الشفرة الغامضة للروائية
فايزة شرف الدين
قراءة و عرض :
نزار ب. الزين
الشفرة الغامضة رواية أخرى من الخيال العلمي تقدمها لنا الروائية المتمكنة فايزة شرف الدين ؛ و كما نوهت في قراءة سابقة ، فإن الكتابة بأسلوب الخيال العلمي ، من أصعب الأجناس الأدبية ، فهو إضافة إلى أدبيته لغة و منهجا ، يحتاج إلى معرفة علمية واسعة ، و هذا ما يميزه عن الرواية أو القصة الخيالية العادية ، التي لا تحتاج لهذه الخلفية الصعبة .
أبطال الرواية عالم جليل هو الدكتور جاليو ، و فتاتان: هما "هايدو" و "ساندي" و شابان هما "زينو" و "نينو" و رفيق الجميع "باجي" كلبهم المدلل .
اضطرتهم الظروف إلى مغادرة كوكب "أيروز" بعد محاولات يائسة لاكتشاف جزيرتهم المفقودة و ملاحقتهم من قبل زعيم مستبد و أعوانه ..
و في "أيروز" يستقبلهم زعيم الكوكب بكل ترحاب و يضع تحت تصرفهم أحد المراصد الفلكية ، حيث لم يهدأ سعيهم لمعرفة مصير جزيرتهم ، لحظة واحدة ، إضافة إلى توسيع دائرة معارفهم حول الكون و أسراره .
***
الملف الأول :
المكان : مرصد كبير فوق إحدى هضاب كوكب "ايروز"
في صبيحة يوم مشرق تلطف جوه ، فشجع الفتاتين على اللعب مع باجي : << كان صوت ضحكات الفتاتين "هايدو" و"ساندي" يتردد من وقت لآخر لحركات "باجي" المرحة .. وكان يقفز قفزات عالية .. ليتلقى الطبق الصغير ، الذي كان يتطاير في الهواء .. ليتلقفه "زيمو" مرة ، ثم "نينو" مرة أخرى .
كان "باجي" يحاول محاولات مستميتة .. ليستولي عليه .. وبعد محاولات عديدة .. استطاع أن يقبض عليه بقوة بين فكيه ، فأخذت الفتاتان تصفقان له ، وتصيحان بحرارة :
ـ "باجي" .. "باجي" >>
و من خلال دعوة الدكتور "جاليو" للمشاركة باللهو تتكشف قصة حب لا زالت في مهدها بين الدكتور و الفتاة "هايدو" : << نظر إليها نظرة كلها شغف وحب .. جعلت قلب "هايدو" .. يدق دقات متتابعة سريعة .. وسرت في جسدها رجفة عنيفة ، حاولت أن تسيطر على مشاعرها بكل ما تملك من إرادة .. ولكن وجهها فضح ما حاولت إخفاءه نحو الدكتور "جاليو" من حب جارف .. وقد اصطبغت وجنتاها بحمرة قانية ،
و كأنما سرى هذا التيار المتدفق من الحب إلى الدكتور "جاليو" .. فأخذ يمسح براحته على شعره الطويل المسترسل .. ثم تركها تنزلق لتداعب لحيته ، مبادلا على غير وعى منه نظرات "هايدو" المحبة ، الوالهة .. ونسى الاثنان في غمرة هذا الشعور المفاجئ ، باقي الأصدقاء الذين خيم عليهم صمت تام ..>>
كان "باجي" يحاول محاولات مستميتة .. ليستولي عليه .. وبعد محاولات عديدة .. استطاع أن يقبض عليه بقوة بين فكيه ، فأخذت الفتاتان تصفقان له ، وتصيحان بحرارة :
ـ "باجي" .. "باجي" >>
و من خلال دعوة الدكتور "جاليو" للمشاركة باللهو تتكشف قصة حب لا زالت في مهدها بين الدكتور و الفتاة "هايدو" : << نظر إليها نظرة كلها شغف وحب .. جعلت قلب "هايدو" .. يدق دقات متتابعة سريعة .. وسرت في جسدها رجفة عنيفة ، حاولت أن تسيطر على مشاعرها بكل ما تملك من إرادة .. ولكن وجهها فضح ما حاولت إخفاءه نحو الدكتور "جاليو" من حب جارف .. وقد اصطبغت وجنتاها بحمرة قانية ،
و كأنما سرى هذا التيار المتدفق من الحب إلى الدكتور "جاليو" .. فأخذ يمسح براحته على شعره الطويل المسترسل .. ثم تركها تنزلق لتداعب لحيته ، مبادلا على غير وعى منه نظرات "هايدو" المحبة ، الوالهة .. ونسى الاثنان في غمرة هذا الشعور المفاجئ ، باقي الأصدقاء الذين خيم عليهم صمت تام ..>>
و بعد أن شدتنا الكاتبة في وصفها الجميل للهو الفتيان مع مدللهم "باجي" و بعد أن دخلت بنا إلى أعماق قلبين عاشقين لنستمع معها إلى خفقاتهما و محاولاتهما اليائسة لكتم مشاعرهما ؛ تنقلنا فجأة من عالم الرومنسية الرقيق إلى عالم الجد الصارم ، عالم البحث العلمي ، الذي ما لبث أن استغرقهم جميعا بحماسة بالغة : << صاح الدكتور "جاليو" : ـ هيا إلى العمل .. فمازال أمامنا رصد الكثير من المجرات الكونية .. هائلة العدد ، التي لم نكتشفها بعد .>>
و سرعانما اتخذ الأصدقاء خلف حواسبهم ، و ظلوا هكذا حتى ساعة متأخرة من الليل عندما قرروا الهاب إلى الفراش ، و لكن بينما كان "زيمو" - الذي رفض الذهاب إلى الفراش مع الآخرين - في حالة بين اليقظة و النوم ، تراءى له أنه سمع إشارات منتظمة الإيقاع و رأى نقاطا و شرطات على شاشة الحاسوب ، فبدا له ذلك كشفرة غامضة ، و لكنه لم يكن متأكدا منها لإحساسه بأنه كان يرى حلما غريبا .
و رويدا رويدا تبين للجميع أن هذه الإشارات لم تكن مجرد حلم داعب "زيمو" << بينما كانت الفتاتان تعبران حجرة المرصد ، إلى خارجها .. تصاعد فجأة صوت يشبه الصفير ، له إيقاع مميز .. فضغط الدكتور "جاليو"على زر في نفس اللحظة .. ليسجل هذه الإشارات .. بينما اندفعت الفتاتان عائدتين بسرعة إلى الحجرة .
التف الجميع حول الدكتور "جاليو" .. الذي جلس بانتباه بالغ أمام الحاسوب .. وكان يتردد منه نفس الإشارات .. و قد ارتسم عليه نفس الشفرة التي استقبلت من قبل ، فى المرتين السابقتين >>
***
التف الجميع حول الدكتور "جاليو" .. الذي جلس بانتباه بالغ أمام الحاسوب .. وكان يتردد منه نفس الإشارات .. و قد ارتسم عليه نفس الشفرة التي استقبلت من قبل ، فى المرتين السابقتين >>
***
و يدور الملف الثاني حول الشفرة و محاولة فك رموزها ،إذ لم يفلح الدكتور بذلك و إن أفلح بالتعرف على مصدرها و هو مجرة "القوس" ، و بناء على اقتراح الفتاة "هايدو" تقرر اللجوء إلى علماء أيروز ، و بترحيب كبير من زعيم الكوكب و نائبه ابتدأ البحث .
ثم تتعاقب الأحداث ، فكل المراصد تتلقى الشفرة و تحاول تحليلها ، و كل المراصد دأبت على دراسة مجرة القوس القزمة و نجومها و كواكبها << أمام هذا اللغز المحير الرهيب .. أعلن زعيم الكوكب .. حالة الطوارئ القصوى .. وأعلن الاستعداد لخوض حرب كونية .. ضد غزاة قادمين من كواكب مجهولة!!! >>
و في مفاجأة أكثر ترويعا اكتشفت شفرة أخرى و لكن صادرة هذه المرة عن كوكب الأرض .
و في خضم هذه الأحداث المتلاحقة و عنفوان التوتر لم يفت الكاتبة وصف الناحية الجمالية للطبيعة في "أيروز" أثناء توجههم إلى مقر زعيمها :<< وعندما بدأت نقطة خضراء تظهر ، ثم تتسع شيئا فشيئا .. ليخترقوا الغابة الرائعة .. عانقت عيونهم أشجارها ، ونباتاتها .. ورمقوا الحيوانات التي كانت تتسلل بين الأحراش بحب وحنان>>
بينما كانت أفكارهم تضرب أخماسا بأسداس حول المخاطر المحتملة نتيجة اكتشاف الشفرتين
<< صاحت "هايدو" بأسى ، معبرة عن أفكار الأصدقاء : ـ أتمنى أن يحتفظ كوكب "إيروز" بنقائه ، وطبيعته الخلابة .. التي حافظ عليها عبر الأجيال>>
***
و تدور الأحداث في الملف الثالث في قصر الرئاسة في كوكب "أيروز" حيث يبتدئ البحث المحموم حول جميع الإحتمالات التي قد تنتج عن الشفرتين الغامضتين ، ثم يقوم قائد كوكب "أيروز" العسكري شارحا موقف قواته : << ـ إننا يا سيدي على أهبة الاستعداد لخوض أي حرب محتملة .. ولدينا الإمكانات الهائلة ، لصد أي عدوان من الكواكب الأخرى>> .
و بينما كانت المناقشات تدور حول الخطر المتوقع و التي استمرت بضع ساعات رأى الدكتور جاليو أن << الذي يريد خوض حرب .. لا يعلن عن نواياه على الإطلاق >> و أن الشفرتين سلميتين ، هنا تدخل الفتى زيمو متسائلا عما إذا كان في الكوكب مراصد قديمة ، ففيها قد يكون مفتاح حل الشفرتين ؟!!! .
و بعد تردد زعيم الكوكب بسبب وجود المرصد القديم الوحيد فوق منطقة زلزالية و أمام إصرار الدكتور جاليو و صحبه ، سمح لهم بزيارة المرصد القديم .
و ببراعتها الوصفية الفائقة ، ترسم لنا الكاتبة مغامرة الأصدقاء العلماء فوق مرصد قديم خربت أكثره الزلازل ، معرضين أنفسهم للمخاطر التي كادت تودي بحياتهم أو بعضهم إلى التهلكة ، ليتححق في نهاية الأمر ما يصبون إليه << وكانت النتائج رائعة مذهلة ! .. فلقد تمكنوا أيضا من حل الرسائل الشفرية الغامضة .. التي سببت القلق لأهل كوكب "إيروز" >> .
ثم تدور المناقشات حول ما سجله الدكتور جاليو في المرصد المتداعي القديم ، و ليتبين أن مجموعة من أهالي كوكب "الفارس" لجؤوا إلى كوكب الأرض ، و أنهم في خطر عظيم لعدم تحملهم لملوثات الكرة الأرضية ، و أن رسائلهم الشفرية إنما تطلب النجدة << دخلوا حجرة نصف كروية ، تشبه القبة السماوية .. فجلسوا حول أجهزة الحاسب الآلي شبه الدائري .. يتوسطهم زعيم الكوكب ؛ بدأ الدكتور "جاليو" يضغط على أزرار الحاسب .. فارتسم كوكب الأرض على شاشة بلورية كبيرة .. كان نصفها الشرقي مضيئاً ، بينما النصف الآخر متغلغلاً بأستار الظلام .. ويدور حولها القمر ، الذي كان بدوره يدور حول محوره >>
***
***
و يبتدئ الملف الرابع بوصف مشاعر الدكتور جاليو لدى مشاهدته للأرض حيث وطنه الأم << فطفرت دمعة ، انزلقت على خده ، وأخذت سبيلها إلى لحيته فبللتها>> و بعد أن تمكن من ضبط مشاعره أخذ يشرح خطته التي صادفت قبولا لدى زعيم "ايروز" و نائبه .
و تنطلق من ثم الرحلة نحو الأرض عبر الفضاء المظلم السحيق على متن سفينة فضائية هائلة الحجم << كانت تحمل في أحشائها ، العديد من الأطباق الطائرة ، وخليط من الجنود المنتمين إلى كائنات الكوكب ، وبنيٍ البشر .. بالإضافة إلى طاقم القيادة .>>
و بدقة العارف المتمكن تصف لنا الروائية فايزة شرف الدين الفضاء بين مجرتين << ولم يكن عبر الفضاء الخاوي ثمة ليل أو نهار أو زمن .. فقد تلاشى كل شيء تماماً .. فقط كان ثمة ظلام دائم .. حتى النجوم التي تكدست فى مجراتها عبر المسافات الفلكية الهائلة .. كانت تبدو لهم ، خافتة شاحبة شحوب الموت !>> و ما أن بلغوا قمر الأرض حتى بدأ النشاط محموما هادفا إلى معرفة كل التفاصيل عن كوكب الأرض ، التضاريس ، اللغات ، القواعد العسكرية ، عن طريق اقمار صناعية صغيرة جدا ، و لكن << رغم المجهودات الجبارة التى بذلت ، وكفاءة هذه الأقمار .. إلا أنهم لم يستطعوا تحديد الأماكن التي اختفى فيها هؤلاء الضالون من كوكب "الفارس>>
و رغم هذه العقبة فقد تفتق ذهن الدكتور "جاليو" عن البديل ، ألا و هو الهبوط فوق كوكب الأرض و البحث الميداني عن هؤلاء المختبئين في ثنايا جبال الألب ، و قد أعد جميع الأوراق الثبوتية الضرورية التي تظهرم كسواح أجانب .
و ابتدأت من ثم المغامرة - و هنا تتجلى أيضا براعة الروائية فايزة شرف الدين بتناولها لأدق التفصيلات العلمية للمرحلة الأخيرة من الرحلة : << انطلق صاروخ من القمر ، إلى الأرض حاملا على متنه الأصدقاء ، وكلبهم "باجي" .. وعند اختراقه للغلاف الجوى للكوكب ..0 انطلقت منه عدة قطع معدنية .. أعطت انعكاسات عديدة للموجات المرسلة من أجهزة الرادار المنتشرة بالأرض .. وبذلك تم التشويش عليها .. فلم يفطن أحد من البشر ، لهذا الصاروخ المتسلل عبر الفضاء>> و بدقة العالم الذي يحسب حساب كل صغيرة و كبيرة اجتاز الدكتور "جاليو" و صحبه كل العقبات ما كان منها متوقعا و ما لم يكن كذلك ، بل كان بعضها في غاية الخطورة – و هنا أيضا تتجلى براعة الوصف لدى الكاتبة و التي تجعل القارئ يتوتر و كأنه في صحبة المجموعة : << ومع أنه كان يقود بحرص بالغ .. إلا انه اصطدم بمؤخرة إحدى السيارات .. وكادت سيارتهم تهوي إلى أسفل الجبل ، وقد انفلتت إحدى عجلاتها عن الطريق .
أصبحت السيارة معلقة في الهواء .. فصرخت الفتاتان ، وقد ملأ الرعب قلبيهما .. بينما حبس باقي الأصدقاء أنفاسهم .. وأطلق "باجي" عواءً خافتاً تعبيرا عن خوفه .
هتف قائد السيارة .. وهو يشير إلى جهة الجبل :
ـ انتقلوا ببطء إلى هذه الجهة من السيارة .>>
أصبحت السيارة معلقة في الهواء .. فصرخت الفتاتان ، وقد ملأ الرعب قلبيهما .. بينما حبس باقي الأصدقاء أنفاسهم .. وأطلق "باجي" عواءً خافتاً تعبيرا عن خوفه .
هتف قائد السيارة .. وهو يشير إلى جهة الجبل :
ـ انتقلوا ببطء إلى هذه الجهة من السيارة .>>
و أخيرا و بعد سلسلة أخطار بلغوا قرية على سفح إحدى قمم الألب حيث باتوا ليلتهم في فندقها الصغير .
و كأني بها خبيرة في تسلق الجبال – أيضا - و ما قد يصادفه المتسلق من عقبات بين كتل جليدية أو حواف صخرية أو انزلاقات ثلجية ، تصف لنا الكاتبة ببراعتها التصويرية ، رحلة الصعود إلى القمة :<< كانت عملية تسلق الجبل بالغة الصعوبة .. وكان الجليد يعوق تقدمهم السريع .. فقد كان يتراكم في بعض الأماكن ، وفى أماكن أخرى كان يبرز على شكل كتل ثلجية هائلة .. فكأنها سد منيع لمواصلة التسلق .
بالرغم من هذه الصعوبات فلقد واصلوا التسلق بمثابرة ، وعزم كبير .. وكان صوت ارتطام المسامير التي يدفعونها داخل الصخور ، يتردد صداها فى جنبات الجبل .. ممزقا السكون القاسي الذي كان يلفهم ، وهم معلقون بالحبال .
فى بعض الأماكن المغطاة بالجليد .. كانت بلورات الثلج الناعمة ، تندفع كالسوط إلى وجوههم تحت وطأة ارتطام المسامير بها. >>
بالرغم من هذه الصعوبات فلقد واصلوا التسلق بمثابرة ، وعزم كبير .. وكان صوت ارتطام المسامير التي يدفعونها داخل الصخور ، يتردد صداها فى جنبات الجبل .. ممزقا السكون القاسي الذي كان يلفهم ، وهم معلقون بالحبال .
فى بعض الأماكن المغطاة بالجليد .. كانت بلورات الثلج الناعمة ، تندفع كالسوط إلى وجوههم تحت وطأة ارتطام المسامير بها. >>
و تكمل الكاتبة في الملف الرابعوصفها لعملية التسلق و ما صادفها من عقبات كادت تعرض بعضهم لأكبر الأخطار<< عندما وصل الدكتور "جاليو إلى قمة الصخرة .. أبصر المنظر المرعب أسفل منه .. فقد كان فوق جرف زلق ، لشق هائل في الجبل .. يقدر عرضه بأمتار عديدة .. بينما حف الطرف الآخر من الهوة بصخور مدببة حادة .. شقت السماء إلى أعلى كأنها نصال سكاكين !>>و لكن بعبقرية الدكتور جاليو الذي حسب لكل عقبة محتملة حسابها << ضغط على زر جهاز أسطواني آخر .. فانطلق منه حبل مزدوج متين ، فى طرفه مسمار شديد الصلابة .. لينغرز فى صخور الجهة الأخرى>>
و على الحبل تمكنت المجموعة من الإنتقال إلى الجهة المقابلة مجتازين الهوة و قد سبقوا بذلك أكبر مغامري التسلق في العالم عبر التاريخ ..ثم ليواصلوا مهمتهم الإنسانية الكونية ؛ و من جعبته الملآى بالتجهيزات العلمية المتنوعة << أخرج الدكتور "جاليو" جهازا صغيرا .. وأخذ ينظر إلى مؤشره بعناية .. فهتف : ـ إن المؤشر يتحرك .. مما يؤكد وجود حياة في مكان ما على هذه القمة>>
بذلك ظهرت بداية الخيط ، و لم يبقَ غير تتبعه ..
و بفضل "باجي" تبتدئ رحلة الكشف << وجدوا أنفسهم في غرفة بلا نهاية !.. وعلى طول جدرانها ، كانت هناك تشكيلات من الحجر الجيري الأحمر القاني .. وكانت تتدلى من سقفه ثريات من الجليد .. غرق الأصدقاء فى خواطرهم وتخيالاتهم .. وقد أخذهم جلال وروعة هذه القاعة خافتة الضوء>>
و من كهف إلى كهف و من نفق إلى نفق تابع الأصدقاء المسيرة ، و لكن << فجأة .. فاحت رائحة زكية .. انتشرت في المكان كله .. وسرى خدر لذيذ إلى الأصدقاء .. ثم تساقطوا على الأرض ، ومعهم كلبهم "باجى" دون حراك .. وراحوا في سبات عميق !!! >> ثم لتتحول المفاجأة إلى صدمة صاعقةفقد وقعوا جميعا في أسر من جاؤوا لإنقاذهم<< تبين أن "باجي" مكبل بطوق حديدي حول عنقه ..بينما امتدت منه سلسلة قصيرة جدا ، غرزت في الأرض الحجرية .
أعلن "باجي" عن غضبه .. فراح ينبح بصوت حانق .. استفاق الأصدقاء الواحد تلو الآخر على صوت نباحه المرتفع .. حاولوا أن ينهضوا من أماكنهم .. لكنهم اكتشفوا أن أيديهم وأرجلهم .. قد كبلت بقيود حديدية مغروزة في الأرض الحجرية .>>
و سرعانما تعرف الأصدقاء على مخلوقات كوكب الفارس<< كانوا يرتدون ملابس سوداء ضيقة ، وشت بالذهب الخالص .. وينتعلون أحذية مصنوعة من جلد الحيوانات .. كان لونهم يميل إلى اللون الأخضر ، وجباههم عريضة بارزة .. بينما كانت عيونهم جاحظة أسفل جفون ثقيلة .. وكان يرسمان معا شكلاً تام الاستدارة .. وامتد بينهما أنف ضخم .. شق تحته فم كبير .. كان آخر حدود الوجه من أسفل .. أما رؤوسهم فقد كانت جرداء من الشعر .>>
أعلن "باجي" عن غضبه .. فراح ينبح بصوت حانق .. استفاق الأصدقاء الواحد تلو الآخر على صوت نباحه المرتفع .. حاولوا أن ينهضوا من أماكنهم .. لكنهم اكتشفوا أن أيديهم وأرجلهم .. قد كبلت بقيود حديدية مغروزة في الأرض الحجرية .>>
و سرعانما تعرف الأصدقاء على مخلوقات كوكب الفارس<< كانوا يرتدون ملابس سوداء ضيقة ، وشت بالذهب الخالص .. وينتعلون أحذية مصنوعة من جلد الحيوانات .. كان لونهم يميل إلى اللون الأخضر ، وجباههم عريضة بارزة .. بينما كانت عيونهم جاحظة أسفل جفون ثقيلة .. وكان يرسمان معا شكلاً تام الاستدارة .. وامتد بينهما أنف ضخم .. شق تحته فم كبير .. كان آخر حدود الوجه من أسفل .. أما رؤوسهم فقد كانت جرداء من الشعر .>>
استعصى التفاهم بين الطرفين ، و عجز الدكتور جاليو عن شرح مهمته و صحبه ، فقد صادر هؤلاء حقيبته و فيها كل أدواته العلمية بما فيها قاموس الترجمة الألكتروني ، بينما توجس زعيم "الفارس" شرا من نوايا المجموعة ، و ظن بهم أسوأ الظنون فقرر إعدامهم ، لولا فكرة ريمو بالغة الذكاء <<.. وفجأة خطر لذهن "زيمو" فكرة مذهلة ! استجمع قواه .. وأخذ نفسا عميقا .. ثم مط شفتيه ، وراح يصدر نغمة إيقاعية مميزة .. عرفها الأصدقاء من فورهم .. وبعد لحظات شاركه "نينو" صفيره . شعر الدكتور "جاليو" والفتاتان بانفعال بالغ .. عندما رؤوا كائنات كوكب "الفارس" قد تجمدوا فى أماكنهم .. بينما كانت أعينهم الجاحظة ، تدور بعنف في كل اتجاه>>عندئذ فقط تغير الموقف برمته إلى نقيضه ، ففك القوم وثاقهم و أحضروا لهم حقائبهم ، و من خلال المترجم الألكتروني تمكن الدكتور جاليو من شرح مهمته الهادفة لإنقاذهم .
***
و في الملف الخامس و الأخير يشعر الدكتور جاليو أن مهمته و صحبه بدأت بالنجاح و لكن الفرحة لم تتم فقد ظهرت في نطاق المجموعة الشمسية سفينة فضائية أعلن قائدها برسالة شفرية لزعيم الكهوف السرية أنه و من معه من كوكب الفارس و أنهم قدموا لانقاذهم ، مما تسبب باضطراب عالمي كبير كاد يشعل حربا كونية << اجتمع رؤساءالدول الكبرى ، وقادة الأحلاف الكبرى .. فى مكان سرى لإدارةالحرب الكونية .. وكانوا يتابعون السفينة الفضائية القادمة منكوكب "الفارس" لحظة بلحظة ؛ كان يرف عليهم جو من القلق المغلف بالترقب المتوتر .. فكوكبالأرض سيخوض حربا كونية بعد ساعات قلائل >> و لدى ظهور هذا الخطر الكبير يقرر الدكتور جاليو بعد موافقة رئيس الكهوف الإتصال بزعماء الأرض << ـ إننا ننتمي إلى كوكب "الفارس" .. وشاء قدرنا أن نضل عبرالفضاء الرهيب ، منذ مئات السنين .. لنهبط على الأرض ، التيعشنا فيها بسلام خلال هذه الحقبة .. والآن لا نريد من أهلها .. سوى العودة إلى كوكبنا بسلام .. دون حرب ، أو سفك للدماء >>.
إلا أن هذه الرسالة التي تمت عن طريق الأنترنيت بالصوت و الصورة ، أدت عكس ما أريد منها ، فدفعت بقادة الكرة الأرضية لأن يضاعفوا جهودهم للتعرف على الكهوف السرية و لاجئيها .
إلا أن هذه الرسالة التي تمت عن طريق الأنترنيت بالصوت و الصورة ، أدت عكس ما أريد منها ، فدفعت بقادة الكرة الأرضية لأن يضاعفوا جهودهم للتعرف على الكهوف السرية و لاجئيها .
ثم ينجحون بذلك ، ليساق سكان الفارس و برفقتهم الدكتور "جاليو" وصحبه كاسرى ...
ثم تتطور الأمور بسرعة فقادة الأرض اتحدوا أمام هذا الخطر الداهم و بدؤوا استعداداتهم لخوض حرب كونية على أن تتم في الفضاء الخارجي ، و بينما هم في سباق محموم مع الزمن لإنجاز ما اتفقوا عليه ، إذا بأجهزتهم الألكترونية بما فيها أجهزة الإتصال و التوجيه و التحكم عن بعد تتعطل مرة واحدة ليدرك قادة العالم السياسيون و العسكريون ، أن هزيمتهم تحققت قبل أن تبدأ المعركة .
و في خضم يأسهم تفتق ذهن أحد العسكريين عن وسيلة قد تمنع استسلامهم << ـ لقد نسيتم أمر الأسرى من أهل هذا الكوكب .. ونستطيع أننتفاوض مع زعيمهم ، وهؤلاء اللذين يشبهون البشر >> و تتم المفاوضات التي يقودها الدكتور "جاليو" ببراعة و الذي يؤكد لأهل الأرض خلالها النوايا الحسنة سواء من قبلهم أو من قبل قادة تلك السفينة القادمة من كوكب الفارس .
عندما تقترب تلك السفينة من الكرة الأرضية يسود التوتر و الترقب قادة الأرض من جديد لولا أنها حطت في بحر الهدوء فوق القمر ...
و بمساعدة سفينة "أيروز" و صحونها الطائرة ينتقل لاجؤوا الفارس إلى سفينتهم العملاقة القابعة فوق القمر ، ثم يغادر الدكتور جاليو و صحبه بعد أن أقيم لهم حفل وداع صغير <<.. حضره زعماء الدول الكبرى ، وقادة الأحلاف العسكرية .. وهتف رئس الدولة الكبرى بحرارة : ـ كنا نود أن تحتفل الأرض كلها بدوركم الفعال ، والمدهش .. ولكننا لظروف أمنية .. سوف يبقى الأمر سرا بيننا .. فالمعلوماتالتى أدليتم بها ، والأحداث التى مرت بنا ، قد تثير الفوضى ،والارتباك فى أنحاء الأرض >>
و تختتم الأديبة الروائية فايزة شرف الدين رائعتها " الشفرة الغامضة" بهذه العبارة المؤثرة : << توارى كوكب الأرض عن أنظارهم .. وهو لا يزال قابعا فى هذاالمكان العزيز فى طرف مجرة درب "التبانة" .. ومع ذلك فقد كانمرتسما فى قلوبهم إلى الأبد >>
********
و هكذا تثبت الروائية فايزة شرف الدين إلمامها بعدة حقول علمية و إجتماعية و نفسية :
· علوم الفضاء الخارجي من مجرات و كواكب و سفن تمخر عبابها .
· جغرافية الكرة الأرضية و تضاريسها و كهوفها و خاصة منها كهوف "الصواعد و النوازل " الجيرية ، و أنظمة التعامل بين دولها .
· علم "تسلق الجبال" إن صح التعبير ، قواعده ، وسائله ، العقبات التي قد تصادف المتسلق و كيفية تجاوزها .
· علوم الحاسوب و استخداماتها التي لم يعد لها حدود : الإتصال و التواصل بالحرف و الصوت و الصورة ؛ و المعلوماتية المتدفقة من خلالها ، و تحليل اللغات و ترجمتها مما يمكن كافة الكائنات البشرية في الكون من التفاهم و تجنب الكثير من سوءات الفهم التي قد تؤدي إلى إشعال الحروب .
· مع تصور موفق لعالم عبقري هو الدكتور "جاليو" مستعد دوما لمواجهة كل المواقف ما سهل منها و ما تعقد ، و يحمل في جعبته أدوات علمية تمكنه من تجاوز أصعبها .
· كل ذلك في إطار من الحب : حب الوطن و الحنين الدائم إليه ، و حب الأفراد لبعضهم بعضا ، و حبهم لكلبهم "باجي" و إخلاص "باجي" لهم ، و حب بين الجنسين كالحب المتبادل بين الدكتور " جاليو" و الفتاة هايدو ؛ لنخلص في نهاية المطاف إلى شمولية الرواية لجميع مناحي الحياة ....
***
و ختاما ، لا بد من طرح التساؤل التالي : إلى متى تظل رواية الخيال العلمي العربية ، أسيرة رفوف المكتبات ؟ و متى سيتاح للرواية العلمية العربية الإنتشار العالمي ؟ بل متى سيتم تحويلها إلى أفلام سينمائية هادفة ، تساعد في غرس النزعة العلمية لدى أجيالنا الصاعدة ؟!!!!
************
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
الموقع :
www.FreeArabi.com
www.FreeArabi.com
[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/NIZARZ%7E3/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image005.gif[/IMG] [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/NIZARZ%7E3/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image005.gif[/IMG] [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/NIZARZ%7E3/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image005.gif[/IMG]
[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/NIZARZ%7E3/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image006.gif[/IMG]
[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/NIZARZ%7E3/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image007.gif[/IMG]