نائب البطيخ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • منال عبد الحميد
    أديب وكاتب
    • 23-09-2011
    • 56

    نائب البطيخ


    نائب البطيخ
    عندما حدثت قضية النائب " أنور البلكيني " صاحب الكذبة الشهيرة وعملية التجميل السرية تصرف حزب النور بطريقة سليمة فأقال النائب المذكور لمخالفته قواعد الحزب وأسسه والكذب والإدعاء الباطل وهكذا انتهي الأمر وكان يجب أن ينتهي عند هذا الحد ولكنه لم يكن لينتهي أبداً !
    والسبب ؟!
    إن النائب المذكور ينتمي للتيار الإسلامي !
    لا أحد عاقل ينكر أن هناك تربص بالتيار الإسلامي وبكل من ينتمون له .. فمنذ سقوط نظام " مبارك " وفتح أبواب المشاركة السياسية أمام كل الفئات والمجموعات المحرومة من المشاركة في إدارة شئون مصر ، ثم ما تلاها من انتخابات مجلسي الشعب والشورى ، ثم الاستعداد وفتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية ، خلال كل هذه المراحل وكانت هناك حملات منظمة مسعورة غرضها الظاهر والوحيد هو تشويه كل ما يخص التيار الإسلامي من أسس ومبادئ وأشخاص وكل شيء وكل أحد وكل شخص تسول له نفسه الانضمام للتيار الإسلامي ، أو التصدي لدفع ما يشاع عنه من تهم باطلة تكال جزافاً ، يصبح فوراً في قفص الاتهام موصوماً بالتهمة الكبرى والجناية العظمي جناية مناصرة التيار الإسلامي أو تأييده أو حتى مجرد الدفاع عنه !
    الحقيقة إننا لا زلنا نعيش بعقلية " مبارك " ونظامه ، وإذا كانت الثورة قد حررتنا من حكم " مبارك " وسيطرته السياسية فإنها حتى الآن لم تنجح في تحرير أرواحنا وعقولنا من التبعية الفكرية له ولأساليبه في السيطرة والحكم ف" مبارك " ، وخلال ثلاثين عاماً ، لم يركز على اكتساب ثقة الناس فيه وفي حكمه قدر ما ركز على إخافة الناس وإفقادهم الثقة في غيره وفي نظمهم وأسلوب حكمهم ، لو أنهم وصلوا لحكم البلاد ، لذلك كان الإخوان مهمين للغاية لمبارك ولنظامه ، ولا نتجاوز عتبات الحق إذا قلنا إنه إذا لم يكن هناك إخوان لأخترعهم " مبارك " وأوجدهم من العدم فقط ليخيف الناس من الآخرين ويجعلهم يؤمنوا بالمثل الشعبي البليغ ( اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش ) .. وبمبدأ اللي تعرفه هذا كان الكثيرون يتمسكون بمبارك حاكماً على مصر للأبد لأنه معروف لنا وليس غريباً عنا ولن يأتي بنظام ولا بسياسة جديدة مغايرة لكل ما أعتدنا عليه بل الأكثر من ذلك أن الكثيرين ، وفي خضم التحضير والتجهيز لسيناريو التوريث المرتقب ، لم يجدوا غضاضة في قبول هذا الأمر المهين لمصر ولشعبها وأيضاً تحت شعار اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش !
    المصيبة أنه وبعد سقوط هذا النظام الفاسد تعود نفس هذه الفكرة الساذجة لتسيطر على أذهان الكثيرين من اللاعبين في ستاد السياسة المفتوح الآن !
    فالكثيرين ، خاصة من أتباع الأحزاب العلمانية والليبرالية ، وما إن بدأت عجلة المنافسة السياسية الحامية تدور في مصر حتى شمروا عن سواعدهم ، وبدلاً من أن يقدموا للناس برنامجاً سياسياً محترما ً ، انبروا في الهجوم على الطرف الآخر ، الإخوان والسلفيين والتيارات الإسلامية جميعها وتخويف الناس منهم ورسم صور بشعة عن النظام الظلامي المتخلف الرهيب الذي ستخضع له مصر تحت لواءهم ، وطبعاً هم قد فعلوا ذلك تحت سطوة وهم غريب أن الناخب المصري البسيط
    سترتعد فرائصه خوفاً وفزعاً تحت وقع هذه الدعايات المضادة الساذجة وسيسرع بإعطاء صوته للسادة الليبراليين والعلمانيين المتأنقين الذين يجلسون في مكاتبهم المكيفة مرتدين أفخر أنواع الحلل متضمخين بالعطور فقط ليتجنب قفز الإسلاميون الوحشين ذوي الأنياب والمخالب على كرسي السلطة !
    وجاء يوم الفصل ويوم الحساب وبجدار فاز الإسلاميون بالأغلبية وبجدارة أيضاً رسب
    العلمانيون والليبراليون في القاع !
    والسبب ببساطة أن السادة المتأنقين ركزوا على الآخرين ، بينما الآخرين تجاهلوهم تماماً وعملوا مع الناس فكسبوا الناس وخسرهم الأولون !
    وهذه هي عقلية مبارك لا تزال تعمل فينا عملها المهبب حتى الساعة .. فقضية تافهة مثل قضية النائب الكذاب لا تستحق أي ضجة من أي نوع فالحزب الذي ينتمي إليه الرجل لم يقر تصرفه ولم يتستر عليه ولم يدافع عنه بالباطل بل أدانه وأقاله وأبعده عن المجلس وعن الحزب مما يعني أن الرجل يتحمل نتيجة خطأه بمفرده ولا وزر على الحزب الذي ينتمي إليه .. ولكن كيف يكون ذلك والنائب المذكور ينتمي لحزب إسلامي ؟!
    وطبعاً ما دام الحزب إسلامي النزعة فلابد أن يتحمل كله ، بكل أعضائه بقياداته بأنصاره بمؤيديه ، وزر وخطيئة نائبه المقال وجريرة عمله وليس حزب النور وحده بل كل الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية عليها كفل من وزر البلكيني وأوزار أجداد أجداده منذ يوم الخليقة !
    لقد ظن بعض المنتمين للتيارات العلمانية والليبرالية أن قصة " البلكيني " فرصة جاءتهم على طبق من ذهب للنيل من كل الأحزاب الإسلامية وتخفيض أسهمها عند جموع الشعب المصري خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية وهكذا لم تكتفي هذه الأحزاب بتكرار خطأها الغبي ورفع شعار ( اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش ) مرة أخري والاعتماد في جمع الأصوات على تخويف المصريين من التيار الإسلامي وتشويه المنتمين له بل زادت عليه خطأ آخر لا يقل فداحة وهو المبالغة في الاهتمام بهذه القضية التافهة والانشغال عن تقديم برنامج حقيقي للمواطن المصري المطحون ما بين أزمات الخبز والسولار والبنزين وأنابيب البوتاجاز والحمى القلاعية !
    تاركين المجال للأحزاب الإسلامية للعمل مع الناس في الشوارع وفي البيوت وفي الزوايا وفي الملاجئ !
    واخشي ما أخشاه أن تكون وسيلة الدعاية التي يلجأ إليها العلمانيون واليساريون في الانتخابات القادمة هو التطبيل والتزمير لقضية بعنوان ( نائب البطيخ ) يصرخون فيها بفضيحة نائب منتمي لحزب إسلامي نزل من سيارته وأشتري بطيخة منددين بهذا العمل المستفز الجبان !

    إن علمانيينا ويساريينا يتمتعون بعقلية ( مباركيه ) لا يحسدون عليها وإن لم ينتهوا وإن لم يركزوا على أن يلمعوا أنفسهم بدلاً من أن يحاولا إطفاء غيرهم ستنالهم خيبة أكثر مما نالتهم وسيلحق بهم فشل على فشل !


يعمل...
X