هذا مذهبي
"كتيب " من إصدارات "دار الهلال " صغير الحجم عظيم النفع فالكتاب مثل الإنسان " الإنسان بأصغريه قلبه ولسانه " والكتاب بمضمونه وأفكاره فالجسم والمظهر لا يضيف شيئا لشخص الإنسان كذلك حجم الكتاب وطباعته وإخراجه لا يضيف شيئا إذا كان مضمونه تافه
هذا الكتاب يضم خلاصة تجارب وآراء وفلسفة حياة لمجموعة من كبار المثقفين والمشاهير من الشرق والغرب كل منهم يعرض مذهبه في الحياة وتجاربه التي أوصلته إلى ما وصل إليه من شهره واخترت من بين هؤلاء " د: طه حسين " لأنه أقرب إلينا سواء في البيئة أو النشأة أو المعاناة التي مر بها حتى وصل إلى ماوصل إليه من شهرة وهي معاناة إن لم تكن فريدة فهي نادرة وصعبة الحدوث فالدكتور " طه حسين" الوزير وعميد الأدب وصاحب الأسلوب المعجز " السهل الممتنع " ما جاءته هذه المكانة وهذه الشهرة على طبق من ذهب وإنما جاءته على طاسٍ من الجهد والتعب أو على قول أبي تمام " على جسر من التعب "
فـ" طه حسين" يعرفه من قرأعنه أو قرأ له " الأيام " يدرك تلك المعاناة التي عاشها فأول هذه الصعوبات نشأته في قرية نائية بعيده عن التعليم بعيده عن الثقافة بعيدة عن الحضارة حتى الكتاتيب البدائية التي توجد في بعض القرى لا يصلها إلا بمشقة ومن العقبات المعوقات التي عاناها فقده للبصر وهو صغير فهو مستطيع بغيره كما يقول ثالث شيء هو أنه من أسرة فقيرة كل همها أن تكسب من العيش ما يقيم أودها . إذ لوكان من أسرة ميسورة ليسرت له كل العقبات أو أكثرها فلن يكون إرساله إلى القاهرة ثم إلى أوروبا بالأمر العسير فالمال يميل القلوب والعقول ويميل الأنظمة حيث شاء صاحبه . ولكنه فقير وكفيف ومن أسرة منشغله بالبحث عن رزقها وليس لها إلى الواسطة سبيلا لا بالمال ولا بالجاه فقد عرفنا أنه درس في كتاتيب قريته ثم انتقل إلى القاهرة ودرس في الأزهر ثم في جامعه القاهرة ثم ابتعث إلى فرنسا وهو الوحيد من بين المبتعثين الذي نال الدكتوراه من السربون في زمن لا تنال الدكتوراه إلا بشق الأنفس وفي علم مختلف تماما عن دكتوراه الآداب التي نالها في بلده مصر فهذه الدكتوراه السربونيه في فلسفة علم الاجتماع .
إضافة إلى ذلك فهو يجيد عدة لغات الفرنسية لأنه نال الدكتوراه هناك والإنجليزية واليونانية كما أنه أصبح عميد الأدب العربي كما هو معروف. وعندما أتحدث عن طه حسين بهذا الإطراء لا يعني أنني موافق له لكل ما قال أو ما كتب فأنا أختلف معه في كثير من آرائه وخصوصاً في كتابيه ( في الشعر الجاهلي ومستقبل الثقافة في مصر ) ولكني لازلت معجبا به ومتعجبا منه في كفاحه وصبره وإصراره على بلوغه تلك الرتب التي عزت على قرنائه . أما مذهبه في الحياة فسأنقل جزءا منه بما يفي الغرض يقول : ((وكذلك عرفت من طبيعة نفسي خصالا هي التي أستطيع أن أقول إنها كونت مذهبي في الحياة : ظمأ إلى المعرفة لا سبيل إلى تهدئته ، وصبر على المكروه ومغالبة للأحداث ، وطموح إلى اقتحام المصاعب في غير حساب للعواقب وجَــهْـربما أرى أنه الحق مهما يعرضني له ذلك من الخطوب ، ثم شعور كأقوى ما يكون الشعور بالتضامن الاجتماعي يفرض علي أن أحب للناس من الخير ما أحب لنفسي .
والسلام
"كتيب " من إصدارات "دار الهلال " صغير الحجم عظيم النفع فالكتاب مثل الإنسان " الإنسان بأصغريه قلبه ولسانه " والكتاب بمضمونه وأفكاره فالجسم والمظهر لا يضيف شيئا لشخص الإنسان كذلك حجم الكتاب وطباعته وإخراجه لا يضيف شيئا إذا كان مضمونه تافه
هذا الكتاب يضم خلاصة تجارب وآراء وفلسفة حياة لمجموعة من كبار المثقفين والمشاهير من الشرق والغرب كل منهم يعرض مذهبه في الحياة وتجاربه التي أوصلته إلى ما وصل إليه من شهره واخترت من بين هؤلاء " د: طه حسين " لأنه أقرب إلينا سواء في البيئة أو النشأة أو المعاناة التي مر بها حتى وصل إلى ماوصل إليه من شهرة وهي معاناة إن لم تكن فريدة فهي نادرة وصعبة الحدوث فالدكتور " طه حسين" الوزير وعميد الأدب وصاحب الأسلوب المعجز " السهل الممتنع " ما جاءته هذه المكانة وهذه الشهرة على طبق من ذهب وإنما جاءته على طاسٍ من الجهد والتعب أو على قول أبي تمام " على جسر من التعب "
فـ" طه حسين" يعرفه من قرأعنه أو قرأ له " الأيام " يدرك تلك المعاناة التي عاشها فأول هذه الصعوبات نشأته في قرية نائية بعيده عن التعليم بعيده عن الثقافة بعيدة عن الحضارة حتى الكتاتيب البدائية التي توجد في بعض القرى لا يصلها إلا بمشقة ومن العقبات المعوقات التي عاناها فقده للبصر وهو صغير فهو مستطيع بغيره كما يقول ثالث شيء هو أنه من أسرة فقيرة كل همها أن تكسب من العيش ما يقيم أودها . إذ لوكان من أسرة ميسورة ليسرت له كل العقبات أو أكثرها فلن يكون إرساله إلى القاهرة ثم إلى أوروبا بالأمر العسير فالمال يميل القلوب والعقول ويميل الأنظمة حيث شاء صاحبه . ولكنه فقير وكفيف ومن أسرة منشغله بالبحث عن رزقها وليس لها إلى الواسطة سبيلا لا بالمال ولا بالجاه فقد عرفنا أنه درس في كتاتيب قريته ثم انتقل إلى القاهرة ودرس في الأزهر ثم في جامعه القاهرة ثم ابتعث إلى فرنسا وهو الوحيد من بين المبتعثين الذي نال الدكتوراه من السربون في زمن لا تنال الدكتوراه إلا بشق الأنفس وفي علم مختلف تماما عن دكتوراه الآداب التي نالها في بلده مصر فهذه الدكتوراه السربونيه في فلسفة علم الاجتماع .
إضافة إلى ذلك فهو يجيد عدة لغات الفرنسية لأنه نال الدكتوراه هناك والإنجليزية واليونانية كما أنه أصبح عميد الأدب العربي كما هو معروف. وعندما أتحدث عن طه حسين بهذا الإطراء لا يعني أنني موافق له لكل ما قال أو ما كتب فأنا أختلف معه في كثير من آرائه وخصوصاً في كتابيه ( في الشعر الجاهلي ومستقبل الثقافة في مصر ) ولكني لازلت معجبا به ومتعجبا منه في كفاحه وصبره وإصراره على بلوغه تلك الرتب التي عزت على قرنائه . أما مذهبه في الحياة فسأنقل جزءا منه بما يفي الغرض يقول : ((وكذلك عرفت من طبيعة نفسي خصالا هي التي أستطيع أن أقول إنها كونت مذهبي في الحياة : ظمأ إلى المعرفة لا سبيل إلى تهدئته ، وصبر على المكروه ومغالبة للأحداث ، وطموح إلى اقتحام المصاعب في غير حساب للعواقب وجَــهْـربما أرى أنه الحق مهما يعرضني له ذلك من الخطوب ، ثم شعور كأقوى ما يكون الشعور بالتضامن الاجتماعي يفرض علي أن أحب للناس من الخير ما أحب لنفسي .
والسلام