ما الذي يبتغيه الإنسان من الكتابة؟
بقلم : د. حســـــــن عبدالحميد الدّراوي
جلسـتُ أفكر كثيراُ في موضوعِ يؤرقني وفي ســــــــــؤالِ يطرح نفســـــــــــه على كل من يمسك قلماً وورقة ليكتب مقالاً أو موضوعاً له قيمة ...
إنه ســــؤال يطرحُ نفسـه ..... فالكتابة الآن بحر متلاطم الأمواج فهي مادة الفلسفة كما هي مادة التكنولوجيا وهي مادة التاريخ كما هي مادة وسائل استشراف المستقبل، والإنسان هو هو لم يتغيّر أو تصيبه الطفرات الوراثية ـ كما افترضها ـ { دارون }
فهو باحث بفطرته ليصل ألى بر الأمان وللعلم الصحيح
فرب العزة والجلال وصف ذلك بقوله :
( يا أيها الإنسان إنك كادحٌ إلى ربك كدحاً فملاقيه)
الإنشقاق آية 6
وهذاالكدح وتلك الملاقاة هي أمر حتمي الوقوع، سواء كانت تلك المسيرة ممثلة في أبي جهل أو ابي سفيان ام بعمار والمقداد وسلمان، فكل يشق طريقه إلى عالم الخلود،
حيث يقول رب العزة والجلال
{ اناهديناه السبيل إمّا شاكراً وإمّا كفوراً }
ســورةالإنسان رقم 3
وشتان مابين السبيلين!
فلابد من اختيار الطريق الأصوب نحو الهدف المحدد، والعقل هنا هو حاكم هذا الاختيار في الكتابة أو في غيرها.
والكتابةالآن هي سجل الحياة الكامل، بسلبها وايجابها، .. الخير والشر، الصلاح والاعماروالخراب والدمار، السمو بعالم الروح والسقوط إلى درك الرذائل، إنها كل شيء.
فلوأخذنا الأدب، أحد أهم مواد اللغة في تراث الشعوب، ماضيها وحاضرها نجد فيه الهادف الملتزم والمتهتك والضبابي والرائق والوهمي إلى عشرات بل مئات الصفات التي يمكن أن تصنف تحتها موضوعاته؛ بينما لا يصمد من بين هذه الأنواع الأدبية الا ما يحاكي واقعالإنسان وميزانه الثابت بالفطرة، فلن تجد مجتمعاً متحضراً يؤيد بغالبيته رواية أدبية تدعو إلى الإباحية أو إلى ابتداع تقاليد وأعراف غير إنسانية ومحاولة زرعها في واقع هذه المجتمعات، وقد رفضت الكثير من الشعوب هذا النوع من الأدب ولفظته ليتنحى بعيداً عن ساحة الفطرة.
وكلما كانت الكتابة واقعية لا بمعنى التسليم للواقع بل بالمعالجة الواقعية ومحاولة إعطاء شحنة مقوية لاعادة الإنسان إلى وعيه المتوازن كلما اكتسب اكبر قدر من المقبولية أياً كان نوع هذا النتاج الكتابي.
تحياتي