دار الأوبرا المصرية القديمة.. ذلك الصرح الفني العظيم الذي أنشأ في عهد الخديوي اسماعيل الزاهر.. وقدمت الفرق العالمية عروضاً علي خشبته سجلها تاريخ الفن والموسيقي والأوبرا والمسرح بدء من رائعة " فردي " أوبرا عايدة التي قدمت في احتفالات افتتاح قناة السويس.
وكان للغناء علي خشبة دار الأوبرا مواسم.. وفي موسم الغناء الإيطالي عام 1955 قدمت دار الأوبرا المصرية " إكسير الحب " وهي قصة عاطفية في ثلاثة فصول من تأليف ف. روماني ووضع موسيقاها ج. دونيزيتي.. وقام بأداء شخصياتها انديا اوتا في دور " أدينا وهي فتاة غنية متقلبة الأهواء " ولويجي نونتيجيه في دور " نيموريو وهو فتي فلاح ساذج عاشق " وانريد سرديلو في دور " بلكور وهو جاويش في حامية القرية " وفرجيلو كرموناري في دور " الدكتور دركامارا وهو طبيب دجال جوال " وسونيا كرشي في دور " القروية جانيتا " إلي جانب مسجل عقود ومغربي ومجاميع قرويين وقرويات وجند وفرقة موسيقي عسكرية وفرقة باليه قامت بأداء الفصل الأول.
وكان رئيس الأوركسترا المايسترو فرنكو باتاني ومنظم المسرح برونو نوفري ومنظم الرقص انيتا برنزي ورئيس جماعة الغناء ( الكورس ) جيياني لزاري والمساعدان ماريو تجيني والبرتو ليوني ورئيس الملقنين جيوسبي ليوناردي.. أما المناظر فقام بتصميمها اتوري روندلي و كان مدير مسرح دار الأوبرا في ذاك الوقت الأستاذ شكري راغب زكي.
ملخص الرواية
تقع حوادث القصة في قرية من قري البشكنس في جبال البرانس بين فرنسا وأسبانيا.
تظهر " أدينا " الإعراض عن " نيمورينو " وترفض حبه.. وإذا قدم " بلكور " جاويش حامية القرية أقبلت عليه وأظهرت الرضي عن تودده إليها وتقربه منها.. فيلجأ " نيمورينو " العاشق المرفوض إلي الطبيب الدجال فيبيعه إكسيراً ليحبب فيه الفتاة الجافية التي كانت علي وشك الزواج بالجاويش.
تبدو " أدينا " فرحانة قد تملكها السرور وغلب عليها الطرب.. ففي هذا المساء سيعقد قرانها بالجاويش الذي تحبه.. فيستولي اليأس علي " نيمورينو " ولما كان يعوزه المال لشراء المزيد من إكسير الحب فإنه يتقدم متطوعاً في الجيش ليحصل علي المال.. وتأتي المفاجأة السارة وهي خبر ميراث أصبح من نصيبه عن عم له مات في بلاد بعيدة ويصل الخبر إلي علم فتيات القرية قبل أن يعلم به " نيمورينو " فيتقربن إليه ويظهرن له الحب.. حتي " أدينا " تلين له وتقبل عليه ولا تصده فيظن المسكين أن الإكسير أحدث أثره ومفعوله.. فيعاوده الأمل فيزداد جرأة في تحببه إلي " أدينا " فلا تملك إلا أن تستجيب لداعي حبه ويأتي الزواج كخاتمة سعيدة.
القصة بسيطة وإن كان لها مغزي عميق وهو تأثير المال علي قلب المرأة وتوجيهه لعاطفتها في كل المجتمعات مما يدحض المقولة الشهيرة " النقود لا تشتري الحب " كما تظهر لنا القصة اعتقاد الناس في " إكسير الحب " وهو شراب سحري يعتقد في قدرته علي تحبيب المرأة أو الرجل في شخص ما ( Love potion ) وهو ما يسمي في الشرق العربي " حجاب المحبة " ويحمل أو يبل في الماء أو يكتب علي طبق من الخزف ثم تغسل الكتابة بالماء ليشربه من يراد الإيقاع به في شبكة الحب.. وقد كتب أحد مؤلفي كتب السحر العربية كتاباً بعنوان " السحر العجيب في جلب الحبيب " ذكر فيه العديد من وصفات شراب الحب.. وكان إكسير الحب في أوربا من عمل السحرة أو الدجال الذي عرف بالطبيب الدجال.
رحم الله تلك الأيام الجميلة حين كانت دار الأوبرا المصرية تقدم عروض الفرق العالمية بثراء في كل فروع الفنون المسرحية.. تلك كانت الأيام العذاب.
[/align]