[align=center]مجيد حسيسي
جهنـــّــم الأزقــّـــــــــه
قصـّـة قصيره
الأضواء في الشـّـارع تنعكس على وجوه الناس..صفراء حمراء..زرقاء..والناس في عجلة من أمرهم ، هذا يحمل كيسا من الخضار ، وذاك يحمل كيسا من الملابس ، ثالث يحمل بيديه الاثنتين بضاعة اشتراها استعدادا لقدوم المولود الجديد..وذلك يحمل علبة دواء ابتاعها من الصـّـيدلية ليقدّمها لوالدته المريضه..وآخر أمسك بزجاجة بيره بأصابع ثلاث يرفعها لتستقرّ على شفتيه ، وقد اتـّـكأ على حاجز حديدي ، يراقب المارّة ويحاول التحرّش بهم..وآخر اختار لنفسه زاوية مظلمة الأنوار الصفراء الفاقعة القادمة من لافتة محل " تكنولوجيا القرن العشرين "تسترق النظر إليه تارة ، فتكشفه ثمّ تخبو للحظات لتعود متراقصة أمامه وأمام زميلة له ، أو شريكه ، اتـّـخذا من جدار الشارع الفاصل بين زاوية القمامة وجدار المبنى ، متعدّد الطبقات ، مكان خلوتهما....يـُرى بين الفينة والأخرى بصيص من نور سيجارة تنتقل من فمه إلى فمها لتخبو حين يستقرّ الضوء الأصفر عليهما للحظات..
تسمع همسات من تلك الزاويه ، تتلوها ضحكات فقهقهات عاليه وأصوات قـُـبل..تمتمات وتنهـّـدات ولافتة القرن العشرين تشهد ما آل إليه الشـّـباب في هذا الزّمن..في حين تلاشت الأنوار القادمة من لافتة عـُـلـّـِـقت على بناية مهجوره ، كتب عليها: " مدرسة الأخلاق".
يقف الشاب من زاويته ، يتحرّك بقامة مهزوزة وبأطراف عاجزة ، بينما تترنح أمامه زميلته بصدرها العالي ، بشعرها المنشور على كتفيها العاريين إلاّ من الفجور ، يحتضن الواحد الأخرى ويسيران بخطوات ثقيلة بطيئة ، يتـّـجهان نحو زقاق مظلم ، يشير عليه سهم علـّـق على جدار الزاويه وفوقه لافته تحمل اسم " زقاق الجنـّـه "
هو بحق جنـّـة التائهين من البشر ، جنـّـة المتشرّدين ، جنـّـة الذين لم تصلهم أصول التربية بشكل صحيح.
يستمرّان في مشيتهما الثقيلة المهزوزه ، فتارة يرتطمان بجدار جانبي ، وتارة أخرى ترتطم أقدامهم بعلب معدنيـّـة فارغة وجدت نفسها مرميـّـة في الزّقاق..يسيران..ساندا الواحد الأخرى باتجاه ضوء فانوس يضيء ويخبو ، والظلمة الحالكة تلفّ المكان ، لا يسمع سوى هدير السـّـيارات من الشوارع الجانبيـّـه ، ومواء قطط استقرّت فوق براميل القمامة المنتشرة في الزّقاق..جنـّـة القطط وجنـّـة الذين لا يعيشون إلاّ في ظلمة نفوسهم وظلام الحياة.
يصلان زاوية متطرّفة من الزقاق ، والفانوس يضيء ويخبو ، والزاوية تلك ، تعجّ بالتائهين المتشردين ، فيتـّـخذان مكانهما وسط شلـّـة من أشباه الشـّـباب الذين اختاروا درب النسيان والظلمة ، شلـّـة من المنحرفين الذين فرّوا من نعيم الأمومة وحنانها إلى جحيم الشـّـمّ والحقن..في زاوية مظلمة من زقاق...الجنـّـه!!
وينحني الشاب واضعا سبابته اليمنى فوق منخاره الأيمن ، وفي الأيسر ينشق ويشم بكل ما أوتي به من عزم ، مادّة بيضاء كالطـّـحين وضعت على لوح زجاج صغير قذر على مائدة هي عبارة عن حجر من الطـّـوب..يرفع رأسه..لتقوم زميلته بالحركات نفسها..
وتبدأ الاحتفالات ، فتنحسر الملابس عن الصـّـدور لتجد نفسها مرميـّـة على الأرض ، ويترامى أعضاء الشـّـلـّـة الواحد فوق الأخرى وبالعكس ، ثمّ تبدأ عمليـّـة التـّـنقل مصحوبة بقهقهات ..وبضحكات..وبتنهـّـدات..وتتلاشى شيئا فشيئا ليحلّ مكانها صوت شخير مزعج..
أكوام من لحوم آدميـّـة ، ترامت فوق زاوية من زقاق مظلم ، كانت ظلمة النفوس فيه ، أشدّ ظلما وظلاما من ظلام زقاق الجنـّـة نفسه..!!![/align]
جهنـــّــم الأزقــّـــــــــه
قصـّـة قصيره
الأضواء في الشـّـارع تنعكس على وجوه الناس..صفراء حمراء..زرقاء..والناس في عجلة من أمرهم ، هذا يحمل كيسا من الخضار ، وذاك يحمل كيسا من الملابس ، ثالث يحمل بيديه الاثنتين بضاعة اشتراها استعدادا لقدوم المولود الجديد..وذلك يحمل علبة دواء ابتاعها من الصـّـيدلية ليقدّمها لوالدته المريضه..وآخر أمسك بزجاجة بيره بأصابع ثلاث يرفعها لتستقرّ على شفتيه ، وقد اتـّـكأ على حاجز حديدي ، يراقب المارّة ويحاول التحرّش بهم..وآخر اختار لنفسه زاوية مظلمة الأنوار الصفراء الفاقعة القادمة من لافتة محل " تكنولوجيا القرن العشرين "تسترق النظر إليه تارة ، فتكشفه ثمّ تخبو للحظات لتعود متراقصة أمامه وأمام زميلة له ، أو شريكه ، اتـّـخذا من جدار الشارع الفاصل بين زاوية القمامة وجدار المبنى ، متعدّد الطبقات ، مكان خلوتهما....يـُرى بين الفينة والأخرى بصيص من نور سيجارة تنتقل من فمه إلى فمها لتخبو حين يستقرّ الضوء الأصفر عليهما للحظات..
تسمع همسات من تلك الزاويه ، تتلوها ضحكات فقهقهات عاليه وأصوات قـُـبل..تمتمات وتنهـّـدات ولافتة القرن العشرين تشهد ما آل إليه الشـّـباب في هذا الزّمن..في حين تلاشت الأنوار القادمة من لافتة عـُـلـّـِـقت على بناية مهجوره ، كتب عليها: " مدرسة الأخلاق".
يقف الشاب من زاويته ، يتحرّك بقامة مهزوزة وبأطراف عاجزة ، بينما تترنح أمامه زميلته بصدرها العالي ، بشعرها المنشور على كتفيها العاريين إلاّ من الفجور ، يحتضن الواحد الأخرى ويسيران بخطوات ثقيلة بطيئة ، يتـّـجهان نحو زقاق مظلم ، يشير عليه سهم علـّـق على جدار الزاويه وفوقه لافته تحمل اسم " زقاق الجنـّـه "
هو بحق جنـّـة التائهين من البشر ، جنـّـة المتشرّدين ، جنـّـة الذين لم تصلهم أصول التربية بشكل صحيح.
يستمرّان في مشيتهما الثقيلة المهزوزه ، فتارة يرتطمان بجدار جانبي ، وتارة أخرى ترتطم أقدامهم بعلب معدنيـّـة فارغة وجدت نفسها مرميـّـة في الزّقاق..يسيران..ساندا الواحد الأخرى باتجاه ضوء فانوس يضيء ويخبو ، والظلمة الحالكة تلفّ المكان ، لا يسمع سوى هدير السـّـيارات من الشوارع الجانبيـّـه ، ومواء قطط استقرّت فوق براميل القمامة المنتشرة في الزّقاق..جنـّـة القطط وجنـّـة الذين لا يعيشون إلاّ في ظلمة نفوسهم وظلام الحياة.
يصلان زاوية متطرّفة من الزقاق ، والفانوس يضيء ويخبو ، والزاوية تلك ، تعجّ بالتائهين المتشردين ، فيتـّـخذان مكانهما وسط شلـّـة من أشباه الشـّـباب الذين اختاروا درب النسيان والظلمة ، شلـّـة من المنحرفين الذين فرّوا من نعيم الأمومة وحنانها إلى جحيم الشـّـمّ والحقن..في زاوية مظلمة من زقاق...الجنـّـه!!
وينحني الشاب واضعا سبابته اليمنى فوق منخاره الأيمن ، وفي الأيسر ينشق ويشم بكل ما أوتي به من عزم ، مادّة بيضاء كالطـّـحين وضعت على لوح زجاج صغير قذر على مائدة هي عبارة عن حجر من الطـّـوب..يرفع رأسه..لتقوم زميلته بالحركات نفسها..
وتبدأ الاحتفالات ، فتنحسر الملابس عن الصـّـدور لتجد نفسها مرميـّـة على الأرض ، ويترامى أعضاء الشـّـلـّـة الواحد فوق الأخرى وبالعكس ، ثمّ تبدأ عمليـّـة التـّـنقل مصحوبة بقهقهات ..وبضحكات..وبتنهـّـدات..وتتلاشى شيئا فشيئا ليحلّ مكانها صوت شخير مزعج..
أكوام من لحوم آدميـّـة ، ترامت فوق زاوية من زقاق مظلم ، كانت ظلمة النفوس فيه ، أشدّ ظلما وظلاما من ظلام زقاق الجنـّـة نفسه..!!![/align]