بعيدا هناك ...

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبد الفتاح أفكوح
    السندباد
    • 10-11-2007
    • 345

    بعيدا هناك ...

    بعيدا هناك
    ... ثم على تلك الربوة الصخرية الفاصلة بين القرية التي تسكنها ومشارفها، اتخذت مكانا لجلستها اليومية منذ زمن غير بعيد من يومها الحاضر، وهو المكان الذي لم تحد عنه يوما، ولم تستبدله بمكان آخر ...
    أهل القرية ألفوا رؤيتها وحيدة كل صباح وكل مساء في ذات المكان، جالسة تنتظر فتاها الوحيد، الذي قد يؤوب بعد هجرته التي طال أمدها وقد لا يعود ...
    رجال ونساء القرية اعتادوا رؤيتها تترقب شاردة الذهن، واجمة في صمت، والحزن يفترسها، وألم الفراق يعتصر قلبها المكلوم والنازف حرقة وأسى منذ أن غاب فتاها الوحيد ليلة عيد فطر مضى ...
    أطفال القرية دأبوا منذ سنة وأيام معدودات ولت مدبرة كلمح البصر على رؤيتها دامعة العينين، شاحبة المحيا، غائرة التجاعيد، حتى صار يخيل إليهم مع مرور الأيام أنها غدت قطعة من تلك الربوة الصخرية ...
    لم يكن إشراق البسمة يغادر محياها، ولم تكن فرحتها بوحيدها الفتى تنأى عن قلبها لحظة واحدة .. كان ذاك الفتى الوسيم، الذي غادر في لحظة طيش قرية والديه وأجداده، والذي انتظرته أمه طويلا قبل ولادته، واشتاقت إلى رؤيته بين يديها صبيا رضيعا، وفي المهد ضحوكا يناجيها، والذي كانت تطمح إلى رؤيته فتى، وشابا يافعا يكبر تحت ناظريها، فرحة عميقة تملأ حياتها القروية البسيطة بطولها وعرضها، وبهجة تمازج أنفاسها، وفخرا يسابق دماءها في عروقها ...
    لكنه اليوم ما يزال بعيدا هناك ...
    د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي
    aghanime@hotmail.com
يعمل...
X