عند الأصيل أعد قهوة معتقة شديدة السواد بطعم الأيام الخوالي ؛ سكّرها بما يكفي حتى استوى طعمها على مقاس ذوقه ثم ارتشف جرعات متتالية كأنه يسابق الزمن . لملم خيوط الحكاية في ذاكرته كي لا تنفلت من قبضة النسيان . تذكر الاستهلال في بهو الفرجة ؛ وكيف تكون النهاية مغرية لشوق الحشود؛ ومرتادي الحلقة ؛ ومريدي الفرجة كما في سالف الأزمان؛ قبل أن تعتصر العولمة مكانه الفسيح؛ وتخنق أنفاسه لصالح مرتادي ساحة "جامع الفنا " المتعطشين لملء البطون بما لذ وطاب ؛ وتصبح الموائد والكراسي مدافع يرتجف قلبه لمنظرها المخيف .
جمع أغراضه في كيس يسع ملاءة طالها البلى ؛ وكرسيا صغيرا من خشب . مقعده مصنوع من ورق دوم مفتول يغري بالجلوس عند الركون للراحة .
حمله وشق طريقه نحو الساحة ؛ لم يكن يصدق ما يرى فضاء شاسع ينعم بهدوء مطبق كما لو صم أذنيه عن ضجيج المقاهي ؛و فرك عينيه من غشاوة الأدخنة ....
تقاطرت على الحكواتي الأسئلة كصواعق الليل البهيم ، واكتوى بنارها لماذا في مثل هذا الوقت البهيج طويت الموائد المبسوطة للأكل طي السجل للكتاب ، وعربات العصائر التفت ككومة خردة ضائعة بأغطية سوداء كعجائز يوم الحداد ؟؟ .
لم يصدق ما يرى؛ لكن كان يرمق بعين البصيرة جمهوره العريض ملتفا حوله بهتافات مغرية . فك أغراضه منتشيا بما يتخيل ؛ بسط ملاءته ونصب كرسيه ؛ ثم صاح بأعلى صوته الجهور "...هلموا اقتربوا الله الله يا فتاح يا رزاق..." فشرع يحكي ويطوف بحركات رتيبة مصغيا لإيقاع خفيه كما لو أنه يسترجع ذكريات معزوفة طالها النسيان . ظل يضرب أخماس لأسداس . ينط ويقفز كديك يرقص مذبوحا من الألم . سحب منديله ومسح عرق جبينه ثم نادى باسطا ذراعيه لاحتضان جمهوره المتخيل :
" اقتربوا اقتربوا.. الله الله هذه بداية حكاية شهرزاد ثم أمتعكم بنهاية حكاية شهريار .... " رمقه الشرطي عن بعد فزم عينه وأبدى أسفه ؛ وصعق لهول الفاجعة . تمنى لو انقض عليه انقضاض النسر على فريسته فأخرس صوته ؛ وكتم أنفاسه . انتزع القيد من معصمه وأطلق ساقيه للريح حتى انتهى إليه وربت على كتفه محترما مسافة الأمان من عدوى فيروس "كرونا " ؛ ثم كشّر غما وقال : : أيها الأحمق أجننت .....؟ ألم تعلم ......؟ لكن الرجل أشار بيده مقاطعا الشرطي : " سيدي انظر الناس من حولي يهتفون بعبارات الثناء الإكبار والإجلال لحكاياتي ؛ دراهمهم تتقاطر على ملاءتي ؛ وعيونهم لم تزغ بعد عن الفرجة إلى رؤوس خراف مشوية وسلاطات مغرية "وطنجيات " مصفوفة كخوذات معروضة للبيع . وأشربة من كل ألوان الطعوم كانت تجعل الفقير يضع يده على قلبه مكتفيا برجاء العلي القدير .
أصغى الشرطي لهلوسة الحكواتي في مثل هذا الظرف القاسي؛ وظل مشدوها كالأبله . فجذبه بشدة من كتفه بعد أن أحكم القيد في يديه وقاده إلى المخفر ؛ لكن زميله في العمل أمسك بالقضية من نهايتها لإطفاء نار الحكاية المؤلمة ، فك عقاله وقاده إلى مدخل الدرب ؛ ودله على الطريق ؛ فتهاوى مصيره حتى اختفى عن الأنظار . وخمن الشرطي أن الحكواتي فقد صوابه منتشيا باسترجاع الساحة لأنفاسها وقت الحجر فتمرد .
جمع أغراضه في كيس يسع ملاءة طالها البلى ؛ وكرسيا صغيرا من خشب . مقعده مصنوع من ورق دوم مفتول يغري بالجلوس عند الركون للراحة .
حمله وشق طريقه نحو الساحة ؛ لم يكن يصدق ما يرى فضاء شاسع ينعم بهدوء مطبق كما لو صم أذنيه عن ضجيج المقاهي ؛و فرك عينيه من غشاوة الأدخنة ....
تقاطرت على الحكواتي الأسئلة كصواعق الليل البهيم ، واكتوى بنارها لماذا في مثل هذا الوقت البهيج طويت الموائد المبسوطة للأكل طي السجل للكتاب ، وعربات العصائر التفت ككومة خردة ضائعة بأغطية سوداء كعجائز يوم الحداد ؟؟ .
لم يصدق ما يرى؛ لكن كان يرمق بعين البصيرة جمهوره العريض ملتفا حوله بهتافات مغرية . فك أغراضه منتشيا بما يتخيل ؛ بسط ملاءته ونصب كرسيه ؛ ثم صاح بأعلى صوته الجهور "...هلموا اقتربوا الله الله يا فتاح يا رزاق..." فشرع يحكي ويطوف بحركات رتيبة مصغيا لإيقاع خفيه كما لو أنه يسترجع ذكريات معزوفة طالها النسيان . ظل يضرب أخماس لأسداس . ينط ويقفز كديك يرقص مذبوحا من الألم . سحب منديله ومسح عرق جبينه ثم نادى باسطا ذراعيه لاحتضان جمهوره المتخيل :
" اقتربوا اقتربوا.. الله الله هذه بداية حكاية شهرزاد ثم أمتعكم بنهاية حكاية شهريار .... " رمقه الشرطي عن بعد فزم عينه وأبدى أسفه ؛ وصعق لهول الفاجعة . تمنى لو انقض عليه انقضاض النسر على فريسته فأخرس صوته ؛ وكتم أنفاسه . انتزع القيد من معصمه وأطلق ساقيه للريح حتى انتهى إليه وربت على كتفه محترما مسافة الأمان من عدوى فيروس "كرونا " ؛ ثم كشّر غما وقال : : أيها الأحمق أجننت .....؟ ألم تعلم ......؟ لكن الرجل أشار بيده مقاطعا الشرطي : " سيدي انظر الناس من حولي يهتفون بعبارات الثناء الإكبار والإجلال لحكاياتي ؛ دراهمهم تتقاطر على ملاءتي ؛ وعيونهم لم تزغ بعد عن الفرجة إلى رؤوس خراف مشوية وسلاطات مغرية "وطنجيات " مصفوفة كخوذات معروضة للبيع . وأشربة من كل ألوان الطعوم كانت تجعل الفقير يضع يده على قلبه مكتفيا برجاء العلي القدير .
أصغى الشرطي لهلوسة الحكواتي في مثل هذا الظرف القاسي؛ وظل مشدوها كالأبله . فجذبه بشدة من كتفه بعد أن أحكم القيد في يديه وقاده إلى المخفر ؛ لكن زميله في العمل أمسك بالقضية من نهايتها لإطفاء نار الحكاية المؤلمة ، فك عقاله وقاده إلى مدخل الدرب ؛ ودله على الطريق ؛ فتهاوى مصيره حتى اختفى عن الأنظار . وخمن الشرطي أن الحكواتي فقد صوابه منتشيا باسترجاع الساحة لأنفاسها وقت الحجر فتمرد .