السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اليكم احد المقالات الأخيرة ، ارجو ان ينال استحسانكم ، وأن اكون قد قدمت به ما يفيد.
طريق الحرير البحري
عرف طريق الحرير الذي يخترق اسيا شرقا وغــربا مارا بمعظم الــدول فيها ومـن ضمنها افغــانستان والصين مارا باصعب المضايق ( مضيق خيبر ) ، وهناك فرع آخر لهذا الطريق بشبه الجزيرة العربية وهو طريق الحرير البحري ، وهو الفرع الذي يصعد البحر الأحمر حتى يصل إلى مصر وحوض البحر الأبيض وهنا نجد أيضا أن الممالك العربية التي نشأت في جنوب الجزيرة العربية وفي الشمال على امتداد الطرق البرية المحاذية لسواحل البحر الأحمر فرضت سيطرتها على الملاحة وعلى تجارة الشرق السائرة في البحر الأحمر وساعدهم في ذلك خطورة الملاحة في هذا البحر نتيجة لكثرة الشعاب المرجانية فيه وما يتطلبه من خبرة بالممرات المائية العميقة ومداخل موانيه ومخارجها وهي معلومات حرصوا على بالاحتفاظ بها لأنفسهم.
وخلال القرن الأول قبل الميلاد ازدهرت تجارة الشرق المارة عبر الموانئ اليمنية والعمانية، وانشأ أحد ملوك شبوة الذي فرض سيطرته على جنوب عمان ميناء في منطقة ظفار عرف باسم يمهرم سرعان ما أخذت تؤمه السفن المتجهة إلى الشرق. وتصف كتابات الرحالة اليونانيين الذين زاروا المنطقة في تلك الفترة نشاط حركة التجارة في موانئ البحر الأحمر الجنوبية والشمالية، فعن ميناء Muza وهو ميناء المخا يذكر صاحب كتاب الطواف حول البحر الارتيري أنه وجده مزدحما بالمراكب وأصحاب السفن والملاحين العرب والناس فيه في شغل شاغل بأمور التجارة وهي تابعة للملك الحميري كربئيل. وفي شمال البحر الأحمر شاركت ممالك ديدان ولحيان في التجارة البحرية المارة بموانئهم، ويصف سترابون الذي عاش في القرن الأول قبل الميلاد تجارة حلفائهم الأنباط وهم المسيطرون على عدد من موانئ شمال البحر الأحمر مثل لوكي كوفي (ميناء الخريبه الواقع شمال ضباء ) واكرا كومي (مرسي كركمه الواقع جنوب الوجه) ويذكر أن سلع التجارة تنقل من لوكي كومي إلى البتراء ومنها إلى فينيقيه ومنها إلى أمم أخرى، ويصف النبطيين بأنهم قوم حرصاء مولعون بجمع الثروة وأن البضائع التي يتاجرون بها بعضها مستجلب استجلابا كليا وبعضها ليس مستجلب كله ويقدم قائمة بالسلع المستجلبة شملت بالاضافة إلى أشياء أخرى الثياب الأرجوانية والاصطرك والزعفران والقرفة والتماثيل والصور والقطع المنحوتة، ويحتمل أن بعض سلع هذه القائمة مستورد من الشرق.
على أن السيطرة على تجارة الشرق العابرة للبحر الأحمر لم تكن للعرب على الدوام في القرون السابقة للميلاد فقد جرتهم منافع هذه التجارة وجرت بلادهم إلى حلبة الصراع والتنافس الدولي وادخلتهم في مواجهة مباشرة مع القوى الأوروبية القابعة في حوض البحر الأبيض: اليونان ثم حلفائهم الرومان ثم البيزنطيين فلم يكن الحال في البحر الأحمر بأفضل مما كان عليه في الخليج العربي فما ان سيطر اليونانيون على المناطق المحيطة بالجزيرة العربية في مصر والشام والعراق حتى سارعوا إلى فرض سيطرتهم الكاملة على طريق الحرير البحري ولم يكن يضايقهم في ذلك الا التجار والملاحون العرب. وفي عهد خلفاء الاسكندر المقدوني في مصر عمل البطالمة على إعادة القناة القديمة التي كانت تربط بين النيل والبحر المتوسط والبحر الأحمر فأمر بطليموس الثاني 185-146 ق م بإعادتها وسير السفن البحرية من مصر إلى الهند ولحماية تجارة الشرق المحمولة على سفنهم أسكن البطالمة جاليات يونانية في بعض موانئ البحر الأحمر وأطلقوا أسماء يونانية على مستوطناتهم ومنها ميناء امبلوني الذي كان يعتقد وقوعه في ميناء الوجه بشمال غرب المملكة العربية السعودية، غير أن الأبحاث الأثرية التي أجريتها في سواحل البحر الأحمر أثبتت أن امبلوني تقع في جزيرة فرسان حيث يوجد بالفعل في الجزيرة بقايا مبني يوناني الطراز ونقوش يونانية .
وأخيرا قررت الكوريتين رغم الخلاف السياسي بينهما إعادة إنشاء الخط الحديدي الموازي لدرب الحرير ، مما سوف يكون له اثر بالغ في دعم اقتصادهما . وينظر المراقبون إلى الأثر المستقبلي الذي ستحدثه سكة الحديد الأوروبية الآسيوية، وهو مشروع طُرِح منذ سنوات، وبدأ التنسيق في شأنه بين الدول الأوروبية في الاتحاد الأوروبي ودول شرق آسيا، فسكة الحديد ستساعد في تعزيز التقارب الاقتصادي بين دول شمال شرق آسيا ومناطق روسيا الشرقية، وبالنسبة لروسيا فإنها ستربط جزءاً من اقتصادها من خلال هذه السكة بآسيا في محاولة منها غرس تأثير أكبر لها، وخاصة في شبه الجزيرة الكورية واليابان، مشعلة بذلك منافستها التقليدية مع الصين.
فإذا اكتملت عملية إصلاح وتعبيد خطوط السكك، فإنه سيكون أمام الكوريين خياران للوصول إلى أوروبا برًّا، حيث ستكون على شكل رقم (7) محتضنة شبه الجزيرة الكورية، فعلى امتداد الساحل الغربي لشبه الجزيرة الكورية ستمتد سكة حديد "كيونغوي"؛ لتربط المناطق الغربية بسكك الحديد التي تمر عبر أقاليم الصين الشاسعة، وعلى امتداد الساحل الشرقي سيمتد الخط "كيونغون" ليربط المناطق الشرقية بسكة حديد سيبيريا.
وياليت قومي يعلمن ؟ كم اتمنى أن يعاد النظر في احياء طريق الحرير البحري لينعش الساحل الغربي للبحر الأحمر ويدعم التواصل والتلاحم بين الدول العربية والإسلامية المطله عليه ، وكذلك كم اتمنى إعادة إنشاء وتشغيل الخط الحديدي الحجازي الذي يصل اسطنبول بالمدينه المنوره مارا بكل من تركيا ، سوريا الأردن ومملكتنا الحبية ، فهذا الخط سوف يسهم في خدمة الحجاج والزوار والمعتمرين وينعش الإقتصاد ويقلل من حوادث السير التي تزهق في كل يوم ارواح شبابنا والتي تسيل دمائهم الطاهرة لتروي جفاف الخطوط الإسفلية المتعطشه من شدة حرارة الجو.
الجدير بالذكر أن الخط الحديدي الحجازي هو وقف إسلامي شيد من بيت مال المسلمين ويجب عدم اهماله واغفاله ويجب تسخيره لخدمة المسلمين. فكم اتمنى أن اصطحبكم برحلة برية نركب فيها عربات القطار من الدمام بالمنطقه الشرقية إلى أن نصل إلى اسطنبول مارين بعاصمة بلادنا الحبيبه وبالديار المقدسة . آه حلم وكم ارجو أن يتحقق.
أ. د. محمد بن حمد خليص الحربي
اليكم احد المقالات الأخيرة ، ارجو ان ينال استحسانكم ، وأن اكون قد قدمت به ما يفيد.
طريق الحرير البحري
عرف طريق الحرير الذي يخترق اسيا شرقا وغــربا مارا بمعظم الــدول فيها ومـن ضمنها افغــانستان والصين مارا باصعب المضايق ( مضيق خيبر ) ، وهناك فرع آخر لهذا الطريق بشبه الجزيرة العربية وهو طريق الحرير البحري ، وهو الفرع الذي يصعد البحر الأحمر حتى يصل إلى مصر وحوض البحر الأبيض وهنا نجد أيضا أن الممالك العربية التي نشأت في جنوب الجزيرة العربية وفي الشمال على امتداد الطرق البرية المحاذية لسواحل البحر الأحمر فرضت سيطرتها على الملاحة وعلى تجارة الشرق السائرة في البحر الأحمر وساعدهم في ذلك خطورة الملاحة في هذا البحر نتيجة لكثرة الشعاب المرجانية فيه وما يتطلبه من خبرة بالممرات المائية العميقة ومداخل موانيه ومخارجها وهي معلومات حرصوا على بالاحتفاظ بها لأنفسهم.
وخلال القرن الأول قبل الميلاد ازدهرت تجارة الشرق المارة عبر الموانئ اليمنية والعمانية، وانشأ أحد ملوك شبوة الذي فرض سيطرته على جنوب عمان ميناء في منطقة ظفار عرف باسم يمهرم سرعان ما أخذت تؤمه السفن المتجهة إلى الشرق. وتصف كتابات الرحالة اليونانيين الذين زاروا المنطقة في تلك الفترة نشاط حركة التجارة في موانئ البحر الأحمر الجنوبية والشمالية، فعن ميناء Muza وهو ميناء المخا يذكر صاحب كتاب الطواف حول البحر الارتيري أنه وجده مزدحما بالمراكب وأصحاب السفن والملاحين العرب والناس فيه في شغل شاغل بأمور التجارة وهي تابعة للملك الحميري كربئيل. وفي شمال البحر الأحمر شاركت ممالك ديدان ولحيان في التجارة البحرية المارة بموانئهم، ويصف سترابون الذي عاش في القرن الأول قبل الميلاد تجارة حلفائهم الأنباط وهم المسيطرون على عدد من موانئ شمال البحر الأحمر مثل لوكي كوفي (ميناء الخريبه الواقع شمال ضباء ) واكرا كومي (مرسي كركمه الواقع جنوب الوجه) ويذكر أن سلع التجارة تنقل من لوكي كومي إلى البتراء ومنها إلى فينيقيه ومنها إلى أمم أخرى، ويصف النبطيين بأنهم قوم حرصاء مولعون بجمع الثروة وأن البضائع التي يتاجرون بها بعضها مستجلب استجلابا كليا وبعضها ليس مستجلب كله ويقدم قائمة بالسلع المستجلبة شملت بالاضافة إلى أشياء أخرى الثياب الأرجوانية والاصطرك والزعفران والقرفة والتماثيل والصور والقطع المنحوتة، ويحتمل أن بعض سلع هذه القائمة مستورد من الشرق.
على أن السيطرة على تجارة الشرق العابرة للبحر الأحمر لم تكن للعرب على الدوام في القرون السابقة للميلاد فقد جرتهم منافع هذه التجارة وجرت بلادهم إلى حلبة الصراع والتنافس الدولي وادخلتهم في مواجهة مباشرة مع القوى الأوروبية القابعة في حوض البحر الأبيض: اليونان ثم حلفائهم الرومان ثم البيزنطيين فلم يكن الحال في البحر الأحمر بأفضل مما كان عليه في الخليج العربي فما ان سيطر اليونانيون على المناطق المحيطة بالجزيرة العربية في مصر والشام والعراق حتى سارعوا إلى فرض سيطرتهم الكاملة على طريق الحرير البحري ولم يكن يضايقهم في ذلك الا التجار والملاحون العرب. وفي عهد خلفاء الاسكندر المقدوني في مصر عمل البطالمة على إعادة القناة القديمة التي كانت تربط بين النيل والبحر المتوسط والبحر الأحمر فأمر بطليموس الثاني 185-146 ق م بإعادتها وسير السفن البحرية من مصر إلى الهند ولحماية تجارة الشرق المحمولة على سفنهم أسكن البطالمة جاليات يونانية في بعض موانئ البحر الأحمر وأطلقوا أسماء يونانية على مستوطناتهم ومنها ميناء امبلوني الذي كان يعتقد وقوعه في ميناء الوجه بشمال غرب المملكة العربية السعودية، غير أن الأبحاث الأثرية التي أجريتها في سواحل البحر الأحمر أثبتت أن امبلوني تقع في جزيرة فرسان حيث يوجد بالفعل في الجزيرة بقايا مبني يوناني الطراز ونقوش يونانية .
وأخيرا قررت الكوريتين رغم الخلاف السياسي بينهما إعادة إنشاء الخط الحديدي الموازي لدرب الحرير ، مما سوف يكون له اثر بالغ في دعم اقتصادهما . وينظر المراقبون إلى الأثر المستقبلي الذي ستحدثه سكة الحديد الأوروبية الآسيوية، وهو مشروع طُرِح منذ سنوات، وبدأ التنسيق في شأنه بين الدول الأوروبية في الاتحاد الأوروبي ودول شرق آسيا، فسكة الحديد ستساعد في تعزيز التقارب الاقتصادي بين دول شمال شرق آسيا ومناطق روسيا الشرقية، وبالنسبة لروسيا فإنها ستربط جزءاً من اقتصادها من خلال هذه السكة بآسيا في محاولة منها غرس تأثير أكبر لها، وخاصة في شبه الجزيرة الكورية واليابان، مشعلة بذلك منافستها التقليدية مع الصين.
فإذا اكتملت عملية إصلاح وتعبيد خطوط السكك، فإنه سيكون أمام الكوريين خياران للوصول إلى أوروبا برًّا، حيث ستكون على شكل رقم (7) محتضنة شبه الجزيرة الكورية، فعلى امتداد الساحل الغربي لشبه الجزيرة الكورية ستمتد سكة حديد "كيونغوي"؛ لتربط المناطق الغربية بسكك الحديد التي تمر عبر أقاليم الصين الشاسعة، وعلى امتداد الساحل الشرقي سيمتد الخط "كيونغون" ليربط المناطق الشرقية بسكة حديد سيبيريا.
وياليت قومي يعلمن ؟ كم اتمنى أن يعاد النظر في احياء طريق الحرير البحري لينعش الساحل الغربي للبحر الأحمر ويدعم التواصل والتلاحم بين الدول العربية والإسلامية المطله عليه ، وكذلك كم اتمنى إعادة إنشاء وتشغيل الخط الحديدي الحجازي الذي يصل اسطنبول بالمدينه المنوره مارا بكل من تركيا ، سوريا الأردن ومملكتنا الحبية ، فهذا الخط سوف يسهم في خدمة الحجاج والزوار والمعتمرين وينعش الإقتصاد ويقلل من حوادث السير التي تزهق في كل يوم ارواح شبابنا والتي تسيل دمائهم الطاهرة لتروي جفاف الخطوط الإسفلية المتعطشه من شدة حرارة الجو.
الجدير بالذكر أن الخط الحديدي الحجازي هو وقف إسلامي شيد من بيت مال المسلمين ويجب عدم اهماله واغفاله ويجب تسخيره لخدمة المسلمين. فكم اتمنى أن اصطحبكم برحلة برية نركب فيها عربات القطار من الدمام بالمنطقه الشرقية إلى أن نصل إلى اسطنبول مارين بعاصمة بلادنا الحبيبه وبالديار المقدسة . آه حلم وكم ارجو أن يتحقق.
أ. د. محمد بن حمد خليص الحربي