
من منا لم يستمع لصوتها الشجي عند أول انبجاس لخيوط الشمس
بينما تنحدر من خلف الهضاب الباذخة متأهبة وذات الشجن الذي يعبره الصوت الملائكي الدافئ
أمرٌ غريب, كأن الأصوات البديعة تطورت مع أطراف النهار وآناء الليل, في الصباح تمتلكنا رغبة جامحة لسماع فيروز. عند الظهيرة تنازعنا الشجون نحو وردة أو ميادة عند الغروب يمكن الإحتراق بصبابة الجوى والعندليب الأسمر, وفي المساء الرائق تغذي أم كلثوم القلوب بصوتها المبحوح الرائع.
قد تختلف الأذواق ولكن الثابت واللا ممكن
هي فيروز وأم كلثوم, اقتطعتا طوعاً شقين من التقاء الليل بالنهار .
في المركبة تصدح بصوتها لترسم ابتسامة خافتة على محيا المضني والملوع
والمشتاق بل التائه فالغريب. في الشارع على الأرصفة الحارة. الباعة مسرورون جدا متأهبين نشطين, أرواحهم ملتصقة بتعب ينتظر أقدامهم وربما تحض أجسادهم
على شقق النهار وكفاحه !!
يمكنُ أن تستمع لفيروز بلهفة وخشوع بينما تشفّ كوب القهوة مع ترنيمة الشبابة آنذاك و آهٍ تبعثها زفراتِ صوتها الملائكي وما إن تبتلع الغصة بشهيق التبغ نافثاً دخانه في الهواء مشكلاً دوائر تخالهن استدارة عيناها.
فيروز ملتصقة بخلايا الصباح كما يلتصق الندى بأوام ريق الورقة. كلاهما يعبران مساحة شاسعة من فضاء بكر يساوي بين السحر والخيال, فيروز ربما علامة تجارية وحصرية لأول تنهيدة صباحية تتفتق مع الشروق!!
تعليق