كانت سندريلا البنت الوحيدة للمرأة التي
اختفت في ليلة مظلمة..

وتركت ابنتها في سريرها
تصرخ وتبكي بينما كان والدها المسكين يعاني
الأمرّين في بلاد الغربة سعياً وراء اللقمة
الحلال وتحسين ظروف العيش لأسرته الصغيرة ..

وقد سمع الجيران بكاء الطفلة
فحملوها إلى بيت أحدهم حيث نالت كلّ رعاية
وتابعوا مراسلة الوالد وهم يخفون عنه حقيقة ماجرى
إلى أن جمع مبلغاً من المال يكفي للانطلاق
إلى حياة أفضل ..

وعندما عاد وعلم بما جرى
تزوّج من ابنة الجار الذي أنقذ ابنته ..
فكانت زوجة صالحة مكافحة ساعدته في
إدارة مزرعته الصغيرة وأنجبت له بنتين
مطيعتين ..ولم تميّز بينهما وبين سندريلا
إلى أن مرض الرجل ومات ..

وأصبحت الحياة أقسى واحتياجات الفتيات اللواتي
كبرن ازدادت ..ولأن سندريلا كانت
بارعة الجمال كثيرة الدلال ناعمة اليدين
فلم تحتمل القيام بالأعمال الزراعية خارج
المنزل وتعهّدت بالطبخ والتنظيف بينما
انصرفت أختاها مع أمهما
إلى شقّ الأرض وزراعتها وتقطيع
الأخشاب وتربية الدواب وجني الثمار
ونقل الماء من الآبار ..

وكنّ يشتكين
دائماً من تقصير سندريلا ومن انشغالها
بالتجمّل والنوم وإهمالها المتزايد للطبخ
يوماً بعد يوم ..ولم يستخدمن معها
العنف بل عاملنها دائماً بكل لطف ..

وكانت سندريلا تلجأ لكسب عطف الجيران
بالزور والبهتان ..وتصوّر الفتيات
اللواتي يعدن جائعات بعد يوم طويل من
الكدّ بأنّهن نهمات شرهات لايشبعن
ولايقنعن ..وتزعم أن زوجة أبيها تضطهدها
وتكلفها بما لايطاق ..

وقد استغلت
سندريلا يتمها وجمالها لإقناع
بعض الجيران ممّن لايكترثون
للأفعال وينخدعون بالأقوال بما كانت تختلقه..
وكان أحدهم يعمل في قصر الأمير
فقابله ذات يوم وحكى له
قصّة سندريلا الجميلة المظلومة
وحدّثه عن جمالها وعن قدميها
الصغيرتين ..

فرفع الأمير
رتبته وكلّفه بتنظيم حفل لاختيار
زوجة المستقبل ..وبالتنكر في
ثياب جنيّة وتجهيز كلّ مايلزم
لسندريلا لتظهر بالمظهر اللائق
ولتصل في الوقت المناسب شرط أن
تسرع عائدة إلى المنزل قبل عودة
زوجة الأب مع ابنتيها إليه ..ريثما
يقرر الأمير إن كان سيتخذها
زوجة أم لا ..وطلب أن يصنع لها
حذاء خاص يناسب قدميها ..وأن
تدبّر الوسيلة المناسبة للحصول على
فردة منه عند مغادرة سندريلا ..

وجرى ماجرى ممّا يعرفه الجميع
ويحفظونه عن ظهر قلب..

وما كانت قصّتهاّ ستتعرّض
للتشكيك بها ..لولا أن
حفيد منظّم الاحتفال هاجر إلى
بلاد بعيدة وقام بنشرهذه
الرواية المختلفة للقصّة ودعّمها بوثائق
زعم أنّه حصل عليها من
خزانة جدّه الذي مات مؤخرّاً ..

ولم تستطع سندريلا المطعونة
في الظهر والتي أشرفت دائماً
على كتابة التاريخ أن تمنع
الأقاويل ولا أن تفنّد هذه
الأضاليل ..