قراءة و رؤية نقدية تفسيرية في قصيدة الشعرة رويدة الخزرجي / ألوان الحجود

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عيسى عماد الدين عيسى
    أديب وكاتب
    • 25-09-2008
    • 2394

    قراءة و رؤية نقدية تفسيرية في قصيدة الشعرة رويدة الخزرجي / ألوان الحجود



    ألوانُ الجحــود إني لا أفهمُ ما معنى ؟ أن يشنقَ غصنُ الرّمان ِ عصفورَ البُستان ِ الأخضرْ ... وأنا لا أدري ما السـّـرُ في تعتيم ِ الورق ِ الأبيض حتى يغدو القلمُ الشـّادي أبكم أبترْ ... وأنا لا أعلمُ ما يدعو أن أمشي في البصرة ِ دهراً لا أسمعُ صوتَ السيّاب لا ألمحُ في الأرض ِ الفيحا خداً أسمرْ ... لا أدركُ شيئا ً من








    ألوانُ الجحــود




    [frame="3 70"]
    إني لا أفهمُ ما معنى ؟ أن يشنقَ غصنُ الرّمان ِ
    عصفورَ البُستان ِ الأخضرْ ...
    وأنا لا أدري ما السـّـرُ
    في تعتيم ِ الورق ِ الأبيض
    حتى يغدو القلمُ الشـّادي أبكم أبترْ ...
    وأنا لا أعلمُ ما يدعو
    أن أمشي في البصرة ِ دهراً
    لا أسمعُ صوتَ السيّاب
    لا ألمحُ في الأرض ِ الفيحا خداً أسمرْ ...
    لا أدركُ شيئا ً من هذا .. أو من هذا !
    مـُذ أنكر َ
    خمريـّة َ وَجْهي خافقك النابضُ بالزور ِ
    وسقطت َ بكل طواعيـّة
    في بئر ِ الغربة ِ مَغشيا ً
    وتلقـّفَك الوجهُ الأشقـرْ ...

    رويدة
    [/frame]



    __________________



    ألوان الجحود


    يقرأ النص من عنوانه كما يقال ، و هنا أتى العنوان بـــ ألوان الجحود ، و تعني أنواعه كما حصل من قبل الآخر ، و قد جاء النص متضماً هذه الألوان و الأنواع التي أوضحتها الكاتبة ، فظهرت قدرة الكاتبة على التعبير عما تريد بأسلوب شاعري بديع مستخدمةً ما البلاغة من قوة و جمال .


    حتى الخلفية السوداء التي وضعتها للنص لها دلالة الحزن العميق الذي سببه هذا الجحود ، وبرأيي لم يكن اختيار الخلفية عبثاً ، فإن لم تقصده فقد جاء به اللاشعور كتعبير آخر عن نتائج الجحود


    الدخول بين الكلمات ليس سهلاً ، حيث يصور الشاعر/ة حالة ما ، قد تكون عامة ، و لكن الصدقية بتصوير الحادثة يكون أعمق عندما يمثل تجاربنا ، و هنا أكتب تحليلي للنص كحالة عامة صورتها شاعرة مبدعة .




    =======================



    إني لا أفهمُ ما معنى ؟ أن يشنقَ غصنُ الرّمانِ
    عصفورَ البُستانِ الأخضرْ ...

    تبدأ الرويدة قصيدتها بتساؤل رائع ، و بطريقة فنية راقية
    كيف لغصن الرمان أن يشنقَ عصفورَ البستان الأخضر
    ما أبلغ هذه الصورة في التعبير عن قلبٍ حط كعصفور على فنن الحبيب ، لكن لم يكن حبيباً حقاً ، كان مخادعاً ، فقد غدر بالعصفور و أمسكه من رقبته و خنقه حين ظنها العصفور مداعبة . و استخدام اللون الأخضر له دلالة إذا طغى على كل شيء لا يبعث الملل أو القلق أو النفور وهو اللون الأساسي في الحياة ، وله دلالة الخصوبة و الغنى . و هي ميزات هذا العصفور المتمثل بقلب الأنثى هنا .
    وأنا لا أدري ما السـّرُ
    في تعتيمِ الورقِ الأبيض
    حتى يغدو القلمُ الشـّادي أبكم أبترْ ...

    و هنا تساؤل رائع آخر ، حيث استخدمت كناية التعتيم للورق عن سر و سبب جعل الصفحات البيضاء الناصعة بلون السواد و العتمة
    كي لا يُرى ما يكتبه قلمها و لا يسمع له صوت أناشيد وقصائد كأنه يصرخ في أرضٍ قفرٍ،
    و كأنه مقطوع من شجرة عقيمة يابسة ، لا حبر فيه و لا كَلِم . وهذا ما تشير إليه الاستعارة أبكم ، ابتر .
    وأنا لا أعلمُ ما يدعو
    أن أمشي في البصرة ِ دهراً
    لا أسمعُ صوتَ السيّاب
    لا ألمحُ في الأرضِ الفيحا خداً أسمرْ ...

    كم هي الدلالات هنا عميقة و متعددة ، فمن خلال قراءتي المتواضعة لها أرى تساؤلاً لأنثى عراقية جنوبية اعتادت أن تسمع قصائد السياب و كأنه ينشدها هو بصوته ، اعتادت أن ترى سمرة وجهه في حبيبٍ كان ينشد تلك القصائد ، أين ذهب ؟ أين رحل ؟ لم تعد تراه ، مالذي دعاه لترك البصرة الفيحاء الخصبة وفيها قلب الحبيبة ينتظر مروره بين فينة و أخرى كما اعتاد .
    لا أدركُ شيئا ً من هذا .. أو من هذا !
    مـُذ أنكرَ خمريـّةَ وَجْهي خافقُكَ النابضُ بالزورِ
    وسقطتَ بكل طواعيـّة
    في بئرِ الغربةِ مَغشياً
    وتلقـّفَك الوجهُ الأشقرْ ...

    و هنا تصور الشاعرة حيرة الحبيبة و عدم معرفتها سبباً لكل ما حصل ، الهجرة و الغدر و عدم اتاحة الفرصة حتى للكتابة أو المراسلة ، عدم سماع قصائد السياب التي كان ينشدها لها ... و أشياء أخرى بينهما ، مذ أنكر جمال وجه حبيبته ابن تُربته و بلاده و غدر قلبه بها و تحجج بأمور كاذبة واهية و سقط في حضن حسناء بيضاء ذات وجه أشقر طوعاً مفضلاً الغريبة الشقراء على سمرة بنت بلاده التي تحمل له الحب و الخصوبة و الوفاء .



    و إن كتبت حبيبة لحبيبها عن هذه الألوان سيعود نادماً للحب و الخصب و الغنى والإبداع .

    أرجو أن تتقبلي مروري المتواضع بين كلماتك التي تعبر عن شعور أنثى وقعت في غدر رجل أعطته ثقتها و ترك قلبها لنابض حباً و هجر .


    لك أجمل الياسمين الذي يعانق شموخ نخل البصرة و إباء تربتها .
    التعديل الأخير تم بواسطة عيسى عماد الدين عيسى; الساعة 20-12-2010, 18:23.
يعمل...
X