يذهب اليه فيجده لا يزال يبكي ...
يبدأ وحيد بالأكل بشهية مفتوحة وسط اندهاش فراس ..
- انه لذيذ حقا!!
- ( بمرح) ولكنه غير حقيقي!!
ينظر له فراس بانفعال قائلا:
- ماذا قلت؟.
- ( ببرود) هذه هي الحقيقة.
- كيف؟
- كل ما نعايشه هنا مجرد نسخة من احداث مضت، نحن في عالم ما بعد الموت يمكننا ان نتمازج معها ، ولكن كل ما تشاهده وما تشعر به ناتج عن تفاعلك مع هذه النسخة.
- حتى هذا الطعام؟
- انه محفوظ في ذاكرتك ، لذا تشعر بطعمه وتتناوله وكأنه حقيقي، ولكن الحقيقة ان ما نعيشه هنا مجرد سراب.
يقف فراس وقد تمكن منه التوتر ...
- تقصد اننا في الغد يمكن ان نعود الى هنا مرة اخرى ونكرر ما فعلناه.
- ( ببرود)بالطبع!
- ( بانفعال) مستحيل.
يقف وحيد ويرد عليه بجدية:
يستيقظ وحيد فلا يرى صديقه ، يسال عنه فيخبرونه بأنه ذهب لحرس البوابة فيهرع إليه ، ما ان يصل حتى يراه وهو يجادل الحراس وقد عبست وجوههم وظهر عليهم الغضب..
يمضيان في طريق طويل، حتى يصلان الى حافة فراغ... يقف فراس على الحافة حذرا ...
- ابي!
- فداك ابوك يا ولدي.
يعانقه ألا انه يقول له وقد بدا عليه الخوف ..
- ولكنك ميت!
- او تحبني حيا وتخاف مني ميتا؟!
يختفي ولده فورا ، يشاهد ذلك فراس وقد انعقد لسانه من فرط تعجبه ، إلا ان وحيد كان محتفظا بهدوئه .. يلتفت الى فراس قائلا:
- ارأيت ، خاف مني لأنه تذكر باني من الاموات!
- امر فضيع، ولكن اين ذهب؟
- عاد الى جسده على الأغلب او ربما ذهب الى بعد اخر من ابعاد عالم الاحلام.
يستئنفان مشيهما .. يشاهدان امرأة تحاول ايصال توصية لابنها ولكنه ينظر لها دون ان يفهمها ...
- يا الهي انها زوجتي!
- حقا ، اذهب اليها فورا.
يمضي اليها فتراه قادما نحوها ....
- فراس!
- غاليتي!
- ماذا تفعل هنا؟
- انا هنا لان هذا عالمي.
- عد الى بيتنا لنعيش سويا كما كنا؟
- ابقي انتِ معي هنا، او لست تحبينني؟.
- ولما لا تأتي انت معي او لست تحبني؟
- لا استطيع.
- لماذا؟ الفرصة لا تزال سانحة.
تمد يدها اليه فيمسك بها ...
- سأعود مع زوجتي وحبيبتي ورفيقة عمري!
- فراس لا تفعل ، لن تتمكن من ذلك.
يهرول وراءه ، إلا ان شعاع قوي يغمرهم جميعا لتختفي زوجة فراس على الفور ، يزداد الشعاع قوة فيغمى عليهما ..
**
يستيقظ وحيد ليجد نفسه في ارض برية ، ينبه فراس فيستيقظ ويسأل عن زوجته فيجيبه بأنها عادت الى عالمها فيعتريه الحزن إلا انه يقول له:
يشاهدان رجال سمر ، طوال القامة ، وبيدهم عصي غليظة .. يقبضون عليهما ، يحاول وحيد التحدث اليهم إلا انهم ينهرونه ، يسيرون حتى يصلون الى مكان اشبه بمعسكر يتجول فيه مئات الاشخاص، يتقدمون الى شخص واقفا وبإمرته عدد من الاشخاص ... يوقفونهما امامه فينظر الى فراس بامتعاض قائلا:
- انت الذي كنت تحاول الهروب من هذا العالم؟
يجيبه وحيد:
- لا لم يكن يسعى الى ذلك ، وكيف له الهروب والى اين سيذهب؟
- ( بغضب) ولكنه حاول!
- كل ما في الامر انه صدم برؤية زوجته فنسى انها لا تزال بعد من اهل الدنيا وهو من عالم الموتى ، وقد عادت اليها وبقي هو هنا.
- عذرا لا اقبله.
يأتي اليه نائبه ويقول :
يحاول وحيد التحدث معه بلطف ..
يدخلان سجن صغير في اطراف المعسكر ، تسود بينهما دقائق صمت سرعان ما يقطعها وحيد قائلا:
- ليتني لم اخلق من الأساس ليتني كنت عدما.
- دع عنك هذا الهراء ، هناك اناس يعذبون جراء افعالهم القبيحة في الدنيا ، نحن لم يحدث معنا شيئا من ذلك.
- الموت غربة يا صديقي ، وأعظم غربة قد يتعرض لها للإنسان .
- انه قدرنا جميعا.
فجأة يعم ضباب كثيف ....
ينادي عليه إلا انه لا يعثر على أي اثر لوجوده معه .. يهرع الى السجن احد الاشخاص ويسمعه وهو ينادي على فراس فيبلغ زعيم المعسكر ...
سرعان ما ينقشع الضباب .. يتطلع وحيد في كافة زوايا السجن فلا يشاهد خبرا لفراس ، لا يتأخر قدوم رئيس المعسكر بصحبة عدد من اتباعه .. ينظر لهم وحيد بذهول سائلا:
- ما الذي يحدث؟ اين صديقي؟
يلتفت رئيس المعسكر للشخص الذي اخبره باختفاء فراس ويسأله:
رئيس المعسكر – ( وهو يضحك) وتريد العودة للدنيا؟!! لا شك بأن جسدك قد غدا طعام لديدان الارض!!
- دعه يذهب مآله العودة الى هنا.
- اريد العودة الى الدنيا ، لماذا فراس يعود وأنا لا؟.
- صاحبك اجله لم يحن بعد ، جسده لا يزال حيا، اما انت فجسدك فسد ووري التراب وانتهى حياتك هناك.
يرفع يديه الى الاعلى قائلا بأعلى صوته:
- فراس ، الى متى هذا البكاء؟.
- يا صديقي لست اول من يموت ، انا مت قبلك بثلاث سنوات.
- انا حزين لفراق زوجتي.
- ( بلا مبالاة) ستموت في يوم ما وستاتي اليك ، المسالة وقت فقط !
- ولكني احبها بشدة.
- دعك منها الان، وهيا بنا نستكشف معنا بعض معالم هذا العالم.
- لا اريد.
- صدقني سترى الكثير مما يعجبك.
- الى اين سنذهب؟
- سنذهب الى ليلة العيد!
- ( بتعجب) وكيف ذلك؟
- تعال معي فقط.
- يا الهي اين نحن؟
- ( بثقة ) نحن في احدى المدن في ليلة العيد!
- ماذا تقول؟
- هيا بنا نقضي وقتا ممتعا!
- ألا تشعر بالجوع يا فراس؟
- ماذا؟.
- الليلة عيد ولا بد لنا ان نأكل ، ثمة مطعم وجباته لذيذ بالجوار!
- وحيد ما الذي يحدث ؟ انا لا افهم شيئا!!
- سأخبرك ولكن بعد ان نتناول اللحم المشوي !
يبدأ وحيد بالأكل بشهية مفتوحة وسط اندهاش فراس ..
- ( بفم مليء بالطعام ) ألا تأكل ؟. انه طعام شهي!
- انه لذيذ حقا!!
- ( بمرح) ولكنه غير حقيقي!!
ينظر له فراس بانفعال قائلا:
- ماذا قلت؟.
- ( ببرود) هذه هي الحقيقة.
- كيف؟
- كل ما نعايشه هنا مجرد نسخة من احداث مضت، نحن في عالم ما بعد الموت يمكننا ان نتمازج معها ، ولكن كل ما تشاهده وما تشعر به ناتج عن تفاعلك مع هذه النسخة.
- حتى هذا الطعام؟
- انه محفوظ في ذاكرتك ، لذا تشعر بطعمه وتتناوله وكأنه حقيقي، ولكن الحقيقة ان ما نعيشه هنا مجرد سراب.
يقف فراس وقد تمكن منه التوتر ...
- تقصد اننا في الغد يمكن ان نعود الى هنا مرة اخرى ونكرر ما فعلناه.
- ( ببرود)بالطبع!
- ( بانفعال) مستحيل.
يقف وحيد ويرد عليه بجدية:
- نحن نعيش في عالم ما بعد الموت، كل ما في الدنيا من احداث ومشاهد لدينا نسخة منها ، فالمادة طاقة ، والطاقة لا تفنى وإنما تنتقل من عالم لآخر ومن بعد لآخر ، عليك ان تدرك هذا جيدا!!
- وهل يمكننا الاتصال بعالم الدنيا؟
- ممكن!
- انا اريد التحدث مع زوجتي ولو لمرة واحدة، كم انا مشتاق اليها.
- في حال نامت زوجتك يمكنك الاتصال بها اذا ما خرجت بالقدر المطلوب من جسدها الدنيوي.
- هل يمكن ذلك حقا؟
- هناك الكثيرون ممن تمكنوا من لقاء احبتهم بهذه الطريقة.
- ألا توجد طريقة اخرى ؟
- ان تأخذ اذنا بأن تعود الى الدنيا لعدة ساعات فتشاهد احبابك.
- هذا عظيم!
- ولكنك لن تتمكن من التحدث اليهم فلن يشعروا بك ابدا ، فقط يمكنك رؤيتهم.
- ولماذا لا استطيع؟!!
- يا صديقي انت ميت ، ولا تملك جسدا يمكنك من خلاله التحدث اليهم ، هم ايضا لا يستطيعون التواصل معك لأنهم لا يزالون يعيشون بأجسادهم الأرضية ، ولكن عندما ينامون ويتقمصون جسدهم الاثيري الذي هو نفس اجسادنا هذه فيمكن حينئذ التواصل معهم، ولكن لدقائق معدودة اذ سرعان ما يعودون الى اجسادهم اما نحن فنبقى هنا.
- فراس كل احبتنا سيأتون الينا في يوم ما ، فلماذا كل هذا الحزن؟ .
- ما هذا ؟
- انه طريق العودة.
يستيقظ وحيد فلا يرى صديقه ، يسال عنه فيخبرونه بأنه ذهب لحرس البوابة فيهرع إليه ، ما ان يصل حتى يراه وهو يجادل الحراس وقد عبست وجوههم وظهر عليهم الغضب..
- قلنا لك لا تستطيع زيارة الدنيا، لم تمنح الان بعد.
- الى متى؟
- انت ميت للتو ، عليك الانتظار.
- فراس ماذا تفعل هنا؟
- كما ترى ، احاول الذهاب للبيت لأطمئن على زوجتي ولكنهم يمنعونني.
- ارجو المعذرة انه جديد على هذا العالم ولا يعرف احواله.
- هي بنا يا فراس لم تحصل على الاذن بعد.
- هل جننت يا فراس؟ تريد ان تذهب للدنيا هكذا بكل بساطة؟.
- ولما لا؟.
- ان هؤلاء الحرس يمكن لهم ان ينزلوا بك العقاب الاليم وقد يصل الى السجن.
- السجن!
- نعم السجن ، هنالك الكثير من السجون هنا.
- وماذا افعل ؟ انا منقطع عن الدنيا ولا اعرف ما يحدث فيها ولا ادري عن زوجتي شيئا.
- فراس ، الدنيا لم تعد تعنينا، لقد خرجنا منها ، نحن لا نعرف ما يحدث فيها إلا اذا جاءنا احد مات مؤخرا ، حينها يمكن ان نسأله عن أخبارها ، وهم ايضا لا يعرفون ما يحدث هنا.
- وزوجتي؟.
- ( بتعاطف) فراس، زوجتك لم تعد زوجتك، بالموت انتهت علاقتكما!
- كلا ، مستحيل!
- هذه هي الحقيقة.
- انها تحبني وأنا اعشقها.
- ولكنك مت ، يمكنها الان ان تتزوج برجل اخر.
- ما تقوله يفوق كل عذاب.
- اعرف ولكنها الحقيقة، حسنا سأريحك.
- كيف؟
يمضيان في طريق طويل، حتى يصلان الى حافة فراغ... يقف فراس على الحافة حذرا ...
- يا الهي ما هذا الفراغ المهول؟
- ( بمرح) لا تخف انه عالم الاحلام!
- ماذا تنظر هيا تعال!
- هيا لا تخف، لن تموت مرتين!
- يا للعجب، انني اقدر ان امشي دون ارض.
- أجسادنا الاثيرية تبقى رشيقة قياسا الى اجسادنا الارضية الثقيلة.
- هيا تمن ان تجد زوجتك .
- نعم سافعل.
- حسنا هل شاهدت زوجتك او احد من اهلك وأصدقائك هنا.
- بالطبع وقد مللت من لقائهم!
- ارايت هذا؟
- نعم، انه ابني الاوسط.
- ابي!
- فداك ابوك يا ولدي.
يعانقه ألا انه يقول له وقد بدا عليه الخوف ..
- ولكنك ميت!
- او تحبني حيا وتخاف مني ميتا؟!
يختفي ولده فورا ، يشاهد ذلك فراس وقد انعقد لسانه من فرط تعجبه ، إلا ان وحيد كان محتفظا بهدوئه .. يلتفت الى فراس قائلا:
- ارأيت ، خاف مني لأنه تذكر باني من الاموات!
- امر فضيع، ولكن اين ذهب؟
- عاد الى جسده على الأغلب او ربما ذهب الى بعد اخر من ابعاد عالم الاحلام.
يستئنفان مشيهما .. يشاهدان امرأة تحاول ايصال توصية لابنها ولكنه ينظر لها دون ان يفهمها ...
- عندما تستيقظ دون ما قلته لك قبل ان تنساه!
- هذه المرة الثالثة التي احاول التواصل معه ولكنه في كل مرة يستيقظ من نومه دون ان يكترث لما اقوله له.
- اللعنة ! انه لم يكمل حتى الان تنفيذ كامل وصيتي ، وهذا يؤثر على حياتي هنا، وانأ احاول ان افهمه ذلك ولكنه لم يفهم الرسالة بعد! ، لو كان حلمه عني عن مال لاهتم به!
- يا الهي انها زوجتي!
- حقا ، اذهب اليها فورا.
يمضي اليها فتراه قادما نحوها ....
- فراس!
- غاليتي!
- ماذا تفعل هنا؟
- انا هنا لان هذا عالمي.
- عد الى بيتنا لنعيش سويا كما كنا؟
- ابقي انتِ معي هنا، او لست تحبينني؟.
- ولما لا تأتي انت معي او لست تحبني؟
- لا استطيع.
- لماذا؟ الفرصة لا تزال سانحة.
تمد يدها اليه فيمسك بها ...
- هيا بنا الى البيت.
- فراس عد، الامر خطير.
- سأعود مع زوجتي وحبيبتي ورفيقة عمري!
- فراس لا تفعل ، لن تتمكن من ذلك.
يهرول وراءه ، إلا ان شعاع قوي يغمرهم جميعا لتختفي زوجة فراس على الفور ، يزداد الشعاع قوة فيغمى عليهما ..
**
يستيقظ وحيد ليجد نفسه في ارض برية ، ينبه فراس فيستيقظ ويسأل عن زوجته فيجيبه بأنها عادت الى عالمها فيعتريه الحزن إلا انه يقول له:
- دعك من هذا الان ، اننا في ورطة كبيرة.
- ( بحزن) وهل هناك ورطة اكبر مما نحن فيه؟.
- بلى، لقد سقطنا في منطقة من مناطق هذا العالم.
- ولماذا حدث لنا هذا ؟
- اسال نفسك؟ ! لقد حاولت مغادرة هذا العالم مع شخص من عالم الدنيا.
- انها زوجتي يا وحيد.
- زوجتك لا تزال حية هناك ، وقد عادت الى الدنيا ، بينما قبض عليك انت هنا.
- يا الهي ! وكيف نغادر هذا المكان؟
- هذا ما لا استطيع اجابتك عليه.
- ماذا سنفعل الان؟
- لا اعرف ؟ اننا في ورطة وكل ذلك بسببك.
يشاهدان رجال سمر ، طوال القامة ، وبيدهم عصي غليظة .. يقبضون عليهما ، يحاول وحيد التحدث اليهم إلا انهم ينهرونه ، يسيرون حتى يصلون الى مكان اشبه بمعسكر يتجول فيه مئات الاشخاص، يتقدمون الى شخص واقفا وبإمرته عدد من الاشخاص ... يوقفونهما امامه فينظر الى فراس بامتعاض قائلا:
- انت الذي كنت تحاول الهروب من هذا العالم؟
يجيبه وحيد:
- لا لم يكن يسعى الى ذلك ، وكيف له الهروب والى اين سيذهب؟
- ( بغضب) ولكنه حاول!
- كل ما في الامر انه صدم برؤية زوجته فنسى انها لا تزال بعد من اهل الدنيا وهو من عالم الموتى ، وقد عادت اليها وبقي هو هنا.
- عذرا لا اقبله.
يأتي اليه نائبه ويقول :
- حاول او لم يحاول ، لن ينجح ابدا ، لان العودة للدنيا في عداد المستحيلات.
يحاول وحيد التحدث معه بلطف ..
- ايها السيد دعنا نعود الى البعد الذي كنا فيه.
- ان هذا العالم كعالم الدنيا، فيه الكثير مما تجهله.
- ماذا تقصد؟
- اظن انكما ستعملان في هذا المعسكر، حتى يصدر امر بالإفراج عنكما.
- مستحيل!
- ولماذا ؟ هل تظن نفسك مؤهلا لتعيش براحة في هذا العالم؟ انت تستحق عقوبة اكثر من ذلك ولكن الرب رأف بك ، ثم انكما مدانان بمحاولة الذهاب مع الاحياء للدنيا ، مستغلين عالم الاحلام الذي يلتقي فيه الاحياء والأموات بأجسادهم الاثيرية ، وهذه بذاتها جريمة تستوجب العقوبة.
يدخلان سجن صغير في اطراف المعسكر ، تسود بينهما دقائق صمت سرعان ما يقطعها وحيد قائلا:
- ارأيت ما فعلته بنا ؟ ها نحن نعاقب على بعض افعالنا في الدنيا وكل ذلك بسببك.
- ارجوك جد طريقة للخروج من هنا؟
- لا اظن بأني قادرا على ذلك ، في الوقت الراهن على الاقل.
- ليتني لم اخلق من الأساس ليتني كنت عدما.
- دع عنك هذا الهراء ، هناك اناس يعذبون جراء افعالهم القبيحة في الدنيا ، نحن لم يحدث معنا شيئا من ذلك.
- الموت غربة يا صديقي ، وأعظم غربة قد يتعرض لها للإنسان .
- انه قدرنا جميعا.
فجأة يعم ضباب كثيف ....
- يا الهي ما هذا الضباب؟ ، فراس حاول ان تنام ، فبعد عدة ساعات سوف نبدى العمل ، يبدوا بأننا في منطقة لا ليل ولا نهار فيها.
- فراس هل نمت؟
- لا تقل لي بأنك مت مرة اخرى !!
ينادي عليه إلا انه لا يعثر على أي اثر لوجوده معه .. يهرع الى السجن احد الاشخاص ويسمعه وهو ينادي على فراس فيبلغ زعيم المعسكر ...
سرعان ما ينقشع الضباب .. يتطلع وحيد في كافة زوايا السجن فلا يشاهد خبرا لفراس ، لا يتأخر قدوم رئيس المعسكر بصحبة عدد من اتباعه .. ينظر لهم وحيد بذهول سائلا:
- ما الذي يحدث؟ اين صديقي؟
يلتفت رئيس المعسكر للشخص الذي اخبره باختفاء فراس ويسأله:
- هل هب ضباب هنا؟
- نعم سيدي وكان كثيفا.
- يا له من محظوظ ، لقد عاد الى عالم الدنيا دون شك.
- ما دام قد اختفى فقد عاد.
- لقد اختفى صاحبه اليس كذلك؟
- انه محظوظ ، لقد عاد للدنيا وكتبت له حياة مدتها عشرون عاما.
- تبا له ! افتحوا لصاحبه السجن وليعد من حيث أتى.
- اين فراس؟
- ولكنه مات!
- لا يمكن! مستحيل، انا ايضا اريد العودة للدنيا، لدي الكثير مما يمكنني القيام به هناك.
- منذ متى وأنت ميت؟
- منذ ثلاث سنوات.
رئيس المعسكر – ( وهو يضحك) وتريد العودة للدنيا؟!! لا شك بأن جسدك قد غدا طعام لديدان الارض!!
- سادعوا الله سبحانه ان يعيدني للحياة الدنيا.
- هل فيك ما يميزك عنا ؟ ، اذا كان الرب سيستجيب لك ويرجعك للدنيا فلماذا لا يعيد غيرك ايضا ؟
- سأذهب حالا الى الدنيا.
- وماذا ستفعل فيها؟ جسدك تحول الى رمة ! ولن تستطيع التحدث مع احد
- لن اهتم لهذا.
- ستغدوا هناك روحا غريبا في الحياة ، مجرد كائن غير موجود!
- دعه يذهب مآله العودة الى هنا.
- اريد العودة الى الدنيا ، لماذا فراس يعود وأنا لا؟.
- صاحبك اجله لم يحن بعد ، جسده لا يزال حيا، اما انت فجسدك فسد ووري التراب وانتهى حياتك هناك.
- كلا ، كلا .. انتم مخطئون، انا الاحق بالعودة للدنيا من فراس .
- اريد العودة ، اريد العودة.
يرفع يديه الى الاعلى قائلا بأعلى صوته:
- اعيدوني!