شعوب الأمة الواحدة في بؤس وشتات بسبب صراعات هامشية تقودها أنظمة وحكام وعصابات لا تبحث عن مصير شعوبها ولا تؤمن بوحدتها ولا تريد سوى مصالحها الظرفية الآنية، من مناصب سياسية وامتيازات، وتربّى النشئ على هذه الأنانية ونشأت أجيال. وأما الصراعات التي تدور بين شعوب الأمة الواحدة فألقت بظلالها وحلّت كلعنة انعكست على الأوطان المتناحرة فزاد في حدّة معانات الأفراد، معاناة مع أنظمة وحكام وعصابات "مافيوزية" لا تقبل بالتداول على الحكم. وبالتالي فإن الاستبداد هو السبب الرّئيس في كل مظاهر البؤس التي باتت تُميّزهم في هذه الأوطان المتناحرة. وللتذكير فإنه كلما خرجت جموع الشباب تطالب بالتغيير، من خلال مظاهرات عفوية وسلمية، وجدوا في طريقهم من يسومهم سوء العذاب، فيستقبلونهم تارة بالغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه، وتارة أخرى بالذخيرة الحية. ولكي نعرف طبيعة الصراع القائم بين شعوب الأمة الواحدة، هو صراع تغذّيه المصالح الآنية والتنافس على الثروات، والشعوب هي من تتسدّد الثمن باهضا في الأخير.ما يحدث في ليبيا كغيره من الصراعات التي تعرفها المنطقة والبلاد العربية ككل. سببه النّفط الذي أمسى لعنة على أصحاب الديار المغبونين في وطنهم، المحرومين منه ومن خيرات الوطن الوفيرة. صراع مصالح بين تركيا وقطر من جهة ومحور الشر تتزعّمه فرنسا وايطاليا المتخاصمتين على المستعمرة القديمة، وتساهم في تأجيجه كل من مصر والامارات.
ماذا تفعل تركيا وقطر في ليبيا؟
تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية بتوجه إسلامي بقيادة (اردوغان):
يتعرّض حزب العدالة والتنمية برئاسة (اردوغان) لحملات شرسة من طرف الغرب خاصّة، لأن النظام القائم في تركيا بتوجّهاته التي تخالف مبادئ الدولة اللاّدينية التي أسّسها (أتاتورك) على أنقاض الخلافة العثمانية، يشكّل خطرا على مصالح الغرب الليبرالي.وأما قطر، فإن المشكلة سببها التنافس على الريادة بينها وبين جيرانها الخليجيين في شبه الجزيرة، وقد ساهمت قناة الجزيرة بالذّات في تأجيج صراع بلغ ذروته. تولّد من رحم معاناة الدولتين من هذا الحصار تحالف استراتيجي تم تجسيده في المشاريع والصفقات التي أبرمت بين كلا الطرفين وكذا الدعم العسكري واللوجستي الذي قدّمته تركيا لقطر.وفي المقابل، انعكس هذا الصراع على بقية الدول في العالم وفي المنطقة العربية على وجه الخصوص، فإما معي أو أنّك ضدّي والقاعدة معروفة منذ الأزل، لذلك فمن الطبيعي جدا أن تبحث كل من تركيا وقطر على حلفاء آخرين لها، في كل أنحاء العالم وليس فقط في المنطقة، لفك الحصار. وهو ما تفعله جميع الأنظمة التي تريد أن تحصّن نفسها ضد الأعداء في الداخل و الخارج. وأما عن بقية الأنظمة العربية الأخرى، فالمصالح التي تربط بين الملوك وغيرهم من رموز وعصابات داخل الأنظمة المستبدّة التي تخضع، بطريقة أو بأخرى، لسيطرة الأجهزة الأمنية والعسكرية، فهي تقوم على مبدأ احتكار السلطة، ولاترعى مصالح شعوبها بالدرجة الأولى.
نتابع ما يجري للأمّة وما يتعرّض له إخواننا في العقيدة من صراعات هامشية في الدّاخل، ومن حقد وكراهية في بلدان الشر والشرك والكفر ، مثل ما يحدث لهم الآن في الشرق والغرب من طرف النصارى والبوذيين وغيرهم ممّن تجرّدوا من كل الصفات البشرية، من مشاهد مأساوية يكابد الإعلام الحر من أجل تصويرها وإخراجها للعلن، ينما ننظر إليها ونحن سامدون، ونكتفيبمجرّد تصريحات جوفاء تدين وتستنكر، تصدر بصورة آلية، على مضض، من جهات رسمية لا تعكس المشاعر الحقيقية التي يجب أن تربطنا بهؤلاء المستضعفين وهم يتعرّضون لأبشع أنواع الظلم والاضطهاد من طرف منظّمات يمينية متطرّفة وأنظمة حاقدة تتعامل معهم بخلفية وعرقية مقيتة. وما يزيد في أسفنا وحرقتنا هو تعاملنا الوارف مع أنظمة هذه الدول الجائرة، مثل الصين والهند وغيرها، ودعمنا لها بكل الوسائل و الطرق ، و تزاحمنا على أسواقها وبضائعها ونقتني منتجاتها التي نقوم باستيرادها بالعملة الصّعبة دون حياء أو خجل. ونحن بذلك نوجّه رسالة سلبية إلى العالم كي يزيد في حقارته لنا. ولم يكن هذا الذي يحدث للأمّة الجريحة مجرّد عارض، بل هو نتيجة عوامل منطقية. وأما حالة التشرذم والنزاعات التي أثّرت على العلاقات، سببه أنظمة هجينة تم فُرضها عنوة لتثير الخلافات والحروب والفتن بين شعوب الأمّة الواحدة؛ هذا اشتراكي شيوعي وذاك تقدّمي، وهذا ليبرالي علماني متفتّح وذاك محافظ… فاضمحلّ الوازع الروحي وذهبت ريحنا كيوم أُحد، وتُهنا كما تاه بنو إسرائيل من قبل فضلّوا السبيل. وطغت النزعة القومية على الوازع الديني، وتعدّدت اللهجات المحلّية، فانتصرت اللّغات الأجنبية على لغة الضّاد الجميلة. وظهرت النعرات التي أذكاها الاستعمار بسياساته الخبيثة من قبل، حين تعرّضت الأمة لغزوه الصّليبي، والذي قطّع أمشاجها دون أيّة رحمة أو شفقة. ولم يشف غليله، وراح يحرّض عليها مختلف الأجناس لتنتقم، ويكأنّها الأخرى لها حساب قديم معنا. وتم غزو أفغانستان والعراق بمبررات وتُهم واهية، جائرة. وخرّبوا أطراف البلاد، وقتلوا العباد بدواعٍ أمنية. والأدهى والأمر أن الذي ساهم في هذا الغزو الهمجي الشنيع بعض أنظمة عربية وإسلامية قامت بتهيئة الأجواء وتعبيد الطريق لملاحدة العالم وأشراره كي يقضوا على نخوة تبقّّت في بلاد المعتصم. وقدّموا بلاد الرّافدين مهد الحضارات الإنسانية لقطعان المجوس الذين لم يتوانوا في إشعال نيرانهم في مغاور أصحاب الأرض الطيّبين، ومارسوا عليهم أنواع الطقوس الغريبة على تعاليم ديننا الحنيف. هذا حال إخواننا في العراق، ثم جاء الدور من بعده على سوريا فتفنّنوا في القتل بأنواع الأسلحة و البراميل التي يلقونها على رؤوس الأحياء دون هوادة، والعالم يتلهّى بجثث القتلى المستخرجة من تحت الأنقاض، ويكأنّها مجرد أفلام للتسلية. ومنها عبروا إلى اليمن السعيد، وحذفوا الابتسامة من وجوه الأبرياء، و استثمروا فيه العائدات والأرباح التي جنوها من النّفط اللّعين، ونشروا الذّعر والرّعب والتفرقة بين أهاليه حتى غدا اليمن كئيبا ولم يعد سعيدا كما كان. فماذا عن ليبيا؟
ماذا تفعل تركيا وقطر في ليبيا؟
تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية بتوجه إسلامي بقيادة (اردوغان):
يتعرّض حزب العدالة والتنمية برئاسة (اردوغان) لحملات شرسة من طرف الغرب خاصّة، لأن النظام القائم في تركيا بتوجّهاته التي تخالف مبادئ الدولة اللاّدينية التي أسّسها (أتاتورك) على أنقاض الخلافة العثمانية، يشكّل خطرا على مصالح الغرب الليبرالي.وأما قطر، فإن المشكلة سببها التنافس على الريادة بينها وبين جيرانها الخليجيين في شبه الجزيرة، وقد ساهمت قناة الجزيرة بالذّات في تأجيج صراع بلغ ذروته. تولّد من رحم معاناة الدولتين من هذا الحصار تحالف استراتيجي تم تجسيده في المشاريع والصفقات التي أبرمت بين كلا الطرفين وكذا الدعم العسكري واللوجستي الذي قدّمته تركيا لقطر.وفي المقابل، انعكس هذا الصراع على بقية الدول في العالم وفي المنطقة العربية على وجه الخصوص، فإما معي أو أنّك ضدّي والقاعدة معروفة منذ الأزل، لذلك فمن الطبيعي جدا أن تبحث كل من تركيا وقطر على حلفاء آخرين لها، في كل أنحاء العالم وليس فقط في المنطقة، لفك الحصار. وهو ما تفعله جميع الأنظمة التي تريد أن تحصّن نفسها ضد الأعداء في الداخل و الخارج. وأما عن بقية الأنظمة العربية الأخرى، فالمصالح التي تربط بين الملوك وغيرهم من رموز وعصابات داخل الأنظمة المستبدّة التي تخضع، بطريقة أو بأخرى، لسيطرة الأجهزة الأمنية والعسكرية، فهي تقوم على مبدأ احتكار السلطة، ولاترعى مصالح شعوبها بالدرجة الأولى.