نصيحة مؤجلة
قصة قصيرة
في أيام
ساورته الشكوك بأن ولده أصبح من حزب المدخنين، فأخذ يفكر في عقاب يلاءم ابنه و يجعله يلعن اليوم الذي ارتشفت فيه شفتاه أول جرعة هوائية من النيكوتين، أطال التفكير، و اشترى كتبا صفراء تعلم كيفية التواصل بين الابن و أبيه ، من ثم عرج على الأشرطة المسجلة ، حصل على ثقافة عالية في أضرار التدخين و عواقبه الخطيرة، و رصد بعضا من التجارب و الحالات الأليمة ، فاستمع لمحبي القص و ذوي الحلقات المستديرة ، فسأل و استفسر إلى أن قرر الحديث مع ابنه بلطف بعدما حصل على كل الدلائل على أن التدخين مضر ، بقي له أن يختار اليوم و المكان ، فالحديث معه أمام الجميع سيقلل من شأن ولده ،لذا احتار في المكان و الزمن ، لكن بعد طول تفكير ، قرر أن يفاتحه في الأمر يوم الجمعة بعد الصلاة مباشرة، حيث تهدأ النفوس و تنشرح القلوب و ينفرج العقل.
يوم الجمعة
استيقظا معا في وقت متأخر ، حيا الابن أباه ، توضئا، لبسا أحسن ما ملكا ، خرجا متوجهين إلى المسجد المجاور ، كانت خطوات الابن تنم على علمه بأن والده يخطط لشئ ما ، بين الفينة و الأخرى يرمقه بنظرات الريبة و الفضول، لكن الأب لم يأبه بل واصل طريقه بتبات إلى أن وصلا المسجد ، فدخلا ثم صليا فخرجا.
نشب ازدحام أمام باب المسجد، فتتدافع المصلون، منهم من يكبر، و منهم من يلعن الناس، ومنهم من يحيي، و منهم من يبصق ما علق في فمه من جوارب من صلى أمامه.
أما الوالد فقد أدخل يده في قمقم جلبابه الأبيض، فأخرج سيجارة و تذكر أنه نسي "الولاعة" فأخذ يطلب من الناس أن يوقدوا له النار في سيجارته و رأسه إلى الأرض، امتدت يد إلى فمه، و انطلقت النار لتلتهب بالسيجارة ، فرفع الأب رأسه فشكر ابنه دون أن ينتبه ، بعد ذلك انصرف وعاد إلى المنزل وهو يرتشف جرعات النيكوتين.
مصطفى خداد : قاص و كاتب صحفي من إيطاليا
نشب ازدحام أمام باب المسجد، فتتدافع المصلون، منهم من يكبر، و منهم من يلعن الناس، ومنهم من يحيي، و منهم من يبصق ما علق في فمه من جوارب من صلى أمامه.
أما الوالد فقد أدخل يده في قمقم جلبابه الأبيض، فأخرج سيجارة و تذكر أنه نسي "الولاعة" فأخذ يطلب من الناس أن يوقدوا له النار في سيجارته و رأسه إلى الأرض، امتدت يد إلى فمه، و انطلقت النار لتلتهب بالسيجارة ، فرفع الأب رأسه فشكر ابنه دون أن ينتبه ، بعد ذلك انصرف وعاد إلى المنزل وهو يرتشف جرعات النيكوتين.
مصطفى خداد : قاص و كاتب صحفي من إيطاليا