بسم الله الرحمن الرحيم
الهدف من هذا الموضوع هو مناقشة مفهوم الدين الرسمي أي المفاهيم الدينية تحت الأضواء والتي تدفعها إلى الواجهة سلطة سواء كانت رسمية أو سلطة ظل (معارضة) والمقصود بالدين طبعا الإسلام وليس أي دين آخر
وهذه المفاهيم تحت الأضواء هي مجموعة من التوازنات التي تتقلب مع تقلب السياسة وسواء كانت السياسة مؤثرة مباشرة أو بشكل غير مباشر فالسياسة هي التي ترسم ملامح الدين الرسمي في عالمنا منذ ثمانية قرون "على الأقل"
ويظن كثير من المسلمين خلال العقدين الأخيرين أن الوضع تغير ويُضرب القرضاوي مثالا لكسر هذا القيد ويرونه عالما مستقلا لا يتأثر بألاعيب السياسة وهذا وهم سمح به عدم إدراك الناس إحكام القبضة السياسية على الدين من خلال إحكام القبضة على الإعلام أو توجيهه وهذا الوهم الذي شكلته مساحة التنوع والحرية "المزيفة أيضا" هذه ساهم في زيادة قوة الدين الرسمي وهيمنته على الجموع
إن قولنا بأن القرضاوي أو البوطي أو بن باز أو الشعراوي هم أعلام الدين الرسمي لا يعني اتهام هؤلاء في نزاهتهم فالأمر أعقد من ذلك
فالساحة الرسمية العربية أو الإسلامية ليست واحدة ولكن بينها قواسم مشتركة فجميعها أنظمة همها الرئيس الحفاظ على استقرارها وهي هشة إذا ما جوبهت من الداخل. بالتالي نشأ عرف متوافق عليه غير مكتوب ولا منطوق بعدم الضرب من تحت الحزام وتحت الحزام هو ما يمكن أن يزعزع الدين الرسمي في هذا النظام أو ذاك.
ونتيجة كون الأنظمة تمتلك مساحة رؤية أضخم بكثير من الأفراد وهي أقدر على التخطيط الإستراتيجي ولديها مراكز توجيه للسياسة تدرس الشارع فهي تقوم بتوجيه الدين الرسمي من خلال التحكم بالأضواء لا أكثر مع بعض التعيينات المباشرة التي يحاولون تخفيفها قدر المستطاع وإلا انكشفت اللعبة واهتز الدين الرسمي.
فعندما دُفع البوطي إلى الأضواء نهاية الثمانينات في سورية لم يكن لأنه مثلا وافق على خطة أعدتها الحكومة بل لأنه كان مناسبا لما تريده الحكومة حاليا خصوصا بعد أن فشل كفتارو المعين رسميا في احتواء الشريحة المتدينة فكان لا بد من البوطي ليبقى الدين الرسمي تحت الأضواء وليس تحت الرماد وهذا تعلمته الحكومة من تجربتها في محاولة قمع الإخوان وإلغاء أي دين سوى الدين الذي عينته الحكومة والذي لم يكن مجديا.. وحتى عندما بدأ البوطي "يتغول" من وجهة نظر السلطة وجدت أن من المناسب كبحه بفتح الساحة لخصمه التقليدي أي السلفية وهو توافق غير معلن ففي نفس الوقت أي بعد حرب الخليج ضد العراق كانت من مصلحة السعودية إطلاق هذا "المارد" الذي يعتبر البعث والعلمانية والكفر شيئا واحدا ونفس المصلحة توافقت عليها الكثير من الأنظمة العربية في حينها بدرجة أو بأخرى عملا بالنظرية الشائعة كافح النار بالنار
إلا أن السلفية التي تم تطعيمها في أفغانستان وباكستان بالفكر الإخواني لم تكن أمرا قابلا للسيطرة عليه كما ظنت غالبية الأنظمة العربية من خلال تجربة آل سعود طوال قرن من الزمن بل سرعان ما تحولت إلى خطر يهدد جميع الأنظمة العربية فأصبحت عدوا "متوافقا عليه" وبدأت الحاجة إلى منظومة مختلفة وقدمت أحداث نيويورك مبررات كافية لهذه الحرب وفي نفس الوقت سمح الانفتاح للأنظمة العربية بتعلم لعبة جديدة هي دع بنية هشة تحتوي إطارا فكريا شموليا "عقلانيا" "هادئا" "متعبا من الصراع" يحمل بعض الملامح الإيديولوجية للإخوان وهو مرن بحيث يتوافق مع السلفية وهذا الإطار الهش هو الإمارات ثم قطر والإطار الشمولي هو القرضاوي طبعا بما يمثله وليس بشخصه فقط
لماذا الإطار الهش لأنه سيكون مضطرا لمداراة جميع الأنظمة العربية وحتى المصالح العالمية.. كما أنه سيؤمنة ما سيبدو للشارع العربي أرضية حرة ولكنها حرية مزيفة
وكان القرضاوي هو الإطار الشمولي المناسب كتكملة للدين الرسمي العربي فهو ليس خصما سابقا لأي نظام عربي رغم كونه سجن فترة في مصر إلا أنه لم يكن خصما وقد "اكتشف" عدم جدوى الفكر الإخواني الأيديولوجي وهو فقيه ولكنه عقلاني يداري الرأي العام وليس من طبعه الصدام
وهذا لا يعني أنه صنيعة هذا التوافق العربي ولكنه بحكم هذا التوافق أضخم بكثير من حجمه الحقيقي وله أرضية نزيهة تدعمه في مصر والخليج مما جعله مناسبا لتلقي هذا "الدعم"
ولكن لا شيء يستمر للأبد وقد تغيرت قواعد اللعبة الإقليمية فالخصم الجديد مسلم بل "إسلامي" مطعما بشيء من "البعث" فالقرضاوي وإسلام أونلاين لم يعد الواجهة المناسبة للدين الرسمي العربي فهناك حاجة اليوم لإطار أكثر شراسة في الدفاع عن "مكتسباته" السابقة والزود عن حياضه التقليدية "أهل السنة" وبالتالي هجوم أشرس على الخصم الجديد "الصفوي البعثي" تبريرا لسلاسل من ردود الأفعال التي تنتهي بتهيئة الأجواء للحرب القادمة
إقالة الشيخ القرضاوي من رئاسة جمعية البلاغ الممولة لشبكة إسلام أون لاين
الهدف من هذا الموضوع هو مناقشة مفهوم الدين الرسمي أي المفاهيم الدينية تحت الأضواء والتي تدفعها إلى الواجهة سلطة سواء كانت رسمية أو سلطة ظل (معارضة) والمقصود بالدين طبعا الإسلام وليس أي دين آخر
وهذه المفاهيم تحت الأضواء هي مجموعة من التوازنات التي تتقلب مع تقلب السياسة وسواء كانت السياسة مؤثرة مباشرة أو بشكل غير مباشر فالسياسة هي التي ترسم ملامح الدين الرسمي في عالمنا منذ ثمانية قرون "على الأقل"
ويظن كثير من المسلمين خلال العقدين الأخيرين أن الوضع تغير ويُضرب القرضاوي مثالا لكسر هذا القيد ويرونه عالما مستقلا لا يتأثر بألاعيب السياسة وهذا وهم سمح به عدم إدراك الناس إحكام القبضة السياسية على الدين من خلال إحكام القبضة على الإعلام أو توجيهه وهذا الوهم الذي شكلته مساحة التنوع والحرية "المزيفة أيضا" هذه ساهم في زيادة قوة الدين الرسمي وهيمنته على الجموع
إن قولنا بأن القرضاوي أو البوطي أو بن باز أو الشعراوي هم أعلام الدين الرسمي لا يعني اتهام هؤلاء في نزاهتهم فالأمر أعقد من ذلك
فالساحة الرسمية العربية أو الإسلامية ليست واحدة ولكن بينها قواسم مشتركة فجميعها أنظمة همها الرئيس الحفاظ على استقرارها وهي هشة إذا ما جوبهت من الداخل. بالتالي نشأ عرف متوافق عليه غير مكتوب ولا منطوق بعدم الضرب من تحت الحزام وتحت الحزام هو ما يمكن أن يزعزع الدين الرسمي في هذا النظام أو ذاك.
ونتيجة كون الأنظمة تمتلك مساحة رؤية أضخم بكثير من الأفراد وهي أقدر على التخطيط الإستراتيجي ولديها مراكز توجيه للسياسة تدرس الشارع فهي تقوم بتوجيه الدين الرسمي من خلال التحكم بالأضواء لا أكثر مع بعض التعيينات المباشرة التي يحاولون تخفيفها قدر المستطاع وإلا انكشفت اللعبة واهتز الدين الرسمي.
فعندما دُفع البوطي إلى الأضواء نهاية الثمانينات في سورية لم يكن لأنه مثلا وافق على خطة أعدتها الحكومة بل لأنه كان مناسبا لما تريده الحكومة حاليا خصوصا بعد أن فشل كفتارو المعين رسميا في احتواء الشريحة المتدينة فكان لا بد من البوطي ليبقى الدين الرسمي تحت الأضواء وليس تحت الرماد وهذا تعلمته الحكومة من تجربتها في محاولة قمع الإخوان وإلغاء أي دين سوى الدين الذي عينته الحكومة والذي لم يكن مجديا.. وحتى عندما بدأ البوطي "يتغول" من وجهة نظر السلطة وجدت أن من المناسب كبحه بفتح الساحة لخصمه التقليدي أي السلفية وهو توافق غير معلن ففي نفس الوقت أي بعد حرب الخليج ضد العراق كانت من مصلحة السعودية إطلاق هذا "المارد" الذي يعتبر البعث والعلمانية والكفر شيئا واحدا ونفس المصلحة توافقت عليها الكثير من الأنظمة العربية في حينها بدرجة أو بأخرى عملا بالنظرية الشائعة كافح النار بالنار
إلا أن السلفية التي تم تطعيمها في أفغانستان وباكستان بالفكر الإخواني لم تكن أمرا قابلا للسيطرة عليه كما ظنت غالبية الأنظمة العربية من خلال تجربة آل سعود طوال قرن من الزمن بل سرعان ما تحولت إلى خطر يهدد جميع الأنظمة العربية فأصبحت عدوا "متوافقا عليه" وبدأت الحاجة إلى منظومة مختلفة وقدمت أحداث نيويورك مبررات كافية لهذه الحرب وفي نفس الوقت سمح الانفتاح للأنظمة العربية بتعلم لعبة جديدة هي دع بنية هشة تحتوي إطارا فكريا شموليا "عقلانيا" "هادئا" "متعبا من الصراع" يحمل بعض الملامح الإيديولوجية للإخوان وهو مرن بحيث يتوافق مع السلفية وهذا الإطار الهش هو الإمارات ثم قطر والإطار الشمولي هو القرضاوي طبعا بما يمثله وليس بشخصه فقط
لماذا الإطار الهش لأنه سيكون مضطرا لمداراة جميع الأنظمة العربية وحتى المصالح العالمية.. كما أنه سيؤمنة ما سيبدو للشارع العربي أرضية حرة ولكنها حرية مزيفة
وكان القرضاوي هو الإطار الشمولي المناسب كتكملة للدين الرسمي العربي فهو ليس خصما سابقا لأي نظام عربي رغم كونه سجن فترة في مصر إلا أنه لم يكن خصما وقد "اكتشف" عدم جدوى الفكر الإخواني الأيديولوجي وهو فقيه ولكنه عقلاني يداري الرأي العام وليس من طبعه الصدام
وهذا لا يعني أنه صنيعة هذا التوافق العربي ولكنه بحكم هذا التوافق أضخم بكثير من حجمه الحقيقي وله أرضية نزيهة تدعمه في مصر والخليج مما جعله مناسبا لتلقي هذا "الدعم"
ولكن لا شيء يستمر للأبد وقد تغيرت قواعد اللعبة الإقليمية فالخصم الجديد مسلم بل "إسلامي" مطعما بشيء من "البعث" فالقرضاوي وإسلام أونلاين لم يعد الواجهة المناسبة للدين الرسمي العربي فهناك حاجة اليوم لإطار أكثر شراسة في الدفاع عن "مكتسباته" السابقة والزود عن حياضه التقليدية "أهل السنة" وبالتالي هجوم أشرس على الخصم الجديد "الصفوي البعثي" تبريرا لسلاسل من ردود الأفعال التي تنتهي بتهيئة الأجواء للحرب القادمة
إقالة الشيخ القرضاوي من رئاسة جمعية البلاغ الممولة لشبكة إسلام أون لاين
تعليق