تشظيات السندباد الرقمي
نــقــــــد
عبده حقـــي
« مقاربة نقدية حول تقاطعات الرقمي والورقي في ( تمزقات عشق رقمي) »
عن دارمنشورات دفاترالإختلاف ، سلسلة بيت الأدب الأولى صدر للشاعرعبدالنورإدريس إضمامة شعرية
موسومة ب (تمزقات عشق رقمي) في طبعتها الأولى شهرغشت 2007 موشاة بلوحة غلاف للفنان التشكيلي
خليد ماني .
والعنوان كعلامة عتباتية مائزة بما ينثال به على الحقل الدلالي للإضمامة يضعنا منذ الوهلة الأولى في قلق
الأسئلة الأساسية والملحة من قبيل أين علينا أن نتموقع كمتلقين ، هل في أبهاء عمل شعري يقتعد على
سنده الحبري والورقي أم نعتبرالإضمامة صنوا لمتن رقمي بما هونص قائم على علامات ودلالات ورموز أبجدية رقمية تتبدى في العديد من المعابرالتعبيرية وتحديدا من الصفحة 5 إلى الصفحة 79 أم نعتبرالإضمامة نصا خلاسيا تنصهرفي قامته ممكنات الشروط النسقية للورقي والرقمي ؟؟
إن المتن النصي ككل يضعنا أمام العديد من الإشكالات المقارباتية بما يحمله من تنوع تواصلي وإشارات
تضعه في منطقة تقاطعات ثنائية تجعل هوية الإضمامة زئبقية تستعصي على التحديد والتأطير والتجنيس؛
فعلى مستوى التجنيس فعتبة الغلاف بمكوناتها الإشارية تحيل على تشظيات ، إذ نحن لسنا بصدد نصوص شعرية أوشظرات كما تتبدى لنا على مستوى بنائها الشكلي ك( قصائد نثرية) بل بصدد مجموعة من التشظيات النصية ، محصلة على مانرجح عن إنفجار نص مرجعي غائب ، نص تحول إلى انشطارات
كماالإنفجارالكبيرالذي تولدت عنه كينونات النجوم مستقلة ظاهريا إلا أنها مرتهنة بتجاذبات وجسورتتماهى مع الترابطات التي تمنحنا إياها التقنيات الرقمية وما يدعم قولنا هذا هودعامة اللوحة التشكيلية التي تتساوق مع العمق الدلالي للإضمامة بما تعلنه كفاتحة نصية عن مكونات رمزية وعلامات يختزلها العنوان ( تمزقات
عشق رقمي) فنرى داخل الإطار دوائرأقراص .. السارد الذي يستقل متن الفأرة الإلكترونية .. أيقونة القلب المشتعل.. شهرزاد الحالمة .. وكل هذه العلامات توضح بمالايدع مجالا للشك أن الديوان يروم إجتراح تجربة إبداعية أصيلة ومغايرة تتآصر في نسقها ثنائيات سندين/مرجعيتين ورقية ورقمية .
إن الإضمامة بمنحاها هذا تروم إذن الإنفلات من سندها الورقي التقليدي أحيانا إلى إرتياد الفضاء النتي وكميائه الضوئية القزحية وبالتالي فقراءة تشظيات عبدالنورإدريس تورطنا بشكل ما في مأزق تلقي جديد ؛ فهل نقرأ
الإضمامة من خلال جسدها الرقمي الغائب وما يحبل به من تأثيث إفتراضي ورموز وأبجدية خاصة وملحقات
( الحاسوب ، صورة الشاشة ، فضاء النص ، لون الحرف ، لون الخلفية ، المرفقاته ، الرسوم الثابتة أوالمتحركة ، صورة الشاعر…) بما تحمله كل هذه الملحقات الإفتراضية من إضافات على الحقل الدلالي العام
للتشظيات ، أم نقارب الإضمامة من حيث سندها الورقي باعتبارها أثرا ماديا بين أيدينا وبالتالي نضع حدودا عازلة في عملية تلقينا للسندين معا .
إن علاقة التشظيات بؤفقها النتي والرقمي هذا تتبدى من خلال مستويات عديدة :
1 ــ العنوان : ( تمزقات عشق رقمي) .. التمزقات هنا تتعالق إلى حد ما مع (التشظيات) باعتبارها جنسا أدبيا
في تصورالشاعرالخاص كما ثبّت ذلك على صفحة الغلاف ، فالتمزقات علامة مائزة على عملية تجزيئ أو
تقطيع لجسد السارد/العاشق ، أوجسد العشق ، أوجسد النص الورقي أوجسد النص الرقمي الغائب غير أنه ليس أي عشق كلاسيكي تضطرم ناره تحت خيمة عتيقة تحرسها الأوتاد ويغمرها ليل البيد بل إنه عشق (سيليكوني) مشبع بالتيارالكهربائي والأمواج النتية إنه بإيجازعشق ( مابعد حداثي ) .
2 ــ الإهداء كنص موازحيث يقول الشاعر:
إليك
أنت
تتلقين العشق
السيليكوني والأيقونات
عند حافة المسنجر
قد يختزل هذا الإهداء في حمولته الدلالية هوية المتن ككل وكل الفضاءات السردية المحتملة داخله.
3 ــ تتضمن بعض التشظيات عدة علامات رقمية التي تعضد إنتماء النص إلى تربته الرقمية الأولى فعلى مستوى العناوين نجد ( تمزقات نتية ، إمرأة السيليكون ، سيدة الياهو ، قصيدة الشات @ chat
4 ــ على مستوى النصوص .. تتخلل العديد من التشظيات مصطلحات ومفاهيم رقمية ص 14 شاشة فضية ص 15
شاشة حاسوبي ص 22 القصيدة @ ص 23 تقرؤها سيدة الفنجـــــ@ ـــــان وأخيرا ص 26 كمساء
يوسف @ هذا فضلا عن بعض الرموزالرياضية والنوتات الموسيقية والتشكيلات الكاليغرافية الأفقية والعمودية والإنحدارية على مستوى الكلمة من جهة مثل ( بلاغااااااااات) و( أ ن ا ل س ت أ ن ا ) المتقاطرة عموديا والجملة ( المتدرجة) من جهة ثانية مثل ( تلهو كغجرية بأحرف إلهية وتشير إلى قمرها المكسر) .
5 ــ على مستوى الرسومات المرافقة للنصوص باعتبارها بنيات بصرية أساسية في إستكمال المتخيل النصي وإمداده وضخه بالرمزية والأيقونية واللونية اللازمة التي تتجاوزإمكانيات اللغة الشعرية كما أنها تلعب دورها المحوري في إستراتيجية شعرية السرد وهكذا نرى هذا الإمتداد المخيالي الرقمي في الصفحة 5 حيث تم إستنساخ فأرة الحاسوب من على ظهرالغلاف إلى داخل المتن وإعادة نسخ غلاف الديوان ككل على الصفحة
15 ويبلغ هذا (التناص) بالمتن الرقمي الغائب/الحاضر قمته في الصفحة 53 بعلامة إشارية جلية تتعلق بمحرك البحث (غوغل) الذي يشبه أولئك الأبطال الأسطوريين الرومانيين في سينما الخمسينات والستينات من القرن الماضي ببنياتهم الجسمية القوية وعضلات سواعدهم المفتولة على غرار(هرقل) و(غلادياتور) و(تيتان) والرسم الكاريكاتوري يرمزإلى قوة محرك البحث الشهير(غوغل) .
إن هذا الحضورالمتعدد للأبجدية الرقمية والعلامات النتية وإن كان يعلن عن الإنتماء الحقيقي للشاعرعبد النورإدريس أساسا إلى جغرافية الإبداع الرقمي ( وللإشارة فقط فإن عبدالنورإدريس يعتبرمن أقدم سناديب (جمع سندباد) القارة النتية وانخراطه في أكثر من 1200 موقع إلكتروني لخير دليل على ذلك وهو بذلك قد يكون حطم الرقم القياسي المغربي على الأقل في قدرته على التجوال وعلى الغطس في أعماق المحيطات النتية من دون حاجة إلى قنينات أوكسجين .
تشتمل التشظيات أيضا على ثلاث وحدات تكوّن البنية العامة للمتن إذ أن الديوان ينقسم إلى ثلاث دوينيات أو
بلغة الشاعرثلاث تشظيات موسومة بعناوين بارزة ينكفؤ كل جزء منها على عالمه الشعري والسردي الخاص به المغلق والمفتوح على العمل في شموليته …
أ ــ تمزقات عشق رقمي ب ــ تمزقات نتية ج ــ صهيل الهذيان الرقمي ؛ وما يمتاز به هذ الجزء الأخير هو
التصدير/الإهداء إلى ثمان كاتبات عربيات معروفات على صعيد الإبداع الرقمي بما فيهن الراحلة المشمولة برحمة الله القاصة مليكة مستظرف وهكذا نجد أسماء كل من وفاء الحمري ــ مليكة مزان ــ فاطمة ناعوت ــ بريهان قمق ــ مالكة عسال ــ حنين جبر ــ وهالة المصراتي .
ويتميز الجزء الأول من التمزقات بمنحاه البوحي وإفضائه الصريح المنفلت من تماس الكهرباء الرقمي إذ ليس به ما يحيل على أية علاقة بفضاء النت أوالرقميات أوالإفتراضيات عدا عنوان الجزء فهل هو كاف كي تنسحب هذه الصفة على الجزء ككل ؟ أما الجزء الثاني ففضلا على عتبته العنوانية فهويحيل على العديد من الإشارات والعلامات المتعالقة بالإنتماء الرقمي والتي سبق أن أشرنا إليها في بعض صفحات التشظيات ؛ لكن ما شاب الجزء الثالث ( صهيل الهذيان الرقمي) ــ ربما قد تكون كبوة حصان الشاعرــ فهوإنحرافه على مستوى العنوان إذا ما قورن بالعنوانين السابقين ( تمزقات عشق رقمي ــ تمزقات نتية ) والعنصرالمشترك هنا في التركيب اللغوي هو(تمزقات) وبالتالي نعتقد أنه كان على الشاعرأن يتوج هذا المقام الإيقاعي والدلالي والتركيبي بعنونة الجزء الثالث ب ( تمزقات صهيل رقمي ) وبذلك سيمنح للعمل ككل وحدة تتآخى فيها جميع البنيات اللغوية التركيبية والدالة .
وأخيرا هل يمكن إعتبار قصيدة شهرزاد Chahrazad في الصفحتين 1و2 على يسارالديوان نصا مستقلا
وفضاءا سرديا بحدود مغلقة دون إمتدادات رمزية ودلالية مع بنية المتن وتجربة الساردالعشقية …
ثم مادلالة إقحام هذ النص الفرنكفوني اليتيم في بنية التشظيات وهل يمكن إعتباره ( متشظية) كما باقي التشظيات !!؟ وأخيرا ألم يكن من الأجدى أن تصدرهذه القصيدة الفرنكفونية مع قصائد أخرى ضمن إضمامة
فرنسية مستقلة ؟ ثم ألا يلمح هذا الإنزياح الإبداعي على أن الشاعرعبد النورإدريس بإمكانه أن يضيف نصوص أخرى أنجليزية وإسبانية لو توفرت في ربيرتواره !!؟ أم أن ما يجعلها تقتحم جسم التشظيات هوإنتماؤها إلى العالم الرقمي والإفتراضي باعتبارأنها تلتقي / إلتقت مع التشظيات على كوكب الويب المفتوح على العشرات من اللغات العالمية ؟
إن تجربة (تمزقات عشق رقمي) إضافة رمزية متفردة بكميائها النتية والورقية المتمايزة وتنوعها وتوفقها في رسم البرزخ الغامض الذي يلتقي فيه بحرالحبرالورقي ببحرالحبرالإلكتروني .
عبده حقي
نونبر2007
نــقــــــد
عبده حقـــي
« مقاربة نقدية حول تقاطعات الرقمي والورقي في ( تمزقات عشق رقمي) »
عن دارمنشورات دفاترالإختلاف ، سلسلة بيت الأدب الأولى صدر للشاعرعبدالنورإدريس إضمامة شعرية
موسومة ب (تمزقات عشق رقمي) في طبعتها الأولى شهرغشت 2007 موشاة بلوحة غلاف للفنان التشكيلي
خليد ماني .
والعنوان كعلامة عتباتية مائزة بما ينثال به على الحقل الدلالي للإضمامة يضعنا منذ الوهلة الأولى في قلق
الأسئلة الأساسية والملحة من قبيل أين علينا أن نتموقع كمتلقين ، هل في أبهاء عمل شعري يقتعد على
سنده الحبري والورقي أم نعتبرالإضمامة صنوا لمتن رقمي بما هونص قائم على علامات ودلالات ورموز أبجدية رقمية تتبدى في العديد من المعابرالتعبيرية وتحديدا من الصفحة 5 إلى الصفحة 79 أم نعتبرالإضمامة نصا خلاسيا تنصهرفي قامته ممكنات الشروط النسقية للورقي والرقمي ؟؟
إن المتن النصي ككل يضعنا أمام العديد من الإشكالات المقارباتية بما يحمله من تنوع تواصلي وإشارات
تضعه في منطقة تقاطعات ثنائية تجعل هوية الإضمامة زئبقية تستعصي على التحديد والتأطير والتجنيس؛
فعلى مستوى التجنيس فعتبة الغلاف بمكوناتها الإشارية تحيل على تشظيات ، إذ نحن لسنا بصدد نصوص شعرية أوشظرات كما تتبدى لنا على مستوى بنائها الشكلي ك( قصائد نثرية) بل بصدد مجموعة من التشظيات النصية ، محصلة على مانرجح عن إنفجار نص مرجعي غائب ، نص تحول إلى انشطارات
كماالإنفجارالكبيرالذي تولدت عنه كينونات النجوم مستقلة ظاهريا إلا أنها مرتهنة بتجاذبات وجسورتتماهى مع الترابطات التي تمنحنا إياها التقنيات الرقمية وما يدعم قولنا هذا هودعامة اللوحة التشكيلية التي تتساوق مع العمق الدلالي للإضمامة بما تعلنه كفاتحة نصية عن مكونات رمزية وعلامات يختزلها العنوان ( تمزقات
عشق رقمي) فنرى داخل الإطار دوائرأقراص .. السارد الذي يستقل متن الفأرة الإلكترونية .. أيقونة القلب المشتعل.. شهرزاد الحالمة .. وكل هذه العلامات توضح بمالايدع مجالا للشك أن الديوان يروم إجتراح تجربة إبداعية أصيلة ومغايرة تتآصر في نسقها ثنائيات سندين/مرجعيتين ورقية ورقمية .
إن الإضمامة بمنحاها هذا تروم إذن الإنفلات من سندها الورقي التقليدي أحيانا إلى إرتياد الفضاء النتي وكميائه الضوئية القزحية وبالتالي فقراءة تشظيات عبدالنورإدريس تورطنا بشكل ما في مأزق تلقي جديد ؛ فهل نقرأ
الإضمامة من خلال جسدها الرقمي الغائب وما يحبل به من تأثيث إفتراضي ورموز وأبجدية خاصة وملحقات
( الحاسوب ، صورة الشاشة ، فضاء النص ، لون الحرف ، لون الخلفية ، المرفقاته ، الرسوم الثابتة أوالمتحركة ، صورة الشاعر…) بما تحمله كل هذه الملحقات الإفتراضية من إضافات على الحقل الدلالي العام
للتشظيات ، أم نقارب الإضمامة من حيث سندها الورقي باعتبارها أثرا ماديا بين أيدينا وبالتالي نضع حدودا عازلة في عملية تلقينا للسندين معا .
إن علاقة التشظيات بؤفقها النتي والرقمي هذا تتبدى من خلال مستويات عديدة :
1 ــ العنوان : ( تمزقات عشق رقمي) .. التمزقات هنا تتعالق إلى حد ما مع (التشظيات) باعتبارها جنسا أدبيا
في تصورالشاعرالخاص كما ثبّت ذلك على صفحة الغلاف ، فالتمزقات علامة مائزة على عملية تجزيئ أو
تقطيع لجسد السارد/العاشق ، أوجسد العشق ، أوجسد النص الورقي أوجسد النص الرقمي الغائب غير أنه ليس أي عشق كلاسيكي تضطرم ناره تحت خيمة عتيقة تحرسها الأوتاد ويغمرها ليل البيد بل إنه عشق (سيليكوني) مشبع بالتيارالكهربائي والأمواج النتية إنه بإيجازعشق ( مابعد حداثي ) .
2 ــ الإهداء كنص موازحيث يقول الشاعر:
إليك
أنت
تتلقين العشق
السيليكوني والأيقونات
عند حافة المسنجر
قد يختزل هذا الإهداء في حمولته الدلالية هوية المتن ككل وكل الفضاءات السردية المحتملة داخله.
3 ــ تتضمن بعض التشظيات عدة علامات رقمية التي تعضد إنتماء النص إلى تربته الرقمية الأولى فعلى مستوى العناوين نجد ( تمزقات نتية ، إمرأة السيليكون ، سيدة الياهو ، قصيدة الشات @ chat
4 ــ على مستوى النصوص .. تتخلل العديد من التشظيات مصطلحات ومفاهيم رقمية ص 14 شاشة فضية ص 15
شاشة حاسوبي ص 22 القصيدة @ ص 23 تقرؤها سيدة الفنجـــــ@ ـــــان وأخيرا ص 26 كمساء
يوسف @ هذا فضلا عن بعض الرموزالرياضية والنوتات الموسيقية والتشكيلات الكاليغرافية الأفقية والعمودية والإنحدارية على مستوى الكلمة من جهة مثل ( بلاغااااااااات) و( أ ن ا ل س ت أ ن ا ) المتقاطرة عموديا والجملة ( المتدرجة) من جهة ثانية مثل ( تلهو كغجرية بأحرف إلهية وتشير إلى قمرها المكسر) .
5 ــ على مستوى الرسومات المرافقة للنصوص باعتبارها بنيات بصرية أساسية في إستكمال المتخيل النصي وإمداده وضخه بالرمزية والأيقونية واللونية اللازمة التي تتجاوزإمكانيات اللغة الشعرية كما أنها تلعب دورها المحوري في إستراتيجية شعرية السرد وهكذا نرى هذا الإمتداد المخيالي الرقمي في الصفحة 5 حيث تم إستنساخ فأرة الحاسوب من على ظهرالغلاف إلى داخل المتن وإعادة نسخ غلاف الديوان ككل على الصفحة
15 ويبلغ هذا (التناص) بالمتن الرقمي الغائب/الحاضر قمته في الصفحة 53 بعلامة إشارية جلية تتعلق بمحرك البحث (غوغل) الذي يشبه أولئك الأبطال الأسطوريين الرومانيين في سينما الخمسينات والستينات من القرن الماضي ببنياتهم الجسمية القوية وعضلات سواعدهم المفتولة على غرار(هرقل) و(غلادياتور) و(تيتان) والرسم الكاريكاتوري يرمزإلى قوة محرك البحث الشهير(غوغل) .
إن هذا الحضورالمتعدد للأبجدية الرقمية والعلامات النتية وإن كان يعلن عن الإنتماء الحقيقي للشاعرعبد النورإدريس أساسا إلى جغرافية الإبداع الرقمي ( وللإشارة فقط فإن عبدالنورإدريس يعتبرمن أقدم سناديب (جمع سندباد) القارة النتية وانخراطه في أكثر من 1200 موقع إلكتروني لخير دليل على ذلك وهو بذلك قد يكون حطم الرقم القياسي المغربي على الأقل في قدرته على التجوال وعلى الغطس في أعماق المحيطات النتية من دون حاجة إلى قنينات أوكسجين .
تشتمل التشظيات أيضا على ثلاث وحدات تكوّن البنية العامة للمتن إذ أن الديوان ينقسم إلى ثلاث دوينيات أو
بلغة الشاعرثلاث تشظيات موسومة بعناوين بارزة ينكفؤ كل جزء منها على عالمه الشعري والسردي الخاص به المغلق والمفتوح على العمل في شموليته …
أ ــ تمزقات عشق رقمي ب ــ تمزقات نتية ج ــ صهيل الهذيان الرقمي ؛ وما يمتاز به هذ الجزء الأخير هو
التصدير/الإهداء إلى ثمان كاتبات عربيات معروفات على صعيد الإبداع الرقمي بما فيهن الراحلة المشمولة برحمة الله القاصة مليكة مستظرف وهكذا نجد أسماء كل من وفاء الحمري ــ مليكة مزان ــ فاطمة ناعوت ــ بريهان قمق ــ مالكة عسال ــ حنين جبر ــ وهالة المصراتي .
ويتميز الجزء الأول من التمزقات بمنحاه البوحي وإفضائه الصريح المنفلت من تماس الكهرباء الرقمي إذ ليس به ما يحيل على أية علاقة بفضاء النت أوالرقميات أوالإفتراضيات عدا عنوان الجزء فهل هو كاف كي تنسحب هذه الصفة على الجزء ككل ؟ أما الجزء الثاني ففضلا على عتبته العنوانية فهويحيل على العديد من الإشارات والعلامات المتعالقة بالإنتماء الرقمي والتي سبق أن أشرنا إليها في بعض صفحات التشظيات ؛ لكن ما شاب الجزء الثالث ( صهيل الهذيان الرقمي) ــ ربما قد تكون كبوة حصان الشاعرــ فهوإنحرافه على مستوى العنوان إذا ما قورن بالعنوانين السابقين ( تمزقات عشق رقمي ــ تمزقات نتية ) والعنصرالمشترك هنا في التركيب اللغوي هو(تمزقات) وبالتالي نعتقد أنه كان على الشاعرأن يتوج هذا المقام الإيقاعي والدلالي والتركيبي بعنونة الجزء الثالث ب ( تمزقات صهيل رقمي ) وبذلك سيمنح للعمل ككل وحدة تتآخى فيها جميع البنيات اللغوية التركيبية والدالة .
وأخيرا هل يمكن إعتبار قصيدة شهرزاد Chahrazad في الصفحتين 1و2 على يسارالديوان نصا مستقلا
وفضاءا سرديا بحدود مغلقة دون إمتدادات رمزية ودلالية مع بنية المتن وتجربة الساردالعشقية …
ثم مادلالة إقحام هذ النص الفرنكفوني اليتيم في بنية التشظيات وهل يمكن إعتباره ( متشظية) كما باقي التشظيات !!؟ وأخيرا ألم يكن من الأجدى أن تصدرهذه القصيدة الفرنكفونية مع قصائد أخرى ضمن إضمامة
فرنسية مستقلة ؟ ثم ألا يلمح هذا الإنزياح الإبداعي على أن الشاعرعبد النورإدريس بإمكانه أن يضيف نصوص أخرى أنجليزية وإسبانية لو توفرت في ربيرتواره !!؟ أم أن ما يجعلها تقتحم جسم التشظيات هوإنتماؤها إلى العالم الرقمي والإفتراضي باعتبارأنها تلتقي / إلتقت مع التشظيات على كوكب الويب المفتوح على العشرات من اللغات العالمية ؟
إن تجربة (تمزقات عشق رقمي) إضافة رمزية متفردة بكميائها النتية والورقية المتمايزة وتنوعها وتوفقها في رسم البرزخ الغامض الذي يلتقي فيه بحرالحبرالورقي ببحرالحبرالإلكتروني .
عبده حقي
نونبر2007