رابط الموضوع الأصلي بـ [read]دنيا الوطن[/read]
اضغط على حرف الـ

[read]
***
لمساتٌ ناعمة، تطبعها أنامل رقيقة ... وإحساس حالم، يذوب فى الحالة الإبداعية / يذهب بعيداً يسبر الأغوار / يدنو ويقترب / يدنو ويقترب أكثر، فأكثر ... حتى أنّي لأُحدّث نفسى ـ دائما ـ " ليته توقّف، ليته توقّف ... ! "
ولكن هيهات ... تأبى (حوراءالمقدسية )
لمساتٌ ناعمة، تطبعها أنامل رقيقة ... وإحساس حالم، يذوب فى الحالة الإبداعية / يذهب بعيداً يسبر الأغوار / يدنو ويقترب / يدنو ويقترب أكثر، فأكثر ... حتى أنّي لأُحدّث نفسى ـ دائما ـ " ليته توقّف، ليته توقّف ... ! "
ولكن هيهات ... تأبى (حوراءالمقدسية )

فى رحلتها لسبر الأعماق، إلاّ أنْ تَلمَس الواقع ... فنصحو جميعاً، من شفافية الحلم الجميل الشاعر، إلى مادية الواقع الجاسم فى النفوس قبل
الصدور ...!

لن يفلح فى فهم ودراسة إبداع حوراء المقديسية، إلاّ مَن نظر إلى هذا الإبداع الراقي، كحالة خاصة، في أجواء خاصة، تبعد عن الحالة التقليدية العامة للإبداع، والمبدعين، فى أحوال أخرى، وبيئات أخرى ... حيث يستلزم النظر إلى إبداعها عيناً خاصة ، وزاوية رؤية مختلفة، تناسب خصوصية إبداعها ، وتعكس خصوصية البيئة الغنية بالثورة، والمفاجأة، والتحوّل الذي تعيش فيه ،

وبالتالى فإن الحكم على إبداع حوراء المقدسية يتطلب معايير خاصة ، غير تلك المعايير التقليدية، التي يتطلبها الناقد التقليدي عموماً، فى الحكم على العمل الإبداعي التقليدي، فى الظروف والبيئات التقليدية .
حــــوراء ...
حالة صدق عفوية تنضح على كل شىء ، حتى على اسمها ورسمها ...
فإن تصميماتها الإبداعية فى معظمها تشير إلى (العين ـ الدائرة) رمزاً، وإشارة وكنايةُ، وتصريحاً،

إنه "الرمزالدائرى" لدى حوراء المقدسية يأخذ فى مرات، شكل دائرة الوجه المتجسم بتفاصيل التفاصيل فى خروج عفوي، عن جوّ اللوحة الضبابي، الرومانسي، الحالم .../ هذه النقلة الفجائية من أجواء اللوحة الحالمة، إلى جوّ الرمز الدائري، المتجسد بالتفاصيل ، يشعرنا بالدائرة كبقعة لون، فى ثوب أبيض، أو كدوّامة عميقة، على صفحة ماءهادئة / أو مشاعر قلق وخوف، في عيون وجه ملائكيّ ...!

لايكاد يخلو تصميم إبداعي لحوراء من دائرة، أو شبه دائرة، أو جزء من دائرة(منحنى) ...
فى أجواء تصاميم للوحات إنسانية تُخلق من مكونات أفقية، ورأسية فى تراكيب هندسية متناسقة، ومتناغمة / حتى أنك تكاد ترى هذا الرمز الدائرى، الخارج عن أجواء اللوحة، نقطة سلبية، تأخذ من رصيد اللوحة الإبداعي ككل / ولكن ...
عندما يحاول مشرط الجرّاح أن يتدخل لإستئصال هذا الجزء، الذى يبدو زائداً وشائهاً ـ ربما ـ من النظرة الأولى ...

ستجد نفس هذا المشرط يفكر ـ ألف مرّة ـ قبل إجراء الجراحة ، إذ أنه فى النظرة الثانية للّوحة سيكتشف أن هذا الجزء الزائد والنشاز المتكلـَّفَ ـ فى نظرنا ـ هو نفسه موضوع اللوحة، ورمزها بل هو المشهد الرئيس فيها، وربما هو اللوحة وعنوانها، كما فى لوحة" البرادعى " .... ولوحة " حوراء " وغيرها من الأسماء ...
وفى أحيان .. يتجسد هذا الرمز الدائري فى عين كبيرة مستديرة ... ترمز غالبا فى الموروث الشعبى إلى العين الشريرة / وأحيانا تشعرك بعين ذئب ، مترصد ومتنمرٍ، لإنقضاضةٍ وشيكة، ولا أدرى لِمَنْ هذه العين ...؟
للظالم، أم للمظلوم / للجاني، أم للمجني عليه / للغاصب، أو للمغتصب ..؟!

بل تُمعن الفنانة أحيانا فى ذلك ، حتى تجدها فى إحدى لوحاتها ، تضع دائرة وجه طفل برىء، ولكن؛ بلا جسد، فى لوحة واحدة مع صورة لرئيس دولة عربية (قبل خلعه) ..؟!

حقاً، هى رموز خارجة عن جو النص ولكن؛ لو تجرّأتَ، و استأصلتها من المتن، فستفاجأ بأنك، إنـّما استأصلت النص بذاته ...!
فهذه الرموز فى كل لوحة من لوحات الفنانة المبدعة حوراء هى بمثابة الروح بالنسبة لتلك اللوحات الصادقة المعبّرة ...
وفى رموز أخرى للوحات أخرى ... تفجعنا الفنانة أكثر / وهى تصور لنا هيكل عظمى بثلاث ثقوب دائرية تتمثل فى موضع العينين والأنف ... يخرج علينا من ثقب أحد هاتين العينين (وجه) .... وجه دائرى لطفلة رقيقة ضعيفة، مسكينة
فى لقطة مبدعة، (مفجعة!!) تُوحي ؟إليك بما في العالم من متناقضات ..!

لقد جمعت الفنانة المبدعة، البراءة، والوحشة، فى نظرة عين واحدة ... !
وفى إحدى اللوحات ـ الشديدة الإيحاء، تجد رمز حوراء الدائري ـ هذه المرّة ـ هو " عقال الرأس العربي " وقد اختارت له بذكاء، رأس أحد الرموز التي لها احترامها وتقديرها فى وجهة النظر العربية الجمعية ...

وعندما تقوم حوراء حتى بتصميم إعلان لـ " مسرحية المسألة الشرقية " بخط كوفي فاطمي انسيابيّ جميل ... فإنها تأبى الاّ أن تضع فى الأسفل من اللوحة ـ دائرة ـ شبه كاملة، للهلال مع معشوقته الأثيرة، نجمة النجوم المتلألئة .
وفى لقطة جميلة أخرى للفنانة، تأبى حوراء على الشمعة الرشيقة السهلة ، بدموعها المنسابة ، تأبى عليها الاّ أن تضعها فى إناء مستدير ..!
بل وعندما تصمم لوحة هى نفسها بطلتها، و عنوانها، لوحة " حوراء المقدسية ".... وحيث لا يكون ثمـّة وجود إلاّ لكل ما هوجميل، وناعم، ورشيق ، ومنساب رقة وبراءة ...
تجدها تأبى أن تنهى اللوحة إلاّ برمز هندسي بسيط جاء رقيقا، ودقيقا هذه المرّة، على شكل حرف " N " اللا تيني .. ولا نعرف ما يرمز إليه الحرف المتكرر دوما، سوى أنّ الفنانة حوراء تأبى أن تترك اللوحة الرائعة خالية من رمزها الرقيق هذه المرة رغم وجود الرمز الأكبر ، صورة وجهها المعبر عن كل ما فى نفسها ونفوس كل العرب والمسلمين ...

إنه الرمز الدائري الذي نقلته إلينا حوراء المقدسية من الّلا وعيّ الى عالم الرؤية والمحسوس ...إنه ـ المفارقة والتناقض ـ الذي ينقلنا دائما من ضبابية الحلم الجميل، إلى تفاصيلية الواقع الأليم ... / إنه العقدة الدرامية الأزلية، فى النفوس السليمة الكليمة / نفوس العرب ، والمسلمين ، والإنسانية الرحيمة ..
إنه بقعة اللون فى الثوب الأبيض / إنه أنا، وأنت، وحوراء المقدسية، والقدس وفلسطين .../ إنه الرمز الدائريّ ... بقعة اللون، فى ثوب هذا العالم غير المنصف، أوالعادل بل وغير المدرك .... ! إنه ياسرعرفات، والمبحوح والرنتيسي، وأحمد ياسين

إنه يحيى عيّاش، و محمد الدرة، وعمر المختار ، ومحى الدين الشريف

انه ناصر، ومحمد الصقر ... وشيىء لمـّا يزل فى نفسى ..؟!
تحية الى الفنانة الرقيقة المبدعة ابنة فلسطين العربية ، الحيّة فى نفوسنا / الحاضرة فى ضمائرنا ... " بهـيـــّةً، وقضيـــّة "......!
تحية إلى .......

(حوراء المقدسية)
*ــــــ*ـــــــ*
