أتفق مع أختنا فاطمة الزهراء العلوي في طريقة السرد
الحق أنني دائما استمتع بأسلوب سردك للنصوص
وبالأفكار التي تختارها ، وغالبا تكون وكما يقال " على الطلب ".
وأضيف أن أداء القلم وصاحبه في هذا النص قد سحبني إلى المقهى
وكأني جالس مع رواده وأحتسي القهوة معهم .
الناس يا صاحبي يحتاجون إلى القليل من الترفيه والتواصل
فلا تحرمهم من هذه الهدايا المتبادلة طالما أن لا ضرر منها .
وأجمل تحية لكم أخي حسين ليشوري
فوزي بيترو
ملاحظة :
أعتذر لتأخري بالرد والتعليق على هذا النص البديع
إعلام الصِّحاب عن صعاليك الواب.
تقليص
X
-
الحمد لله قسم الأخلاق بين عباده كما قسم بينهم الأرزاق، ووهب العقلاء ما تميزوا به عن السفهاء نعمة منه وفضلا فوهبهم من قدرات التمييز ما فاقوا به أهل الجهالة دراجات كثيرة؛ والصلاة والسلام على من ساد العالمين بأخلاقه الحميدة، ورضي الله عن آله وصحابته ومن اهتدى بهديه من التابعين وتابعي التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد:
وصف ظاهرة ما، اجتماعية كانت أو نفسية أو "وابية" (!) شاملة عامة أو جزئية خاصة، لا يعني أن الكاتب الواصف يستهدف شخصا بعينه، أو أشخاصا معينين، فإن وجد قارئٌ نفسَه في الوصف العام فلا يلوم الكاتب الواقعي الذي أحسن الوصف وأتقنه بل عليه أن يصحح ما نقد من سيء الظاهرة إن وجده في نفسه، أو أن يثبت الحسن منها إن كان فيه كذلك.
يوجد في كل ظاهرة إنسانية ما يوجد في الإنسان نفسه من الحسن والسيء، والجميل والقبيح، والإيجابي والسلبي، والنبيل والحقير، والرفيع والوضيع، والنفيس والخسيس، إلخ ... من الصفات الإنسانية المقدسة والمدنسة.
ولذا، فعند وصف ظاهرة ما، نذكر موضوعها ومظاهرها وعناصرها وأسبابها وعلاجها إن أمكن، مع أن علاج الظاهرة السلبية يتجلى من خلال عرض أسبابها، فالعلاج يكمن في عكس الأسباب، فهو متضمَّن في الأسباب، وقديما قيل: "إذا عرف السبب بطل العجب" وأضفت "وظهر الطِّبُّ".
لا لوم على دارس ظاهرة ما ولا عتاب عليه ومن ثمة لا عقاب، أيا كان نوع العقاب وإن بالعتاب أو اللوم أو المخاصمة أو النقد السلبي الناجم عما يجده "الناقد" الناقم في نفسه ضد الدارس أو العارض، وإلا ليم دارسو الظواهر الاجتماعية والنفسية وغيرها مما عُرض على الناس من الدراسات والعروض قديما وحديثا.
يجب أن يوجه النقد إلى الموضوع المعروض وليس إلى العارض؛ وننظر في الموضوع من حيث جديتُه ودقتُه ومطابقتُه للواقع أو هل هو خيالي نظري افتراضي احتمالي ... أي لا علاقة له بالواقع المعيش، هذا ما يجب ملاحظته على العارض، الكاتب، وليس دقته في الوصف أو صوابه في العرض؛ فإن عثر على أن الموضوع واقعي معيش، فعلى القارئ النزيه المجرد من الهوى المزري به كقارئ عاقل، والمسيء إليه كناقد محايد، وكل قارئ ناقد مهما كانت درجة نقده من الدقة والموضوعية، أن ينظر إلى الموضوع من جوانب عدة:
1- ينظر: هل الظاهرة المعروضة جديرة بالعرض؟ هل هي ظاهرة حقيقية، موجودة فعلا، أم هي خيالية، وهمية من صنع خيال الكاتب وأوهامه؟ كما سبق قوله؛
2- أن ينظر في طريقة العرض، كيف هي؟ من حيث اللغةُ، والأسلوبُ، والبيانُ، وطريقةُ إقناع القارئ ليقاسم الكاتب همه؟
3- أن ينظر في العرض نفسه، هل هو شامل يضم جوانب الظاهرة كلها، أو جلها، أم هو جزئي تبعيضي انتقائي غير ملم بالظاهرة المعروضة؟
فهل يجوز لي، بعد هذا العرض السريع، أن أسمي هذه النظرة، أو هذا النقد: "النظرة ثلاثية الأبعاد"، أو "النقد ثلاثي الأبعاد"؟ أظن ذلك جائزا ما دمنا قد رصدنا ثلاثة أبعاد فقط حتى الآن.
والآن؟ ما عَيْبُ النقد عندنا إن كان عندنا نقد أصلا؟ عيبه الأساسي هو أن "الناقد" (؟!!!) لما يكون ناقما على الكاتب لسبب من الأسباب الذاتية الشخصية لتصادم الأهواء وتناقض الأغراض بينه وبين الكاتب فإنه ينحرف سلبا من نقد النص إلى نقد الشخص ليس لأسباب علمية معرفية وإنما لأسباب شخصية أكثرها وهمي.
هذا ما عنَّ إضافته هنا ولعلي أعود إلى الموضوع مرة أخرى إن شاء الله تعالى.
اترك تعليق:
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة فاطمة الزهراء العلوي مشاهدة المشاركةمرحبا بالسي الحسين
نعم هو ذاك كنت أقصد ُ ما تفضلت به دعامة ولكن فلتت مني الهفوة الرقنية
وشكرا على تعاضدك أخي فحين تكون على حق لا تهتم بما يفعله الدونيون
فالله ناصر للحق مهما طال الزمان ومهما كانت حادة أنياب الوقاحة
فالحمد والشكر لله
وشكرا موصولة لأستاذنا الموجي قائد هذا البيت على كل شيء
شكرا كبيرةومرحبا بك، لالة فاطمة، في كل مرة مليون مرة بل أزيد
"الحق أبلج والباطل لجلج" حتى في الأخطاء الرقنية فكيف به في غيرها من شئون الناس؟
تحياتي إليك وتقديري الدائم لك.
اترك تعليق:
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة حسين ليشوري مشاهدة المشاركةمرحبا بالأخت الأديبة الأريبة لالة فاطمة وأهلا وسهلا.
حوالت مرة، منذ عقود، كتابة الرواية لكنني ضعت في تفرعاتها فأحجمت وبقيت المسودات مطويات في مكتبتي إلى اليوم تنتظر الاستكمال.
لم أفهم "وتتكىء عليه دعمامة [؟]" لعلك تقصدين "دعائمه"؟
سرني حضورك فعلا وأحيي فيك صبرك وشجاعتك وثباتك.
تحياتي إليك لالة فاطمة.
نعم هو ذاك كنت أقصد ُ ما تفضلت به دعامة ولكن فلتت مني الهفوة الرقنية
وشكرا على تعاضدك أخي فحين تكون على حق لا تهتم بما يفعله الدونيون
فالله ناصر للحق مهما طال الزمان ومهما كانت حادة أنياب الوقاحة
فالحمد والشكر لله
وشكرا موصولة لأستاذنا الموجي قائد هذا البيت على كل شيء
شكرا كبيرة
اترك تعليق:
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة فاطمة الزهراء العلوي مشاهدة المشاركةأستاذي السي الحسين
بعيدا عن فكرة الساخر هنا، لاحظت في طريقة سردك مقدرة رائعة على كتابة النّفس الطويل، والنفس الطويل تجتبيه الرّواية وتتكىء عليه دعمامة [؟]، فهل فكر السي الحسين في كتابة الرواية؟؟مرحبا بالأخت الأديبة الأريبة لالة فاطمة وأهلا وسهلا.
حوالت مرة، منذ عقود، كتابة الرواية لكنني ضعت في تفرعاتها فأحجمت وبقيت المسودات مطويات في مكتبتي إلى اليوم تنتظر الاستكمال.
لم أفهم "وتتكىء عليه دعمامة [؟]" لعلك تقصدين "دعائمه"؟
سرني حضورك فعلا وأحيي فيك صبرك وشجاعتك وثباتك.
تحياتي إليك لالة فاطمة.
اترك تعليق:
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة ناريمان الشريف مشاهدة المشاركةبانتظار أي زوبعة تزيح عن القلب طبقة مما تراكم عليه، فكل ما تكتب، يروق لي وهذه ليست مجاملة
حياك الله أخي الكبير
تحية ... ناريمانوحياك الله، أختي الفاضلة، وبياك وجعل الجنة مثواك بعد عمر طويل في طاعة الله تعالى كما جاء في الخبر: "طوبى لمن طال عمره وحسن عمله"، نسأل الله تعالى أن يطيل أعمارنا وأن يحسن أعمالنا، اللهم آمين.
لقد أزاحت الإدارة طبقة كثيفة من العفن وننتظر إزاحة طبقة أخرى تعمل بخبث، وعسى أن يكون ذلك قريبا.
ثم أما بعد، تجربتي مع القلم والكتابة بدأت عام 1984 وأنا حتى اليوم، بعد هذا العمر، ما زلت أتعلم وأحاول تحسين كتابتي ما استطعت خدمة لثلاثة أغراض: 1- العربية، 2- الإسلامية، 3- الأدبية، وقد حققت بعض النجاح، ولله الحمد والمنة، في الثلاثة وإن كان نصيبي منه متواضعا في "الأدبية" فلست مصطفى صادق الرافعي ولا سيد قطب، رحمهما الله.
إنه لتشريف لي عظيم أن تكون لي أخت مثلك وأنت أختي في الإسلام ولله الحمد والمنة.
بارك الله فيك وأحسن إليك كما أحسنت الظن بأخيك العجوز.
تحيتي إليك وتقديري لك.
اترك تعليق:
-
-
أستاذي السي الحسين
بعيدا عن فكرة الساخر هنا
لاحظت في طريقة سردك مقدرة رائعة على كتابة النّفس الطويل
والنفس الطويل تجتبيه الرّواية وتتكىء عليه دعمامة
فهل فكر السي الحسين في كتابة الرواية؟؟
اترك تعليق:
-
-
بانتظار أي زوبعة تزيح عن القلب طبقة مما تراكم عليه، فكل ما تكتب، يروق لي وهذه ليست مجاملة
حياك الله أخي الكبير
تحية ... ناريمان
اترك تعليق:
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة ناريمان الشريف مشاهدة المشاركةبعد التحية والسلام
استمتعت وضحكت بصوت مرتفع
وصفت بإتقان، ولعل أشد ما سحرني في مقالتك الساخرة أمران:
الأول: شطحاتك إلى اليمين مرة، وإلى اليسار مرة أخرى وكأننا معك في المقهى، تنتبه إلى التلفاز وتلمح شيئاً مما يعلن فيه ثم تعود إلى موضوعك ليقطع عليك النادل حبل فكرك وتعود إلى ماكنت عليه.. والقارئ يتبعك؛
الثاني: عالمنا الافتراضي أشبه بعالمنا الحقيقي، هذه حقيقة لا مجال لإنكارها، إلّا أن العالم الحقيقي يتميز عن الافتراضي بقليل من الوضوح، ذلك أن في الافتراضي يجوز انتحال الأسماء، ويجوز التسمّي بأسماء حركيّة كما في عالم المقاومة حتى لا يكشف عنهم العدو.. أو كالراقصات والفنانات لهن أسماء حقيقية وأسماء فنية.
وفي العالميْن من التشابه الكثير، فهنا وهناك يبدو الناس كما قيل كالكتب لهم عناوين تدلّل على المحتوى وعناوين لا علاقة لها بالمحتوى وليس صعباً أن تتأكد من أن العنوان يطابق المحتوى حيث يحدث ذلك من أول السطور، لذلك ترى في عالم المنتديات خاصية الطرد لينتقل الفنان إلى منتدى آخر..
وعل الرغم من ذلك، ولأن الدنيا مقلوبة، أحياناً يقصى الأصيل ويطرد المظلوم ويبقى الظالم على رأس تلة منفوخ الرأس حتى يأتيه من هو أظلم منه ويسقيه بما سقى ...
أطلت كثيراً، فمواضيعك دائماً تعطي تشويقاً وتدفع للاسترسال في الرد، شكراً على الإمتاع والمؤانسة
تحية ... ناريمانأسعد الله أوقاتك، أختي الأستاذة النجيبة والأديبة الأريبة ناريمان، بكل خير وأدم الله عليك السرور والحبور، ووقاك الشرور والثبور، اللهم آمين.
لعلك لا تدرين مدى سروري بمرورك اللطيف وتعليقك الظريف وقد أزاح عني ما بقي عندي من هم "صعاليك الواب"، المقالةَ/المقامةَ، فإن الواحد يكتب ولا يدري كيف يكون وقع ما يكتب عند القراء فيحمل هم تأويلاتهم وما هو بمحاسب عن تأويلات القراء لكنه محاسب عما يكتب هو لا عما قد يفهمه القراء، لكننا في عالم مقلوب تماما حيث يُمدح السفيه ويُذم النبيه تماما كما في حديث "الرويبضة"، والله المستعان.
خلال حياتي "الوابية" (!) سواء في المنتديات الأدبية العربية أو في المنديات الأعجمية، الفرنسية، عرفت كثيرا من النماذج البشرية ما جعلني أكون فكرة واضحة تماما عن "عالم الواب" وما فيه من ... الخراب.
لكن الملفت للانتباه والجدير بالدراسة والتحليل الاجتماعي/النفسي/الحضاري/الثقافي/العربي، عجزت عن نحت كلمة تلخص هذه الجوانب كلها، ظاهرة "النُّفَيْخَة"، وهي ظاهرة عجيبة قد منحها الواب فرصة الظهور والبروز، بل وفرص التصدر والسيطرة.
"النُّفَيْخَة" ظاهرة "وابية" عربية بامتياز، وفي رأسي موضوع شبيه قد أعرضه هنا بعد هدوء العاصفة (!) التي أحدثَتْها "صعاليك الواب"، المقالةَ/المقامةَ، بعنوان "الضفدعية" وهي ظاهرة مستوحاة من حكاية الأديب الفرنسي الشهير "لافونتين" "الضفدع والثور"، وملخصها أن ضفدعة رأت ثورا يرعى فتعجبت من ضخامته فحسدته وأرادت مماثلته فنفخت نفسها كي تعظم مثله حتى انفجرت؛ وهذه الظاهرة موجودة في "الواب" بكثرة، وقد شاهدت كثيرا من الضفادع تنفجر فعلا.
بعض المواضيع تشبه كثيرا عملية إلقاء بلاطة في البركة الراكدة فتثير تموجات، بعضها صغير لطيف وبعضها كبير عنيف، والمنتديات تمر بفترات ركود فمن الضروري، من حين إلى آخر، تحمُّل بعض التبعات عند إلقاء بلاطة لتحريك الراكد، ثم إن في إلقاء البلاطة متعةً سريةً نفسيةً تجعل الواحد يضحك من قلبه وهو يرى آثار التموجوات.
ثم أما بعد، أنا من يجب عليه شكرك، أختي العزيزة، على هذه المشاركة الجميلة، وقد سرني فعلا أنك وجدت متعة ومؤانسة في كلامي على ضعفه وبساطته.
تحياتي إليك وتقديري وإلى ... زوبعة جديدة.
اترك تعليق:
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة حسين ليشوري مشاهدة المشاركةإعلام الصِّحاب عن صعاليك الواب
دخلت "مقهى الساخرين العرب" كما كنت أدخل "مقهى ريش" سابقا غير أنني، في "مقهى الساخرين" دخلت باسمي الحقيقي وليس كما كنت أدخل "الريش" باسمين مستعارين: "الجاحظ" و"بديع الزمان".
كان رأسي "يطبخ" بموضوع شغلني منذ مدة فلم أجد له منفذا لأستريح منه والكتابة عملية استفراغ فعّالة تجعل متعاطيها يرتاح فعلا، فقصدت "مقهى الساخرين" وكان، في ذلك الوقت من الصبيحة، وقت الضحى، يكاد يخلو من الزبائن، فلعلهم بالغوا في السهر يتسكعون في المنتديات الأدبية وفي منصات التواصل الاجتماعي، فهم الآن يغطون في سبات عميق إلى أن يستفيقوا منه فيعيدوا الكرة ككل مرة وهكذا شأنهم دائما؛ أريد التحدث، يا أصحاب، عن "صعاليك الواب" المتفرغون للتسكع في فضائه لا شغل لهم ولا مشغلة سوى سرقة نص من هنا، ونص من هناك، ونسخ بعض الكلام من مقالة هنا ولصقه في "مشاركاتهم" (!) في منتدى أدبي ينتمون إليه أو في منصة أخرى، فهم لصوص نصوص بامتياز لا يحسنون غير اللصوصية والسطو على مواضيع غريهم وجهودهم؛ ثم إنهم مختصون في إثارة "الشغب" حيث حلوا وحيث ارتحلوا، وهكذا دأبهم وهذا شأنهم.
اخترت طاولة معزولة شيئا ما وقريبة من الجدار، هي على مسافة متساوية تقريبا بين باب المقهى و"المحسب"، كما أسميه، أو "الكونتوار" كما يسمى بالأعجمية السائدة، وما أطغى الأعجمية على لسان الأمة "العربية"، كما أنها، الطاولةَ، في الجهة المقابلة والأبعد عن "التلفاز" الذي يكون عادة مضبوطا على إحدى القنوات الوثائقية وكان يعرض، هذه المرة، شريطا عن حياة القرود في إفريقيا وفي بعض دول آسيا، يبين أنواعها، ونظامها الاجتماعي وحتى "لغاتها" ودلالات حركاتها وتصرفاتها ...
جلست، أخرجت دفتري وقلمي، كما هي عادتي في الكتابة، ما زلت تقليديا، استعمل الورق والقلم في الكتابة وليس هذه الأجهزة الحديثة لأنني أجد مشقة في الرقن عليها وهي صغيرة لا تتسع لأناملي، ثم إن الكتابة على الورق تمنحني فرصا لإعادة النظر فيما كتبته فأصحح، وأشطب، وأعيد الصياغة، فـ"العين توحي واليد تمحي" كما يقال.
جاءني النادل وهو يعرف طلبي، وسألني، بعدما تبادلنا التحية والسؤال عن الأحوال: كالعادة، أستاذ ؟ فأجبته: نعم !
ذهب لجلب طلبي، أما أنا فبدأت التحرير، وكتبت السؤال التالي: "ما الذي يجعل المفلسين ثقافيا والفقراء علميا، والمعدمين معرفيا، أي، بكلمة واحدة، "الجهال"، ينتشرون في هذه المواقع انتشار الذباب، يزعجون الرواد ولا يأتون بفائدة تراد؟"
وضعت القلم وبدأت في التفكير للإجابة عن السؤال المكتوب بينما جاء النادل بالمطلوب: قهوتي وكوب الماء المصاحب لها فرضا، فشكرته وعدت إلى موضوعي.
كان صوت التلفاز مرتفعا قليلا، فأومأت إلى النادل: "أن أخفض الصوت!"، فامتثل فورا مع اعتذار لطيف.
قلت في نفسي: "أليست هذه المنتديات" و"المنصات" صورا مصغرة عن المجتمعات العربية الكبرى، فهي "مجتمعات افتراضية صغيرة"؟ إذن، سنجد حتما فيها ما نجده في المجتمعات الحقيقية الكبيرة، نجد: العقلاء، والحكماء، والعلماء، والمثقفين، والباحثين، والأساتيذ، والطلبة، والتلاميذ وغيرهم من فئات المجتمع الطبيعي، كما نجد السفهاء، والبلهاء، والأغبياء، والجاهلين، والمجانين، والمرضى النفسانيين، والحمقى البلداء، وهلم جرا من حثالات المجتمعات...
فكما يتصرف العقلاء في الواقع يتصرفون في الافتراضي يريدون إفادة غيرهم وإن بالقليل مما يجدون؛ وأما "صعاليك الواب"، "لصوص النصوص"، فهم يتصرفون، من إفلاسهم الفكري والأدبي، بأخلاقهم السيئة في الافتراضي وإن كانوا يعطون في الواقع صورا مزيفة عن حقيقتهم، لأنهم، ببساطة، جبناء يتعنترون في المنتديات بما لا يستطيعونه في الواقع وهم في حيواتهم اليومية كالذئاب المقنَّعة يستترون وارء أقنعتم البريئة، السمحاء، بينما نجدهم في "الفضاء الأزرق"، أو "القارة الزرقاء"، يتقنَّعون بالألقاب الوهمية والعناوين الخادعة يوهمون بها الناس، فالافتراضي يمنحهم فرصا للتنفيس عن مكبوتاتهم وأمراضهم النفسية، وحتى العقلية، ونقائصهم، فكثير منهم يرفع خسيسته بمحاولة الظهور بمظهر لا ينسجم مع حقيقته وتراه يناطح ذوي الفضل وهو الوضيع.
كثير من "صعاليك الواب" لم يعرفوا التفوق في حياواتهم الشخصية ولم يذوقوا طعم النجاح في أي مجال من مجالات الحياة ولذا فهم يستغلون الفرص "الذهبية" التي يمنحها لهم العالم الافتراضي ليثبتوا وجودهم البائس وإن مؤقتا، وترى الواحد منهم يتنقل من منتدى إلى منتدى، ومن منصة إلى منصة، ينشر بؤسه، ويبث غَيَّه، فإن طُرد من منتدى انتقل إلى منتدى آخر حيث لا يعرفه الناس، ويعيد الكرَّة في كل مرة، لا يسأم ولا يملُّ، ولا يكلُّ، لا لشيء إلا لأنه في أمس الحاجة إلى هذه المنتديات والمنصات ليثبت وجوده البائس، ليس غير، وهو مستعد لإثارة المشاكل في كل منتدى يدخله، ويُظهر حاله مظلوما وهو الظالم، والمساء إليه وهو المسيء؛ وتراه "يشارك" بخربشات لا علاقة لها لا بالفكر ولا بالثقافة ولا بالعلم ولا بالمعرفة ولا بالأدب، ويخيل إليه أنه "كاتب" أو "أديب" وهو لا يحسن كتابة جملة مفيدة صحيحة واحدة، وتراه يطير إلى السِّماك إن وصفه أحد بـ"الأستاذ" أو بـ "المفكر"؛ وعلى ذكر "المفكر" التي تعني بمفهوم الموافقة "الحيوان الناطق" فهي في الحقيقة مذمة وليست محمدة.
فيا لسعادة هذا المفكر العبقري بصفته الافتراضية الكاذبة، ولا يدري، المسكين، من جهله وسفاهته، أنه يوصف بالحيوان الناطق؛ ويكاد يطير فرحا إن وافقه بعض القراء ومنحوه "لايك" جهلا بحاله أو نفاقا أو خوفا أو تغريرا، على خربشة من خربشاته المقرفة، وترى "صعلوك الواب" ينثر رداءته، لا يحسن غيرها، ويخيل إليه أنه أتى بما لم تأت به الأوئل إبداعا، وهو صادق، رغم كذبه الغريزي، في "إخالته" هذه لأنه أتى من الرداءة بما لم يأت به الأوائل فعلا، إنه صعلوك وبالرداءة مهلوك وللرداءة يلوك، وقديما قالت العرب الفصحاء البلغاء: "إنك لا تجني من الشوك العنب" فهل يطمع طامع في جني "الكونكورد" من "الغرقد"، شجر اليهود؟؟؟
هذا ما كان يجول في ذهني عن "صعاليك الواب" وظهر لي موضوع آخر لعله أكبر من هذا وأخطر وهو: "لماذا يتصرف "المثقف العربي" كأنه الذكر "ألفا"، أو الذكر المسيطر المهمين، لا يقبل مناقشة ولا اعتراضا فقوله هو "القول"، ورأيه هو "الرأي" وإلا تعرض المناقش المعترض إلى السخط والعداوة ... "الافتراضية"، ألأن هذا "المثقف" العربي يصدق ما ادعاه داروين من أن أصل الإنسان قرد لما ما بين "الثدييات العليا" من التقارب أو "النسب"؟ ولعل الشريط الوثائقي عن حياة القردة في أدغال إفريقيا وآسيا هو ما أوحى إليَّ بهذه الفكرة، غير أنني أرجأت كتابتها إلى فرصة أخرى، وأثناء التفكير والكتابة كنت أرتشف من قهوتي قليلا قليلا ولما رأيت أنني أتيت على آخر رشفة فيها، قمت ودفعت إلى النادل حقها وحييته وانصرفت.
استمتعت وضحكت بصوت مرتفع
وصفت بإتقان، ولعل أشد ما سحرني في مقالتك الساخرة أمران:
الأول : شطحاتك إلى اليمين مرة ، وإلى اليسار مرة أخرى
وكأننا معك في المقهى، تنتبه إلى التلفاز وتلمح شيئاً مما يعلن فيه ثم تعود إلى موضوعك ليقطع عليك النادل حبل فكرك وتعود إلى ماكنت عليه..والقارئ يتبعك
الثاني : عالمنا الافتراضي أشبه بعالمنا الحقيقي، هذه حقيقة لا مجال لإنكارها
إلّا أن العالم الحقيقي يتميز عن الافتراضي بقليل من الوضوح، ذلك أن في الافتراضي يجوز انتحال الأسماء، ويجوز التسمّي بأسماء حركيّة كما في عالم المقاومة حتى لا يكشف عنهم العدو..أو كالراقصات والفنانات لهن أسماء حقيقية وأسماء فنية
وفي العالميْن من التشابه الكثير، فهنا وهناك يبدو الناس كما قيل كالكتب لهم عناوين تدلّل على المحتوى وعناوين لا علاقة لها بالمحتوى وليس صعباً أن تتأكد من أن العنوان يطابق المحتوى حيث يحدث ذلك من أول السطور، لذلك ترى في عالم المنتديات خاصية الطرد لينتقل الفنان إلى منتدى آخر..
وعل الرغم من ذلك، ولأن الدنيا مقلوبة، أحياناً يقصى الأصيل ويطرد المظلوم ويبقى الظالم على رأس تلة منفوخ الرأس حتى يأتيه من هو أظلم منه ويسقيه بما سقى ...
أطلت كثيراً، فمواضيعك دائماً تعطي تشويقاً وتدفع للاسترسال في الرد
شكراً على الإمتاع والمؤانسة
تحية ... ناريمان
اترك تعليق:
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة فاطمة الزهراء العلوي مشاهدة المشاركةساخرك هادف أستاذي السي الحسين
شكرا للقلم الذي ينزل إلى الشارع لــ يجس نبضه المتودر ما بين شمال فوضى وغباء جهل مرُكّب فقد نجهل أشياء لكن أن نجهل أننا نجهل فهذا هو الجهل المركب اللعين.
شكرا كبيرة، ونص يستحق الواجهةمرحبا لالة فاطمة الزهراء، حضورك يزهر في النفس الأمل ويفطم عن القلب الألم بما يبثه كلامك الجميل النابع من قلبك النبيل من السرور وينشره من الحبور، فجازك الله عني خيرا دائما وأبدا، اللهم آمين.
يعاني "صعاليك الواب" الجهلَ المعقَّد، والمعقِّد، بالفتح والكسر، في الوقت نفسه، والجهل المعقَّد هذا خليط من الجهل البسيط، ومن الجهل المركب وادعاء العلم والمعرفة تبجحا، نسأل الله السلامة والعافية.
فقديما عدَّد الخليل بن أحمد الفُرُهُودِيُّ، رحمه الله، الرجال، من حيث الدراية وعدمها، أربعة أصناف فقط:
1- رجل يدري ويدري أنه يدري فذلك عالم فاتبعوه؛
2- ورجل يدري ولا يدري أنه يدري فذلك نائم فأيقظوه؛
3- ورجل لا يدري ويدري انه لا يدري فذلك مسترشد فأرشدوه؛
4- ورجل لا يدري أنه لا يدري فذلك جاهل فارفضوه، أو كما قال رحمه الله؛ كان ذلك في زمانه أما اليوم فنحن نواجه الرجل الخامس هو الذي لا يدري، ولا يدري أنه لا يدري، ويدعي أنه يدري، وهو الذي يعاني من الجهل المعقَِّد، وهو المائق، الأحمق البليد الغبي العنيد.
وهذا الكائن الغريب لا علم يرشده، ولا أخلاق تضبطه، ولا قوة تردعه فهو بهذه الأبعاد الثلاثة أخطر الكائنات وأخسها وأحقرها لأنه، ببساطة، عديم الحياء، ومن لا يستحي يفعل ما يشاء.
شكرا، لالة فاطمة، على التشجيع الضروري لمواصلة الحديث لرفع الحجاب عن "صعاليك الواب".
تحياتي إليك وتقديري لك وشكري المتكرر.
اترك تعليق:
-
-
ساخرك هادف أستاذي السي الحسين
شكرا للقلم الذي ينزل إلى الشارع لــ يجس نبضه المتودر ما بين شمال فوضى وغباء جهل مرُكّب
فقد نجهل أشياء لكن أن نجهل أننا نجهل فهذا هو الجهل المركب اللعين
شكرا كبيرة
ونص يستحق الواجهة
اترك تعليق:
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة السعيد ابراهيم الفقي مشاهدة المشاركةلله الأمر من قبل ومن بعد .. وفي كل حال ..
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..واللهم ارفع عنا الغمة .. وآتنا من لدنك رحمة .. اللهم الهمنا سبيل الرشاد
====
نعم، هذه هي الحال، وأكثر، وقد أصيب العامة بالجدال في فقه "المراحيض" وهم مكبلون بالأغلال .. وقد تفننوا في "ابتكار الفتن" وتعاموا عن حرمة الدماء..
..----
نص أدبي يستحق القراءة والتدوين
....
دمت بكل الخير أستاذ حسين ليشوري.السلام عليكم، أستاذنا الفاضل السعيد إبراهيم الفقي، ورحمة الله تعالى وبركاته.
سرني مرورك المبارك وتشجيعك الكريم، فبارك الله فيك وزادك من فضله ودمت بكل خير.
هو الواقع المر الذي تتخبط فيه الأمة الأمية والتي لا تريد الخروج منه حتى وإن أرغمها المرغون، فهي كالعبد الذي اعتاد الرق والعبودية والخضوع والخنوع لا يستطيع التحرر منها وإن حرره المحررون، وقد قرأنا عن هذه الظاهرة كثيرا، كيف يعود العبد المُحرَّر إلى سيده، وقد أعتقه، لأنه لا يستطيع تدبير أموره بنفسه وقد تعود على تلقي الأوامر وتنفيذها في خشوع ودون مناقشة وإلا فالسوط ينتظره، وقديما قيل: "لا تشترِ العبدَ إلا والعصا معه" وأمة العبيد يجب أن تكثر فيها العِصِي.
أمة تناقش الناقد الاجتماعي في تسمية داء ولا تريد أن تفهم أسباب ذلك الداء فكيف تبحث عن الدواء؟
هو التخلف في أبعاده الثلاثية، 3d، لا مخرج منه إلا بفك تلك الـ"d"، والتي هي، من حسن الموافقة، أول حروف "داء" و"دواء" لكن أين النطاسي الحكيم؟ وهل إن وُجد يُسمع إليه؟
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، والله المستعان وعليه، سبحانه، التكلان.
شكرا، أستاذنا، على المرور الكريم وقد أسعدني تشجيعك فعلا.
تحيتي إليك ومودتي.
اترك تعليق:
-
-
لله الأمر من قبل ومن بعد .. وفي كل حال ..
و
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
و
اللهم ارفع عنا الغمة .. وآتنا من لدنك رحمة .. اللهم الهمنا سبيل الرشاد
====
نعم،
هذه هي الحال،
وأكثر،
وقد أصيب العامة بالجدال في فقه " المراحيض " وهم مكبلون بالأغلال ..
وقد تفننوا في "ابتكار الفتن" وتعاموا عن حرمة الدماء..
..----
نص أدبي يستحق القراءة والتدوين
....
دمت بكل الخير أستاذ حسين ليشوري.
اترك تعليق:
-
-
المشاركة الأصلية بواسطة الهويمل أبو فهد مشاهدة المشاركةتشخيص دقيق لرواد "الواب" وتصنيف طبقاتهم.
أجمل ما في هذه المقامة علاقة النادل بالزبون.
وسلام الله عليك وكتب لك أجرا في كل حركة.وعليكم السلام، أستاذنا العزيز، ورحمة الله تعالى وبركاته، أسعد الله أوقاتك بكل خير.
الحضور المستمر لأكثر من عقد من حياتي في العالم الافتراضي أكسبني خبرة ومعرفة برواده، الصالحين منهم وغير الصالحين ولذا سمحت لنفسي بوقفة تقويميه للتخفيف عما يجيش في نفسي وما زالت "المقامة" تحتاج إلى إعادة نظر للتطريف والتظريف و...التعنيف.
علاقة النادل بالزبون، أنا في القصة، واقعية أعيشها يوميا فنقلتها للتثبيت.
سرني مرورك الجميل أستاذنا النبيل وما زال في النفس عن "صعاليك الواب" الكثير.
تحيتي إليك ومحبتي لك وكتب الله لك أجر ما دعوت به لي.
اترك تعليق:
-
ما الذي يحدث
تقليص
الأعضاء المتواجدون الآن 44997. الأعضاء 7 والزوار 44990.
أكبر تواجد بالمنتدى كان 551,206, 15-05-2025 الساعة 03:23.
اترك تعليق: