حوار مع الأديب إبراهيم عبد المجيد أجراه السعداوى الكافورى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمود الأزهري
    عضو أساسي
    • 14-06-2009
    • 593

    حوار مع الأديب إبراهيم عبد المجيد أجراه السعداوى الكافورى

    حوار مع الأديب إبراهيم عبدالمجيد
    أطلس الفولكلور المصري إنجاز مهم
    السعداوي الكافوري

    يعتبر الأديب الروائي إبراهيم عبد المجيد واحداً من أهم الكتّاب العرب حيث صدر له العديد من الأعمال الروائية المهمة منها «البلدة الأخرى, لا أحد ينام في الإسكندرية، ليلة العشق والدم، طيور العنبر، الصياد واليمام، عتبات البهجة، برج العذراء» أيضاً يكتب إبراهيم عبد المجيد القصة القصيرة وصدرت له عدة مجموعات قصصية تعد بمثابة علامات فارقة على مسيرة السرد القصصي العربي المعاصر منها «مشاهد صغيرة حول سور كبير، إغلاق النوافذ، سفن قديمة».

    كل ذلك من خلال لغة شفيفة تتماس مع تخوم الشعر وبناء قصصي رصين.. محكم ومتماسك، وأسلوب سهل وسلس، بالإضافة إلى ذلك يكتب إبراهيم عبد المجيد السيناريو وله عدة أعمال درامية هامة عرفت طريقها إلى الشاشة الفضية ولاقت تجاوباً كبيراً من الجماهير والنقاد. ناهيك عن مقالاته ودراساته التي يعكف على نشرها بكبريات الصحف والمجلات المصرية والعربية... أيضاً حصل الأديب إبراهيم عبد المجيد خلال مشواره الإبداعي على العديد من الجوائز الهامة منها جائزة نادي القصة، جائزة نجيب محفوظ، جائزة التفوق، جائزة الدولة التقديرية...
    الرافد التقت به مؤخراً وكان لها معه هذا الحوار:

    * السفر، الرحيل، الفراق، الموت الفادح هو قدر معظم أبطال أعمالك القصصية فهل من الممكن أن تبين لنا أسباب ذلك؟
    - أعتقد أن السبب الرئيسي وراء احتفاء أعمالي الإبداعية بمعاني السفر والفراق والرحيل هو نشأتي بحي كرموز بمدينة الإسكندرية بالقرب من ترعة المحمودية والتي كانت آنذاك شرياناً مهماً للنقل النهري تموج بحركة السفن ذهاباً وإياباً وأحياناً كانت تتوقف هذه المراكب على شاطئ ترعة المحمودية لتفريغ شحناتها وكنا نتحلق ونحن أطفال حول هؤلاء البحارة لنستمع إلى حكاياتهم المدهشة. أضف إلى ذلك أن حي كرموز يعتبر قريباً جداً من القباري وغيط العنب وغيرهما من مناطق صناعية يقطنها غرباء، قادمين من الريف أيضاً من الأسباب التي حفرت معاني السفر والرحيل والفراق بداخلي هو عمل والدي بهيئة السكك الحديدية فكثيراً ما كنت أسافر معه كما أنني عندما كنت تلميذاً بالمرحلة الابتدائية كان لزاماً عليّ أن أقطع شريط القطار ذهاباً وإياباً حتى أذهب إلى مدرستي الكائنة بحي القباري! إذن فهذه المعاني تحاصرني منذ ميلادي. أما عن الموت فهو من وجهة نظري سفر لا نهائي وخلال حياتي قابلت أناساً كثيرين سافروا واختفوا من الحياة... أذكر أنني تعرفت على هذا السفر اللانهائي في مراحل مبكرة جداً من حياتي فالموت قد غيّب الكثير ممن أعرفهم مثل صديقي أثناء مرحلة الطفولة المرحوم خير الدين والذي تناولت شخصيته في رواية «طيور العنبر» وكانت شخصية من أجمل شخصيات الرواية. إذن فأنا محاصر بالسفر والرحيل والفراق والموت منذ الميلاد والنشأة ناهيك عن عملي الوظيفي بالثقافة الجماهيرية والذي جعلني على سفر معظم الوقت حيث كنت مكلفاً الإشراف على النشاط الأدبي بشتي أنحاء الجمهورية، وأعتقد أن كل ذلك جعل معاني السفر والرحيل والفراق تتسرب ربما دون وعي مني إلى أعمالي الأدبية.

    * القارئ لأعمالك الإبداعية سواء القصص القصيرة أو الروايات يدرك منذ الوهلة الأولى أن لديك ولعاً مدهشاً بالمكان.. فما سر اهتمامك بالمكان إلى هذه الدرجة؟
    - لعل مرجع ذلك هو نشأتي بمدينة الإسكندرية تلك المدينة

    ذات التنوع الجغرافي والتعدد الثقافي حيث البحر الممتد بلا نهاية والصحراء المترامية الأطراف والمدينة التي تشكل التحضر في أرقى صوره والنهر الذي ينتشر على ضفتيه الفلاحون البسطاء.. فمثلاً عندما نشاهد سفينة تبحر تعرف أن العالم أوسع أو عندما تشاهد شخصاً وحيداً ينزل في محطة ثم يغيب عن الأنظار تدرك أن الصحراء ممتدة وواسعة أو عندما ترى صياد سمك يظهر بقاربه ثم يختفي مع المساء تتبادر إلى ذهنك فكرة الاستقرار، كل ذلك وغيره جعل للمكان وجوداً أصيلاً في روحي وأنا لديّ قناعة بأن المكان هو الباقي وهو الذي يخلق أساطيره وهو الذي يصنع الشخصية على عكس التصور القديم الذي كان يرى أن المكان يتأثر بحالة البطل النفسية فالمكان لديّ هو الذي يصنع البطل، لذلك تجد في رواياتي شخصيات تتحرك بمسلك غريب عجائبي لأنها تعيش في أماكن عجائبية... وبالتالي فالمكان حاضر بقوة في أعمالي فمثلاً رواية طيور العنبر والتي تعد بمثابة جزء ثانٍ لرواية «لا أحد ينام في الإسكندرية» لا امتداد للشخصيات ولكن عن المدينة كمكان في تجلٍّ آخر، ففي رواية «لا أحد ينام في الإسكندرية» نجد أن الإسكندرية هي مدينة العالم حيث التسامح والتعدد وقبول الآخر والتي منها حقق العالم الحر أول انتصار على النازية في معركة العلمين. أما في رواية «طيور العنبر» فنجد أن الحديث يدور حول افتقاد المدينة لروحها الكوزموبوليتاني بعد نزوح الأجانب منها.
    * تعتبر روايتك المعنونة «البلدة الأخرى» واحدة من أهم الأعمال الأدبية التي تناولت مفهوم الغربة خارج حدود الوطن، حيث جاءت في مجملها كسيمفونية طويلة من اللحن الشجي على أوتار الغربة والشوق والحنين.. فماذا عن نصيب الإغتراب في الداخل من أعمالك الأدبية؟
    - قبل رواية «البلدة الأخرى» هناك ثلاث روايات مهمة في مسيرتي الإبداعية هي «المسافات، ليلة العشق والدم، الصياد واليمام» تدور موضوعاتها الأساسية حول الغربة داخل الوطن فتناولت اغتراب المصريين في مصر بداية من عصر الانفتاح الذي شهد نوعاً من التحول المضاد لكل المشروعات والأفكار والرؤى والقيم التي أحدثتها الثورة ثم خدمتني الظروف بالسفر إلى السعودية فكتبت رواية «البلدة الأخرى» والتي تناولت تغريبة المصريين في بلاد النفط، وبالتالي

    اكتملت الصورة عن الغربة داخلياً وخارجياً. ولك أن تلاحظ أنني بعد رواية «البلدة الأخرى» لم أكتب عن مصر المعاصرة إلا بعد أن أنجزت روايتين عن الإسكندرية في الأربعينيات أثناء الحرب العالمية الثانية ثم في الخمسينيات بعد حرب قناة السويس ثم عدت إلى مصر المعاصرة والاغتراب العنيف في روايتي «برج العذراء، وعتبات البهجة» الأولى تراجيدية والثانية كوميدية وكلتاهما وجهان لاغتراب عنيف.


    أن المكان يتأثر بحالة البطل النفسية فالمكان لديّ هو الذي يصنع البطل، لذلك تجد في رواياتي شخصيات تتحرك بمسلك غريب عجائبي لأنها تعيش في أماكن عجائبية... وبالتالي فالمكان حاضر بقوة في أعمالي

    لم أكتب عن مصر المعاصرة إلا بعد أن أنجزت روايتين عن الإسكندرية في الأربعينيات أثناء الحرب العالمية الثانية ثم في الخمسينيات بعد حرب قناة السويس ثم عدت إلى مصر المعاصرة والاغتراب العنيف في روايتي «برج العذراء»

    * تَلاحظ مؤخراً اهتمامك البادي بكتابة السيناريو والدراما التلفزيونية فهل سبب ذلك أنك لم تعد تعول على الكلمة المكتوبة في ظل تراجع عدد القراء وانسحابهم أمام إبهار الميديا واستسلامهم لتقنيات وسائل الاتصال الحديثة؟
    - بعيداً عن كل التفسيرات والتنظيرات أعتقد أنه سبب بسيط جداً فقد حدث أن التلفزيون المصري قد قام بشراء بعض أعمالي لتحويلها إلى دراما وظلت حبيسة الأدراج لسنوات تحت رحمة كتاب السيناريو فقررت أن أكتب السيناريو وأثناء كتابتي وجدت أنني من الممكن أن أكتب شيئاً آخر من قصصي القصيرة وهو الذي أنجز أولاً وظهر إلى النور عبر الشاشة الفضية عملي الدرامي الأول «بين شطين وميه» ولكن بعد ذلك عدت إلى الكتابة الأدبية عشقي الأول وحبي الأثير لأنني لا أستطيع الانقطاع عن الكتابة الأدبية «فأنا من دون كتابة الرواية والقصة القصيرة أموت».

    * باعتبارك مثقفاً عربياً بارزاً له موقفه ورؤيته تجاه الكون والمجتمع والإنسان ما هي محددات إقامة حوار حضاري مع الآخر؟
    - من وجهة نظري لا يمكن إقامة حوار حضاري مع الآخر ونحن في هذه الحالة المتردية، خاصة أن ثقافتنا العربية تتعرض لغزو سلفي يدمر هذه الثقافة ويجعلها ضعيفة وعاجزة أمام الثقافات الأخرى، فالخطر الأكبر هو من الغزو السلفي فهل تطلب من الغرب أن يتقبلك ويتحاور معك ثم يحدث في اليوم الثاني انفجار بأحد قطارات أو مطارات أوروبا يودي بحياة أبرياء وينسف أي قواعد للتحاور مع الآخر!! وبالتالي يجب علينا أولاً كعرب أن نكرس لمعنى الديمقراطية مفهوماً وممارسة وأن نترك الكيانات والتجمعات الليبرالية تواجه الفكر المغلوط الذي استولى على الشارع العربي بالمخاتلة والمغالطات ومن منطلق شعارات عاطفية، أذكر أنني بعد عودتي من السعودية عام 1980 حضرت ندوة ضمن أنشطة لجنة الدفاع عن الثقافة الوطنية، وكانت تضم في عضويتها أسماء لامعة ومحترمة من أمثال صلاح عيسى، جلال الغزالي، فتحية العسال، وفريدة النقاش وغيرهم وفي تلك الندوة تحدثت عن الفكر الديني المغلوط وعن المطبوعات، كما أشرت إلى المطبوعات والكتب الصفراء التي راحت تغزو بغزارة سوق الكتاب المصري محذراً من مغبة ذلك لا سيما وأن هذا الفكر المغلوط يضعف ثقافتنا وأنه من وجهة نظره مجرد منجزات لبعض الكفرة والمارقين. أيضاً نحتاج إلى ثورة في التعليم فهل يعقل أنه حتى الآن لا يوجد بالمنهج المدرسي المصري درس عن تاريخ المسرح أو السينما أو الموسيقى على سبيل المثال، ناهيك عن خلو المجتمع المدرسي من الجماعات الثقافية بحيث صارت المدارس أماكن للتلقين وليس للتفكير المبدع الخلاق.

    * باعتبارك كنت أحد قيادات الثقافة الجماهيرية بمصر وأشرفت بحكم موقفك على أحد المشروعات القومية الهامة والتي تصب في خانة الحفاظ على الهوية القومية وهو مشروع أطلس الفولكلور المصري... فلماذا لم يخرج الأطلس إلى النور حتى الآن وما هي المعوقات التي تحول دون إنجاز هذا المشروع المهم؟
    - يعتبر أطلس الفولكلور المصري مشروعاً كبيراً وطموحاً وللأسف تعطل العمل به عشر سنوات ولك أن تعرف أن هذا الأطلس يتطلب جمع مادة تتعلق بأكثر من ثلاثين موضوعاً فولكلورياً، وبالتالي لا يمكن أن يظهر إلى النور كاملاً. وعموماً مشروع الأطلس يعد من المشروعات التي لا تنتهي لأنه هناك جديد يومي في الحياة الشعبية.. وعلى أية حال صدر حتى الآن من الأطلس جزء الخبز وجزء الآلات الموسيقية وجارٍ العمل الآن على إصدار الجزء الخاص بالفخار.

    * حصلت مؤخراً على جائزة الدولة التقديرية في الآداب وهي جائزة من أرفع الجوائز المصرية وأعلاها قيمة... فماذا تمثل الجائزة بالنسبة لك؟
    - الجوائز في حياة الكاتب مهمة إذا أتت وغير مهمة إذ لم تأت بمعنى من دون جائزة لن ينقص الأديب شيئاً ومع الجائزة سيحدث بعض الانتعاش أي مبلغ من المال لحل بعض المشاكل وشيء من الانتشار للكتاب. وأنا شخصياً لم أتقدم لجائزة إلا في بداياتي المبكرة جداً. حيث تقدمت إلى نادي القصة عام 1969 وحصلت على الجائزة الأولى ونشرت كاملة بجريدة أخبار اليوم مع مقدمة للأديب الكبير الراحل محمود تيمور وكانت هذه بدايتي في النشر وكان لها فرحة كبيرة جداً لكن بقية الجوائز التي حصلت عليها فيما بعد لم أتقدم لها ولكن كنت أرشح لها من جهات ثقافية.

    أجرى الحوار الأديب السعداوى الكافورى
    مجلة الرافد
    :emot129:محبتى وتقديرى
    محمود الأزهرى
    تكاد يدى تندى إذا ما لمستها
    وينبت فى أطرافها الورق الخضر

    [SIGPIC][/SIGPIC]
يعمل...
X