قراءة في كتيِّب [ جراحة الأفكار] للأستاذ حسين ليشوري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نجيةيوسف
    أديب وكاتب
    • 27-10-2008
    • 2682

    قراءة في كتيِّب [ جراحة الأفكار] للأستاذ حسين ليشوري

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    أقدم قراءتي هذه إلى أستاذي حسين ليشوري ردا على هديته الكريمة حين أحالني لقراءة موضوعه :



    ****************

    وإنني لأبدأ قائلة ما أنا في هذه القراءة إلا طويلبة علم تتلمذ على أيدي أساتذة لهم الحق كل الحق في النقد والتوجيه . وعذرا إن جاء في قراءتي هذه خلل أو قصور .

    ************************



    القراءة :




    إن أول ما لفت انتباهي في دراسته هذه مقدمتها والسبب فيها ، وهو ما يراه القارئ نتاجا لحالة التزام فكري وأدبي يربط بين الكاتب ووطنه ، وقد لا أقصد مفهوم الوطن الخاص بقدر ما أقصد من مفهوم وطن يجمع بين المرء ومحيطه ومعتقده في بوتقة واحدة ، وطن الجسد ووطن العقيدة والفكر . لنرى أنفسنا وقد ولجنا إلى عالم المسؤولية نحو ما نعيش من أحداث وتأثيرها الفكري والاجتماعي بل وفي صبغ الحراك السياسي لمن وقعت عليهم وهذا الحراك الذي يُنظر إليه بعين الريبة من المتنفذين وأرباب السلطان ليقفوا من بعد في وجه ذلك الحراك إذا كان غير منضوٍ تحت راياتهم .
    من هنا وجدناه يبدأ بحثه قائلا :

    ولا بد لفهم مقاصد هذه المقدمة من استحضار ظروف سنوات الجمر التي عشناها - نحن الجزائريين - في التسعينيات و التي لا نزال نعاني مخلفاتها حتى اليوم ولا تزال عقابيلها بادية للعيان، و من ثم ندرك أهمية البحث في مثل هذا الموضوع و نفهم ملابساته في تلك الفترة العصيبة من حاضر الجزائر!

    ***********

    يظل الوطن هو ما يستوطننا فكرا وعاطفة ونظل باحثين عن هوية له قادرة على أن تنافس هؤلاء الذين بسطوا علينا عباءة وجودهم ،هوية تجعلنا قادرين على التأثير الفاعل بذات القدر على التأثر الملغي ، ويستحضرني هنا مقولة الكاتب نفسه التي يرددها في كثير من مداخلاته وردوده :
    [ دمت على التواصل الذي يُغني و لا يُلغي. ]

    وإذا ما تجاوزنا هذه المقدمة التي بنى عليها بحثه إلى متابعة عناصر البحث وجدناه يقوم على :

    استعارة الفكرة ـ جراحة الأفكار ـ من المحسوس وتطبيقها على المعنوي حين جعل من الأفكار جسوما يمكن إخضاعها للرؤية و اللمس و الجس و من ثم إجراء العمليات الجراحية التصحيحية عليها ـ كما قال ـ
    وقد فصل لنا فكرة بحثه القائمة على :
    الموضوع : الإنسان،
    المادة : الأفكار
    الكيفية والوسيلة : الإقناع بقوة الحجة و ليس بحجة القوة، و السلوك الحسن و النصيحة بالحسنى و غيرها من وسائل التأثير الهادئ الهادف الهادي .
    متى وأين : يقدران حسب ملابساتهما و يحددان وفق الوسائل المتوفرة
    المنفذون : الأشخاص الذين يستشعرون في أنفسهم واجب النصح لإخوانهم
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    أما الأفكار التي هي مجال بحثه فهو يرى :

    ضرورة معالجة الأفكار السقيمةبالخطوات التي تقتضيها الحالات المرضية كلها مستفيدين في ذلك بالتقنيات و الممارسات و حتى لغة الاختصاص التي يستعملها الأطباء والصيادلة و الجراحون في معالجة الأسقام و الأورام و الخلال
    ولم لا والحروب الدولية و الأهلية و النزاعات الطائفية و الخلافات المذهبية من أصل فكرة أو أفكار مريضة سقيمة عليلة يحملها شخص أو مجموعة أشخاص ثم يفرضونها على الباقين من قومهم أو على العالمين بالقوة .

    وهو يرجع عدم اللجوء إلى معالجة هذه الأفكار إلى أسباب ثلاث :

    1. إننا لا نستشعر في أنفسنا الآلام الفكرية كما نشعر بآلامنا الجسمية.
    2. الحياء من إظهار جهلنا معتبرا إياه مرضا آخر
    3. الجهل بطرائق العلاج الفعالة .


    وقد أضافت إليها الأخت رزان محمد سببا أراه وجيها ألا وهو [ الكِبْر ] الذي يدعو إلى مجانبة الصواب والتعصب إلى الذات مُذكِّرا إياي هذا الرأي بموقف كبار كفار قريش من دعوة محمد صلى الله عليه وسلم برغم اقتناعهم بصدق نبوته .
    وأضيف إلى ذلك سببا يكمن في أولئك ممن يعلمون فداحة المعضلة وعظم أمرها ألا وهو :
    استطابتهم بقاء هذه الأفكار بل ودفعهم لتفاقم خطرها وذلك لأجل منفعة تجلبها لهم ، سواء كانت مادية أو اجتماعية . وذلك كما رأيت من خلال تجاربي أطباء خَلوا من كل صفة المروءة والنزاهة حين يعطون المريض مسكنا لا يشفي ولا يغني ، ليظل البقرة التي يحلبون كلما تردد عليهم وعاد شاكيا إليهم .

    العلاج :

    أولا :
    الاستشعار بآلام الجهل أولا و إلا لما أجدى العلاج
    ثانيا :
    الجلوس إلى العلماء في المساجد – لتسترجع هذه المساجد دورها و مهامها و مكانتها في المجتمع كما كانت قبلا في العصور الذهبية : عصر النبوة و عصر الخلافة الراشدة... فتكون بمثابة المصحات
    إذاً ، هو يرى أن الطب هو الدين والطبيب هو العالم فيه بحق . ولكنه يحذر من الحكم بالإعدام الفعلي أو المعنوي على مخالف لنا في الرأي أو مناقض لنا في الاتجاه .

    أي أنه يشترط فيه التعامل حسب القاعدة التي وضعها الدين نفسه للخطاب مع الآخر حين قال تعالى ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة )

    لأن سوى ذلك من النفي للآخر كفيل بتنفير غير المسلم فضلا عن تنفير المسلمين أنفسهم عن إسلامهم . بسبب العنف وقسوة التعامل ممن يلبسون مسوح الدين وتصرفون باسمه .

    ثالثا :

    استعمال (الجراحة التجميلية) لتجميل الأفكار الشوهاء و تحسين الآراء البلهاء و تصحيح التصورات الحمقاء.
    أي حسن التعامل مع الفكرة وتشذيبها لتتلاءم مع فكرنا الصحيح القويم ، بدلا من محاربتها ونفيها .


    رابعا :

    معرفة الظروف و الملابسات التي أحاطت بالمريض – وهو هنا صاحب الفكر السقيم – حتى صار في حالته تلك ولابد من معرفة ما مدى الإصابة من علاماتها (Symptômes) حتى نصف العلاج الملائم لا أقل ولا أكثر، لا أقل حتى لا نسهم في إطالة الحالة المرضية فتتدهور، ولا أكثر حتى لا نهلك المريض بالدواء (؟!) فنزيده سقما على سقم

    خامسا :

    التشخيص الصحيح الصائب .

    [ و كذلك بعض الدعاة يضلون في تشخيص الداء فيهلكون المدعوين من حيث لا يشعرون وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا وكم ضيع "حسن النية ‍‍‌‍‍‍" من الناس و كم علق عليه من أخطاء كأنه مشجب (علاقة ملابس) بحق و بباطل ]


    **************

    الخاتمة :

    زينها بعنوان الأمل


    مقررا أن [ لا فرق بين "الإسلام الفقهي" أو "الإسلام التعبدي" و "الإسلام السياسي" فالإسلام كتلة واحدة لا تتجزأ و لا تُحلل حسب الأهواء و الرغبات ]
    مرجعا سبب فشل المشروع السياسي الإسلامي إلى قصور العاملين في حقل الدعوة الإسلامية من جهة ومكر الأعداء ودهائهم الذي أرهب الساسة المسلمين ونفرهم منه من جهة ثانية .

    وأختم قراءتي بعبارته هو حين قال :

    نعم، إننا نحتاج في ممارسة الدعوة إلى الإسلام لدعاة تتوفر فيهم صفات ثلاث: حكمة الطبيب العالم و دقة الصيدلاني الحاذق وثبات الجراح الماهر ولو نقصت صفة من هذه الصفات في الداعية لكان ناقصا بقدر ما نقص منها فيه!


    ****************

    كل التحية خالصة لأستاذي الكريم ، لائقة بجهده مقدرة لطيب نيته ، وعظيم صدقه نحو دينه وأمته .




    __________________



    sigpic


    كلماتنا أرواحنا تهمي على السطر
  • حسين ليشوري
    طويلب علم، مستشار أدبي.
    • 06-12-2008
    • 8016

    #2
    أول الغيث قطر ثم ينهمر.

    الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصّالحات.


    لقد طال انتظاري لقارئ أو قارئة يهتم بتحليل مقالتي/الكتيب "جراحة الأفكار بين المدارسة و الممارسة، مقدمة في التغيير السلمي" فيمنحها ما تستحق من عناية فتعمم حتى كاد اليأس يقضي على أملي في أن سيأتي يوم يتكرم فيه أحد القراء فيحقق لي بعض أملي إن لم يكن كله و هو ظهور دراسة تشريحية موسعة للموضوع ثم تبني المشروع، لأنني أحلم بشروع كبير ينظّر للجراحة التي أطمح في التنظير لها، جراحة الأفكار، وما أصعبها من جراحها و ما أمتعها من مهنة و ما أطمحه من مشروع !
    ثم جاءت قراءة السيدة نجية يوسف الفلسطينية تحلل فكرة "الحالم" الجزائري :
    "قراءة في كتيِّب [ جراحة الأفكار] للأستاذ حسين ليشوري"
    فجاءت كأوّل الغيث، و أول الغيث قطر ثم ينهمر، و إني لأرجو أن ينهمر الغيث عسانا نغاث ونغيث !!!
    إن أسوأ ما يصيب المشاريع الطموحة أن يتجاهلها الناس فلا يقرأونها فضلا عن أن ينقدوها، و إن مشروع "جراحة الأفكار" لمما نحن في أمس الحاجة إليه لتجاوز كثير من خلافاتنا التي لم تكن لتحدث لو عرفنا "جراحة الأفكار" و طبقناها في حواراتنا المختلفة.
    إنني لعاجز عن التعبير عن شكري للأستاذة الفاضلة نجية يوسف على ما تفضلت به من قراءة تفصيلية فحاولت إبراز معالم الموضوع كان بعض إخوتي هنا قد سبقوها مشكورين بالمرور والتعليق عليها.
    سيدتي الفاضلة نجية يوسف قد سرني أنك نشرت قراءتك في هذا الفضاء، فضاء النقد الأدبي وعند أخينا الأستاذ القدير صادق حمزة منذر عسى أن يتكرم الإخوة الزوار فيثروا الموضوع بقراءاتهم و نقدهم.
    تحيتي و تقديري و امتناني.
    حُسين.
    sigpic
    (رسم نور الدين محساس)
    (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

    "القلم المعاند"
    (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
    "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
    و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

    تعليق

    • نجيةيوسف
      أديب وكاتب
      • 27-10-2008
      • 2682

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة حسين ليشوري مشاهدة المشاركة
      الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصّالحات.



      لقد طال انتظاري لقارئ أو قارئة يهتم بتحليل مقالتي/الكتيب "جراحة الأفكار بين المدارسة و الممارسة، مقدمة في التغيير السلمي" فيمنحها ما تستحق من عناية

      *
      *
      *

      ثم جاءت قراءة السيدة نجية يوسف الفلسطينية تحلل فكرة "الحالم" الجزائري :

      "قراءة في كتيِّب [ جراحة الأفكار] للأستاذ حسين ليشوري"
      فجاءت كأوّل الغيث، و أول الغيث قطر ثم ينهمر، و إني لأرجو أن ينهمر الغيث عسانا نغاث ونغيث !!!


      إن أسوأ ما يصيب المشاريع الطموحة أن يتجاهلها الناس فلا يقرأونها فضلا عن أن ينقدوها، و إن مشروع "جراحة الأفكار" لمما نحن في أمس الحاجة إليه لتجاوز كثير من خلافاتنا التي لم تكن لتحدث لو عرفنا "جراحة الأفكار" و طبقناها في حواراتنا المختلفة.

      صدقت يا أستاذي ، ما أصعب هذا التجاهل على المرء !!!!

      وعسى الله أن يقيض لهذه الأمة من العقول ما يهبها نور اليقين ويسقي قلوب أهلها حب العلم ، ويقيض جهودهم في الخير .


      [align=center]
      وإني معك يا أستاذي من المنتظرين ،وكم أحس بانتماء كبير لكل كلمة سجلتَها في بحثك ، وصلة كبرى تربطني بهذا الكتيب الرائع .


      وإنني لسعيدة بما أدخلتْه قراءتي المتواضعة على نفسك من سرور . عسى الله أن تكمل فرحتك بما يرضيك في بحثك هذا .


      وفقك الله وحفظ عليك نعيم العافية .



      دم بخير أبدا
      [/align]


      sigpic


      كلماتنا أرواحنا تهمي على السطر

      تعليق

      • محمد يوب
        أديب وكاتب
        • 30-05-2010
        • 296

        #4
        كنت مبدعة في اختيار الكتيب و في التحليل وأعجبني بالخصوص هذا المقطع.
        استعمال (الجراحة التجميلية) لتجميل الأفكار الشوهاء و تحسين الآراء البلهاء و تصحيح التصورات الحمقاء.
        أي حسن التعامل مع الفكرة وتشذيبها لتتلاءم مع فكرنا الصحيح القويم ، بدلا من محاربتها ونفيها .

        تعليق

        • نجيةيوسف
          أديب وكاتب
          • 27-10-2008
          • 2682

          #5
          [frame="15 98"]
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

          أستاذي الكريم محمد يوب

          كل التقدير الذي تزينه فرحة النفس بهذا الحضور ، إلى صفحة عزيزة على نفسي ، لا لما كتبته أنا ـ وإن كنت أحب ذاتي كثيرا وأحب حرفي ـ

          وهذا اعتراف أسوقه ولا يخرج إلى كِبْر بقدر ما يخرج إلى أصلِ ما رُكب فينا حينما يغدو حرفنا قطعة من أرواحنا يهمي على السطر .

          نعم أحب هذا الموضوع لارتباط فكري به شدني إليه ، وجعلني أخرج من نطاق الذاتية المحضة في كتاباتي إلى أفق الفكر الأرحب الأشمل .

          وإنني إذ وصلتُ إلى هنا لأسجل بكل التقدير أيضا تحيتي التي تليق بأستاذي حسين ليشوري صاحب هذا الكتيّب الجميل .


          لك وله كل معاني التقدير

          ودم بخير أبدا

          [/frame]


          sigpic


          كلماتنا أرواحنا تهمي على السطر

          تعليق

          يعمل...
          X