،، الفراشات المهاجرة// أحلام المصري ،،

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أحلام المصري
    شجرة الدر
    • 06-09-2011
    • 1971

    ،، الفراشات المهاجرة// أحلام المصري ،،

    ،، الفراشات المهاجرة// أحلام المصري ،،
    /
    .
    /
    .
    .
    توطئة //
    .
    في حقل أبي..كانت حياة،
    و حقل أبي يشبه كل الحقول حينها..إلا أن أبي كان هو المختلف!
    .
    .
    حقل أبي..هو الوطن!

    /
    /

    في حضرة الأحزان ،جاءت الذكريات تتهادى،
    مد أبي نظره بعيدا، و استعاذ!
    انتبهت..حين ألقى بحجرٍ صغيرٍ -كان يداعبه بين أصابعه- في النهر، فتشكلت دوائرٌ متتابعة و متشابكة و بعض فقاعات..لم تلبث أن اختفت..
    ابتسم أبي ابتسامته الباهتة التي تلازمه منذ عقود..و قال:
    سينتهي!
    ثم ركن رأسه إلى جذع شجرة التوت العتيقة التي لم تبرح مكانها منذ زرعها جدي منذ ...ثمـــ.. تسعـــ... أو مائة عام كما يروي لي أبي!
    سألته في همسٍ ، خشية أن أعكر لحظات تأمله :
    ما الذي سينتهي يا حبيبي!!
    نظر أبي إليّ و كأنه لم يكن يعلم أني برفقته، ثم ابتسم ابتسامةً أخرى، قديمة..لم أرها في عينيه منذ كنت طفلة..ابتسامة برائحة البرتقال و لون الشمس..ابتسامة فيها فرح النخيل حين يعانق الفضاء..و فيها رقص الريحان عندما تداعبه نسائم صبح..
    ابتسم ، و ضمتني ابتسامته القديمة..ثم مد يده نحوي، فاقتربت منه و كما كان يفعل منذ عقود..أخذني في صدره، ربت على كتفي..و مسح على شعري ، ثم قال:
    الفرح يا بسمتي..الفرح سيعود
    الحزن سينتهي!
    ثم همس لي بصوتٍ قديم:
    أأحكي لك حكاية؟
    فقلت بلهفة كنت قد نسيتها :
    نعم ،حبيبي
    احكِ لي حكاية، فقد اشتقت حكاياتك منذ زمن!
    بيده الأخرى تناول بعض التراب من تحت قدميه، و قربه في كفه نحو أنفه..و قال:
    هذا التراب لم تتغير رائحته قط..لكنه اليوم حزين!
    غدا..سيفرح التراب..و سيغني الطين حين يضحك فيه القطن من جديد..و ترقص على صدره سنابل قمح..!
    /
    آهٍ يا أبي..ما تزال تحلم بأيامك القديمة!
    أوجعك جدب الأرض و جفاف المطر..و النيل وحده غير قادر!
    آهٍ يا أبي !
    يا لهذا الوجع الممتد على درب الخروج ذي الاتجاه الواحد..
    هل تنسى يا أبي!
    أتنسى يا حبيبي..كم من طيرٍ هجر أرضك!
    و كم من فراشةٍ اغتالتها نار الغياب!
    أتنسى يا سيدي..كم من سنبلةٍ ماتت قبل أن تنعم بولادة القمح..!
    حبيبي أنت و صابرٌ حد الموت تحت شجرة التوت التي دفن تحتها أبوك كما أوصى!
    لماذا يا أبي أراك مؤخرا لا تفارقها..!!
    لماذا يا سيدي تعيد اجترار الحزن ، رغم محاولتك لصنع رغيف أملٍ لا يكفي لسد جوعنا جميعا..!
    سيدي..
    بات زمن الفراشات بعيدا..و شجرة الورد البيضاء التي زرعتها لي..سرقتها يد الطوب،
    و أما شجرتنا العتيقة..فهي قائمة و قد اعتصمت بالأرض و النهر..
    لكنها يا حبيبي لم تعد تدرك كيف تضم الفراشات!
    .
    .
    خروج //
    ما تزال شجرة التوت تنادي،
    و الفراشات عرفت الدرب ذا الاتجاه الواحد!

    .
    .
يعمل...
X