[align=center]مقدمة ( 1 ) [/align]
1) يؤمن كافة المسلمين (أئمتهم وعامتهم) أن القرآن الكريم كتاب من عند الله نزل به الروح الأمين جبريل عليه السلام وحيا على قلب محمد بن عبد الله رسول الله وخاتم النبيين والمرسلين عليهم وعلى نبينا أفضل الصلوات وأزكى التسليمات، كتاب لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنـزيل من حكيم حميد، كما يعتقد جميع المسلمين أن القرآن الكريم هو المصدر الأساس الأول لشريعتهم ومنهاج حياتهم؛ لذا اهتم به المسلمون اهتماما، وعُنوا به أقصى العناية، وحفظوه فى الصدور وفى السطور، وقاموا على فهمه وتفسيره ودراسته، ونشأت من هذا وبسببه علوم كثيرة وفنون مختلفة كالتجويد والقراءات والتفسير وأسباب النـزول وغير ذلك من علوم وفنون، ولقد تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظ القرآن الكريم فقال: {إنا نحن نزلنا الذكر وإناله لحافظون} (الرعد:9)، ونرى أن حفظه على طريقتين: حفظه من الاندثار، وكذلك حفظه من التحريف والهوى، بأن يُقَيِّض الله رجالا ينبهون الناس، ويرفعون الالتباس، ويفكرون بحزم، ويعملون بعزم، ولا ينفكون حتى ينالوا ما يقصدون.
2) كان القرآن يتنـزَّل على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ويتلوه على أصحابه، فلما سمعوه فهموه، بل أدرك بلاغتَه وحلاوتَه من لم يهده الله إلى نور الإسلام إذ ذاك، غير أنه كانت هناك مواقف في صدر الدعوة نتصور معها حدوث نقل لمعاني آيات من القرآن الكريم إلى غير العربية، من ذلك الحوارُ الذي دار بين النجاشي ملك الحبشة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، الذي قَدِم هو ومجموعة من المسلمين الأُول إلى الحبشة بتوجيه من الرسول صلى الله عليه وسلم فرارا بدينهم من بطش أهل مكة، وبعثت قريش في أثرهم إلي النجاشي ملك الحبشة اثنين من رجالها، وهما: عمرو بن العاص وعبد الله ابن أبى ربيعة؛ ليُكَرِّها النجاشي في هؤلاء المهاجرين من المسلمين ويشوها موقفهم عنده فيخرجهم من ضيافته وجيرته، فسمع النجاشي من عمرو وصاحبه، واستدعى جعفرا ومن معه ليستمع إليهم، ومن الثابت أن من بين ما قاله جعفر أنه تلا على مسامع النجاشي الذى كان يؤمن بالنصرانية آيات من سورة مريم( )، ونحسب أنها نُقِلت إليه عن طريق مترجم.
أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ملوك ورؤساء البلاد المجاورة للجزيرة العربية رسائل يدعوهم فيها هم وأقوامهم إلى الإسلام، ومن الثابت أن تلك الرسائل تضمنت آيات من القرآن الكريم، ونُقِلت هذه الرسائل بما فيها إلى لسان من أرسلت إليهم؛ فقد كان مِن بينهم مَن لا يعرف العربية، ولذا فإن كل واحد من الرجال الذين كُلِّفوا بحمل الرسالة ونقلها كان يتكلم بلسان القوم الذين بُعِث إليهم( ).
3) انتشر الإسلام ودخل فى دين الله أفواج من الناس من غير العرب، فمنهم من تعلم العربية واتصل بالقرآن اتصالا مباشرا، ومنهم من كانت طاقته دون ذلك، فاحتاج إلى نقل معانى القرآن إلى لغته التى نشأ عليها، فظهرت فى عصور الإسلام الأولى ترجمة للقرآن إلى اللغة الفارسية مثلا، بل إن فقهاء المسلمين تناولوا حكم قراءة الفاتحة فى الصلاة بغير العربية( )، ونحن لا نناقش هنا جواز هذه المسألة أو عدم جوازها، ولكننا نود الإشارة إلى أن موضوع نقل معاني القرآن الكريم إلى غير العربية كان أمرا واردا وجائزا فى الفقه الإسلامي، وقام من تصدى لهذا العمل من المسلمين ـ قدر ما وسعته طاقته البشرية ـ بنقل المعانى بقدر ما أتيح له من فهمها وتفسيرها، وتحسب أنهم فى ذلك ما حرفوا وما بدلوا تبديلا؛ بسبب إيمانهم بالقرآن وحبهم له.
(يتبع)
1) يؤمن كافة المسلمين (أئمتهم وعامتهم) أن القرآن الكريم كتاب من عند الله نزل به الروح الأمين جبريل عليه السلام وحيا على قلب محمد بن عبد الله رسول الله وخاتم النبيين والمرسلين عليهم وعلى نبينا أفضل الصلوات وأزكى التسليمات، كتاب لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنـزيل من حكيم حميد، كما يعتقد جميع المسلمين أن القرآن الكريم هو المصدر الأساس الأول لشريعتهم ومنهاج حياتهم؛ لذا اهتم به المسلمون اهتماما، وعُنوا به أقصى العناية، وحفظوه فى الصدور وفى السطور، وقاموا على فهمه وتفسيره ودراسته، ونشأت من هذا وبسببه علوم كثيرة وفنون مختلفة كالتجويد والقراءات والتفسير وأسباب النـزول وغير ذلك من علوم وفنون، ولقد تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظ القرآن الكريم فقال: {إنا نحن نزلنا الذكر وإناله لحافظون} (الرعد:9)، ونرى أن حفظه على طريقتين: حفظه من الاندثار، وكذلك حفظه من التحريف والهوى، بأن يُقَيِّض الله رجالا ينبهون الناس، ويرفعون الالتباس، ويفكرون بحزم، ويعملون بعزم، ولا ينفكون حتى ينالوا ما يقصدون.
2) كان القرآن يتنـزَّل على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ويتلوه على أصحابه، فلما سمعوه فهموه، بل أدرك بلاغتَه وحلاوتَه من لم يهده الله إلى نور الإسلام إذ ذاك، غير أنه كانت هناك مواقف في صدر الدعوة نتصور معها حدوث نقل لمعاني آيات من القرآن الكريم إلى غير العربية، من ذلك الحوارُ الذي دار بين النجاشي ملك الحبشة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، الذي قَدِم هو ومجموعة من المسلمين الأُول إلى الحبشة بتوجيه من الرسول صلى الله عليه وسلم فرارا بدينهم من بطش أهل مكة، وبعثت قريش في أثرهم إلي النجاشي ملك الحبشة اثنين من رجالها، وهما: عمرو بن العاص وعبد الله ابن أبى ربيعة؛ ليُكَرِّها النجاشي في هؤلاء المهاجرين من المسلمين ويشوها موقفهم عنده فيخرجهم من ضيافته وجيرته، فسمع النجاشي من عمرو وصاحبه، واستدعى جعفرا ومن معه ليستمع إليهم، ومن الثابت أن من بين ما قاله جعفر أنه تلا على مسامع النجاشي الذى كان يؤمن بالنصرانية آيات من سورة مريم( )، ونحسب أنها نُقِلت إليه عن طريق مترجم.
أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ملوك ورؤساء البلاد المجاورة للجزيرة العربية رسائل يدعوهم فيها هم وأقوامهم إلى الإسلام، ومن الثابت أن تلك الرسائل تضمنت آيات من القرآن الكريم، ونُقِلت هذه الرسائل بما فيها إلى لسان من أرسلت إليهم؛ فقد كان مِن بينهم مَن لا يعرف العربية، ولذا فإن كل واحد من الرجال الذين كُلِّفوا بحمل الرسالة ونقلها كان يتكلم بلسان القوم الذين بُعِث إليهم( ).
3) انتشر الإسلام ودخل فى دين الله أفواج من الناس من غير العرب، فمنهم من تعلم العربية واتصل بالقرآن اتصالا مباشرا، ومنهم من كانت طاقته دون ذلك، فاحتاج إلى نقل معانى القرآن إلى لغته التى نشأ عليها، فظهرت فى عصور الإسلام الأولى ترجمة للقرآن إلى اللغة الفارسية مثلا، بل إن فقهاء المسلمين تناولوا حكم قراءة الفاتحة فى الصلاة بغير العربية( )، ونحن لا نناقش هنا جواز هذه المسألة أو عدم جوازها، ولكننا نود الإشارة إلى أن موضوع نقل معاني القرآن الكريم إلى غير العربية كان أمرا واردا وجائزا فى الفقه الإسلامي، وقام من تصدى لهذا العمل من المسلمين ـ قدر ما وسعته طاقته البشرية ـ بنقل المعانى بقدر ما أتيح له من فهمها وتفسيرها، وتحسب أنهم فى ذلك ما حرفوا وما بدلوا تبديلا؛ بسبب إيمانهم بالقرآن وحبهم له.
(يتبع)