اختلاس ..؟ قصة قصيرة للاديب محمد عزوز

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ماهر هاشم القطريب
    شاعر ومسرحي
    • 22-03-2009
    • 578

    اختلاس ..؟ قصة قصيرة للاديب محمد عزوز

    اختلاس - قصة قصيرة

    الاديب القاص محمد عزوز هو من اعلام القصة القصيرة في سورية
    له اربع مجموعات قصصية كان اخرها ( حروف الدمع )الذي صدر حديثا عن دار بعل للطباعة والنشر بدمشق وله العديد من الدراسات الادبية والنقدية بالصحف الدورية بسورية





    إختـــــــــلاس





    قصة : للكاتب محمد عزوز



    دونوا في أعلى الورقة :
    التهمة : اختلاس
    ( لاأعرف من أين جاؤوني بهذه التهمة بعد هذا العمر .. وذاك الزمن ... )
    طلبوا مني أن أكتب بياناً تفصيلياً بالمبالغ والأشياء التي اختلستها ...
    دفعوا إلي بالورقة ..
    كان القلم لايزال في مكانه المعتاد أعلى قميصي .. ، سحبته ، نزعت غطاءه ببعض العناء ،
    كتبت :
    ـ مجموعة أوراق لاأعرف عددها ، استخدمتها لكتابة أشياء لاعلاقة لها بالعمل ..
    تطلع إلي أحدهم غاضباً ، فهمتُ :
    ـ ثلاثون .. خمسون .. اعتبروها مئة .. ماعوناً من الورق بسعره الحالي خلال خدمة زادت عن خمس وعشرين سنة .
    ـ دوِّن ذلك ..
    ـ نسيت في بعض الأيام قلمي ، أخذته إلى البيت ، كتبت به أشياء هناك ، لكنني والله العظيم كنت حريصاً على إعادته في اليوم التالي ..
    ـ دوِّن ذلك ..
    ـ بضع مغلفات كنت أضع فيها قصاصات صحف كي لاتتلفها أصابعي المتعرقة في الطريق ... ربما أكون قد أعدت بعضها .
    ـ دوِّن ذلك ..
    صمتٌّ قليلاً ، حاولت أن أتذكر ..
    ـ مكالمات هاتفية ... نعم .. كنت أضطر لاستخدام خط الهاتف في الحديث مع زوجتي وأولادي للإطمئنان على مريض أو نتائج امتحان .. هذا فقط منذ عشرة أعوام ليس أكثر .. قبل ذلك لم يكن لدي خط هاتفي في المنزل .
    ـ دوِّن ذلك .. وقدِّر قيمة المكالمة .. نحن سنجمعها في النهاية .. الأمر يحتاج إلى آلة حاسبة .
    ـ بضع حبات زائدة من مسكنات الصداع ، كنت أحصل عليها من مستوصف الإدارة ، الحقيقة أنها كانت تزيد عن حاجتي في مواسم الإستقرار النفسي ، فأقدمها لطالب في البيت أو الحي أوربما في أمكنة أخرى .. كنت أخشى أن تنتهي مدة صلاحيتها فأضطر إلى إتلافها .
    ـ دوِّن ذلك بدقة ..
    ـ لكنني ...
    ـ ليس من الصعب وضع قيمة ما لذلك ..
    حاولت أن أعصر ذاكرتي ، أن أدون أشياء أخرى ..
    طال صمتي .. فلكزني مجاوري :
    ـ عليك أن تدون كل شيء .. إذا لم تفعل فستوجه إليك تهمة تضليل العدالة أيضاً ..
    ـ تضليل .. أنا لاأعرف كيف يضللون ، حتى توجهون لي مثل هذه التهمة .
    ـ لاتتغابى الآن .. أكمل بيانك ..
    لم أكن في وضع يسمح لي بحالة من الصفاء الذهني والقدرة على تذكر ( اختلاساتي ) خلال تلك المدة .. قلت متمتماً :
    ـ لاأعرف .. ربما أكون قد نسيت شيئاً ما في جيبي .. فعبث به أطفالي في البيت ، ولم تعد تجدي إعادته إلى العمل ..
    ـ ها .. أنت تعترف إذاً .. هذا اختلاس وتخريب .. دوِّن ذلك ..
    ـ أنا لاأستطيع تدوين شيء هنا ..
    ـ أكتب أي شيء .. حدد له قيمة ما ..
    ـ قيمة ..!! ( يهمس لنفسه ) هي كلها أشياء ليست بذات قيمة .. أنا أرى الكثير منها في سلال المهملات ، في المكاتب المجاورة ..
    ـ بماذا تبربر ... ؟
    ـ لا.. لاشيء .. كنـت أحاول أن أتذكر ..
    امتلأت ورقة الإستجواب عن آخرها ، طلبوا مني أن أوقع في الجزء الأيسر من أسفلها ، اعترض محقق آخر :
    ـ بل خذ بصمة إبهامه الأيسر .
    وقعت وبصمت ، وأعلنت بصوت عالٍ :
    ـ أنا مقر باختلاساتي تلك ومسؤول عنها ، فافعلوا بي ماتشاؤون ..
    صاح كبيرهم :
    ـ هذا ليس من شأنك .. الأمر متروك لذوي الشأن ..
    في الزنزانة .. تذكرت أشياء أخرى ، طلبت ورقة كي أدونها فيها ، سخر مني السجانون المتعاقبون على حراستي ، صرخت بأعلى صوتي ، رق أحدهم لبحة الألم في صراخي :
    ـ لن يفيدك الأمر شيئاً ، لماذا لم تذكر ذلك في حينه ..؟ أمرك في يد القضاء الآن ..
    ـ هناك اختلاسات أخرى لم أذكرها في الإستجواب ..
    لاح برأسه ساخراً ، وتركني ..
    أدمنت الصراخ ـ الصمت ، وصلتني قهقهات السخرية من الممرات العفنة ، ولم يفعل أي كائن في هذا العالم شيئاً من أجلي ..
    مضى زمن ما ، لم يكن باستطاعتي معرفة مقداره أو تفاصيله ، كنت أنتظر فيه أن يحدث ذاك الشيء ..
    جاء في النهاية رجلان ، وضعا قيداً في معصمي ، سألت :
    ـ إلى أين ...؟ هل فرجت أخيراً ..؟
    ـ ( موشغلك )..
    أخرستني حدة الجواب ..
    دفعت إلى داخل قاعة المحكمة ، إلى زاوية فصلتني فيها قضبان حديدية عديدة متقاطعة عن تجمع بشري آخر .. عرفت بينهم بعض أهلي وأقاربي ..
    وبدأت أسمع أشياء كثيرة ..
    يقف كبير القضاة ، يعلن بعد مقدمة كرر فيها لائحة اتهامي :
    ـ حكم عليه بالسجن ....
    لم أسمع المدة ، ولم أسمع قيمة الغرامة ، لكنني عرفت أن قيمة تلك الأشياء التي وقعت وبصمت عليها في بيان الإستجواب كانت كبيرة جداً ، لاتغطيها قيمة مواسم الحنطة في حواكير قريتنا جميعها .
    بكى بعض الحضور واقتربوا مني ، عرفت وجوه ، وتجاهلت أخرى ..
    وفي اليوم التالي .. غطوا صفيحة طعامي ، وعلى غير العادة ، بقصاصة من صحيفة ، استطعت أن أرى صورتي فيها مقيد اليدين ، وقد كتب تحتها بخط أسود عريض :
    في إطار تفكيك شبكات الفساد في مؤسسات القطاع العام
    إنهاء قضية اختلاس كبيرة في البلد ...
    التعديل الأخير تم بواسطة ماهر هاشم القطريب; الساعة 29-03-2010, 22:50.
  • محمد فائق البرغوثي
    أديب وكاتب
    • 11-11-2008
    • 912

    #2
    رغم تداول الفكرة إلا أنها قصة جميلة ورائعة وسرد مشوق ونقد لاذع للمؤسسات الحكومية التي تلقي بأوساخها دوما على موظفيها الصغار.

    ( دون ذلك ) .. متلازمة أضفت جمالا وسخرية جميلة على النص .

    أخي العزيز ماهر القطريب ، الشاعر ، والمسرحي الجميل ، أنت قاص جميل متمكن من أدواتك ، تكتب النصوص بلغة منسابة تشد القارئ حتى الحرف الأخير . دوّن ذلك .. وكن متأكدا منه

    تحيتي لك
    [align=center]

    العشق
    حالة انطلاق تخشى الاصطدام بأواني المطبخ.


    [/align]

    تعليق

    • ماهر هاشم القطريب
      شاعر ومسرحي
      • 22-03-2009
      • 578

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة محمد فائق البرغوثي مشاهدة المشاركة
      رغم تداول الفكرة إلا أنها قصة جميلة ورائعة وسرد مشوق ونقد لاذع للمؤسسات الحكومية التي تلقي بأوساخها دوما على موظفيها الصغار.

      ( دون ذلك ) .. متلازمة أضفت جمالا وسخرية جميلة على النص .

      أخي العزيز ماهر القطريب ، الشاعر ، والمسرحي الجميل ، أنت قاص جميل متمكن من أدواتك ، تكتب النصوص بلغة منسابة تشد القارئ حتى الحرف الأخير . دوّن ذلك .. وكن متأكدا منه

      تحيتي لك

      الاديب محمد البرغوثي
      اشكرك لمرورك الجميل ويسعدني رايك بهذه القصة
      لكن احب ان الفت انتباهك الى ان القصة هي للاديب محمد عزوز
      وانا احببت ان اضمها الى هذا الركن القصصي الجميل
      والاديب القاص محمد عزوز هو من اعلام القصة القصيرة في سورية
      له اربع مجموعات قصصية كان اخرها ( حروف الدمع )الذي صدر حديثا عن دار بعل للطباعة والنشر بدمشق وله العديد من الدراسات الادبية والنقدية بالصحف الدورية بسورية هذه لمحة عن اديبنا محمد عزوز المبدع ارجو ان اكون قد وفقت باختيار القصة وايصال لمحة عنه وعن ادبه الراقي وارجو ان نجده قريبا كعضو في هذا المنتدى الجميل
      تحياتي
      ماهر قطريب
      سورية
      التعديل الأخير تم بواسطة ماهر هاشم القطريب; الساعة 29-03-2010, 22:47.

      تعليق

      • محمد عزوز
        عضو الملتقى
        • 30-03-2010
        • 150

        #4
        كل الشكر لكم

        أسعدتم مساء
        وكان لي شرف التسجيل بهذا الملتقى
        وهذه أول كلماتي
        سأشكر أولاً إدارة الملتقى على هذا التنوع الجميل
        وأشكر ثانياً صديقي الشاعر الجميل ماهر القطريب على اختياره لهذه القصة لي
        ونشرها في هذا القسم .
        أنت سباق دائماً أخي ماهر..
        وشكراً للأستاذ محمد البرغوثي على مابين من رأي
        سأكون معكم على الدوام
        محبتي للجميع

        تعليق

        • عائده محمد نادر
          عضو الملتقى
          • 18-10-2008
          • 12843

          #5
          مشاركة مكررة أعتذر منكم جميعا
          الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

          تعليق

          • عائده محمد نادر
            عضو الملتقى
            • 18-10-2008
            • 12843

            #6
            أعتذر من الجميع هذه مشاركة مكررة
            حاسوبي المجنون سيدخلني مستشفى المجانين
            الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

            تعليق

            • عائده محمد نادر
              عضو الملتقى
              • 18-10-2008
              • 12843

              #7
              الزميل القدير
              ماهر هاشم القطريب
              القاص الرائع المبدع
              ماهر عزوز
              نص أقل مايقال عنه أنه رائع
              أيمكن للظلم أن يصل لهذا المدى
              أي قهر هذا الذي أصاب هذا الأنسان بإنسانيته وخدش كرامته وجرح كبرياء مواطن أبسط حق له أن يتمتع بحقوقه كمواطن شريف
              لا أدري ما الذي أصابني وأنا أقرأ النص
              أحسست بأن شيئا ما بداخلي تزلزل وغصة في حلقي أوجعتني
              نص يستحق النجوم يستحق الذهبية يستحق القراءة والوقوف عنده
              أرجو من الزميل القدير ماهر عزوز أن يمر على بعض النصوص ويعطي رأيه ورؤيته حولها وذلك من شأنه أن يفيد الكثير من الزميلات والزملاء لأن مقدرته كبيرة وستعين في تنمية المواهب
              تحياتي ومودتي وألف هلا وغلا بكما
              باقة جوري عراقية لكما
              الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

              تعليق

              • محمد عزوز
                عضو الملتقى
                • 30-03-2010
                • 150

                #8
                جاهز أيها الأصدقاء

                المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                الزميل القدير
                ماهر هاشم القطريب
                القاص الرائع المبدع
                ماهر عزوز
                نص أقل مايقال عنه أنه رائع
                أيمكن للظلم أن يصل لهذا المدى
                أي قهر هذا الذي أصاب هذا الأنسان بإنسانيته وخدش كرامته وجرح كبرياء مواطن أبسط حق له أن يتمتع بحقوقه كمواطن شريف
                لا أدري ما الذي أصابني وأنا أقرأ النص
                أحسست بأن شيئا ما بداخلي تزلزل وغصة في حلقي أوجعتني
                نص يستحق النجوم يستحق الذهبية يستحق القراءة والوقوف عنده
                أرجو من الزميل القدير ماهر عزوز أن يمر على بعض النصوص ويعطي رأيه ورؤيته حولها وذلك من شأنه أن يفيد الكثير من الزميلات والزملاء لأن مقدرته كبيرة وستعين في تنمية المواهب
                تحياتي ومودتي وألف هلا وغلا بكما
                باقة جوري عراقية لكما
                الأخت الكريمة عائدة محمد نادر
                أشكر لك هذا الرأي الحصيف
                وسأعذر تداخل الأسماء عندك
                القاص صاحب القصة هو أنا صاحب هذه الكلمات وإسمي ( محمد عزوز )
                وليس ماهر عزوز والإشكالية جاءت أن صديقي ماهر القطريب هو من نشر القصة لي ..
                سأكون معكم على الدوام
                وشكراً لورودك العطرة
                القاص محمد عزوز

                تعليق

                • ماهر هاشم القطريب
                  شاعر ومسرحي
                  • 22-03-2009
                  • 578

                  #9
                  [align=center]
                  لجميع الاحبة اعود واكرر شكري الجزيل لمرورهم على تلك القصة الرائعة
                  والفت انتباه الاخوة الادباء ان القصة هي لاستاذنا الكبير القاص محمد عزوز وانا مجرد ناقل لهذه القصة اليكم لااكثر
                  تحياتي للجميع واشكر الاديب محمد عزوز لتلبية الدعوة بالانضمام لقافلة الادباء ههنا فوجوده بيننا يغني ساحتنا بالادب الراقي كما اعتدت ان اقراه في جميع قصصه
                  شكرا لكم احبتي وشكرا استاذ محمد
                  ماهر
                  [/align]
                  التعديل الأخير تم بواسطة ماهر هاشم القطريب; الساعة 30-03-2010, 21:17.

                  تعليق

                  • عائده محمد نادر
                    عضو الملتقى
                    • 18-10-2008
                    • 12843

                    #10
                    الزميل القدير
                    محمد عزوز
                    الزميل القدير
                    ماهر هاشم قطريب
                    أحببت أن ألفت انتباهكم إلى أن هناك مسابقة لترشيح نصا ذهبيا في كل شهر وأنه بإمكان الكاتب ان يرشح أي نص يراه مناسبا للقصة الذهبية على أن لا يكون نصه
                    شكرا جزيلا لتفاعلكم
                    تحياتي ومودتي
                    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                    تعليق

                    يعمل...
                    X