صبا مبارك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بن مسعود عبد القادر
    • 19-01-2011
    • 2

    صبا مبارك

    صبا مبارك
    بقلم ز بن سعود عبد القادر.الجزائر
    صبا مبارك فنانة تسمو إلى الارتقاء، فنيا لا ينالها إعياء أو كلل، تطمح إلى الخيال باللوعة الممزوجة بالسحر.
    قد يكون لها حظا عظيما من الإرادة حين تلحن، فالظاهرة الفنية عند صبا بين التقليد أنا و الإبداع آونة أخرى، فالتقليد عندها كأنه رياح اختلطت بصحراء، ترى ذلك في عينيها حين اليقظة ، شديدة التحديق، لا تقف أمامها صغائر الأشياء و دقائقها، جوها المعنوي يحتوي الأشياء من بدايتها إلى نهايتها، ثم سرعان ما يتحول إلى نسيم عليل، غزلية هادئة كالغدير بعدما تركته العناصر، نقيا بين الأودية، ينساب كأنه اذعن إلى السكينة، تتجاذبها كأنها نفس حزينة، تذرف من عينها الدموع، المثقلة بالتأمل و الرؤيا في "عيون عليا" و" صراع على الرمال" ثم أن صبا مبارك جائعة إلى التجديد و الإبداع، لا تقف أمامها اسر البحور و لا سحر القافية، لا ترى عسرا في اللفظ أو المعنى، لينة هينة أمام "اللهجات" في" نسيم الروح"،
    غزيرة المادة كأني بفيلسوف يتكلف ضروب من التفكير و التأمل حتى يتطلع إلى الأتي، أو شاعر يخاطب ذاته، فيكون مترفا حين يحزن، ويكون جزعا حين يلين.
    إن أعمال" صبا مبارك" هي نظير للتحدي الذي يصنع الإبداع و الجد المفعم بالنبوغ، ثم أنها لأقرب الى السحابة الرقيقة من حزن منها إلى البحر الهائج الذي تصطخب أمواجه، وبين السحاب و البحر، اللحن و الفن و التجديد في" وراء الشمس" .
    تلامس الحياة أعمال صبا مبارك ،هموم المرئيات بالوصف الصادق لهموم القضية الفلسطينية في" الاجتياح" و" أنا القدس" بالتعليل الرائع الجميل ثم بالشجون و التلطف و التعطف .
    صبا مبارك فنيا، بارعة في تقمص الشخصية المفترضة، إذ سمعتها في "بلقيس" و هي صالحة باكية مرتعدة، ولقد انتشر الوباء في حضر الموت و ريدان و هي تقول: "...قلبي مكسور، خفف من ألمي،
    ثبت قلبي على حقيقتك..." بهذه اللوحة الفنية الرائعة، اندمجت الخصيتان، فمن المتكلم بلقيس ام صبا
    بهذا التلميح الحزين و الحيرة و الإشفاق الظاهر.
    ثم في الظاهرة الفنية الخطيرة "وراء الشمس" استطاعت أن تدمج بطريقة فنية جميلة، بدر" بسام كوسا" و علاء "علاء الدين الزيبق" في شخص الجنين، الذي ولد قبل أن يولد، فهي صبا مفعمة بالمسرات و الغبطة لأن بدر يصنع الساعات و خائفة وجلة، تكتنفها الكآبة الشاحبة مرتاعة ملتاعة، لأن علاء معتل بالصرع و القلب، فهي بذلك اطمأنت للجنين‑الإنسان‑ بالحياة الكريمة، مستكمل النشاط، نافعا للمجتمع،
    قد يصنع الساعات أو يهتدي إلى نافعة أخرى، ثم هي في نفسها إيماءة من الهم و الغم تحاول ان تصد عن الجنين‑الإنسان‑ أي نوع من العلل، لست ادري كيف اعبر، بمعنى في أيام وراء الشمس الأخيرة، كل الحركات بسام كوسا، و إيماءات علاء الدين الزيبق ممتازتان، إنما هما حياة جنين يمشي بين الناس وهو لم يولد بعد.
    لم يسبق لأي فنانة إن قامت بهذا الدور الخطير بهذه الكيفية و بهذا الأداء لولا قوة الشخصية المعنوية
    وبراعة في الفن لا نظير له، و الرغبة في التجديد و الجنون..
    ا ن أعمال الفنانة صبا مبارك، تقتضي الدراسة بالرواية و الأناة، و أنا مطمئن من هذا الجانب، لأنها تقدم الأثر الممتع الرفيع و هي تنأى عن الابتذال، وقد يظن بعض من الناس، أنا هذا اللحن صهل إلى الصناعة و التهيؤ و هذا وهم شارد و لكن الشجاعة إلى الفن و التحدي إلى البناء الدرامي الذي يمتع العقول و يروق و يشوق المشاهد،لا تحول اللغة الفصيحة أو العامية في الانتشار بذلك الأداء الواضح الناصع، فهذه المادة متوفرة عند صبا مبارك، وبهذا الجهد الفني العسير وقوة اللحن وصلت إلى هذا الارتقاء . صبا مبارك فنانة تلحن كما أنها تعرب...
    لو إن الفنيين و النقاد بهرجان "أدونيا" ، تكلفوا الجهد أو البعض منه ، للدور الذي أبدعت في صناعته،
    لم يكن فنيا فحسب بل إنسانيا و اقصد في مسلسل "وراء الشمس" ، الفنانة صبا مبارك بذلك الجمال في الأداء و الدقة في الحس، و بذلك اليسر غير المألوف، لو أن هؤلاء راعوا الوحدة العضوية بين صبا و الفنانان بسام كوسا و علاء الدين الزيبق، في الاعتدال في الوزن، و الاستقامة في القافية، الخليقة بالإعجاب و المناصفة، لكانت جائزة "أدونيا" من نصيبها بجانب "بسام كوسا" و علاء الدين الزيبق،
    و أنا هذا في هذا الموقف لا أتدخل في صلاحياتها لست منها، لكن وجدت في نفسي نوع من الوجوم و الامتعاض، فكان لابد أن أريح نفسي و أنفاس غيري...
    بقلم : بن مسعود عبد القادر
    -الجزائر-
يعمل...
X