ولقد قرأ والدي ما لا يقرأ
لم يكن أبي يحسن القراءة والكتابة أكثر من كتابة وقراءة أسماء عماله ومسك دفاتر بتواريخ استخدام أولئك و مبالغ أجورهم ومقبوضاتهم . وكان والدي يستخدم ويسخر هؤلاء العمال في مشاريع زراعية وتجارية متفاوتة في الحجم وفي حظوظها بالأتيان بحزمات الدنانير. وتعلم أبي بتقادم الزمن وبمرور الأيام أن يبرهن على روح عصامية منقطعة النظير.أن يبرهن على روح يتحسس الحي في الميت والإخضرار في الجماد والإحمرار في الرماد . روح يتحسس بروح الله ولا ينطبع بطابع الحركة العمياء للأشياء . ولو قدرت المقادير أن يلقى والدي في خضم سيل جارف لأحس والدي بأن السيل لا يجرفه وأنه هو القائد لذلك السيل والماسك بمجذافه وعصا قيادته .
وكان والدي بفعل صمته الثاقب وطبعه الرهيف يسبر مكنونات النفوس ينصهر في حشو الأشياء وينفذ إلى بواطن الأمور ويرى بأعيينه مالا يراه أعيين الخواص ولا العوام . وهذا لا يعني أن والدي كان صموتا أو يجنح إلى الصمت . ولقد كان على ذلك النحو عندما تعييه الحيلة و يعجز في الإتيان بنديم أو سمير له .
ونعود خطوة إلى الوراء لأدلو بدلوي في مبلغ حنكة والدي في القراءة لأقول أنه كان محنكا معركا إلى أبعد حد . وأرجع أنا بواعث حنكته إلى بوصلة داخلية أكثر منه الى عرك الأمور في معترك الحياة فلقد كان والدي يقرأ ما لا يقرأ. يقرأ مالا يقرأه كاهن على وجه الأشياء . يقرأ تراقيم الظلال وعيون الرعاع وحظوظ أهل الثراء . يقرأ السخف في أخلاق الرجال والحكمة في أقوال الرعاة . سريع في مواطن وثقيل في أخرى . سريع في حركاته وسكناته المعتادة ثقيل بثقل صخرة في صدر جبل في مواطن تمت بصلة إلى تدابير العيش وسداد الرأي في أمور الخلق والدين .
وكان أبي يميز وبالبداهة بين السخيف والحصيف وبين الهادي والمضل و بين النافع والعديم الطائل . و إذا متت تلك البداهة بصلة إلى الغيب كانت تلك البداهة مطلقة وإذا متت بصلة إلى عالمنا المشهود كانت مطلقة بذات القدر . وإذا تسائلت ماذا كان يقف وراء ذلك الحدس السقراطي في الحكم المطلق على الظواهر فأقول لك بوصلة داخلية عقاربها ليست من العشب الأخضر . رهافة مطلقة في الحس الداخلي أو إرجاع الأمور الى مرجعه الداخلي أي الميزان العقلي الخاص به للحكم عليها . ولقد كان ذلك الميزان العقلي دقيقا في الوزن بدقة ميزان الذهب . ميزان يزن العوالم والظواهر بأثقال وزن دون القيرط من الأوزان .
لم يكن أبي يحسن القراءة والكتابة أكثر من كتابة وقراءة أسماء عماله ومسك دفاتر بتواريخ استخدام أولئك و مبالغ أجورهم ومقبوضاتهم . وكان والدي يستخدم ويسخر هؤلاء العمال في مشاريع زراعية وتجارية متفاوتة في الحجم وفي حظوظها بالأتيان بحزمات الدنانير. وتعلم أبي بتقادم الزمن وبمرور الأيام أن يبرهن على روح عصامية منقطعة النظير.أن يبرهن على روح يتحسس الحي في الميت والإخضرار في الجماد والإحمرار في الرماد . روح يتحسس بروح الله ولا ينطبع بطابع الحركة العمياء للأشياء . ولو قدرت المقادير أن يلقى والدي في خضم سيل جارف لأحس والدي بأن السيل لا يجرفه وأنه هو القائد لذلك السيل والماسك بمجذافه وعصا قيادته .
وكان والدي بفعل صمته الثاقب وطبعه الرهيف يسبر مكنونات النفوس ينصهر في حشو الأشياء وينفذ إلى بواطن الأمور ويرى بأعيينه مالا يراه أعيين الخواص ولا العوام . وهذا لا يعني أن والدي كان صموتا أو يجنح إلى الصمت . ولقد كان على ذلك النحو عندما تعييه الحيلة و يعجز في الإتيان بنديم أو سمير له .
ونعود خطوة إلى الوراء لأدلو بدلوي في مبلغ حنكة والدي في القراءة لأقول أنه كان محنكا معركا إلى أبعد حد . وأرجع أنا بواعث حنكته إلى بوصلة داخلية أكثر منه الى عرك الأمور في معترك الحياة فلقد كان والدي يقرأ ما لا يقرأ. يقرأ مالا يقرأه كاهن على وجه الأشياء . يقرأ تراقيم الظلال وعيون الرعاع وحظوظ أهل الثراء . يقرأ السخف في أخلاق الرجال والحكمة في أقوال الرعاة . سريع في مواطن وثقيل في أخرى . سريع في حركاته وسكناته المعتادة ثقيل بثقل صخرة في صدر جبل في مواطن تمت بصلة إلى تدابير العيش وسداد الرأي في أمور الخلق والدين .
وكان أبي يميز وبالبداهة بين السخيف والحصيف وبين الهادي والمضل و بين النافع والعديم الطائل . و إذا متت تلك البداهة بصلة إلى الغيب كانت تلك البداهة مطلقة وإذا متت بصلة إلى عالمنا المشهود كانت مطلقة بذات القدر . وإذا تسائلت ماذا كان يقف وراء ذلك الحدس السقراطي في الحكم المطلق على الظواهر فأقول لك بوصلة داخلية عقاربها ليست من العشب الأخضر . رهافة مطلقة في الحس الداخلي أو إرجاع الأمور الى مرجعه الداخلي أي الميزان العقلي الخاص به للحكم عليها . ولقد كان ذلك الميزان العقلي دقيقا في الوزن بدقة ميزان الذهب . ميزان يزن العوالم والظواهر بأثقال وزن دون القيرط من الأوزان .