الجدار ... نص قديم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بهائي راغب شراب
    أديب وكاتب
    • 19-10-2008
    • 1368

    الجدار ... نص قديم

    الجـــــدار

    قبل 29 عاما كتبت هذا النص ن ونشر في صحيفة الفجر الاماراتية حينها ..
    تذكرته الان .. !!
    بهائي راغب شراب



    يرتفع الجدار لا أكاد أرى نهايته
    يبدو كالريح
    يمتلئ بدوامات الرمال
    والأشباح .
    والخيالات البربرية
    الصامتة لا تتكلم
    لكنها تبتلع الحروف
    التي أناديها بها
    *
    وراء الجدار
    يرقد حظي الأبدي
    لا أعلم ما هو
    لكنني أخمن ..
    إنه مقلوب
    طعامه الخوف
    وشرابه الهروب .
    *
    هو حظي ينتظرني
    على بوابة الدخول
    ملهوفاً كقسوة الحطاب
    عندما ينزل على جذع الشجرة بفأسه
    يهجم علي
    لأعيد الحياة إليه
    أبث فيه من روحي
    طعامه الشمس
    وشرابه أن ينام على صدري
    أهدهده كطفل صغير
    *
    عند اللحظة التي أوشك فيها
    على الانتصار
    يرتفع قوس نصر هلامي
    لا أرى من خلاله غير الريح
    تصفر من جديد
    تحملني بعيداً
    عن بوابة المدينة العتيقة
    حيث الصلاة والتسابيح
    والسلام الأبدي
    البضاعة الوحيدة
    الرائجة ...
    في قلب المدينة .
    *
    تحت ظل الجدار
    أجلس وحيداً
    أنتظر العربة
    التي ستقلني إلى أعلى الجدار
    حيث سأقفز قفزتي الأخيرة
    متجاوزاً الأقواس الهلامية المنصوبة
    خلف البوابات المحروسة بالضياع
    قد أموت ..
    لكنني أستريح
    إذ أموت تحت ظل الجدار
    من الجانب الآخر المضيء
    حيث حظي يتلقاني بين ذراعيه
    لنبدأ الحياة
    من جديد ..
    *
    هناك حيث أمي وأختي
    لا زالتا وراء الأسوار
    تستريحان على الرصيف
    في قلب المدينة
    تسير الحياة أمامهما
    برتابة المجهول
    لا أحد يعرف متى يصل الركب
    أو متى يعلن النفير ..
    أن القافلة غيرت اتجاهها
    وأنها ستدخل المدينة من السماء
    كالنجوم المتلألئة
    ثرياتاً جميلة
    تبعث البهجة في النفوس
    لكن دون اقتراب
    *
    أماه ..
    طال غياب أبي
    أماه ..
    طال غياب أخي
    أماه ...
    إلى متى سنظل جالستين هكذا
    كالعنكبوت ..
    نتصيد بنظراتنا المرتعشة الهائمة
    الأطفال المغموسين في الوحل
    أماه ...
    اليأس يدب داخل عظامي كالسوس
    آه ..
    أشعر بالدوار
    بالانصراف
    بالسقوط
    أماه ...
    أغيثيني ..الصبر ولى
    منذ وقف الغراب على عمود النور
    ينعق في الصباح وفي المساء
    أماه ...
    اللهيب يحرقني
    يحرق العالم العلوي في قلبي
    حريقاً أتى من العالم الجديد ..
    لم اكتشفوا هذا العالم الأحمق المجنون
    ليته لم يولد الأحمق كولومبوس
    أو ليت الهنود شنقوه
    أو ليت الحيتان ابتلعته معها في قلب المحيط .
    أماه ..
    ما بالك صامتة لا تتكلمين
    ما بالك لا تغمزين
    لا تدمعين
    لا ترقصين
    لا تصرخين
    ما بالك لا تقتلين
    لا تنتحرين
    أماه .. أماه ..
    أتموتين ..؟
    أتتركينني وحدي
    والقافلة لم ترسل البشير
    أماه .. أماه ..
    ها هو إني أراه ..
    البشير..
    استيقظي أماه
    هذا أبي
    هذا أخي
    كرؤى الأحلام
    أراهما من جديد
    *
    تصعد الأنشودة
    من بين الشفتين الزرقاوين إلى السماء
    حيث الدفء الباقي إلى الأبد
    *
    الجدار مازال يرتفع
    تغيم الوجوه
    تتوارى الأغاني والمواويل
    خلف شاهد قبر مهجور
    إلا من تراب قديم
    يشهد أنه في يوم ما
    كان عظاماً .. تكسوها اللحوم
    كان روحاً تحوم ..
    عند الأفق البفسجي
    ترقص
    رقصة البداية التي لم تحن .
    *
    على قرع الطبول
    وقرقعة السيوف الصدى
    على صوت الراعي التائه في الدروب
    بين السحاب
    حيث الذئاب تطل عليه من كل اتجاه
    يحدث الطوفان
    وتختلط الأشياء فوق السفينة
    لكنه الخوف يعشش في الصدور
    يحفظ للأشياء تنافرها الأزلي
    فلا تلتقي .
    *
    تنزل الأشياء من السفينة
    على رأس كل شيء غار للنصر
    وما أن تلامس الأقدام التراب
    حتى تبدأ المعركة ..
    *
    عندما يسقط المنديل الأبيض
    وقد سحقه الجدار
    يقول كلاماً كثيراً
    وفي كل مرة
    لا نتبين غير النزيف و ..
    الجدار .
    * 26 / 1 / 1981
    أطمع يارب أن يشملني رضاك فألقاك شهيدا ألتحف الدماء

    لن أغيرنفسي لأكون غيري ، سأظل نفسي أنا أنا

    تويتـــــــر : https://twitter.com/halmosacat
يعمل...
X