- لن اكلفكِ بالكثير، اريد المنزل نظيف دائما ووجبة العشاء تكون جاهزة كل ليلة.
- والإفطار والغذاء يا سيدي؟
- كلامي واضح ، لا اكرره مرتين.
يخرج من جيبه سلسلة مفاتيح ..
- هذه مفاتيح المنزل، عليك دخول الغرف مرة واحدة في الاسبوع على الاقل لتنظيفها.
تستأذنه للذهاب الى غرفتها ... تستلقي على سريرها لتستغرق في النوم بعد برهة قصيرة فقد وصلت للتو من القرية وغدا امامها اول ايام العمل...
تستيقظ مبكرا.. تبدأ بتنظيف المنزل .. تنتهي من تنظيف الصالون والمطبخ ثم تجلس قليلا للاستراحة .. يخرج سيدها من غرفته ، تستقله بترحاب، تسأله ان كان يريد منها اعداد الشاي او وجبة الافطار ولكنها يجيبها بلطف قائلا:
- سبق وان قلت لك العشاء فقط.
- ( بابتسامة) امرك سيدي.
- طعام لذيذ ، يبدوا بأنكِ طباخة ماهرة.
- شكرا لك يا سيدي.
- هل واجهتي متاعب في اول يوم لك في المنزل؟.
- كلا يا سيدي ولكن الغرفة الثالثة لم استطع فتحها.
يمتنع عن اكمال طعامه ويقف وقد بان عليه القلق ...
- هل حاولتي فتح الغرفة الثالث؟
- نعم سيدي؟
- الم اخبركي بأن عليك ان لا تفتحي هذه الغرفة ابد؟ا.
- ( باندهاش) كلا أبدا لم تأمرني بشيء من هذا ابدا.
- احقا لم اقل لكِ؟
- صدقني يا سيدي.
- حسنا، هذه الغرفة لا تقتربي منها اطلاقا.
- امرك.
يأخذ منها المفاتيح ويأمرها بالبقاء في غرفتها ثم يستكمل وجبة العشاء... تمتثل لأمره ، إلا انها تتساءل بشدة عن سر تغيره المفاجئ ولماذا لا يريدها ان تفتح الغرفة ألثالثة .. تسمع وقع خطواته في الممشى فتنظر من ثقب الباب لتشاهده على رأس الغرفة الثالثة وهو يجرب المفاتيح على بابها .. ما ان ينتهي حتى يأتي اليها ويسلمها المفاتيح بعد ان يوصيها الاهتمام بواجباتها ..
تحاول النوم ولكنه يجافيها ، تقف على بابها فتشاهد انوار غرفة سيدها مطفأة فتطمئن الى انه قد نام .. تخرج من غرفتها وتمشي بهدوء نحو الغرفة الثالثة وتقف عليها ... تنظر الى بابها مليا ..
- يا ترى لماذا لا يريدني ان ادخل هذه الغرفة؟ أي سر فيها؟
تنظر تارة اليه وتارة الى غرفة سيدها التي تفتح انارتها فتهرع الى غرفتها وتطفأ مصابيحها ..
يخرج من غرفته ليقف عند الغرفة الثالثة وينظر منها الى انحاء الممشى ثم يذهب الى غرفة الخادمة ليتأكد من نومها .. كانت تسمع صوت خطواته ودقات قلبها تتسارع إلا انه يعود الى غرفته ليستأنف نومه ، ولكن الفضول كان قد اسرها فغدت له منقادة..
في الصباح كان ينظر لها بشي من الارتياب وهي تنظف الصالة ..يقترب منها وهو حاملا حقيبته استعداد للذهاب الى عمله ...
- هل كل شي على ما يرام؟.
يغادر المنزل فتشعر بالأمان .. تقعد قليلا ثم تخرج الى الفناء الخلفي وتقف على شرفة الغرفة الثالثة ... يقاطعها صوت شخص يأتيها من ورائها ..
- ما تفعلين هنا؟
- من انت؟.
- انا حارس المنزل ، اظنك الخادمة الجديدة.
- هذا صحيح.
- فماذا تفعلين هنا؟.
- اتنزه قليلا.
- ان السيد لن يسره وقوفك هنا.
- لأنه لا يحب ان يعمل معه الفضوليون على ما اظن.
إلا انها تشير بيدها على الغرفة الثالثة ...
- ( بتحايل) هذه الغرفة قد امرني السيد ان لا انظفها.
- وماذا في ذلك؟
- فقط كنت اريد ان اعرف لماذا!
- لا ادري ولا يهمني ان اعرف.
تنظر له باستخفاف وتعود الى المنزل بينما يتطلع لها بريبة..
**
ينهي عشاءه ثم يستلقي قليلا في الحديقة ليقرا صحيفة مستعينا بنظارته السميكة ، ثم يصعد الى غرفته .. تنتظر موعد رقاده .. تتأكد من نومه بعد تصبر ساعة أخرى ثم تخرج متلصصة لتقف على باب الغرفة الثالثة وتتحدث بصوت خافت...
- هل من احد هنا؟.
-هل انت بحاجة للمساعدة؟.
ولكن السيد يفتح باب غرفته ويذهب اليها مسرعا.. تتوجل منه لتتسربل
في مكانها ..
يدنو منها ووجه قارب ان يلاصق وجهها ..
- ما تفعلين هنا؟.
- اجيبي ما تفعلين في مثل هذا الوقت؟
- ابدا يا سيدي سمعت خطوات اقدام فخرجت من غرفتي لعلك كنت انت وتحتاج لمساعدة .
- ولماذا تقفين هنا؟
- لأنه منتصف الممشى وبإمكاني رؤيته كل شي بوضوح.
- ( بريبة وشك) حسنا عودي الى غرفتك.
تستلقي على فراشها ونبضات قلبها لا تزال متسارعة ، تستعيد انفاسها وتبتسم بعد نجاتها من موقف كاد يعريها ، إلا ان فضولها كان قد وصل الى طريق لا رجعة فيه.
في الصباح تشاهده وهو يحمل حقيبة سفر فتهرول اليه..
- سيدي ما الذي يجري؟.
- يقترب منها قائلا: حافظي على عملك اثناء غيابي.
يخرج من المنزل ، تطارده عيناها حتى يغيب عنها ، تشعر وكأن ثقلا ازيح عن كاهلها .. تنتظر حلول الليل، تعد سلسلة المفاتيح وتبدأ بتجربتها على باب الغرفة الثالثة فلا يفتحه أي منها..
- اللعنة ! اين اذن يوجد مفتاح هذه الغرفة اللعينة؟!!
تمسك بقبضة الباب وتحاول كسرها وفتحه بالقوة ولكنها لا تستطيع .. تذهب الى غرفة سيدها وتبحث عن أية مفاتيح يمكن ان تكون خاصة بها ولكنها لا تجد شيئا..
تخرج الى الفناء الخلفي وتنظر حيث الغرفة علها تستطيع الصعود الى النافذة وفتحها والدخول اليها ..
يراها حارس المنزل فيذهب اليها مهرولا ...
- انتِ مرة اخرى!
- هذا ليس من شأنك.
- حسنا سأقول لسيدي عندما يعود.
- قل له ما تشاء .
- ماذا افعل ؟هل اكسر الباب؟ ماذا لو فعلت ذلك؟ ماذا سأقول له عندما يعود؟ حسنا سأكسر الباب وادعي ان الحارس من فعل ذلك.
الحارس- هذه الخادمة يا سيدتي.
تنظر لها بـتعالي ، إلا انها تتقدم منها وترحب بها ولكنها تجيبها قائلة:
- هذا اليوم سيكون اخر ايامك هنا.
- سيدتي انا لم اخطأ في شي .
- اعرف ولكن سيدك مات.
تصدم من كلامها فتنهمر منها الدموع وتجهش بالبكاء..
- مستحيل ما تقولينه يا سيدتي لقد كان بصحة جيدة.
-الموت لم يعد يعترف بهذا ، انه ياتي في أي وقت ولأي شخص.
- وانتِ يا سيدتي من تكونين؟
- انا اخته ووريثته الوحيدة.
الحارس- نفذي كلامك سيدتك دون نقاش.
السيدة - عودي الى عملك واحرصي ان تكون كل الغرف مفتوحة لاتاكد من ان كل شي على ما يرام وفي الغد غادري، واتركي عنوانك لدى الحارس، قد ابحث لك عن منزل اخر تعملين فيه.
تهز رأسها بالموافقة ، تؤدي عملها والحزن قد تمكن منها .. تعود الى غرفتها وتلململ حاجتها ، إلا انه سرعان ما تكشر عن انيابها ..
- اللعنة عليه! مات ولم اكتشف سر هذه الغرفة الخربة وهذه المرأة الشمطاء ستطردني ولم اعرف ما بها، الليلة سأحطم الباب وادخل ، لن اسمح للمقادير ان تتغلب علي.
تخرج بحذر من غرفتها لتقف على باب الغرفة الثالثة ...
تشاهد المقبض يتحرك مرة اخرى ...
- من انت؟ اخبرني من تكون؟ هل تحتاج الى المساعدة ؟هل تريدني ان اتصل بالشرطة.. تكلم!
- تمسك بالمقبض بقوة وتحاول كسره ، إلا ان يد اخرى تمسك بها .. تلتفت فترى سيدة المنزل وقد امسكت يدها بشدة..
- انتِ ماذا تفعلين هنا؟
تسحب يدها وتتلعثم في الاجابة ...
- اجيبيني!
- لقد فقدت بعض الاغراض فقلت ربما نسيتها هنا ؟
- الباب مقفل.
- حقا! لم اكن اعرف ذلك ربما اكون قد فقدتها في غرفة اخرى او مكان ما .
تستأذنها بالعودة لغرفتها ولكنها ما ان تمشي خطواتها الاولى حتى تأمرها بالتوقف.. - اسمعي ، كنت قد طلبت منك المغادرة صباحا ولكني الآن آمرك بأن بالرحيل من هذا المنزل الساعة.
تصدم من طلبها ...
- ولكن يا سيدتي لماذا؟!.
- هذه رغبتي وعليك تنفيذها الان.
تستدعي البواب ليشرف على خروجها، تضع حاجاتها في حقيبتها وتغادر بصحبته .. تنظر بغل الى الغرفة الثالثة ثم بحقد نحو السيدة التي تأمر البواب ان ينتظر قليلا قبل انطلاق السيارة بها الى وسط المدينة... تلقي نظرة سريعة على الغرف والصالة والمطبخ لتتأكد من عدم تعرضها لأي سرقة محتملة ثم تعطيه الاشارة بالمغادرة .. تقعد في غرفتها قليلا ثم يطرأ على بالها ان كافة الغرف مفتوحة عدا الغرفة ألثالثة فتهرع اليها ، تحضر سلسلة المفاتيح وتحاول فتحها دون جدوى .. تضرب الباب برجلها فترى مقبضه يتحرك ، تشعر بالخوف ، تتكلم بحذر سائلة عما اذا كان احدا في الغرفة ولكنها لا تلقى إجابة .. تخرج من المنزل خائفة وتذهب الى الفناء الخلفي لتشاهد الغرفة الثالثة من النافذة وهي مظلمة .. تحدق فيها فترى الشباك يفتح ثم يغلق، يغمرها الخوف فتفر الى خارج المنزل بأقصى سرعة، تلتقط انفاسها ولكنها تشعر بالدوار فيغمى عليها .. تخلي المنزل وتبيعه بعد عدة أشهر ويقرر مالكه الجديد هدمه ليسدل الستار على سر الغرفة الثالثة الى الابد.
تعليق