جوربي ..
كأنَّ الريحَ على قلقٍ
كأنَّ الريحَ على قلقٍ
[align=justify]جوربُ لي، على قلق، واقفٌ قربَ نافذةٍ تتحولُ حين يُطلُّ إلى شبح يتلفتُ، ذاتَ يمين وذاتَ يسار، وينظرُ منْ أيما جهةٍ تُشرقُ الرِّيحُ، وللرِّيح أحوالُها ومقاماتُها. ليس تَهتمُّ بالجَوربِ المُتسكِّع في قلق, ليس تَهتمُّ بالجدل الفلسفيِّ إذا جوربي، الآنَ، عَنَّ له أنْ يُناقشَ ما رتبَ الطقسُ منْ وجهةٍ، خارجَ النصِّ، وما سحبَ الجرْسُ منْ أرنبٍ للتآويل تجري إلى نسقٍ، وإذا ما تخيَّلَ أنَ الأرانبَ داجنةٌ، في الدُّجنَّةِ، عندَ انجلاء الليالي بمُستبق. حكَّ أرنبةً نفرتْ وتمطتْ أماما لتستدرجَ الشمسَ حتَّى تريحَ على جبهةٍ للفراغ أشعةَ حدس بما ليس يأتي، على أرق أو على سرق، منْ مجازاتها كلما حكَّ أرنبة الأنفِ ملتمسٌ أمرَه تلوَ ملتمس. للمجازاتِ جوربُها اللغويَّ إذا جرحته فإنَّ الكلامَ شهيدٌ، وإنْ لمحته، على شرَقٍ، خلفَ نافذةٍ لا تُبارحُ جرَّتَها فالكلامُ شريدٌ, كلامٌ يَحفُّ جوازاتِه بغرابتها، ويطيرُ إلى أفقٍ ليطيرَ به أفقٌ، فالكلامُ مديدٌ. الغمامٌ الفضوليُّ كانَ يرشُّ الحديقةَ بالغيبِ. يقفو أساطيرَها بالتَّفاسير. مَنْ قالَ: هاتِ تفاسيرَها؟ مَنْ يَدسُّ أساريرَه في أساريرها ؟ ولمنْ أرسلتْ سائراتٌ إلى القلبِ أسرارَها ومدائنها ؟ تلك أسئلةٌ والفراشةُ تهوي بأجنحةٍ وتفرُّ إلى عمْرها، قيدَ أسئلةٍ، وتُسِرُّ إلى الرِّيح بالضَّوءِ كيفَ ينسابُ خيطا من الموج. لا جبلٌ. كيفَ يَرسو على غرقٍ ؟ وتُسِرُّ إلى البحر، حين تُسِرُّ، بأنَّ الجبالَ إلى جدل فلسفيٍّ تَضمُّ الخيوط إلى إبرةٍ، وبأنَّ الجبالَ تُقيمُ مُناظرةً بينَ أسمائها حينَ تنأى وأشيائها كلما رسمتْ كلماتٍ على ثوبها بالنداءِ القصيِّ. ولا جملٌ يلجُ السَّمَّ منْ قبلُ. صحراءُ تنظمُ صحراءها في معلقةٍ وتنامُ على شفةٍ للكلام إذا ما عكاظ القصيدِ اختفى، وإذا ما قصيدةُ نثرٍ منفى لكلِّ عروض الخليل وكلِّ القروض من المصرفِ اللغويِّ. معاجمُ تعوي بأرصفة القول. شُقي جيوبا فما هذه لغة، يا ابنَ منظور. ما الطريقُ إلى لغةٍ لا تؤولُ إلى لغةٍ لا ترى يا ابن جني؟ ألقى القرينُ بمعطفه فاحتمى جبلُ بمغارته وتذكرَ درويشَ يُنشدُ للزعتر البلديِّ القصيدَ، وأحمدُ بينَ سؤالين: كيف لها أن تُخبئه في اللاكلام الجبالُ وإنْ خبأتْه فأينَ القصيدةُ حينَ يقولُ الرمادُ لجمرته: كيف كنتِ أنا يا أنا ؟ الكتابةُ ضِحكةُ جمر على وتر العمر. تهتزُّ. تهمزُ. تبتزُّ ليلكَ عندَ الدنوِّ من الليلِ. قد تستفزُّ وقوفَ الصَّدى قربَ نافذةٍ تتأملُ ما جوربٌ لي أنا يتأملُ. قلتُ: سأوسِعُه لغةً كلما ابتدعَ الخطوَ مُبتعدا عنْ حذائي، فقالَ حذائي، وكان يُهرولُ بي، ويُقبِّلُ هذا الجدارَ وذاكَ الجدارَ، فذا جوربٌ صابئٌ ألِفَ الغِيَّ، منذ الوقوفِ على طللٍ بين نافذةٍ تتقرَّى أصابعَها ثمَّ نافذةٍ تتحرَّى مواجعَها. كان يعطسُ برقا ليلتفتَ الشعراءُ إلى الحيِّ وحتى يميلوا إلى غزلٍ عربيِّ فينكسروا. إنَّما الحيُّ ذا أثرٌ بعدَ عينٍ إذا نظروا. إنما الحيُّ خارطة للطريق، فأينَ الطريقُ ؟ وما الأثرُ؟ المساءُ يدسُّ، بخرج القصيدةِ، جوربَه. المساءُ أتى يتفرَّسُ في الذاهبين إلى لغةٍ بمنعَرجٍ للطريق. المساءُ يجسُّ الفراشةَ حتى تجوسَ الحريق. على قلقٍ تلكزُ الرِّيحُ، منها، الجناحين. ينفرجان صعودًا إليَّ ومني نزولا ويقتربان حدودا إلى حيثُ نافذةٌ ترتدي شبحا وتوسِعُه جوربا لي .. ومِنْ تحتِه الرِّيحُ، ترفو المساءَ،َ على قلقٍ .. [/align]