قراءة في قصيدة ستار زمن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحمد النوباني
    أديب وكاتب
    • 26-08-2008
    • 527

    قراءة في قصيدة ستار زمن

    يخرج من مشكاة ملل


    وهج العثرة


    ينطوي الوعد


    وتنسحب الخطى نحو الطريق


    حديث يعود للمفترق


    وعيون تأتي بالبداية


    كما المناجاة حائرة


    تساؤل حين صمت


    وانطلاق رؤى


    تتراكم على الجنبات عيونهم


    لكنها الظلمة


    ستار زمن


    وعي الذاكرة يخبو


    يتناثر الرماد فوق الكلمات الباقية


    أسير وحدي


    ويقترب الضوء


    ينساب الارتياح مثل ماء


    يعود دفء الخاطرة


    حين كنتِ


    لكنك أنتِ


    بعض شوق يتناثر مثل طيف


    سحر خروج الأمل


    نحو أفق تشرق شمسه النائمة

    ---------------------------------------------------
    قراءة في قصيدة ستار زمن

    كتابة أحمد النوباني لمن لم يعرف طريقته في الاقتراب من النص ستبدو كما لو كانت جملا مفككة لا نستطيع الإلمام بمعانيها أو الاقتراب منها ... رغم أن النص نفسه يفصح في بدايته في كثير من الأحيان عن طريقة هذا الاقتراب وبدايته... وكأنه بهذا يضع للقارئ بابا يلج منه للنص ولكن دون إفصاح فيترك الباب مفتوحا ويمضي بعيدا إلى نصه غير عابئ بمن اخطأ الدرب أو ظل عن الطريق أو حتى لمن وقف أمام الباب حائرا...

    يخرج من مشكاة ملل
    وهج العثرة

    الكلمات هنا (الملل) (العثرة) والوهج هي مفتاح النص الذي سيتضح أكثر كلما تقدمنا في الطريق إليه.... لكن الملل هنا ليس مللا عاديا يقود الإنسان في الغالب إلى الرغبة في التغيير أو البحث عن شيء مفقود لا يدري ما هو ... لكنه الملل من الخارج بدليل العثرة التي توهجت وكأنها جرس قرع أمام النفس لتعيدهاإلى مسافة أكبر في داخلها....

    ينطوي الوعد
    وتنسحب الخطى
    نحو الطريق

    الوعد الذي انطوى وكأنه بهذا انحسر وتراجع وخذل الآخر أو النفس هو ما تقدمت إليه القصيدة وما بذرته في الدرب... انسحاب الخطى نحوالطريق استعادة لدرب عادي مطروق وعادي وكأنه بهذا يكف الحلم الذي أوجده الوعد ويقعده عن المضي فيه ... وهنا يظهر ترابط الكلمات في إعطاء فكرة محددة في النفس وواضحة ولكنها في ذات الوقت مؤلمة فالوعد انطوى والخطى انسحبت والطريق عاد لثباته واتزانه و..عاديته........

    حديث يعود للمفترق
    وعيون تأتي بالبداية
    كما المناجاة
    حائرة

    بعد الصورة الأولى الكلية التي أوجدت الشعور النفسي الأول (الملل والعثرة) الصورة الجامعة للوعد والخطى والطريق .. تأتي صورة أكثر اقترابا من النفس واشد تركيزا على الذات وما تبعثر فيها (حديث يعود للمفترق) .. هو انفصال ... وتلاشي ... ما بين نفسين وروحين ... فالوعد بالضرورة ما بين اثنين وكذلك الحديث.... لتعود العيون وهي ما تبقى بعد تلاشي الحديث للحيرة والبداية ... البداية التي لم يفصح عنها النص صراحة لكنا نستطيع أن نستشفها مما سبق ...
    (كما المناجاة) هنا جملة في غاية الجمال فالمناجاة التي شبهت ب(حائرة) تشي بعمق هذه المناجاة والتي نلجأ إليها عادة في حيرتنا وفي عمق التأمل في الذات وفيما حولها....
    المناجاة الحائرة هي تلك التي ترتجف كالأسئلة التي توقن بتلاشيها دون إجابات.... أو هي كالقلق الذي يتكون في النفس في بحثها عن لحظة ماتشكل ركيزة لما تريد أن تصل إليه... تماما كتلك المناجاة التي قام بها سيدناإبراهيم عليه السلام في بحثه عن إله يرضي نفسه ... (انه ليس ربي ...) المناجاة الحائرة هي تلك التي تقود إلى اقتراب حقيقي من الذات ومن الآخر ومن الكون ومن كل ماتريد ....


    تساؤل حين صمت
    وانطلاق رؤى
    تتراكم على الجنبات عيونهم
    لكنها الظلمة
    ستار زمن

    الصمت ينبت التساؤل ويطلق الرؤى ويبعد العيون ( الوضوح) بعيدا على الأطراف وكأنه بهذا يعد مسرحا كاملا للروح لا نطلاقها نحو حيرتها الكاملة وتأملها العميق... بعيدا عن (الزمن) كظلمة تخفي ما سوف يأتي أو ما تخفيه لنا الأيام.... هل كانت هذه الكلمات تقريرا لما تعانيه النفس أم سردا لمشهد تتمنى الروح أن تبعد ستاره وتكتشف ما وراءه .؟؟؟

    وعي الذاكرة يخبو
    يتناثر الرماد
    فوق الكلمات الباقية

    الوعي المذكور هنا وعي ذاكرة (أزلية) ذاكرة يدركها تماما الكاتب ويعي أبعاد وجودها، الوجود السابق واللاحق على الوعي نفسه... وكأنه بهذا يؤكد على (ستار الزمن) التي وردت في المقطع السابق فلم يعد للكلمات الباقية أهمية لتقال... أو أهمية لتوجد حلما قادما ربما ...
    الكلمات التي خبت ولم تعد تستطيع أن تقدم ذاتها أو توجد لها طريقا لتقول القادم مثلما قالت الماضي....

    أسير وحدي
    ويقترب الضوء
    ينساب الارتياح مثل ماء
    يعود دفء الخاطرة


    عودة أخرى للخارج للجسد أو للروح ولكنها عودة نفس قامت بمغامرتها كاملة بدليل الارتياح والضوء الذي بدأ يقترب ... الوحدة في درب مظلم ... الوحدة التي تقود ليس إلى فقد الطريق والضياع ولكنها وحدة في ظلمة تقود إلى النور... وكأن الإشراق داخلي بدليل استخدام الكاتب لجميع المفردات النقية (الضوء ،الماء ، الدفء، الارتياح والخاطرة) هل وصلت النفس إلى قرارها؟؟؟ إيمانها بما سوف يأت ؟؟؟

    حين كنت
    لكنك أنت

    هنا سأفصل الكلمتين أعلاه عما لحقهما لأتوقف عن التفاتة جميلة ...(حين كنت) كلمات قد تبدو مبتورة لكني حين قرأت (كنت) التي أوجدت في أفقها الماضي بكل ما فيه... من حيرة ووحدة وجدت أنها تامة و لاشيء فيها ...
    (لكنت أنت) هذه العبارة أيضا كادت تكون للوهلة الأولى كما سابقتها لكن فيها أيضا من افقها ما ينبئ بالكثير... فالاستثناء أوجد نوعا من الفرح ... كم يجد شيئا ضاع منه... شيء بحث عنه واوجد كل ما سبقه من تأمل وملل وحيرة ...

    بعض شوق يتناثر
    مثل طيف
    سحر
    خروج الأمل
    نحو أفق
    تشرق شمسه النائمة

    أنت... مخاطب مجهول ربما لكننا نعرفه بتفاصيل رائعة ....(شوق يتناثر) (مثل طيف) (خروج الأمل) ترى أن روح أوجدت كل هذا في نفس الكاتب وفي النص الذي بدأ ب (الملل والعثرة) لينتهي بإشراق جميل... إشراق يأتي بعد فترة طويلة (شمس نائمة) إشراق طال انتظاره ولكنه أتى كما نحب ونرضى ...!

    الأديبة عايده النوباني
    [flash=http://marinamool.com/pic/up/27272685020100501.swf]WIDTH=270 HEIGHT=270[/flash]
يعمل...
X