رسالة إلى فلسطيني قبل إعدامه سياسيا
بقلم : د. مازن صافي6/10/2009
بالأمس كنت في زيارة لقريب لي لمناقشته في موضوع ما .. وقبل أن ابدأ الحديث شاهدت بجانبه قطة بدأ عليها الوجوم والتعب .. لم ينتظر سؤالي .. اخبرني أن هذه القطة كانت في بيته وهي حامل .. وحين أنجبت أربعة من القطط .. بدأت لمدة اسبوع كامل في إرضاعهم .. وذات مرة خرجت الى الشارع .. وعادت وقد بدأ الانهاك عليها وكانت القحة تمزقها كما نحن في عالم الإنسان .. وما لاحظته " يضيف " أنها لم تقترب من اولادها .. وبدأ جسدها في النحول .. وبدأ صغار القطط بالذبول .. وتفاجئنا أنها خرجت كلية من البيت .. وتركت صغارها لدينا .. في اليوم الرابع من شوال كنا قد بدأنا في ارضاع الصغار حليب صناعي بواسطة الرضاعات الصناعية .. والله " يقسم " لم نهنأ على طعام الافطار وكنا صائمين ، وكانت زوجتي تبكي هذا المشهد التراجيدي الحزين .. وكنا نراقب القطة الام وباتت عليها اثار سمٌ ربما تناولته في يوم خروجها .. مات الصغار جميعهم .. لم يصمدوا برغم كل عنايتنا لهم .. وعادت أمهم الى البيت وهي منذ تلك اللحظات تبحث عن صغارها .. وحين فشلت في رؤيتهم أصابتها ما يشبه بــ الاكتئاب النفسي الحاد لدى الإنسان العاقل ..
قطاع غزة والحرب الصهيونية ..
لتعلم استمرت الحرب الظالمة على قطاع غزة " 22 " يوما حيث بلغ عدد الشهداء " 1380 " و عدد الجرحى " 5500 " مواطن , و إلقاء أكثر من مليون كيلو جرام من المتفجرات من خلال الطيران ناهيك عن وجود " 2600 " طلعة جوية , فيما قدرت جم الأضرار و الخسائر المادية مابين 2 – 3 مليار دولار و هو رقم أولي , فيما دمرت حوالي " 60 " مدرسة بشكل كلي و " 30 " مركز امني , " 15 مقر وزاري بشكل كلي ,و " 1500 " محل تجاري , و جرى قصف جسرين ... والى اليوم لازالت المخاطر الصحية التي يحدثها اليورانيوم والتي تشمل التشوهات الخلقية و سرطان الدم و فقدان الذاكرة , مشاكل خلقية , تساقط الشعر , العقم , التخلف العقلي , و تلويث السلسلة الغذائية .. تشغل كل الباحثين .. هناك غموض حقيقي في اثار الحرب .. وهناك حالات مرضية غريبة تسجل في مستشفيات القطاع لم تسجل واحدة منها قبل الحرب .
لعل كبرياء الرجولة منعت الكثير من أن يعبر عما عايشه طيلة فترة الحرب , التي لم يعرف خلالها للنوم مذاق و للسعادة باب لراحة الباب فكان العديدين في مسرح الأحداث ( وكل قطاع غزة كان مستباح بحرا وجوا وبرا ) فريسة للصدمة النفسية الناجمة عن خشيته من زخات الرصاص التي حاطت بمنزله من كل ناحية و ذوي الانفجارات التي ايقضت مضاجعه و رسائل التهديد الإسرائيلية التي لم تسكن لحظة .
لقد كشف أطباء مصريون و عرب من العائدين من غزة ( وكنت معهم في ايام الحرب ولم يكن باستطاعتنا ان نتذوق طعم الاستراحة والتعارف .. فما تنقله سيارات الاسعاف لم يكن ليتوقف لحظة واحدة .. ) كشف هؤلاء الاطباء المجاهدين حقا عقب مشاركتهم في جراء عمليات جراحية لضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي الوحشي الذي استخدم كافة الأسلحة المحرمة عن أنهم شاهدوا أهوالا في غزة و إصابات لم يروها من قبل و قالوا أن إصابات بتر الأطراف كانت أهون ماريناها .
وصدقني نحن وهم رأينا مشاهد مروعة لا يمكن رؤيتها إلا في أفلام الرعب عن مجزرة الاحتلال و هذا خلفته من ضحايا و حروق و بتر و تسمم الجسم و اختراق الجلد بحروق حتى العظام و قالوا : أن جثث الشهداء من الأطفال و النساء انتشرت في الشوارع و استخدمت قنابل الفسفور التي تحرق الأخضر و اليابس ومواد سامة قاتلة .
لربما تقول اننا لازلنا متأثرين بما عانيناه .. لذلك انقلك مباشرة الى الدكتور احمد اللبان رئيس إحدى فرق الطوارئ حيث قال أن معظم الأطفال الذين استقبلتهم مستشفيات العريش مصابون بالعمى جراء الشظايا التي تطايرت على أبصارهم مؤكدا أن هناك حالات كثيرة مصابة بتهتك كامل في الأمعاء و الجوف المسبب نفسه و هي إصابات يرى الخبراء إنها نتيجة استخدام قنابل الارتجاج والميكروويف المسماة بـ" تيرموبانيك ".
لربما يزعجك ان انقل لك شهادة حية ممن عايش المجازر .. استمع الى الطفلة المازة السموني ذات " 10 أعوام " حين تقول بمرارة ووجع لا ينتهي " أتعلم ما الذي دفع جيش الاحتلال الإسرائيلي لاستهدافنا و قتل 29 من أفراد عائلتي لان أخي الصغير الذي لا يتجاوز الثلاثة أعوام كان يحمل صاروخا و يريد أن يلقيه عليهم و كنت احمل عبوة و أريد تفجيرها بجنوده و لان أمي التي كانت تحتضننا كانت ترصد حركة الطائرات و تريد إسقاطها."
ليس من الغرابة حين أخبرك وعلنا أن الشعب الفلسطيني يئس من الحكام العرب الذين صمتوا أمام إراقة دماء المسلمين .. ولكن هل يمكنك تصور كيف يمكن أن يكن اليأس من القيادة الفلسطينية التي تخلت عن تحمل مسؤولياتها في أروقة الأمم المتحدة وبلسانك أنت .. أي لحظات حمقاء تلك التي فكرت فيها بالطلب بتأجيل تبني مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة تقرير القاضي جولدستون؟!
هل فكرت في أن الشعب الفلسطيني سوف يسجلك في صفحات سوداء لا يمكن أي كان أن يمحيها أو يلونها بغير اللون الأسود .. ماذا ستقول للعائلات في قطاع غزة وكل العائلات لها امتداد في كل فلسطين وفي كل الشتات الفلسطيني .. بمعنى صفحتك السوداء سوف تصل الى كل العالم .. وكيف أخبرك أن العرب والمسلمين ايضا قد وضعوك في نفس الصفحات السوداء .. كيف ستمشى مرفوع الراس بين اسرتك .. أقسم أن اسرتك تستنكر فعلتك الشنيعة ...
لربما تفكر الآن في الاقامة في المنفى .. ففلسطين وأرضها سوف تلفظك .. و أهالي الضحايا وهم بالمئات سيطالبون أن تتم محاكمتك .. ولربما هناك اسوأ من المطالبة .. لا يمكنك التنبؤ بحجم ردات الفعل .. هل تعلم أن كل ويلات الحرب اختصرت في اسمك .. لربما تكون مظلوما ..؟؟!! هنا تريد أن تثبت براءتك .. سأخبرك شيئا .. في العام 1967 م انتحر عبد الحكيم عامر .. ( هناك روايات تقول أنه تم قتله ) .. وبقتله تم التأريخ لمرحلة ما بعد النكسة .. مرحلة جديدة تم تعليق كل ما سبقها في رقبة " المنتحر أو المعدوم " عبد الحكيم عامر .. لربما موت الانسان سياسيا أقسى من موته جسديا ... فكيف حين يتم اعدامه وطنيا وسياسيا واجتماعيا .. حتى الممثل الذي يمثل دور القاتل أو المجرم أو الخائن أم اللص يتم النظر له بنظرة الاستياء في الشارع ، فكيف حين يكون كل شيء حقيقة .. تخيّل ذلك مجرد خيال ..
انت وحدك من يمكنك ان تقول الحقيقة كل الحقيقة .. وقبل فوات الأوان .. الامور تتصاعد .. ولربما تكون انت وحدك من هدمت احلام الناس في حدوث معجزة المصالحة ... يومها الفشل سوف يذكرك بالاسم .. سأنهي رسالتي لك العبارة المشهورة للشهيد القائد الفلسطيني صلاح خلف " ابواياد " حين قال : أخشى ما أخشاه ان تصبح الخيانة وجهة نظر" .
وهذا ما يمكن ان ارفقه مع مقالي بالاضافة الى قصة القطة التي رفضت ان ترضع اطفاله السم كي لا يتسمموا منها ولا تسمى " قاتلة اطفالها " ...
قطاع غزة والحرب الصهيونية ..
لتعلم استمرت الحرب الظالمة على قطاع غزة " 22 " يوما حيث بلغ عدد الشهداء " 1380 " و عدد الجرحى " 5500 " مواطن , و إلقاء أكثر من مليون كيلو جرام من المتفجرات من خلال الطيران ناهيك عن وجود " 2600 " طلعة جوية , فيما قدرت جم الأضرار و الخسائر المادية مابين 2 – 3 مليار دولار و هو رقم أولي , فيما دمرت حوالي " 60 " مدرسة بشكل كلي و " 30 " مركز امني , " 15 مقر وزاري بشكل كلي ,و " 1500 " محل تجاري , و جرى قصف جسرين ... والى اليوم لازالت المخاطر الصحية التي يحدثها اليورانيوم والتي تشمل التشوهات الخلقية و سرطان الدم و فقدان الذاكرة , مشاكل خلقية , تساقط الشعر , العقم , التخلف العقلي , و تلويث السلسلة الغذائية .. تشغل كل الباحثين .. هناك غموض حقيقي في اثار الحرب .. وهناك حالات مرضية غريبة تسجل في مستشفيات القطاع لم تسجل واحدة منها قبل الحرب .
لعل كبرياء الرجولة منعت الكثير من أن يعبر عما عايشه طيلة فترة الحرب , التي لم يعرف خلالها للنوم مذاق و للسعادة باب لراحة الباب فكان العديدين في مسرح الأحداث ( وكل قطاع غزة كان مستباح بحرا وجوا وبرا ) فريسة للصدمة النفسية الناجمة عن خشيته من زخات الرصاص التي حاطت بمنزله من كل ناحية و ذوي الانفجارات التي ايقضت مضاجعه و رسائل التهديد الإسرائيلية التي لم تسكن لحظة .
لقد كشف أطباء مصريون و عرب من العائدين من غزة ( وكنت معهم في ايام الحرب ولم يكن باستطاعتنا ان نتذوق طعم الاستراحة والتعارف .. فما تنقله سيارات الاسعاف لم يكن ليتوقف لحظة واحدة .. ) كشف هؤلاء الاطباء المجاهدين حقا عقب مشاركتهم في جراء عمليات جراحية لضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي الوحشي الذي استخدم كافة الأسلحة المحرمة عن أنهم شاهدوا أهوالا في غزة و إصابات لم يروها من قبل و قالوا أن إصابات بتر الأطراف كانت أهون ماريناها .
وصدقني نحن وهم رأينا مشاهد مروعة لا يمكن رؤيتها إلا في أفلام الرعب عن مجزرة الاحتلال و هذا خلفته من ضحايا و حروق و بتر و تسمم الجسم و اختراق الجلد بحروق حتى العظام و قالوا : أن جثث الشهداء من الأطفال و النساء انتشرت في الشوارع و استخدمت قنابل الفسفور التي تحرق الأخضر و اليابس ومواد سامة قاتلة .
لربما تقول اننا لازلنا متأثرين بما عانيناه .. لذلك انقلك مباشرة الى الدكتور احمد اللبان رئيس إحدى فرق الطوارئ حيث قال أن معظم الأطفال الذين استقبلتهم مستشفيات العريش مصابون بالعمى جراء الشظايا التي تطايرت على أبصارهم مؤكدا أن هناك حالات كثيرة مصابة بتهتك كامل في الأمعاء و الجوف المسبب نفسه و هي إصابات يرى الخبراء إنها نتيجة استخدام قنابل الارتجاج والميكروويف المسماة بـ" تيرموبانيك ".
لربما يزعجك ان انقل لك شهادة حية ممن عايش المجازر .. استمع الى الطفلة المازة السموني ذات " 10 أعوام " حين تقول بمرارة ووجع لا ينتهي " أتعلم ما الذي دفع جيش الاحتلال الإسرائيلي لاستهدافنا و قتل 29 من أفراد عائلتي لان أخي الصغير الذي لا يتجاوز الثلاثة أعوام كان يحمل صاروخا و يريد أن يلقيه عليهم و كنت احمل عبوة و أريد تفجيرها بجنوده و لان أمي التي كانت تحتضننا كانت ترصد حركة الطائرات و تريد إسقاطها."
ليس من الغرابة حين أخبرك وعلنا أن الشعب الفلسطيني يئس من الحكام العرب الذين صمتوا أمام إراقة دماء المسلمين .. ولكن هل يمكنك تصور كيف يمكن أن يكن اليأس من القيادة الفلسطينية التي تخلت عن تحمل مسؤولياتها في أروقة الأمم المتحدة وبلسانك أنت .. أي لحظات حمقاء تلك التي فكرت فيها بالطلب بتأجيل تبني مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة تقرير القاضي جولدستون؟!
هل فكرت في أن الشعب الفلسطيني سوف يسجلك في صفحات سوداء لا يمكن أي كان أن يمحيها أو يلونها بغير اللون الأسود .. ماذا ستقول للعائلات في قطاع غزة وكل العائلات لها امتداد في كل فلسطين وفي كل الشتات الفلسطيني .. بمعنى صفحتك السوداء سوف تصل الى كل العالم .. وكيف أخبرك أن العرب والمسلمين ايضا قد وضعوك في نفس الصفحات السوداء .. كيف ستمشى مرفوع الراس بين اسرتك .. أقسم أن اسرتك تستنكر فعلتك الشنيعة ...
لربما تفكر الآن في الاقامة في المنفى .. ففلسطين وأرضها سوف تلفظك .. و أهالي الضحايا وهم بالمئات سيطالبون أن تتم محاكمتك .. ولربما هناك اسوأ من المطالبة .. لا يمكنك التنبؤ بحجم ردات الفعل .. هل تعلم أن كل ويلات الحرب اختصرت في اسمك .. لربما تكون مظلوما ..؟؟!! هنا تريد أن تثبت براءتك .. سأخبرك شيئا .. في العام 1967 م انتحر عبد الحكيم عامر .. ( هناك روايات تقول أنه تم قتله ) .. وبقتله تم التأريخ لمرحلة ما بعد النكسة .. مرحلة جديدة تم تعليق كل ما سبقها في رقبة " المنتحر أو المعدوم " عبد الحكيم عامر .. لربما موت الانسان سياسيا أقسى من موته جسديا ... فكيف حين يتم اعدامه وطنيا وسياسيا واجتماعيا .. حتى الممثل الذي يمثل دور القاتل أو المجرم أو الخائن أم اللص يتم النظر له بنظرة الاستياء في الشارع ، فكيف حين يكون كل شيء حقيقة .. تخيّل ذلك مجرد خيال ..
انت وحدك من يمكنك ان تقول الحقيقة كل الحقيقة .. وقبل فوات الأوان .. الامور تتصاعد .. ولربما تكون انت وحدك من هدمت احلام الناس في حدوث معجزة المصالحة ... يومها الفشل سوف يذكرك بالاسم .. سأنهي رسالتي لك العبارة المشهورة للشهيد القائد الفلسطيني صلاح خلف " ابواياد " حين قال : أخشى ما أخشاه ان تصبح الخيانة وجهة نظر" .
وهذا ما يمكن ان ارفقه مع مقالي بالاضافة الى قصة القطة التي رفضت ان ترضع اطفاله السم كي لا يتسمموا منها ولا تسمى " قاتلة اطفالها " ...