رسائل إلى الموتى
[align=justify]كان المصريون القدماء يبعثون برسائل إلى موتاهم !! فتبعاً للمعتقدات الجنائزية المصرية لم يكن هناك حد فاصل بين عالم الأحياء وعالم الموتى ( 1 ), وكانت الرسائل معنونة إلى قبور الموتى، ولكى يشجع الراسل الميت على قراءة رسالته كانت تكتب على آنية تحتوى على طعام. وقد وصل إلينا حوالى عشرة خطابات مرسلة إلى الموتى، ومعظمها مكتوب على صحاف من الفخار، وقد سادت هذه العادة خاصة فى القرون الأخيرة من الألف الثالثة قبل الميلاد. وأطراف مثال من رسائل الموتى يرجع تاريخه إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد.. وهو خطاب من ضابط محترف إلى زوجته يقول فيه .. " إلى الروح الباهرة عنخيرى .. أى ضرر فعلته بك حتى توقعينى فى مثل هذه الحال المحزنة ماذا فعلت بك ؟ هذا هو ما فعلته، رفعت يدك ضدى رغم أن يدى لم تمتد إليك بأى أذى ماذا فعلت منذ اليوم الذى صرت فيه زوجك إلى هذا اليوم ؟ . وهل اقترفت فى حقك شيئاً أخفيه ؟ أما أنت فقد فعلت ما يجعلنى أوجه هذا الاتهام ضدك، ماذا فعلت لك ؟؟ سأتقدم ضدك بشكوى بألفاظ فمى أمام التاسوع ( 2 ) فى العالم الآخر ويصدر حكم بينك وبين هذا الخطاب.. تزوجتك عندما كنت شاباً وعشت معك ولم أتركك، تحاشيت أن أفعل أى شئ يحزن قلبك هكذا عاملتك ... فجوزيت بكل نوع من أنواع الوظائف الهامة لفرعون، ثم إذا بك تمنعين قلبى من أن يكون سعيداً. لقد كتب هذا الزوج الحزين القلب خطابه على ورق البردى مخاطباً روح زوجته, وليست الرسائل إلى الموتى بمستغربة، فقد اعتقد المصريون القدماء فى الحياة بعد الموت اعتقاداً راسخاً مما دعا أحد الباحثين إلى القول ( 3 )[/align] : " لايوجد شعب قديم أو حديث بين شعوب العالم احتلت فى نفسه فكرة الحياة بعد الموت المكانة العظيمة التى احتلتها فى نفس الشعب المصرى القديم " .
[align=justify]1- جورج بوزنر وآخرون : معجم الحضارة المصرية القديمة – ترجمة أمين سلامة – مادة خطابات الموتى – مكتبة الأسرة – ط2 1996
2- التاسوع : فى اللغة المصرية القديمة " بسجت " وتعنى مجموعة من تسعة آلهة تمثل معاً جميع القوى الأساسية فى الكون، ولعل تاسوع هليوبوليس يمثل المجموعة التى نظمها قدامى كهنة مدينة هليوبوليس الذين اهتموا غاية الإهتمام بتبويب وتنظيم آلهتهم فى ترتيب منطقى، فكان على رأس التاسوع " أتوم " وهو الخالق الوحيد، وبعده أولاده مرتبين فى أزواج : " الجو" تفنوت " الرطوبة، وأحفاده " جب " الأرض و" نوت " السماء وإيزيس وأوزريس.
3- سيد عويس : الخلود فى التراث الثقافى المصرى – القاهرة – دار المعارف - 1996[/align]