كتاب سياسة الدبلوماسية : مذكرات جيمس بيكر
ليس من قبيل الشطط ولا المبالغة، وصف هذا الكتاب الذي يؤرخ للسنوات التي شغل جيمس بيكر خلالها موقع وزير الخارجية في ادارة الرئيس الأميركي جورج بوش (1989 -1992)، بانه كتاب استثنائي بامتياز.
الكتاب المسمى “السياسة الدبلوماسية” للمؤلف جيمس بيكر، الذي يعد من أبرز القادة الأميركيين وأشدهم تميزاً ، يقدم كشفاً معلوماتياً وتحليلياً عميقاً من الداخل، لحقبة زمنية تنطوي على أهمية استثنائية بالنسبة للتاريخ العالمي كله ، فالسنوات التي قضاها جيمس بيكر في منصب وزير الخارجية، شهدت، وفق جميع المعايير،بعض أشد الأحداث تأثيراً في النصف الثاني من القرن العشرين.
ولعل قلائل من صناع القرار، تمكنوا من لعب دور يماثل، في خطورته،الدور الذي لعبه بيكر نفسه. وفي هذا السرد الكاشف والصريح يأخذ بنا المحامي الثري وزير الخارجية الأميركي السابق ، عبر منظوره المتميز، إلى داخل شبكة من الأحداث والشخصيات التي قامت بصنعها:
انهيار الشيوعية، وجدار برلين، والاتحاد السوفياتي نفسه،وإعادة توحيد ألمانيا، وإنهاء الصراع في أميركا الوسطى، والقمع في تيانانمين سكوير بالصين، وغزو باناما، وميلاد الحرية في جنوب افريقيا، والمفاوضات المذهله التي جرت لتحقيق بناء التحالف في حرب الخليج، وكذالك المفاوضات التي لاتقل عنها اثاره للانتباه، وادت بالإسرائيليين والعرب إلى الجلوس إلى مائدة واحدة لأول مرة ، بعد عقود مريرة من الصراع الدموي.
كما نجح المؤلف أيضاً في بلورة استبصارات لدواخل شخصيات الزعماء الذين تعرف إلى أساليب عملهم جيدا من امثال:
جورباتشوف و يلتسين وتاتشير و ميتران و كول و شامير ومبارك والأسد والملك فهد وحسين و جنشر و لي بنج و شيفارنادزه، فضلاً عن صديقه ومعلمه الرئيس جورج بوش.
رابط التحميل:
word حجم صغير
من رفع استاذنا أكرم كوردى
يوم وضعت الحرب الباردة أوزارها
عندما نلتقي معا فلالالالا بد وأن يتمخض اللقاء عن نتائج. فلالالالا يمكننا أن نلزم الصمت حيال مثل
تلك الألألألأحداث.
إدوارد شيفرنادزة
٣ آب أغسطس ١٩٩٠
في التاسع والعشرين من كانون الثاني يناير ١٩٨١ م، كنت أسير برفقة رونالد ريجان من البيت
الأبيض عبر شارع ويست إكزكيوتيف إلى مبني أولد إكزكيوتيف عند إلتقاء شارعي بنسلفانيا
وسيفينتينث.
لم يكن قد مضي على تقلد الرئيس ريجان مهام منصبه سوى عشرة أيام، لكنه أغتنم الفرصة
ليرسى معلمًا واضحًا يلخص رأيه الراسخ في الاتحاد السوفيتي الذي كان ينظر إليه ريجان ومعظم
الأمريكيين بعين الارتياب على نحو محق معظم حياتهم.
لقد أعلن السوفييت صراحة وعلنًا أن القاعدة الأخلاقية الوحيدة التي يعترفون » : وقال ريجان
بها هي تلك التي تساهم في دعم قضيتهم، مما يعني أنهم يمنحون أنفسهم الحق في عدم التورع
عن ارتكاب أي جريمة والكذب والخداع في سبيل تحقيق غايتهم... وعلى المرء أن يضع ذلك في
.« اعتباره لدى التعامل معهم، حتى وإن اتخذ هذا التعامل صورة الانفراج
كانت الكلمات جارحة وقاسية كحمام بارد، ولكنها صحيحة في دلالتها. فبعد نحو عقد من
الزمان أي في ٣ آب أغسطس ١٩٩٠ م وأنا الآن وزير الخارجية لا يسعني أن أتذكر مثل تلك الكلمات
٢
بأي إحساس بالسخرية، لقد كنت أقف في هذا اليوم جنبًا إلى جنب مع وزير الخارجية السوفيتي
إدوارد شيفرنادزة في صالة مطار فنوكوفو/ ٢ خارج موسكو وأنا أصغى إليه وهو يسهب في شرحه
للصحفيين أسباب موافقة بلاده على إجراء غير مسبوق بالانضمام إلى الولايات المتحدة في إدانة
غزو العراق للكويت.
دعني أبلغك بأنه كان قرارًا صعبًا بالنسبة لنا.. بسبب العلاقات طويلة الأمد » : وقال شيفرنادزة
التي كانت تربطنا بالعراق، ولكن بالرغم من كل هذا... فقد اضطررنا إلى اتخاذ مثل تلك
الإجراءات... لأن... هذا العدوان يتعارض مع التفكير السياسي الجديد. بل إنه يتعارض في
.« الحقيقة مع المبادئ المتحضرة بين الدول
وكانت تداعيات مفاجأة شيفرنادزة مذهلة. فقد مضي السوفيت في تفكيك إمبراطوريتهم في
أوروبا الشرقية، وأذعن الكريملين لانهيار حكومة إريك هونيكر في ألمانيا الشرقية، مما جعل من
سقوط سور برلين أمرًا حتميًا. ومع ذلك فقد شكلت ردود أفعال تتسم بالسلبية على مد الأحداث
الجارف.
والآن وللمرة الأولى فقد انضم الاتحاد السوفيتي إلى الولايات المتحدة الأمريكية بفعالية ضد
واحد من أوثق حلفائه.
وقبل تسعة أيام أي في ٢٥ تموز يوليو غادرت قاعدة أندروز الجوية بولاية ميريلاند في مستهل
جولة تشمل آسيا والاتحاد السوفيتي تراودني ثقة ضعيفة بأنه لدى عودتي إلى بلدي فلن يكون
هناك وجود للعالم الذي وعته مداركي طيلة سنوات الشباب. ومثلما اكتشف البريطانيون في مدينة
يورك قبل قرنين فقد انقلب العالم رأسًا على عقب وبات العالم الجديد مفعمًا بالأمل والفرص،
وبالمخاطر والغموض أيضًا بالنسبة للدبلوماسية الأمريكية.
* * *
ويشوب صدام حسين الكثير من نواحي القصور، ولحسن حظ أمريكا وبقية العالم المتحضر