وداعا اديبنا واستاذنا الناقد د. حبيب بولس

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نبيل عودة
    كاتب وناقد واعلامي
    • 03-12-2008
    • 543

    وداعا اديبنا واستاذنا الناقد د. حبيب بولس


    وداعااديبنا واستاذنا الناقد د. حبيب بولس



    نبيل عودة





    مرة وراء أخرى يخطف الموتمن بيننا شخصية ثقافية وفكرية ووطنية هو المحاضر الجامعي الناقد الدكتور حبيب بولسبعد مرض عضال لم يمهله طويلا. بذلك ينضم الناقد حبيب بولس الى قافلة من أدباءشعبنا الطلائعيين الذين وافاهم الأجل في الفترة القصيرة الماضية، كلهم من الجيلالذي برز ونشط في فترة شهدت انتفاضة أدبية شاملة وضعت ثقافتنا في مسار طليعي فيالثقافة العربية، منهم شاعرنا الكبير محمود درويش، الكاتب الشاعر والمفكر سالمجبران والدكتور الشاعر والفنان سليم مخولي. ها هو حبيب بولس ينضم لقافلة ادباءفلسطينيين طلائعيين ارسوا قاعدة صلبة لثقافتنا العربية الفلسطينية, في مواجهةسياسة عنصرية مبرمجه لإضعاف اللسان العربي وتشويه لغتنا، فجعلوها مصدرا لإلهامالأدباء الشباب في الداخل ولمجمل الحركة الأدبية العربية.فارسوا حركة ثقافية نشطة،وقد رحلوا للأسف قبل اوانهم، وكان فقيدنا في الخامسة والستين من عمره .

    تلقينا الخبر المفجع بعدظهر يوم الأربعاء (04-07-2012) وكان من الصعب التصديق رغم معرفتنا بمرضه. كنا نحلمان نراه يعود الى كامل نشاطه الثقافي والنقدي في رصد حركتنا الثقافية ومتابعةالابداعات الأدبية المحلية بقلمه الناصع والمسؤول والجاد.

    للمحاضرالجامعيوالناقد حبيب بولس العديد من الإصدارات الثقافية والفكرية والنقدية والتعليميةوالمقالات السياسية حول قضايا حارقة ، من أبرز مؤلفاته," انطولوجيا القصة العربية الفلسطينية المحلية القصيرة "وعشرات الكتب النقدية حول الشعر والقصة والكتب السياسية والفكرية والتعليمية والسياسيةالمختلفة التي اصدرها خلال مسيرة حياته ، ومن بينها كتابه الرائع"قرويات" الذي يمكن تصنيفة بين الأعمال البارزة والهامة في ثقافتنا بمضمونه المميز .
    نص "قرويات"يكشف لنا نوسطالجيا (حنين)غير عادية عايشها حبيب بولس ، مسجلاًتفاصيلبدأت تختفي من اجواء قرانا ومدننا العربية ، من علاقاتنا وممارساتنا اليومية،من شوارعنا وبيوتنا ، من العابنا وتسالينا ، ومن وسائل تنقلنا ، من مدارسنا ، منمعلمينا،من افراحنا واتراحنا ، من مفاهيمنا السياسية ووطنيتنا ، من مواسمناوسهراتنا، من أعيادنا وعقائدنا الدينية ، من ثقافتنا وفنوننا ونضالاتنا .
    التغييرالذي يرصده حبيب كان اعمق من الشكل ، لدرجة انه شكل لنا مضامين جديدة ،افكاراًجديدة ، رؤية سياسية جديدة ، ثقافة جديدة ، اطعمة جديدة ، بل ولغة جديدةايضاًفي مفهوم معين . كأني به يرصد التاريخ والعوامل "التاريخية" والثقافيةالتيغيرتمسقط رأسة ، قريته الجليلية "كفرياسيف" بشكل خاص وغيرت واقع بلداتناكلها بشكلعاموغيرتنا نحن ( الناس ) في الحساب الأخير .

    .أصدر حبيب بولس كتبانقدية تناولت مجمل النشاط الابداعي للأدباء العرب فياسرائيل،الىجانب مراجعات ونقد للنشاط المسرحي، عدا كتب تعليمية مختلفة، ونشركتابانعن قضايا اجتماعية وسياسية ملحة.
    تابعتباهتمام نشاط حبيب بولس منذ كتاباته الأولى التي لفتت انتباهحركتناالثقافية ، ثم في اصداراته اللاحقة، وارى بنشاط الدكتور الناقد حبيببولسالابداعي قيمة ثقافية هامة، خاصة بما يتعلق بالثقافة المحلية ( الأدب العربيالفلسطينيفي اسرائيل) الذي كرس له معظم جهده النقدي، أكثر من أي ناقد آخر، والأهمماميز نقده من وضوح واستقامة في الطرح ، ويمكن القول ان حبيب بولس باسلوبه ومضاميننقده،بنى تيارا نقديا خاصا. واليوم لا يمكن كتابة تقييم أدبي عن الأدب العربيالفلسطينيفي اسرائيل، دون الاعتماد على مراجعات الدكتور حبيب بولس.
    الىجانبنشاطهالنقدي المميز، قدم الدكتور بولس برنامجا أدبيا تلفزيونيا (بين الكلمات)، منالممكناعتباره مسحا ثقافيا لأدبنا المحلي، استضاف فيه كل الأسماء الأدبية الناشطة،وليتالقناة التلفزيونية تحول حلقات برنامج حبيب بولس الى اشاريط تنشرها علىاليوتيوب،لما فيها من أهمية ثقافية للأدباء والباحثين ومؤرخي الثقافة بما تضمنتهمنمواقف الأدباء ونشاطهم ومواقف الدكتور حبيب بولس من مختلف المواضيع التي طرحهاعلىضيوفه في برنامجه.
    تابعتمقالات واصدارات حبيب بولس، واستعنت بآرائه ومشورته،وتبادلتمعه الكثير من الأراء النقدية والثقافية التي أثرت على بالكثير من مواقفي.
    نحنيراسنا اجلالا لعلم من اعلامنا الثقافية، علم رحل قبل اوانه وهو في قمة عطائه،تاركا وراءه فراغا كبيرا وألما أكبر لفقدان انسان كبير واستاذ عاشق للغة العربية كرس حياته لرفع مكانتها وغرسها في روح طلابه.

    وداعا للناقد حبيب بولس،وسييبقى خالدا بنشاطه الثقافي والتعليمي ونضاله ومواقفه وبما غرسه في ثقافتنا من اتجاه نقدي، وفي طلابه منمفاهيم ابداعية ورؤية ثقافية وطنية وعشق للغة العربية .



    nabiloudeh@gmail.com


يعمل...
X