المجاهدون
بهائي راغب شراب
13/1/2010
كانت ذروة العدوان على غزة ..
وبعد أيام كثيرة وصعبة من الانتظار الطويل . سمح للأطباء بالدخول إلى رفح ..
كانوا قادمين من مصر .. ليقدموا خبراتهم وعلومهم .. ليساعدوا غزة المصابة بالعدوان اليهودي الصهيوني الأمريكي العدو ،
دخلوا ليعالجوا المصابين خصوصا ذوي الإصابات الصعبة والحرجة ، حيث تفتقر غزة بسبب الحصار إلى الكثير من المعرفة ومن الخبرة في المجال الطبي والاسعافي الحربي والطارئ ..
دخلوا .. معبقين بالإيمان الذي يشرح الصدور ..
وكان الليل حالكا جدا .. والأرض تغطيها البرك المائية السطحية الموحلة بسبب الأمطار الغزيرة التي لم تنقطع منذ أيام ..
كانت الأمطار بالنسبة لأهل غزة بلسما وشفاء وعونا ربانيا ، حيث أفشلت للعدو غاراته الهمجية ، وحدت من تقدم دباباته وعرباته المصفحة إلى داخل الأراضي الفلسطينية ..
....
دخل أفراد الوفد .. بعد أسبوع كامل قضوه في العراء تحت رحمة العواصف والأمطار .. لم يصدقوا أنفسهم . .. لقد دخلوا أخيرا ..
حيث كانت الأمور على الجانب الآخر توحي بأنهم ربما لن يروا أرض غزة نهائيا .. وسيعودون مطأطئين إلى بيوتهم وأهليهم بعد أن ودعوهم على أمل الاستشهاد ..
حاولت أجهزة الأمن ردعهم ، وثني إرادتهم كي لا يدخلوا ، قالوا لهم .. ستموتون هناك . ولن تعودوا ... لن نكون مسئولين عنكم هناك .. لن نستطيع حمايتكم ..
لن تستفيدوا شيئا هناك غير الإصابة بالكآبة والخوف والتعب ..
ذهابكم لن يغني عن الجرحى شيئا ..
سيموت أهل غزة .. سيموتون .. ولن تمنعوا موتهم ..
فقط .. ستفعلون شيئا واحدا ..
أن تموتوا معهم ..
وردوا عليهم ... نموت معهم .. لكن .. لا نعود إلى خوفنا .. وإلى حساب الضمير .. لقد احتسبنا أنفسنا على الله ، هو مولانا ونعم الوكيل ..
ولن نترك إخواننا وحدهم في غزة ..
يواجهون الموت . وفي أيدينا أن نخفف عنهم ونداوي بعض جروحهم ..
***
وجدوا بانتظارهم مجموعة من المجاهدين .. بالرغم من عتادهم الحربي الذي يحملون . فلم يشعر احد أبدا بأنهم كذلك
كانوا مثل الريح الطيبة .
يمشون خفافا .. ويسيرون بساطا ..
جاءوا لمصاحبة الوفد الطبي على الأقدام .. حيث استخدام السيارات حتى الإسعاف ... ليس آمنا . فجميع المركبات مستهدفة من طيران العدو وغربانه المتوحشة ..
لم يبتعدوا كثيرا بعد خروجهم من ارض معبر رفح ..
حتى وجدوا أمامهم بركة موحلة ..
هنا . فوجيء المجاهدون بتوقف الوفد ... عن المسير ..
تساءلوا .. ماذا جرى .. علينا المضي بسرعة قبل النهار ..
فوجئوا مرة أخرى .. برئيس الوفد وهو يطلب منهم بان يتقدموهم بالمسير ..
لم يكن بالإمكان تجاوز البركة الموحلة إلا بالمرور عبرها ..
هل انتم خائفون .. نحن معكم ..
ردوا عليهم .. لن نسير إلا بعدكم ..
كادت الأفكار السوداء تعصف بالمجاهدين .. حول سبب هذا الطلب الغريب ..
ولإنهاء الموقف .. تقدم المجاهدون .. اقتحموا البركة ..
وما أن تجاوزوها ..
وإذا بالوفد جميعهم يرمون أنفسهم جميعا وسط البركة ..
وأكثر من ذلك ، يغترفون من المياه ويرشون بها وجوههم وكأنهم يغسلونها ..
نعم كانوا يغسلون وجوههم..
صرخ قائد المجموعة ..
ماذا تفعلون .. بربكم ماذا تفعلون ؟؟
...
ردوا ...
إننا نطهر وجوهنا ونوحلها بآثاركم الطاهرة
انتم المجاهدون حقا ..
فقط نريد أن نمرغ وجوهنا في تراب خطواتكم المجاهدة..
صمتوا ..
فقد كان الموقف يتحدث عن نفسه ..
عاد المجاهدون إليهم
يقبلونهم ويحتضنونهم . وهم يقولون ..
انتم لا تقلون عنا جهادا ..
ألم تحضروا رغم كل المعوقات التي وضعت أمامكم ... ألم تصبروا وتصابروا ..
الم تأتوا من بيوتكم الآمنة البعيدة عن الحرب وعن نذر الخراب والموت ..
وقدمتم إلينا .. حيث نذر الموت والدمار والدم تحيطنا .. وتحوم فوقنا ..
ألم تحضروا لتقدموا لنا خبراتكم ومهاراتكم وتسخروها لتخففوا آلام جرحانا ومصابينا..
انتم لا تقلون عنا جهادا
وقد تركتم المال والأهل والولد ..
هل بعد ذلك جهاد في سبيل الله
انتم المجاهدون حقا
انتم المجاهدون حقا ..
..
تلاحمت أياديهم وتعانقت قلوبهم
ومشوا بخطواتهم المؤمنة
إلى الأمام .
يخيل لمن يراهم من بعيد وكأنهم أقمار تضيء وسط الظلام
وبعد أيام كثيرة وصعبة من الانتظار الطويل . سمح للأطباء بالدخول إلى رفح ..
كانوا قادمين من مصر .. ليقدموا خبراتهم وعلومهم .. ليساعدوا غزة المصابة بالعدوان اليهودي الصهيوني الأمريكي العدو ،
دخلوا ليعالجوا المصابين خصوصا ذوي الإصابات الصعبة والحرجة ، حيث تفتقر غزة بسبب الحصار إلى الكثير من المعرفة ومن الخبرة في المجال الطبي والاسعافي الحربي والطارئ ..
دخلوا .. معبقين بالإيمان الذي يشرح الصدور ..
وكان الليل حالكا جدا .. والأرض تغطيها البرك المائية السطحية الموحلة بسبب الأمطار الغزيرة التي لم تنقطع منذ أيام ..
كانت الأمطار بالنسبة لأهل غزة بلسما وشفاء وعونا ربانيا ، حيث أفشلت للعدو غاراته الهمجية ، وحدت من تقدم دباباته وعرباته المصفحة إلى داخل الأراضي الفلسطينية ..
....
دخل أفراد الوفد .. بعد أسبوع كامل قضوه في العراء تحت رحمة العواصف والأمطار .. لم يصدقوا أنفسهم . .. لقد دخلوا أخيرا ..
حيث كانت الأمور على الجانب الآخر توحي بأنهم ربما لن يروا أرض غزة نهائيا .. وسيعودون مطأطئين إلى بيوتهم وأهليهم بعد أن ودعوهم على أمل الاستشهاد ..
حاولت أجهزة الأمن ردعهم ، وثني إرادتهم كي لا يدخلوا ، قالوا لهم .. ستموتون هناك . ولن تعودوا ... لن نكون مسئولين عنكم هناك .. لن نستطيع حمايتكم ..
لن تستفيدوا شيئا هناك غير الإصابة بالكآبة والخوف والتعب ..
ذهابكم لن يغني عن الجرحى شيئا ..
سيموت أهل غزة .. سيموتون .. ولن تمنعوا موتهم ..
فقط .. ستفعلون شيئا واحدا ..
أن تموتوا معهم ..
وردوا عليهم ... نموت معهم .. لكن .. لا نعود إلى خوفنا .. وإلى حساب الضمير .. لقد احتسبنا أنفسنا على الله ، هو مولانا ونعم الوكيل ..
ولن نترك إخواننا وحدهم في غزة ..
يواجهون الموت . وفي أيدينا أن نخفف عنهم ونداوي بعض جروحهم ..
***
وجدوا بانتظارهم مجموعة من المجاهدين .. بالرغم من عتادهم الحربي الذي يحملون . فلم يشعر احد أبدا بأنهم كذلك
كانوا مثل الريح الطيبة .
يمشون خفافا .. ويسيرون بساطا ..
جاءوا لمصاحبة الوفد الطبي على الأقدام .. حيث استخدام السيارات حتى الإسعاف ... ليس آمنا . فجميع المركبات مستهدفة من طيران العدو وغربانه المتوحشة ..
لم يبتعدوا كثيرا بعد خروجهم من ارض معبر رفح ..
حتى وجدوا أمامهم بركة موحلة ..
هنا . فوجيء المجاهدون بتوقف الوفد ... عن المسير ..
تساءلوا .. ماذا جرى .. علينا المضي بسرعة قبل النهار ..
فوجئوا مرة أخرى .. برئيس الوفد وهو يطلب منهم بان يتقدموهم بالمسير ..
لم يكن بالإمكان تجاوز البركة الموحلة إلا بالمرور عبرها ..
هل انتم خائفون .. نحن معكم ..
ردوا عليهم .. لن نسير إلا بعدكم ..
كادت الأفكار السوداء تعصف بالمجاهدين .. حول سبب هذا الطلب الغريب ..
ولإنهاء الموقف .. تقدم المجاهدون .. اقتحموا البركة ..
وما أن تجاوزوها ..
وإذا بالوفد جميعهم يرمون أنفسهم جميعا وسط البركة ..
وأكثر من ذلك ، يغترفون من المياه ويرشون بها وجوههم وكأنهم يغسلونها ..
نعم كانوا يغسلون وجوههم..
صرخ قائد المجموعة ..
ماذا تفعلون .. بربكم ماذا تفعلون ؟؟
...
ردوا ...
إننا نطهر وجوهنا ونوحلها بآثاركم الطاهرة
انتم المجاهدون حقا ..
فقط نريد أن نمرغ وجوهنا في تراب خطواتكم المجاهدة..
صمتوا ..
فقد كان الموقف يتحدث عن نفسه ..
عاد المجاهدون إليهم
يقبلونهم ويحتضنونهم . وهم يقولون ..
انتم لا تقلون عنا جهادا ..
ألم تحضروا رغم كل المعوقات التي وضعت أمامكم ... ألم تصبروا وتصابروا ..
الم تأتوا من بيوتكم الآمنة البعيدة عن الحرب وعن نذر الخراب والموت ..
وقدمتم إلينا .. حيث نذر الموت والدمار والدم تحيطنا .. وتحوم فوقنا ..
ألم تحضروا لتقدموا لنا خبراتكم ومهاراتكم وتسخروها لتخففوا آلام جرحانا ومصابينا..
انتم لا تقلون عنا جهادا
وقد تركتم المال والأهل والولد ..
هل بعد ذلك جهاد في سبيل الله
انتم المجاهدون حقا
انتم المجاهدون حقا ..
..
تلاحمت أياديهم وتعانقت قلوبهم
ومشوا بخطواتهم المؤمنة
إلى الأمام .
يخيل لمن يراهم من بعيد وكأنهم أقمار تضيء وسط الظلام