كان يا ما كان في حديث الزمان حتى كان..
أبي أسطورة إغريقية في زمن التيكنولوجيا..
ألف كتابا من ثلاث كلمات:
"العصر الجاهلي الثالث".
لم أقرأه لأفيد الإنسان بمحتواه..
أذكر جيدا فقط هذا اليوم الذي كتبه..
لقد كتبه بدمه، بريشة حمامة بيضاء..
التي تساءل عنها المعري:
أبكت تلكم الحمامة أم غنـ *** ت على فرع غصنها المياد؟
ومنذ ذلك الحين إلى يومنا هذا، لم يجبه أحد!
فتطوعت اليوم بعد كل أعوام الجاهلية.. لأجيبه:
لا أدري لقد تشابه في سمعـ *** ي عويل ثكلى ولحن الشّادي!
لقد مات أبي!..
وانتهت الأسطورة الإغريقية..
وبينما أنا جد أتفرج وسط أحفادي على تلفاز العصر..
شاهدنا مبارة تكريم أبي..
إلا أنه لم يظهر فيه في حياته ولو هنيهة، ولو من المارة..
وكم افتخر الجمع باسمه، وبمنجزاته التي لم يقرأها أحد!
وكل الأوصاف الجميلة، المحمودة قد وصفوه بها تلك الليلة..
أوّاه! لقد شهدوا له حتى باستحقاق جائزة نوفل..
وبينما كان أحفادي يهللون، يرقصون، وكم اعتلت قلوبهم فرحة لا توصف..
كان قلبي يبكي في صمت..
لأني كنت أرى تكريم الأموات من مساحيق تجاعيد الضمير..
بينما أحفادي كانوا يروه مجدا وفخرا.. لأسطورة إغريقية..
خرجت من حشد الأحفاد، وسرت في الطريق..
كان الظلام معظم ما يسود الطريق..
وكان العشب إذا وطأته قدماي يلحقني..
والظل يلاحقني أينما ارتحلت.. حتى في الظلام الدامس!
كنت فقط أبحث أين أدفن كتاب أبي..
لكن، العقل الثاني كان يخاطبني بحرقه.. مثلما تحرق الهنود أمواتهم..
فاشتد الصراع بين العقلين، أيهما الرأي الصائب؟
والحمد لله الذي كان لي العقل الثالث!
........................
بقلم: محمد معمري
أبي أسطورة إغريقية في زمن التيكنولوجيا..
ألف كتابا من ثلاث كلمات:
"العصر الجاهلي الثالث".
لم أقرأه لأفيد الإنسان بمحتواه..
أذكر جيدا فقط هذا اليوم الذي كتبه..
لقد كتبه بدمه، بريشة حمامة بيضاء..
التي تساءل عنها المعري:
أبكت تلكم الحمامة أم غنـ *** ت على فرع غصنها المياد؟
ومنذ ذلك الحين إلى يومنا هذا، لم يجبه أحد!
فتطوعت اليوم بعد كل أعوام الجاهلية.. لأجيبه:
لا أدري لقد تشابه في سمعـ *** ي عويل ثكلى ولحن الشّادي!
لقد مات أبي!..
وانتهت الأسطورة الإغريقية..
وبينما أنا جد أتفرج وسط أحفادي على تلفاز العصر..
شاهدنا مبارة تكريم أبي..
إلا أنه لم يظهر فيه في حياته ولو هنيهة، ولو من المارة..
وكم افتخر الجمع باسمه، وبمنجزاته التي لم يقرأها أحد!
وكل الأوصاف الجميلة، المحمودة قد وصفوه بها تلك الليلة..
أوّاه! لقد شهدوا له حتى باستحقاق جائزة نوفل..
وبينما كان أحفادي يهللون، يرقصون، وكم اعتلت قلوبهم فرحة لا توصف..
كان قلبي يبكي في صمت..
لأني كنت أرى تكريم الأموات من مساحيق تجاعيد الضمير..
بينما أحفادي كانوا يروه مجدا وفخرا.. لأسطورة إغريقية..
خرجت من حشد الأحفاد، وسرت في الطريق..
كان الظلام معظم ما يسود الطريق..
وكان العشب إذا وطأته قدماي يلحقني..
والظل يلاحقني أينما ارتحلت.. حتى في الظلام الدامس!
كنت فقط أبحث أين أدفن كتاب أبي..
لكن، العقل الثاني كان يخاطبني بحرقه.. مثلما تحرق الهنود أمواتهم..
فاشتد الصراع بين العقلين، أيهما الرأي الصائب؟
والحمد لله الذي كان لي العقل الثالث!
........................
بقلم: محمد معمري