني" و لذا سأستنجد بأختنا حورية إبراهيم
          ففي المغرب عندهم رقاة ممتازون يمكنهم طرد شيطاني مني أو إجلاءه من نصوصي.
          أنا سعيد، ككل مرة، بقراءتك و بتعقيباتك المتميزة دائما.
          لك شكري و امتناني.
          تحيتي و تقديري
          sigpic
          (رسم نور الدين محساس)
          (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

          "القلم المعاند"
          (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
          "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
          و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

          تعليق

          • مصطفى الصالح
            لمسة شفق
            • 08-12-2009
            • 6443

            #6
            [align=center]كلام حميل باسلوب رشيق لطيف

            خلطت فيه عدة انماط من البلاغة والبيان

            غلب عليه اسلوب المقامة ( برايي) وقليل من السجع تبعا لذلك

            وهذا ما اضفى سرعة ومتعة على القراءة

            تعودنا منك على الفكرة الهادفة وقد كانت هنا واضحة بكل جلاء لكل متذوق فهمان

            وقد زاد من الق النص استشهادك ببلاغة القرآن وايرادك الآيات في في الموضع اللازم لهذا المقام

            دمت ودام ابداعك

            تقبل خالص الود والتقدير

            تحياتي
            [/align]
            التعديل الأخير تم بواسطة مصطفى الصالح; الساعة 04-10-2010, 11:22.
            [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

            ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
            لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

            رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

            حديث الشمس
            مصطفى الصالح[/align]

            تعليق

            • حسين ليشوري
              طويلب علم، مستشار أدبي.
              • 06-12-2008
              • 8016

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة مصطفى الصالح مشاهدة المشاركة
              [align=center]كلام جميل بأسلوب رشيق لطيف
              المشاركة الأصلية بواسطة مصطفى الصالح مشاهدة المشاركة
              خلطت فيه عدة أنماط من البلاغة والبيان
              غلب عليه أسلوب المقامة ( برأيي) وقليل من السجع تبعا لذلك
              وهذا ما أضفى سرعة ومتعة على القراءة
              تعودنا منك على الفكرة الهادفة وقد كانت هنا واضحة بكل جلاء لكل متذوق فهمان
              وقد زاد من الق النص استشهادك ببلاغة القرآن وايرادك الآيات في في الموضع اللازم لهذا المقام
              دمت ودام ابداعك
              تقبل خالص الود والتقدير
              تحياتي
              [/align]

              أهلا بك أخي الحبيب و سهلا ومرحبا، نوّرت "الحتة" !
              قراءتك صائبة تماما و قد حاولت و أنا في بداياتي مع القصة
              أن تكون كالمقامة و حملتها رأيا شخصيا في الشعر و قيوده
              ثم إنني حرصت الحرص كله على أن تكون بلغة عربية جميلة
              ثم لا تنس أنها كتبت عام 1992 و راجعتها بعد ذلك مرارا لكن
              الفكرة هي هي و أنا لا أزال حريصا على تجويدها لغويا أكثر و أكثر.
              أنا من الذين يبذلون قصارى جهدهم للتأنق باللغة العربية في كتاباتي كلها،
              و أدعو الله أن يوفقني للتمكن من اللغة العربية ما وسعني الجهد !
              ثم إن لي قصدا آخرهو ربط الإبداع بينبوعه "القرآن" المجيد ما استطعت
              إلى ذلك سبيلا !!!
              ألف شكرلك أخي مصطفى و بارك الله فيك.
              تحيتي و مودتي.
              حُسين.
              sigpic
              (رسم نور الدين محساس)
              (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

              "القلم المعاند"
              (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
              "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
              و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

              تعليق

              • جلاديولس المنسي
                أديب وكاتب
                • 01-01-2010
                • 3432

                #8
                [align=center]
                الرائع / حسين ليشوري
                أعجز عن وصف متعتي هنا
                قرأتها مراراً ولإفتقار إسلوبي للحرف لم أتمكن من وضع تعليق بهكذا إبداع يليق
                إن قلنا أنها تقارب للمقامه جائز ومقبول لما بها من إسلوب
                وجدير بها أن تنتمي للقصه لتمتعها بجميل إسلوب القص
                ولكني لا أصنفها لا لهذه ولا تلك ولا لغيرهم.
                سوى أني أراها قطعه إبداعيه
                فهو الإبداع وليس الإبهار .
                أستاذي الفاضل لا تحرمنا قلمك وفيضه الجميل
                دمت بكل الخير
                [/align]

                تعليق

                • صادق حمزة منذر
                  الأخطل الأخير
                  مدير لجنة التنظيم والإدارة
                  • 12-11-2009
                  • 2944

                  #9

                  بأسلوب شيق جميل اقترب تلميحا شكليا في البداية من المقامة, أقيم هنا
                  عرض مسرحي فانتازي ملحمي - (وكان أقرب إلى الرسالة الأدبية الفلسفية كرسالة الغفران مثلا ) - بأبطاله الثلاثة حيث حضر فيه الصراع الأزلي الأعظم بين الخير والشر بين عدوين لم يكلا يوما من

                  الحرب وتحقيق الانتصارات المتبادلة والتي جسدها هنا الإنسان والشيطان والبطل الثالث
                  كان الطبيعة التي جرى الصراع بين كل من العدوين على إخضاعها واستعباد الآخر ..


                  ولم تخرج الملحمة هنا عن توجهات الملاحم كلاسيكية وسجلت انتصارا بينا
                  للإنسان ( الخيّر ) على الشيطان ( الشرير ) ومع أن الموضوع في هذه المعركة
                  كان اللغة والبيان والإبداع الأدبي إلا أن تقاليد الصراع بين العدوين وأساسياته
                  ومبادئه وتراثه الديني والإيماني ظلت حاضرة بقوة ومسحت جميع تفاصيل
                  الأحداث والأبقت على هذه المسافة البينة بين العدوين .. رغم بروز محاولات
                  لتضييق هذه المسافة وتمويهها :


                  " قال:" شكرا يا صديقي ! (صديقُه ؟!!! و يعيدها ثانية ؟ إنه لشيطان أبله حقا !)."

                  وكذلك لاحظنا هذا الإبهار والانبهار ضافيا في الكثير من ( بلوتوهات ) العرض ومنذ اللحظة الأولى لفتح الستارة ..
                  " روضة يعجز اللّسان عن وصفها و يكبو القلم في رسمها، "
                  " فالتفتُّ و رأيت، و يا لهول ما رأيت !!! رأيت مخلوقا غريبا، ... .. تجمَّد الدّم في
                  عروقي و تسمّرت في مكاني"
                  "نظر إليّ و علاماتُ التعجب تتطاير من رأسه تطاير الشّرر من التنور (الكانون) و كيف لا يتطاير الشرر منه و هو المخلوق من النّار ؟ "


                  وكذلك ظهرت الطبيعة البطل الثالث - مجسدة بالنسيمة - بطلا هامدا ( neutral )
                  لا يخوض الصراع ولا يعدو كونه وسيلة إمتاع لكل من يمتلكها رغم أنها بدت لتكون
                  هيكلا حاملا للقص دارت حوله الأحداث ومنحت الأهمية القصوى عندما حملها عنوان النص ..


                  الخاتمة ورغم كلاسيكيتها ومحاولة إلصاق كل ميتافيزيقيا الأحداث التي جرت بمجرد حلم
                  ولكنها بقيت ذات دلالة مهمة هنا لم تبعد عن تقاليد وكلاسيكيات
                  الصراع بين الإنسان والشيطان بمفهومه الديني الكلاسيكي الصارم فالصراع
                  بين المؤمن والشيطان لا يتوقف في جميع فعاليات وتفاصيل حياته حتى في الأحلام ..


                  بقي أن نذكر أن الشعرية التي وردت في النص والحوار حول مضامينها وأساسياتها
                  لم ترد هنا بمعناها العلمي اللغوي والعروضي ( والتي خالفت مقاييسهما أحيانا )
                  ولكنها وردت بالمعنى الفلسفي أحيانا :

                  " قلت و قد ذهب عنيّ الرّوع أو يكاد: " نحن إذن سيّان، أنا مجنون، و أنت مأنوس !"
                  "
                  "ألم تقل : لستُ وحدي المتيّم بذي الفتاة، فقد شاع هواها في الكائنات ؟"


                  وبالعرض الكاريكاتوري الساخر أحيانا أخرى :
                  " أمسك برمحه و التقم رأس ذيله، فبدا لي ساعتها كأنه نافخ مزود، و هو المزود في الوقت نفسه، فلم أستطع أن أحبس ضحكة فأطلقتها عالية : ها، ها، ها ! "

                  ومن المهم أيضا أن نشيد بالبراعة المتناهية في سبك الحوار والتصاعد المشهدي المنتظم والجميل رغم فتور الخاتمة الكلاسيكية المتوقعة .. والتي ربما كانت أكثر نجاحا وحيوية وحركة لو انها خرجت بثوب حلم يقظة على الأقل ..

                  أستاذي حسين ليشوري أحييك على هذه المحاولة الإبداعية الجريئة لإعادة رسم الصراع الكلاسيكي القديم بين الإنسان والشيطان على أرض مختلفة لم تبدُ محايدة
                  هي اللغة والبيان وهما ميدانك أستاذنا ..


                  تحيتي وتقديري لك




                  تعليق

                  • حسين ليشوري
                    طويلب علم، مستشار أدبي.
                    • 06-12-2008
                    • 8016

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة جلاديولس المنسي مشاهدة المشاركة
                    [align=center]
                    المشاركة الأصلية بواسطة جلاديولس المنسي مشاهدة المشاركة
                    الرائع / حسين ليشوري
                    أعجز عن وصف متعتي هنا
                    قرأتها مراراً ولإفتقار إسلوبي للحرف لم أتمكن من وضع تعليق بهكذا إبداع يليق
                    إن قلنا أنها تقارب للمقامه جائز ومقبول لما بها من إسلوب
                    وجدير بها أن تنتمي للقصه لتمتعها بجميل أسلوب القص
                    ولكني لا أصنفها لا لهذه ولا تلك ولا لغيرهم.
                    سوى أني أراها قطعه إبداعيه
                    فهو الإبداع وليس الإبهار .
                    أستاذي الفاضل لا تحرمنا قلمك وفيضه الجميل
                    دمت بكل الخير
                    [/align]

                    و دمت بألف خير أنت كذلك أختي الكريمة جلاديولس.
                    و أنا عاجز عن شكرك و قد تكرمت بهذا التعليق المشجع لي.
                    و أراني أجدتُّ الحيلة إذ دعوتكم إلى قراءة قصتي و قد طواها ... الإهمال !!!
                    تحيتي و امتناني.
                    حُسين.
                    sigpic
                    (رسم نور الدين محساس)
                    (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                    "القلم المعاند"
                    (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                    "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                    و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                    تعليق

                    • حسين ليشوري
                      طويلب علم، مستشار أدبي.
                      • 06-12-2008
                      • 8016

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة صادق حمزة منذر مشاهدة المشاركة
                      بأسلوب شيق جميل اقترب تلميحا شكليا في البداية من المقامة, أقيم هنا
                      عرض مسرحي فانتازي ملحمي - (وكان أقرب إلى الرسالة الأدبية الفلسفية كرسالة الغفران مثلا ) - بأبطاله الثلاثة حيث حضر فيه الصراع الأزلي الأعظم بين الخير والشر بين عدوين لم يكلا يوما من

                      الحرب وتحقيق الانتصارات المتبادلة والتي جسدها هنا الإنسان والشيطان والبطل الثالث
                      كان الطبيعة التي جرى الصراع بين كل من العدوين على إخضاعها واستعباد الآخر ..
                      ولم تخرج الملحمة هنا عن توجهات الملاحم كلاسيكية وسجلت انتصارا بينا
                      للإنسان ( الخيّر ) على الشيطان ( الشرير ) ومع أن الموضوع في هذه المعركة
                      كان اللغة والبيان والإبداع الأدبي إلا أن تقاليد الصراع بين العدوين وأساسياته
                      ومبادئه وتراثه الديني والإيماني ظلت حاضرة بقوة ومسحت جميع تفاصيل
                      الأحداث والأبقت على هذه المسافة البينة بين العدوين .. رغم بروز محاولات
                      لتضييق هذه المسافة وتمويهها :
                      " قال:" شكرا يا صديقي ! (صديقُه ؟!!! و يعيدها ثانية ؟ إنه لشيطان أبله حقا !)."
                      وكذلك لاحظنا هذا الإبهار والانبهار ضافيا في الكثير من ( بلوتوهات ) العرض ومنذ اللحظة الأولى لفتح الستارة ..
                      " روضة يعجز اللّسان عن وصفها و يكبو القلم في رسمها، "
                      " فالتفتُّ و رأيت، و يا لهول ما رأيت !!! رأيت مخلوقا غريبا، ... .. تجمَّد الدّم في
                      عروقي و تسمّرت في مكاني"
                      "نظر إليّ و علاماتُ التعجب تتطاير من رأسه تطاير الشّرر من التنور (الكانون) و كيف لا يتطاير الشرر منه و هو المخلوق من النّار ؟ "
                      وكذلك ظهرت الطبيعة البطل الثالث - مجسدة بالنسيمة - بطلا هامدا ( neutral )
                      لا يخوض الصراع ولا يعدو كونه وسيلة إمتاع لكل من يمتلكها رغم أنها بدت لتكون
                      هيكلا حاملا للقص دارت حوله الأحداث ومنحت الأهمية القصوى عندما حملها عنوان النص ..
                      الخاتمة ورغم كلاسيكيتها ومحاولة إلصاق كل ميتافيزيقيا الأحداث التي جرت بمجرد حلم
                      ولكنها بقيت ذات دلالة مهمة هنا لم تبعد عن تقاليد وكلاسيكيات
                      الصراع بين الإنسان والشيطان بمفهومه الديني الكلاسيكي الصارم فالصراع
                      بين المؤمن والشيطان لا يتوقف في جميع فعاليات وتفاصيل حياته حتى في الأحلام ..
                      بقي أن نذكر أن الشعرية التي وردت في النص والحوار حول مضامينها وأساسياتها
                      لم ترد هنا بمعناها العلمي اللغوي والعروضي ( والتي خالفت مقاييسهما أحيانا )
                      ولكنها وردت بالمعنى الفلسفي أحيانا :
                      " قلت و قد ذهب عنيّ الرّوع أو يكاد: " نحن إذن سيّان، أنا مجنون، و أنت مأنوس !""
                      "ألم تقل : لستُ وحدي المتيّم بذي الفتاة، فقد شاع هواها في الكائنات ؟"
                      وبالعرض الكاريكاتوري الساخر أحيانا أخرى :
                      " أمسك برمحه و التقم رأس ذيله، فبدا لي ساعتها كأنه نافخ مزود، و هو المزود في الوقت نفسه، فلم أستطع أن أحبس ضحكة فأطلقتها عالية : ها، ها، ها ! "

                      ومن المهم أيضا أن نشيد بالبراعة المتناهية في سبك الحوار والتصاعد المشهدي المنتظم والجميل رغم فتور الخاتمة الكلاسيكية المتوقعة .. والتي ربما كانت أكثر نجاحا وحيوية وحركة لو انها خرجت بثوب حلم يقظة على الأقل ..

                      أستاذي حسين ليشوري أحييك على هذه المحاولة الإبداعية الجريئة لإعادة رسم الصراع الكلاسيكي القديم بين الإنسان والشيطان على أرض مختلفة لم تبدُ محايدة
                      هي اللغة والبيان وهما ميدانك أستاذنا ..
                      المشاركة الأصلية بواسطة صادق حمزة منذر مشاهدة المشاركة

                      تحيتي وتقديري لك

                      أخي الكريم صادق حمزة منذر، الناقد المتقد، تحية طيبة من البُليدة الوُريدة !
                      لست أدري، و الله، كيف أشكر لك قراءتك المتميزة و نقدك المتعمق في قصتي !
                      أنا فعلا مبهور بتحليلك وتعليلك و قد قرأت ما تفضلت به و كأنني أكتشف قصتي
                      على يديك للمرة الأولى إذ كتبتها أول ما كتبتها عام 1992 عفو الخاطر،
                      و قد أعدت النظر فيها مرارا لتصحيح بعض الأخطاء اللغوية وإضافة جمل للحوار فقط،
                      و لم أفكر في شيء سوى إبداء رأيي في العروض فاهتديت إلى توظيف "شيطان الشعر"
                      الأسطوري بطلا، كما اشتغلت بجد لتجويد لغتي فيها ما استطعت و قد سبق لي أن كتبت
                      قصصا قصيرة أخرى قبلها مثل "القلم المعاند" و "القطيع" و غيرهما و أنا أحرص في
                      قصصي على الرسم باللغة كما كنت أرسم في شبابي بالألوان و كأن موهبة
                      الرسم تحولت من الأقلام، أقلام التلوين، إلى القلم، قلم الرصاص !
                      أحببت أن أوضح لك، أخي الكريم، هذا لتعرف أنني كثيرا ما كتبت بالفطرة إن جاز لي القول !
                      أخي الكريم صادق أنت أستاذي في اختصاصك و أنا التلميذ الحريص على الاستفادة من آرائك.
                      كيف أشكرك ؟ لست أدري، لكنني أدري أنني مهما شكرتك لن أوفيك ما يجب لك علي منه !
                      فلتجد هنا أسمى آيات امتناني و تقديري.
                      دمت لي قرائا ناقدا و أخا راشدا.
                      تحيتي و مودتي.
                      حُسين.
                      sigpic
                      (رسم نور الدين محساس)
                      (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                      "القلم المعاند"
                      (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                      "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                      و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                      تعليق

                      • ركاد حسن خليل
                        أديب وكاتب
                        • 18-05-2008
                        • 5145

                        #12
                        أخي االغالي الأستاذ حسين ليشوري
                        تحية ملؤها نفس النسمات التي أمتعتك
                        وبساتين من الورودِ من وادي عبقر
                        وكأني أعرف ذلك المخلوق الذي تحدثت عنه
                        وما وصفت وحدّثت عنه كأنه يتراءى لي
                        كلّما حاولت عصر حروفي وجمعها ونثرها
                        هو الشعر أستاذي الذي يُدخلنا في غيبوبته
                        بعد أن ننال ما تيسّر من قشعريرة
                        وكأنه المخاض الذي يكشف عن ما حملناه في دواخلنا
                        كنت هنا أخي العزيز في رحلةٍ شيّقةٍ بين سطورك
                        ةتأكّدت عن قرب من مصدر إبداعك
                        تحيتي خالصة وعطر الورد لقلمك
                        تقديري ومحبتي
                        ركاد أبو الحسن

                        تعليق

                        • حسين ليشوري
                          طويلب علم، مستشار أدبي.
                          • 06-12-2008
                          • 8016

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة ركاد حسن خليل مشاهدة المشاركة
                          أخي االغالي الأستاذ حسين ليشوري

                          تحية ملؤها نفس النسمات التي أمتعتك وبساتين من الورودِ من وادي عبقر
                          وكأني أعرف ذلك المخلوق الذي تحدثت عنه وما وصفت وحدّثت عنه كأنه يتراءى لي
                          كلـّما حاولت عصر حروفي وجمعها ونثرها هو الشعر أستاذي الذي يُدخلنا في غيبوبته
                          بعد أن ننال ما تيسّر من قشعريرة وكأنه المخاض الذي يكشف عن ما حملناه في دواخلنا
                          كـنت هنا أخي العزيز في رحلةٍ شيّقةٍ بين سطورك تأكّدت عن قرب من مصدر إبداعك
                          تحيتي خالصة وعطر الورد لقلمك
                          تقديري ومحبتي

                          ركاد أبو الحسن

                          أخي الحبيب ركاد، أبا الحسن لك من البُليدة الوُريدة أجمل تحية و أحسن.
                          أغرقني كرمك الغامر و أنا لك على الدوام شاكر !
                          كان أحد توقيعاتي المحببة إلي :
                          "للخيال على الكاتب سلطان لا يقاوم،
                          فإن كنت كاتبا فلا تقاوم خيالك و لكن قومه!"
                          و قد تلاعب بي الخيال الجامح كثيرا في قصصي
                          لكنه لم يخرج أبدا عن طوعي ...و إرادتي !
                          إن الكاتب الذي لا "يتلاعب" بالخيال فيطوعه
                          للغته و أدبه لا يعد كاتبا مبدعا و إن ظنه الناس
                          كذلك، الخيال الجامح يمنحني فرص الفرار من الواقع
                          لكنني أجاريه ثم ...أجريه كما أحب !!!

                          قد تكون هذه الحديقة مثل التي سحرتني !!!
                          تحيتي ومودتي و تقديري
                          أخي الحبيب أبا الحسن.
                          sigpic
                          (رسم نور الدين محساس)
                          (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                          "القلم المعاند"
                          (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                          "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                          و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                          تعليق

                          • صادق حمزة منذر
                            الأخطل الأخير
                            مدير لجنة التنظيم والإدارة
                            • 12-11-2009
                            • 2944

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة حسين ليشوري مشاهدة المشاركة
                            أخي الكريم صادق حمزة منذر، الناقد المتقد، تحية طيبة من البُليدة الوُريدة !
                            لست أدري، و الله، كيف أشكر لك قراءتك المتميزة و نقدك المتعمق في قصتي !
                            أنا فعلا مبهور بتحليلك وتعليلك و قد قرأت ما تفضلت به و كأنني أكتشف قصتي
                            على يديك للمرة الأولى إذ كتبتها أول ما كتبتها عام 1992 عفو الخاطر،
                            و قد أعدت النظر فيها مرارا لتصحيح بعض الأخطاء اللغوية وإضافة جمل للحوار فقط،
                            و لم أفكر في شيء سوى إبداء رأيي في العروض فاهتديت إلى توظيف "شيطان الشعر"
                            الأسطوري بطلا، كما اشتغلت بجد لتجويد لغتي فيها ما استطعت و قد سبق لي أن كتبت
                            قصصا قصيرة أخرى قبلها مثل "القلم المعاند" و "القطيع" و غيرهما و أنا أحرص في
                            قصصي على الرسم باللغة كما كنت أرسم في شبابي بالألوان و كأن موهبة
                            الرسم تحولت من الأقلام، أقلام التلوين، إلى القلم، قلم الرصاص !
                            أحببت أن أوضح لك، أخي الكريم، هذا لتعرف أنني كثيرا ما كتبت بالفطرة إن جاز لي القول !
                            أخي الكريم صادق أنت أستاذي في اختصاصك و أنا التلميذ الحريص على الاستفادة من آرائك.
                            كيف أشكرك ؟ لست أدري، لكنني أدري أنني مهما شكرتك لن أوفيك ما يجب لك علي منه !
                            فلتجد هنا أسمى آيات امتناني و تقديري.
                            دمت لي قرائا ناقدا و أخا راشدا.
                            تحيتي و مودتي.
                            حُسين.
                            أخي وصديقي المبدع حسين ليشوري

                            كان لي متعة الغوص في خبايا هذه النسيمة الحوارية الجميلة
                            ومتعة رفقتك وقراءتك في هذه المشاهد التي تهطل خيالا أدبيا إبداعيا
                            وتحمل حرفية عالية في صوغ وامتلاك زمام المحاورة المنتجة أدبيا والمبررة إبداعيا ..
                            وأنا أهمس لك أخي بكل صدق :
                            لا أستاذية على الإبداع مهما بلغت الأستاذية من علو ومهما بلغ الإبداع
                            من غموض وانكماش ..

                            ولك كل التقدير والاحترام أخي الحبيب




                            تعليق

                            • حسين ليشوري
                              طويلب علم، مستشار أدبي.
                              • 06-12-2008
                              • 8016

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة صادق حمزة منذر مشاهدة المشاركة
                              أخي وصديقي المبدع حسين ليشوري
                              كان لي متعة الغوص في خبايا هذه النسيمة الحوارية الجميلة
                              ومتعة رفقتك وقراءتك في هذه المشاهد التي تهطل خيالا أدبيا إبداعيا
                              وتحمل حرفية عالية في صوغ وامتلاك زمام المحاورة المنتجة أدبيا والمبررة إبداعيا ..
                              وأنا أهمس لك أخي بكل صدق :
                              لا أستاذية على الإبداع مهما بلغت الأستاذية من علو ومهما بلغ الإبداع
                              من غموض وانكماش ..

                              ولك كل التقدير والاحترام أخي الحبيب

                              أخي الحبيب الناقد المتقد حيوية و نشاطا : صادق حمزة منذر.
                              الشرف كله لي أن أكون صديقك و أخاك.
                              أنا المستفيد من علمك و ثقافتك و نقدك الرصين المعلل.
                              صدقني، يا أخي، أنا لا أعتبر نفسي مبدعا إلا من باب المجاز،
                              و لعلك لا تقدر مدى سعادتي لما أجد من يستمتع بكتابتي المتواضعة.
                              أحرص الحرص كله أن أكون في مستوى يليق بالإبداع باللغة العربية
                              و هذه إحدى أمنياتي الغالية العالية.
                              ألف شكر لك ومعذرة عن التأخر في شكرك.
                              دمت أنيقا متألقا و بألف خير.
                              تحيتي وامتناني.
                              حُسين.
                              sigpic
                              (رسم نور الدين محساس)
                              (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                              "القلم المعاند"
                              (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                              "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                              و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                              تعليق

                              يعمل...
                              X