الهياكل

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسين أحمد سليم
    أديب وكاتب
    • 23-10-2008
    • 147

    الهياكل

    الهياكل

    بقلم: حسين أحمد سليم

    الهياكل, القلاع, الأعمدة, المسلاّت, القبب, المنارات, الأضرحة, الحجارة والنقوش والرّسومات والمساجد والمزارات والمقامات والمغاور, والمخلّفات المختلفة الأشكال والأنواع والطّرازات وغيرها بوح أمم حضارات العصور السّالفة... ما زالت قائمة تنتصب عناصر حجارتها المتآكلة في أحضان الوهاد والسّهول والجبال والقمم والفلوات, تتراءى لنا ترفل لها العين الباصرة بالوعي الباطنيّ, ويختلج لها الفكر المكتنز بالعرفان الذّاتي في محاكاته, تتراءى صامدة في نسيج قوامها منها ما يجابه عتوّ الرّياح وتقلّبات الطّبيعة على مرّ الأيّام ضمانة للبقاء لمدّة أطول, ومنها ما يتكيء إلى وسادات الثّرى وبلاطات الحجر فوق أديم الأرض, ومنها ما يسبح في غفوة مديدة تحت حبيبات التّراب... تدغدغها عشقا موروثا تجلّيات النّسيمات الحالمة بالحبّ, عند هدأة المساءات اللطيفة بعد غياب الشّمس, وعند سكينة الفجر الأثيريّ قبل شروق الشّمس في الصّباحات... آثار بقايا أطلال الماضي الموغل في البعد المرتحل عنوة قدريّة في الإمتدادات, مكوّنات تحمل إلينا أسرار حضارات سادت حينا من الزّمن ثمّ بادت كأنّها لم تكن... موروثات من حقب الزّمن الغابر تتماهى عنفوانا تاريخيّا عتيدا في أروقة جغرافيّة الحاضر في هذا العصر الموسوم بثورة العولمة في كلّ الأشياء, حجارة تحكي قصص التّاريخ وروايات شعوب مضت إلى غير رجعة, فقط نستذكرها في كتاب الجغرافيا المستحدث وفق سياسات الأمر الواقع... تحملنا رواياتها التي صيغت منظوماتها من خيالات ميثولوجيا المعتقدات عند مؤرّخي السّلالات البشريّة, ترود بنا على أجنحة أثير التّخاطر إلى الإيغال في مجاهل الأمس البعيد, نتفكّر كثيرا وعميقا في رموز وكتابات ومصطلحات وطلاسم وأبجديّات مسماريّة, نقشت بعناية فوق رخامات أثريّة بقي منها البعض القليل النّادر, وإندثر البعض الآخر وهو كثير العدد غالي الثّمن, علّ صوابيّة التّحليل في منهجية مساراتنا الإستقرائيّة لأوراق التّاريخ تحالفنا نجاحا في محاكاتنا... فنلجأ بعد لأي وكدّ وجهد في التّفكّر لتدوين خلاصة إجتهاداتنا على ذمّة الرّؤى التي تخالجنا كالأمل المرتجى, من إيحاءات متلمّسات أحافير ومسكوكات متحجّرة في قلب التّراب, إمتدّت في هجعة متعة حلم النّوم آلاف السّنين, تنتظر على أحرّ من الجمر في صقيع دفائنها من يأتي يوما يرفع عنها عذابات الضّياع, حتّى أتت الأيادي المنقّبة لما تحت غطاء التّراب بإيعاز العقل المتفكّر, وراحت الأصابع الحاذقة تجتهد في نفض الغبار عمّا علق بها تجاوبا مع الوجدان, لتتألّق المستكشفات أمامنا في مشهديّات غنيّة فيما تحمل في مضامينها, تعتبر ثروة كبرى للبلاد التي تحتضنها في مخزون ترابها المقدّس, إن سلمت في أماكن وجودها من سطوات اللصوص في لعبة إجرام سرقات الآثار, بعيدا عن العين السّاهرة على المقدّرات الوطنيّة, لتباع خلسة مدروسة في أسواق بازارات النّخاسات الدّوليّة مقابل حفنة قليلة من الأموال...
    حسين أحمد سليم
    hasaleem
يعمل...
X