تويت
رسالة الى بعض الشعراء
عدنان عبد النبي البلداوي
بعد ان تصفحت ماهو مرسل من مضامين شعرية لبعض الشعراء ممن هم في أول الطريق ، وأخص منهم الذين استعجلتهم الـ (أنا) للظهور العشوائي ، فمهدوا لتفعيل تأخرهم عن الركب الطبيعي من حيث لايشعرون ، كتبت رسالتي هذه ، وماهي الا صيحة محدودة المدى في اعماق الوديان الأدبية ، لعل صداها يهزّ اشجارا في وادي القوافي، فتتساقط منها الأوراق الصفر الذابلة التي لاتقوى على الرقص حين تعزف الرياح ، ولاعلى الغناء حين تترنم البلابل .. انها اوراق لبعض الشعراء، ولااريد ان اقول (الذين يسمون انفسهم شعراء ) لأن الأمل كبير في انهم سيضعون بدلها اوراقا خضرا زاهية ندية ،اذا التحفوا رداء الصبر والتروي ، وخلعوا ثياب الغرور وحب الظهور .. أجل ، ماهي الا صيحة ولكنها صيحة الضجر ، لأننا لم نعد نقوى على النظر الى اوراق شاحبة هزيلة لاحركة فيها ولا حياة ، ونحن في أجواء تحتاج الى صور صادقة مشرقة اشراق الحياة المتطورة تعبّر عن تجربة حقيقية تخدم الاخرين ، فلا غموض ولارموز ولابكاء ولاتكلف ولامحاباة.. نريد الفاظا منتقاة تتمتع بحروف موسيقية ،لتكون اكثر وقعا في النفوس واكثر ملاءمة للمعنى واسرع نفوذا الى القلب ...
لاتكتبوا صفحة ليس فيها الا ثلاث كلمات جوفاء يليها سطر أعمى ، ثم نصف سطر مريض ، وكلها تحت عنوان (قصيدة) ..
مهلا .. ان العبرة ليس في الكمية كما فعل ويفعل بعضكم. ان الطريق امامكم طويلة وتحتاج مسالكها الى أقدام قوية تقوى على المسير وتعرف كيف تجتاز الحواجز..
لاتجعلوا الخدر يدب في مفاصل قصائدكم فيحيلها في النهاية الى شلل يرميها في قاع الموتى ..
التمسوا لها الفاظا متميزة ومعاني غنية تحسنون اختيارها بعد ان تجعلوا رصيدكم اللغوي قويا زاخرا بالمفردات ..
انها عدم الانقطاع عن التراث ايها الشعراء فتواصلوا معه وانهلوا من معينه ، واحفظوا وصايا السلف التي تؤكد( ان يكثر الشاعر من حفظ اشعار العرب لإشتماله على ذكر اخبارهم وانسابهم واحسابهم ،وفي ذلك تقوية لطبعه ، وبه يعرف المقاصد ... ويُكره للشاعر ان يكون معجبا بنفسه مثنيا على شعره ولوكان مجيدا) تلك وصية تركها ابن الاثير لأحفاده كما ترك امثاله الكثير. ولابد ان يرافق ذلك مصاحبتكم لنتاجات العصر الحديث وما احتوته دواوين شعرائه البارزين من الذين يشار اليهم بالبنان، وإذا تحقق ذلك فإن قصائدكم ستولد بين نكهة التراث وعطر المعاصرة.
أجل يابعض الشعراء :
ليس كل من ينشر قصيدة في الصحف او يصدر ديوانا يسمى شاعرا .. واعلموا ان للزمن يدا تعرف كيف تصنف الجيد والردئ فترفع الاول وتقبر الثاني..
مهلا: حتى في الغزل لم نعد نجد في حقائبكم شعرا يعلم الحبيبة كيف تخلع ثياب الغرور والتعالي ، ولا شعرا يعلمها ان الحياة ليست فقط حبا وغراما ومواعيد وقبلات ..
اننا نريده شعرا تمسكون به آفاق الثريا بدوافع الحب الاصيل الصادق .. لاشعرا يهوي بكم وبالحبيبة الى مستنقع الميعة والتخنث..
نحن في زمان لايريد شاعرا يحمل قلبا من زجاج يتناثر عندما تداعبه أنامل الحبيبة ، او تغزوه لهفة الولهان..
مهلا.. فقد كثرت في حقائبكم الأوزان المتصدعة والقوافي المستغيثة ، لأنها في غير مكانها، وكل ما وجدناه عندكم مفكك المعنى ضعيف العبارة هزيل الصورة .. تنتشر على وجهه صفرة المرضى وشحوب الغرثى ..
نحن نقدر فيكم حب الأدب ونظم الشعر ، وكلنا أمل في انكم تستطيعون تجاوز تلك العقبات ، فكونوا عند حسن الظن وانقذوا نتاجكم وراجعوا ماتكتبون مرات ومرات قبل نشره واعلانه ، واذا نسيتم ، اكتبوا هذه الكلمات في لوحة كبيرة وعلقوها امامكم ، فهي خير نصيحة ، بل اصدق حقيقة قدمها القاضي الفاضل بقوله:
(اني رأيت انه لايكتب انسان كتابا في يومه الا قال في غده : لو غيّر هذا لكان احسن ولو زيد كذا لكان يستحسن ولو قدم هذا لكان افضل ، ولو ترك هذا لكان اجمل ، وهذا من اعظم العبر ، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر..)
وأخير ا تذكروا تواضع البحتري حين قال : ( كنت في حداثتي أروم الشعر وارجع فيه الى طبعي ولم اكن اقف على تسهيل مأخذه حتى قصدت ابا تمام وانقطعت فيه اليه..)
عدنان عبد النبي البلداوي
بعد ان تصفحت ماهو مرسل من مضامين شعرية لبعض الشعراء ممن هم في أول الطريق ، وأخص منهم الذين استعجلتهم الـ (أنا) للظهور العشوائي ، فمهدوا لتفعيل تأخرهم عن الركب الطبيعي من حيث لايشعرون ، كتبت رسالتي هذه ، وماهي الا صيحة محدودة المدى في اعماق الوديان الأدبية ، لعل صداها يهزّ اشجارا في وادي القوافي، فتتساقط منها الأوراق الصفر الذابلة التي لاتقوى على الرقص حين تعزف الرياح ، ولاعلى الغناء حين تترنم البلابل .. انها اوراق لبعض الشعراء، ولااريد ان اقول (الذين يسمون انفسهم شعراء ) لأن الأمل كبير في انهم سيضعون بدلها اوراقا خضرا زاهية ندية ،اذا التحفوا رداء الصبر والتروي ، وخلعوا ثياب الغرور وحب الظهور .. أجل ، ماهي الا صيحة ولكنها صيحة الضجر ، لأننا لم نعد نقوى على النظر الى اوراق شاحبة هزيلة لاحركة فيها ولا حياة ، ونحن في أجواء تحتاج الى صور صادقة مشرقة اشراق الحياة المتطورة تعبّر عن تجربة حقيقية تخدم الاخرين ، فلا غموض ولارموز ولابكاء ولاتكلف ولامحاباة.. نريد الفاظا منتقاة تتمتع بحروف موسيقية ،لتكون اكثر وقعا في النفوس واكثر ملاءمة للمعنى واسرع نفوذا الى القلب ...
لاتكتبوا صفحة ليس فيها الا ثلاث كلمات جوفاء يليها سطر أعمى ، ثم نصف سطر مريض ، وكلها تحت عنوان (قصيدة) ..
مهلا .. ان العبرة ليس في الكمية كما فعل ويفعل بعضكم. ان الطريق امامكم طويلة وتحتاج مسالكها الى أقدام قوية تقوى على المسير وتعرف كيف تجتاز الحواجز..
لاتجعلوا الخدر يدب في مفاصل قصائدكم فيحيلها في النهاية الى شلل يرميها في قاع الموتى ..
التمسوا لها الفاظا متميزة ومعاني غنية تحسنون اختيارها بعد ان تجعلوا رصيدكم اللغوي قويا زاخرا بالمفردات ..
انها عدم الانقطاع عن التراث ايها الشعراء فتواصلوا معه وانهلوا من معينه ، واحفظوا وصايا السلف التي تؤكد( ان يكثر الشاعر من حفظ اشعار العرب لإشتماله على ذكر اخبارهم وانسابهم واحسابهم ،وفي ذلك تقوية لطبعه ، وبه يعرف المقاصد ... ويُكره للشاعر ان يكون معجبا بنفسه مثنيا على شعره ولوكان مجيدا) تلك وصية تركها ابن الاثير لأحفاده كما ترك امثاله الكثير. ولابد ان يرافق ذلك مصاحبتكم لنتاجات العصر الحديث وما احتوته دواوين شعرائه البارزين من الذين يشار اليهم بالبنان، وإذا تحقق ذلك فإن قصائدكم ستولد بين نكهة التراث وعطر المعاصرة.
أجل يابعض الشعراء :
ليس كل من ينشر قصيدة في الصحف او يصدر ديوانا يسمى شاعرا .. واعلموا ان للزمن يدا تعرف كيف تصنف الجيد والردئ فترفع الاول وتقبر الثاني..
مهلا: حتى في الغزل لم نعد نجد في حقائبكم شعرا يعلم الحبيبة كيف تخلع ثياب الغرور والتعالي ، ولا شعرا يعلمها ان الحياة ليست فقط حبا وغراما ومواعيد وقبلات ..
اننا نريده شعرا تمسكون به آفاق الثريا بدوافع الحب الاصيل الصادق .. لاشعرا يهوي بكم وبالحبيبة الى مستنقع الميعة والتخنث..
نحن في زمان لايريد شاعرا يحمل قلبا من زجاج يتناثر عندما تداعبه أنامل الحبيبة ، او تغزوه لهفة الولهان..
مهلا.. فقد كثرت في حقائبكم الأوزان المتصدعة والقوافي المستغيثة ، لأنها في غير مكانها، وكل ما وجدناه عندكم مفكك المعنى ضعيف العبارة هزيل الصورة .. تنتشر على وجهه صفرة المرضى وشحوب الغرثى ..
نحن نقدر فيكم حب الأدب ونظم الشعر ، وكلنا أمل في انكم تستطيعون تجاوز تلك العقبات ، فكونوا عند حسن الظن وانقذوا نتاجكم وراجعوا ماتكتبون مرات ومرات قبل نشره واعلانه ، واذا نسيتم ، اكتبوا هذه الكلمات في لوحة كبيرة وعلقوها امامكم ، فهي خير نصيحة ، بل اصدق حقيقة قدمها القاضي الفاضل بقوله:
(اني رأيت انه لايكتب انسان كتابا في يومه الا قال في غده : لو غيّر هذا لكان احسن ولو زيد كذا لكان يستحسن ولو قدم هذا لكان افضل ، ولو ترك هذا لكان اجمل ، وهذا من اعظم العبر ، وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر..)
وأخير ا تذكروا تواضع البحتري حين قال : ( كنت في حداثتي أروم الشعر وارجع فيه الى طبعي ولم اكن اقف على تسهيل مأخذه حتى قصدت ابا تمام وانقطعت فيه اليه..)