رمزي ابو نوارة في تجربة فريدة
نبيل عودة
الكتاب: نص راوي نصراوي(108صفحاتحجم متوسط)
الكاتب: رمزي ابو نوارة
الناشر : مكتبة كل شيء -حيفا(2012)
رمزي ابو نوارة انسان عادي ، فيالعقد السادس من عمره، لم يعرف عنه أي نشاط أدبي كتابي سابقا، وربما علاقته بالثقافةهي كونه صاحب مكتبة سابقا.
فاجأني قبل سنتين او أكثر حين اتصلمعي وطلب ان نلتقي.
التقيته في عمله بوابا لمدرسة فيالناصرة، بعد ان اغلق المكتبة ولم يتبق من العمر ما يستحق ان يبحث عن مهنة جديدة.
دفع ليدي مجموعة اوراق وطلب مني اناراجعها وأقول رأيي فيها. ووصف الأوراق بانها خليط من الأحداث والنوادرمما ترسب في ذاكرته خلال مسيرة حياته، صاغها بقالبقصصي.. او هذا ما اراده.
اليوم يفاجأني بخطوة جريئة بدفعكتابه للمطبعة واصداره وتوزيعه.واصدار كتاب يعتبر مغامرة حتى لكتاب لهم شهرتهم فيسوق ثقافتنا المحلية.
الثقافة ليست ملكا لأحد، او لجيل ،ولكن اصدار عمل بهذا الجيل المتقدم ، لإسم غير معروف في ساحة الأدب المحلي، هوبرأيي مغامرة، وهو كصاحب مكتبة سابق يعرف تماما ان بيع الكتاب العربي يعاني منأزمة، كانت وراء اغلاق مكتبته أيضا.
من هنا احني رأسي امام جرأته.
رمزي يبرز كمثقف قارئ، من هنايحاول جاهدا ان يلجأ الى السرد القصصي بابسط أشكاله لعرض النصوص، التي هي تلخيصتجربة حياتية، وتجميع أحداث ظلت عالقة بالذاكرة.لا ليست مذكرات شخصية، وليس كتاباقصصيا، انما سرديات تطمح للون القصصي.
يفسر دوافعه للكتابةبقوله:"تجلس عند المساء، وحدك في غرفة تطل على الأفق البعيد، لا شيء بينكوبينه (....) تبدأ الخواطر بالعبور الى رأسك وباستحضار عوالم تعرفها وعوالم لاتعرفها. تمر كلها بدون ترتيب وبدون ان يكون بينها رابط او تواصل (....) ما فكرت بهقد اعجبك او تدونه على الورق. وعندما تنفذ مشروعك تكتب مواضيع مبعثرة منها كل مافكرت به دون ترتيب او نظام.وهكذت تكون قصة قصيرة، طرفة، مقالة وحتى خاطرة.."
وهذا تماما هو مضمون الكتاب، رغمان الرغبة بصياغة سردية قصصية لم تثمر عن قصة فنية. للكاتب تنقص التجربة والمهنيةلفن القصة ولغتها الدرامية . والحكاية لا يمكن ان تصنف في المجال القصصي، مهما برعكاتبها في تسجيلها.
بالطبع للتسجيل مساحته التي بدأتتبرز في ثقافتنا المحلية خاصة بمؤلفات محمود ابو رجب (ايام ع البال)، وهو نوع منحفظ الذاكرة الجماعية والشخصية، ومن هنا ايجابياتها, ولكنها تحتاج الى قدرات أدبيةوهذا هو الجانب الضروري الذي لم المس اكتماله في نصوص الكتاب ، لنقص التجربة اساسا.
رمزي في نصوصه كاتب يخرج ما فيجعبته ببساطة قريبة للراوية في ليالينا. لغة بسيطة، تعابير شعبية، وأحيانا لهجةعامية او بين بين.
التجول بين نصوص الكتاب ، خاصةلابن مدينة الناصرة، تقدم لوحة لأجواء الناصرة واحداثها وحاراتها وشخصياتهاوتاريخها الشعبي. يعرض الكتاب اخلاقيات الناس، طيبتهم تعاونهم مشاركاتهم فيالأعياد، لا فرق بين الطائفة الفلانية او غيرها...واعترف ان الكثير منها باتمفقودا اليوم من واقعنا النصراوي.
بعض النصوص تنحى نحو صور لا علاقةلها بالواقع الحقيقي ، يبدو انه يريد ان يصل لصياغة قصة، على اساس انها كذبة متفقعليها بين الكاتب والقارئ كما قال الكاتب الروسي تشيخوف. كان الأحرى به ان يلتزم ذاكرته ومشاهداته وخواطره. أضاف رمزيلنصوصه طرفا لم اجد انها تلائم الاتجاة التسجيلي للذاكرة النصراوية التي ميزتالأكثرية المطلقة من نصوص الكتاب. هذا رغم ان الطرف بحد ذاتها جميلة وبعضها فقط هياحداث نصراوية.
الأمر الأساسي ان رمزي هو مثقفصاحب رؤية وموقف وليس مجرد ناقل. وهو بكتابه يعيد لذاكرة ابناء الناصرة الكثير منالأحداث التي يضغطها الزمن بخلف الذاكرة لدرجة انها تغيب تماما ، وها هو رمزي يعيدتلك الأحداث الى واجهة ذاكرتنا.
لا شك لدي ان الكتاب ممتع للقراءة،وهو اضافة اخرى لناصرتنا التي نريد ان تبقى جميلة متآخية بدون الطائفية المقيتةالتي تدمر نسيجنا الوطني والاجتماعي.ومهما اختلفنا في تسمية هذا اللون من الكتابة،الا انه يبقى لونا فريدا ومغامرة فريدة لتسجيل بعض من تاريخ مدينتا العريقة بناسهاواحداثها وأجوائها.
nabiloudeh@gmail.com