وفيها حصل من الحوادث العظام ، والأمور الجسام ، ما الله به عليم ، مما لا يصفه واصف أو يحرزه كاتب ...
ففيها عم البلاء وعظم العزاء ، وتوالت المحن واشتدت الكربات على أهل أرض الشام ، حيث استمر ملك الشام قبحه الله ومن معه جموع من النصيرية الذين تسموا بالشبيحة _ مفردها شبيح _ في سلك سبيل والده المقبور في سفك الدماء ، واستباحة الأعراض وسلب الأموال ، فاستفحل أمرهم ، واشتد إفسادهم من أقصى بلاد حوران إلى أن وصلت جموعهم إلى شمال سوريا قرب ممالك العراق وما حولها ، فأذلوا سائر البلاد وقهروا كل الطوائف التي بين هذه النواحي ، وقتلوا فيها من طوائف المسلمين وغيرهم من بلدان متعددة كبار ما لا يحد ولا يوصف ... ولم يدخلوا بلداً إلا قتلوا جميع من فيه من مقاتلة والرجال ، وكثيراً من النساء والأطفال ، وأتلفوا ما فيه بالنهب إن احتاجوا إليه ، وبالحريق إن لم يحتاجوا إليه .
وكانوا يخربون المنازل و ما عجزوا عن تخريبه حرقوه ، هدموا المساجد والجوامع ، حتى كنائس النصارى لم تسلم من بطشهم ...
وكانوا إذا دخلوا قرية أفسدوها وتركوا أعزة أهلها أذلة ، ومن لم يقتلوه منهم أخذه أسيراً ذليلاً من غير حول ولا قوة ، فينقلونه من مكان إلى أخر بين أقبية يسودها الظلام ، حيث يعرضونه لسياطهم ، ويسومونه سوء العذاب ، وقد نقل لنا بأن رجال السجون هناك كانوا يعرضونهم للصعق بشيء يشبه البرق يسمى عند أهل ذلك العصر بالكهرباء ، حيث تترك هذه الأداة في الجسد وقد تفرقت الجراح فيه واجتمعت الدماء عليه ، وفي كثير من الأحيان يعلقونهم بالسلاسل والحديد إلى سماء غرفة مظلمة تحت الأرض ، ويبقوا معلقين لأيام ، وقد أسروا الكثير من الخلق ونسبوا إليهم ظلماً وعدواناً الكثير من التهم ، واختلقوا عليهم كثيراً من الأكاذيب التي ما أنزل الله بها من سلطان ...
وقد دخلت جحافل جنده أرض حمص ، المدينة المشهورة ، وغيرت بسمة أهلها إلى عبوس وطرافتهم إلى أسى ، فلم يخرج هذا الخبيث منها إلا وقد خلف في كل بيت قتيل ، وفي كل بقعة مجزرة ... سلب منها كل غريب ونفيس ، مما لم يشاهد مثله من الجواهر وغيرها ، وقتل فيها وحدها أكثر من عشرة آلاف مسلم ، هذا غير الذي خفي خبره وغاب أثره ولم يعرف مصيره أحي هو أم ميت ... واستباح جنده البلد ، فقتل الجميع وأخذ الأموال وسبى الذرية وحرفه وتركه بلاقع ، لقد غادرها وقد تحولت إلى قاع صفف لا تجد فيها عوجاً ولا أمتا ... فإنا لله وإنا إليه راجعون .
ثم خرج فحصر أهلها ومنع عنهم كل شيء حتى الماء ، وأرسل السرايا إلى سائر البلدان ، وفعل الأفاعيل ، ودخلت جنوده جميع القرى والمدن ، وهدمت جميع ما مرت عليه دونما تمييز ، فدمر حلب بأحيائها وخرب دمشق بقصباتها ، ولوث الرقة بفراتها ، وزلزل ساحل الشام ، وما ترك باباً من أبواب الشر إلا ولجه ، ولا باباً من أبواب الخير إلا أوصده وأغلقه .
ما ترك صنفاً من السلاح إلا واستخدمه ، ولا لوناً من ألوان التخويف إلا واستعمله ، ويقال بأنه دخل بآلات حربية حديدية يقال لها "دبابات " إلى المساكن والدور ، وهي كتل عظيمة من الحديد تقذف بحمم من النار إلى آلاف الأمتار ، وتترك خراباً واسعاً ، وتقتل في كل رمية العشرات من المخلوقين ...
وكانت له نسور من الحديد مخلوقة ، يقال لها طائرات وهي من صنع البشر ، وكانت تقطع المسافات الطوال في لحظات ، وتحمل تحت أجنحتها شيء ما لو تركته يسقط على الأرض يُحدِث مثل ما يَحدُث على ظهر الشمس من انفجارات شديدة مهيلة ، يتبعها دخان وغبار يقطع الأبصار ويذهب بالأنظار ، فإذا زال ذلك كله رأيت أمراً عظيماً مهولاً ، تشيب له الولدان وتضع منه ذوات الأحمال أحمالها ، فقد كانت تترك الخلق صرعى والناس موتى والبيوت خربة والعامر مدمراً ، ما مرت هذه النسور على شيء إلا وتركته كالصريم ، نسأل الله العافية في الدين والنفس والولد ....
حيث حل جندهم حل الخراب والدمار ، والقتل والانكسار ... وتقطعت السبل وشغل الناس بالمرض والفقر ، وكثر الظلم والموت والقتل ، ودفن البشر قتلاهم في الحدائق والطرقات والساحات ، ودفن الجماعة في القبر الواحد ، وبيع العقار والأثاث الذي لا يستغنى عنه بأخس الأثمان ، وسكنت الشرور ، وما زال الأمر مضطرباً وعظم الخطب ... وخرج الناس إلى الصعدات يجأرون إلى الله ويستغيثون به ، بعد أن تخلى عنهم القاصي وخذلهم الداني وهجرهم القريب وتركهم المعين والغريب ، وبقوا كالنعجة المريضة قد أسلمت نفسها لذئب غادر ... وقنت الأئمة في الصلوات ، ودعوا عليه على منابر المساجد ... وفي المجالس والمعابر ، ولعن على كل لسان وذمه كل إنسان ، وصار رمزاً عظيماً عند اهل الإجرام قبحه q y .
وقد حصلت هذه الحوادث في وقت عداء مع اليهود الذين أخذوا جميع أرض فلسطين ، ودارت بينهم وبين المسلمين حروب كثيرة ، ومع ذلك فإن هذا اللعين الذي يظهر الولاء للإسلام والعداء لأعدائه قد خرب من كل مدينة دخلها أضعاف ما خربه اليهود من مدن فلسطين ، وقتل من المسلمين أضعاف ما قتل اليهود منهم ... بل لو أن قائلاً قال : إن أهل مدينة ممن قتلوا أكثر ممن قتلهم بنو اسرائيل جميعاً في جميع البلدان " .. لكان صادقاً وللحق موافقاً ... حتى قال اليهود : ما خدمنا أحد كما خدمنا آل الأسد ...
وقد اجتمعت أمم العرب والإسلام والعالم غير مرة ، لاتخاذ تدابير تردعه أو وسائل تقمعه ، أو أعمال ترفع الكربة وعن الناس تدفعه ، فتنازعوا وفشلوا وذهبت ريحهم ، وما النصر إلا من عند الله ...
وكان من خلفه رافضة خرسان ، وقد تحول اسمها ذلك الأوان وسميت بإيران ، وكان عليها رجل خبيث ، يقال أنه كان يأتي النساء فاحشة والصغيرات متعة ، وقد عمل على بث الفتن أينما وجد ، وما دخل جنده أرضاً إلا من بها فسد ...
وكان هذا الخبيث يسمى بالخامنئي ، عليه من الله اللعنات ، ويحاول نشر مذهبه الرافضي بين أهل الإسلام ، وقد استغل كون الأسد رجل نصيري فسرت أفكاره في الشام كما تجري النار في الهشيم ، وكان يقول بألوهية علي وعصمة آل البيت ، وإباحة دم السني ، وسب الصحابة كلهم إلا قليلاً ، واتهم العفيفة الطاهرة الصديقة بالزنى والفجور ، وقال بتحريف القرآن واعتقد الإمامة وعمل بالتقية هادن اليهود بالخفية وأظهر لهم العداء ، وحارب الحق وأهله وناصر الشر وأهله ، وعم فساده البسيطة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ...
وقد قرب من تحصيل المقصود وهو حرف دين السنة والجماعة في الشام إلى دين المجوس عباد النار ، ولكن الله مظهر أمره وغالب دينُه ، فقد رد كيده في نحره ، وألهم أخيار الشام بالنهوض والقيام وإعلان الجهاد ضد الظلام ، والله غالب على أمره ولكن المجوس لا يفقهون...
وكان من أعوان الخبيث الأثيم بشار ، قوم هم الروس ، وهم سكان شمال الأرض ، يسكن البرد والجليد الثلج بلادهم أغلب العام ، وكانوا لا يعبدون شيئاً ويقولون أن الكون وجد صدفة أو أنه قديم أزلي ، وينكرون الخالق والبعث والنشور ، ويكفرون بالأنبياء ويحاربون الأديان كلها ... وقد تحولت دولتهم إلى قوة جبارة ، لها قدرة على تسيير كثير من أقدار البشر في الأرض بما وهبها الله من غنى وقوة ومنعة ...
ولم ير الناس لهذا الظالم الخبيث مثلاً إلا الدجال اللعين ، الذي لا يبقي إلا على من تبعه ويهلك من يخالفه ، والحق أنه وشبيحته أمثال يأجوج ومأجوج ، الذين لا يبقون على أحد ، فقد قتلوا الرجال والنساء والاطفال ، وسلبوا الحرث وأهلكوا النسل ، وشقوا بطون الحوامل وقتلوا الأجنة ، وقطعوا الطرقات وقطعوا المفاوز والقفار في بث الرعب ونشر الخراب والدمار .
حيث أنهم كانوا إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ، فتدك نيرانهم بنيانها وتدمر عمرانها ، فإذا فرغت من التدمير دخلوها وطافوا على البيوت كما يطوف يأجوج ومأجوج ، وقد ذبحوا المئات بالسكاكين ، وبقروا البطون ومثلوا بالقتلى وثملوا العيون وجدعوا الأنوف وقطعوا الآذان ، وأتلفوا ما مروا عليه ، حرقوا المصاحف والكتب ، فإذا خرجوا منها رأيت فيها شيئاً عجاباً لهول صنعهم وعظم فعلهم وظهور شرهم ...
ثم لم يكتف الخبيث بهذا ، بل إنه كان إذا دمر قرية نسب إلى أهلها دمارها ، وادعى بأنه دخلها لينقذها منهم ويحميها من شرهم فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ...
وقد أتى الشبيحة بأفعال يعجز البنان عن وصفها ويحتار اللسان في وجد ألفاظ لذكرها ، واستصرخ الانس والجان ، وذهل القاصي والدان ، وتعجب العدو من فعلهم بأنباء البلد ، وأصبحوا بإجرامهم مضرباً للمثل ومخوفاً للولد ... واكانوا يسجدون تحت أصنام أبيه وفوق صوره القذرة ، ويأمرون الناس بتأليهه ويعبدونه من دون الله أو مع الله ، ونسبوا إلى الله الضعف والخذلان ، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ...
وكان إذا استعصت عليه بلد من البلدان ، نصب منجنيق من حديد ، على بعد آلاف الأمتار أو يزيد ، ثم يرمي بها حمم ممزوجة من نار وحديد ، تحدث عند اصطدامها بشيء دماراً هائلاً وصوتاً عالياً مرعباً ... فإذا خاف الناس وفروا ولديارهم تركوا وعنها كروا دخلها بجموعه وفعل فيها أفاعيله التي لا يفعلها بشر ...
وقد فعل بالناس ما لم يحدث مثله في التواريخ ولا ما يقاربها أو يدانيها ، بل عقمت الليالي والأيام عن أن تأتي بمثلها ، فقد عمت الطوائف في الشام وخصت المسلمين ، فقد فعل فيها ما لم يفعله بخت نصر ببني اسرائيل من القتل والتخريب ، أو الفرنجة الصليبيين بأهل ديار المقدس من أعاجيب ، أو هولاكو في أهل بغداد من أغاريب ، أو تيمور في بني الإسلام أو الأعاريب ... ليقضي الله أمراً كان مفعولاً ....
فهام الناس على وجوههم وهجروا أهليهم وديارهم ، وتركوا أرزاقهم وذراريهم ، وخلفوا مدنهم وضيعاهم ، وتفرقوا في الأرض أيادي سبأ ، وتشتتوا شزر مزر ، لجأوا إلى ما جاورهم من البلدان وما أحاط بهم من الأقطار ، وسكنوا الخيام بعد القصور وأقاموا في ديار تشبه القبور ، وعم الخطب وعظم المصاب وأكلوا أوراق الشجر وجلد الميتة ، وحشائش الأرض ، وشربوا العكر من الماء إن وجدوه ، وغلقت أبواب العلم ودوره ، وأطفأت أنوار المدن ، وتحول العامر منها إلى خراب ، قد نقل لي بأن حمص وحدها وكان يسكنها أكثر من ألف ألف إنسان ، قد تحولت إلى مقبرة أو مدينة تسكنها الاشباح ، وقد هجروها أهلها وغادروا ، ومن الموت والتخويف فروا ، وخرج منها أكثر من سبع مائة ألف مسلم ... وحرم الناس الخبز وأطايب الطعام ، وغلب المرض على سائر الناس ....
وقد أسمى أهل الشام حربهم هذه بثورة الكرامة ، لأنهم لأجلها نهضوا نهضتهم ، وقامت قائمتهم ونفر نفيرهم ...
وذلك أن أهل الشام في السنة التي سبقت هذه قد أعلنوا الخروج على ملكهم ، ونادوا بحقوقهم وطالبوا بحريتهم ، وأرادوا نزعه عن سلطان الشام واختيار سلطان آخر ، وظنوا بهذا الخبيث خيراً ، فإذا فيه من الشر ما ليس في أحد حتى في والده الذي ورث عنه ملك الشام .
وبداية أمرهم أنهم كانوا يجتمعون بالساحات والطرقات ، ينادون عليه بالألفاظ والهتافات ، ويصرخون بنزعه وطرده عن الشام وما فيها من جنبات ، وكانوا يسمون فعلهم هذا بالتظاهرات ، لم يظهر منهم فيها لون من عنف ، أو شكل من شدة ، أو نوع من مغالبة ، فواجه جلاوزة الحاكم الناس بالنير والنار ، والحد والحديد ، وسالت الدماء وغلب البلاء وعم الغلاء والشقاء واستغاث المسلمون بالمسلمين من غير أن يجدوا لندائهم مجيب ...
فما كان من فرسانهم إلا أن نهضوا وغبار الذل والخنوع عنهم نفضوا ، فشهروا الأسنة والحراب وانطلقت جموعهم من كل مسجد ومحراب ، ورفعوا راية الحق وناد مناد الجهاد أن حي على الفلاح وحرب أهل العناد ... وهب الناس وتنادوا لفعل الخيرات ، وتسابقوا للتصدق بفضل أموالهم للمحاربين ، فتشكلت سريا وكتائب ـ تسمت أغلبها بأسماء الآل والأصاحب ، وأول ما بدأوا في حربهم من أرض شمال حمص يقال لها تلبيسة ، هي أول من أعلن شق يد الطاعة ، وحمل السلاح لنصرة السنة والجماعة ، وكان ذلك في أوائل هذه السنة ، وإليها يعود فضل خلق هذه السنة ... وهذه المنطقة التي تصدى بها أهل حمص للتتار ، وبها حصلت مواقع طاحنة عبر تاريخ البشر ...ثم امتدت نار الحرب فعمت الشام ، وسائر أقطارها ، وهاج الناس وكثر الهرج بين الشبيحة ودحر المجاهدون جنوده وردوهم على أعقابهم مدحورين مهزومين ، وكسروا شوكته وأعلوا راية الدين ، وكفى الله المؤمنين القتال في أكثر من موقعة ، فلله الحمد والمنة والفضل ... وقد أعطبوا كثيراً من دباباته وأسقطوا العديد من نسوره ودحروا أنصاره غير مرة في غير موقعة ، وظهر الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً ...
وفيها وصل إلى حكم مصر حاكم جديد ، وصل بعد أن اختاره الشعب ، وأصل الأمر بأنهم خرجوا على ملكهم الظالم المدعو محمد مبارك ، وهو من البركة بعيد ولها معاد عنيد ، حكم زيادة عن ثلاثين سنة ، كانت أقبح من ثلاثمائة ، نشر فيها الشرور وهادن الكفرة والمردة وحارب الدين ولم يكن خيراً من صاحبه بشار ، عليهما من الله الخزي والعار ... فنهض الناس عليه ، وقاموا إليه فعزلوه وسجنوه وخلف القضبان وضعوه وبالأصفاد قيدوه ... وحكمهم العسكر مدة وتسلطوا عليهم ، ثم تركوا الأمر للعامة فاختاروا ذلك الرجل المسمى بمحمد مرسي ، فقد اختاره العامة منتصف السنة وبايعوه ، وفيه توسموا الخير ، وقد كان أول أمره كذلك ، فقد خفض الأسعار ووضع الأتاوات والضرائب عن الناس ، وشد على يد الظالم ونصر المظلوم ... وأكثر ما يعيبه ترك نصرة إخوانه في الشام ، على طاغيتها وأعوانه الظلام ...
وفيها نشبت حرب في أرض السودان ، وهي وسط افريقيا ، بين النصارى والوثنيين وبين اهل التوحيد المسلمين ، وكان سببها أن الكفرة قد اعتدوا على أرض غنية للمسلمين على حين غرة ، وهي أرض هيجليج ، فقتلوا من قتلوا وغنموا غنائم كثيرة ، فما كان من جيوش السودان إلا أن قامت للذود عن حياض الدين ورد المشركين عن أرض المؤمنين ، فحصل الفتح وعم الأمن وغلب الحق وكفى الله المؤمنين في سائر البلدان القتال .
في من مات فيها من الأعيان :
وفيها كان مصرع جملة غير قليلة من الظلمة والجبابرة ، وكثير منهم من أعوان الخبيث بشار ، فقد مات الطاغية آصف شوكت وهو من الثلة النصيرية الخبيثة ، مات مسموماً أو محروقاً بأيدي المجاهدين من المسلمين ، وهو ختن اللعين بشار ، زوج اخته المسماة بشرى ، لا بشرى لهم إلا بالنار والخزي والعار ...
وقتل أمير من أمراء جيش الشبيحة وهو حسن تركماني ، وثلة غير قليلة من الظلمة ، ففرح الناس واستبشر المؤمنون ، وحمدوا الله وأثنوا عليه ، وعمت الفرحة وهنئ الناس أنفسهم ورأوا في ذلك فتح من الله وبشارة لنصر قريب ...
ومات أحد أمراء أرض نجد من عشائر عنيزة وهو نايف بن عبد العزيز ، وهو ولي عهد الملك ، وخليفة الحكم المنظور ، مات مريضاً بعد أن عمر من السنين ما لا يعد ، وغير ذلك من حوادث مما الله به عليم .
ثم دخلت سنة أربع وثلاثين وأربعمائة وألف .......
ففيها عم البلاء وعظم العزاء ، وتوالت المحن واشتدت الكربات على أهل أرض الشام ، حيث استمر ملك الشام قبحه الله ومن معه جموع من النصيرية الذين تسموا بالشبيحة _ مفردها شبيح _ في سلك سبيل والده المقبور في سفك الدماء ، واستباحة الأعراض وسلب الأموال ، فاستفحل أمرهم ، واشتد إفسادهم من أقصى بلاد حوران إلى أن وصلت جموعهم إلى شمال سوريا قرب ممالك العراق وما حولها ، فأذلوا سائر البلاد وقهروا كل الطوائف التي بين هذه النواحي ، وقتلوا فيها من طوائف المسلمين وغيرهم من بلدان متعددة كبار ما لا يحد ولا يوصف ... ولم يدخلوا بلداً إلا قتلوا جميع من فيه من مقاتلة والرجال ، وكثيراً من النساء والأطفال ، وأتلفوا ما فيه بالنهب إن احتاجوا إليه ، وبالحريق إن لم يحتاجوا إليه .
وكانوا يخربون المنازل و ما عجزوا عن تخريبه حرقوه ، هدموا المساجد والجوامع ، حتى كنائس النصارى لم تسلم من بطشهم ...
وكانوا إذا دخلوا قرية أفسدوها وتركوا أعزة أهلها أذلة ، ومن لم يقتلوه منهم أخذه أسيراً ذليلاً من غير حول ولا قوة ، فينقلونه من مكان إلى أخر بين أقبية يسودها الظلام ، حيث يعرضونه لسياطهم ، ويسومونه سوء العذاب ، وقد نقل لنا بأن رجال السجون هناك كانوا يعرضونهم للصعق بشيء يشبه البرق يسمى عند أهل ذلك العصر بالكهرباء ، حيث تترك هذه الأداة في الجسد وقد تفرقت الجراح فيه واجتمعت الدماء عليه ، وفي كثير من الأحيان يعلقونهم بالسلاسل والحديد إلى سماء غرفة مظلمة تحت الأرض ، ويبقوا معلقين لأيام ، وقد أسروا الكثير من الخلق ونسبوا إليهم ظلماً وعدواناً الكثير من التهم ، واختلقوا عليهم كثيراً من الأكاذيب التي ما أنزل الله بها من سلطان ...
وقد دخلت جحافل جنده أرض حمص ، المدينة المشهورة ، وغيرت بسمة أهلها إلى عبوس وطرافتهم إلى أسى ، فلم يخرج هذا الخبيث منها إلا وقد خلف في كل بيت قتيل ، وفي كل بقعة مجزرة ... سلب منها كل غريب ونفيس ، مما لم يشاهد مثله من الجواهر وغيرها ، وقتل فيها وحدها أكثر من عشرة آلاف مسلم ، هذا غير الذي خفي خبره وغاب أثره ولم يعرف مصيره أحي هو أم ميت ... واستباح جنده البلد ، فقتل الجميع وأخذ الأموال وسبى الذرية وحرفه وتركه بلاقع ، لقد غادرها وقد تحولت إلى قاع صفف لا تجد فيها عوجاً ولا أمتا ... فإنا لله وإنا إليه راجعون .
ثم خرج فحصر أهلها ومنع عنهم كل شيء حتى الماء ، وأرسل السرايا إلى سائر البلدان ، وفعل الأفاعيل ، ودخلت جنوده جميع القرى والمدن ، وهدمت جميع ما مرت عليه دونما تمييز ، فدمر حلب بأحيائها وخرب دمشق بقصباتها ، ولوث الرقة بفراتها ، وزلزل ساحل الشام ، وما ترك باباً من أبواب الشر إلا ولجه ، ولا باباً من أبواب الخير إلا أوصده وأغلقه .
ما ترك صنفاً من السلاح إلا واستخدمه ، ولا لوناً من ألوان التخويف إلا واستعمله ، ويقال بأنه دخل بآلات حربية حديدية يقال لها "دبابات " إلى المساكن والدور ، وهي كتل عظيمة من الحديد تقذف بحمم من النار إلى آلاف الأمتار ، وتترك خراباً واسعاً ، وتقتل في كل رمية العشرات من المخلوقين ...
وكانت له نسور من الحديد مخلوقة ، يقال لها طائرات وهي من صنع البشر ، وكانت تقطع المسافات الطوال في لحظات ، وتحمل تحت أجنحتها شيء ما لو تركته يسقط على الأرض يُحدِث مثل ما يَحدُث على ظهر الشمس من انفجارات شديدة مهيلة ، يتبعها دخان وغبار يقطع الأبصار ويذهب بالأنظار ، فإذا زال ذلك كله رأيت أمراً عظيماً مهولاً ، تشيب له الولدان وتضع منه ذوات الأحمال أحمالها ، فقد كانت تترك الخلق صرعى والناس موتى والبيوت خربة والعامر مدمراً ، ما مرت هذه النسور على شيء إلا وتركته كالصريم ، نسأل الله العافية في الدين والنفس والولد ....
حيث حل جندهم حل الخراب والدمار ، والقتل والانكسار ... وتقطعت السبل وشغل الناس بالمرض والفقر ، وكثر الظلم والموت والقتل ، ودفن البشر قتلاهم في الحدائق والطرقات والساحات ، ودفن الجماعة في القبر الواحد ، وبيع العقار والأثاث الذي لا يستغنى عنه بأخس الأثمان ، وسكنت الشرور ، وما زال الأمر مضطرباً وعظم الخطب ... وخرج الناس إلى الصعدات يجأرون إلى الله ويستغيثون به ، بعد أن تخلى عنهم القاصي وخذلهم الداني وهجرهم القريب وتركهم المعين والغريب ، وبقوا كالنعجة المريضة قد أسلمت نفسها لذئب غادر ... وقنت الأئمة في الصلوات ، ودعوا عليه على منابر المساجد ... وفي المجالس والمعابر ، ولعن على كل لسان وذمه كل إنسان ، وصار رمزاً عظيماً عند اهل الإجرام قبحه q y .
وقد حصلت هذه الحوادث في وقت عداء مع اليهود الذين أخذوا جميع أرض فلسطين ، ودارت بينهم وبين المسلمين حروب كثيرة ، ومع ذلك فإن هذا اللعين الذي يظهر الولاء للإسلام والعداء لأعدائه قد خرب من كل مدينة دخلها أضعاف ما خربه اليهود من مدن فلسطين ، وقتل من المسلمين أضعاف ما قتل اليهود منهم ... بل لو أن قائلاً قال : إن أهل مدينة ممن قتلوا أكثر ممن قتلهم بنو اسرائيل جميعاً في جميع البلدان " .. لكان صادقاً وللحق موافقاً ... حتى قال اليهود : ما خدمنا أحد كما خدمنا آل الأسد ...
وقد اجتمعت أمم العرب والإسلام والعالم غير مرة ، لاتخاذ تدابير تردعه أو وسائل تقمعه ، أو أعمال ترفع الكربة وعن الناس تدفعه ، فتنازعوا وفشلوا وذهبت ريحهم ، وما النصر إلا من عند الله ...
وكان من خلفه رافضة خرسان ، وقد تحول اسمها ذلك الأوان وسميت بإيران ، وكان عليها رجل خبيث ، يقال أنه كان يأتي النساء فاحشة والصغيرات متعة ، وقد عمل على بث الفتن أينما وجد ، وما دخل جنده أرضاً إلا من بها فسد ...
وكان هذا الخبيث يسمى بالخامنئي ، عليه من الله اللعنات ، ويحاول نشر مذهبه الرافضي بين أهل الإسلام ، وقد استغل كون الأسد رجل نصيري فسرت أفكاره في الشام كما تجري النار في الهشيم ، وكان يقول بألوهية علي وعصمة آل البيت ، وإباحة دم السني ، وسب الصحابة كلهم إلا قليلاً ، واتهم العفيفة الطاهرة الصديقة بالزنى والفجور ، وقال بتحريف القرآن واعتقد الإمامة وعمل بالتقية هادن اليهود بالخفية وأظهر لهم العداء ، وحارب الحق وأهله وناصر الشر وأهله ، وعم فساده البسيطة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ...
وقد قرب من تحصيل المقصود وهو حرف دين السنة والجماعة في الشام إلى دين المجوس عباد النار ، ولكن الله مظهر أمره وغالب دينُه ، فقد رد كيده في نحره ، وألهم أخيار الشام بالنهوض والقيام وإعلان الجهاد ضد الظلام ، والله غالب على أمره ولكن المجوس لا يفقهون...
وكان من أعوان الخبيث الأثيم بشار ، قوم هم الروس ، وهم سكان شمال الأرض ، يسكن البرد والجليد الثلج بلادهم أغلب العام ، وكانوا لا يعبدون شيئاً ويقولون أن الكون وجد صدفة أو أنه قديم أزلي ، وينكرون الخالق والبعث والنشور ، ويكفرون بالأنبياء ويحاربون الأديان كلها ... وقد تحولت دولتهم إلى قوة جبارة ، لها قدرة على تسيير كثير من أقدار البشر في الأرض بما وهبها الله من غنى وقوة ومنعة ...
ولم ير الناس لهذا الظالم الخبيث مثلاً إلا الدجال اللعين ، الذي لا يبقي إلا على من تبعه ويهلك من يخالفه ، والحق أنه وشبيحته أمثال يأجوج ومأجوج ، الذين لا يبقون على أحد ، فقد قتلوا الرجال والنساء والاطفال ، وسلبوا الحرث وأهلكوا النسل ، وشقوا بطون الحوامل وقتلوا الأجنة ، وقطعوا الطرقات وقطعوا المفاوز والقفار في بث الرعب ونشر الخراب والدمار .
حيث أنهم كانوا إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ، فتدك نيرانهم بنيانها وتدمر عمرانها ، فإذا فرغت من التدمير دخلوها وطافوا على البيوت كما يطوف يأجوج ومأجوج ، وقد ذبحوا المئات بالسكاكين ، وبقروا البطون ومثلوا بالقتلى وثملوا العيون وجدعوا الأنوف وقطعوا الآذان ، وأتلفوا ما مروا عليه ، حرقوا المصاحف والكتب ، فإذا خرجوا منها رأيت فيها شيئاً عجاباً لهول صنعهم وعظم فعلهم وظهور شرهم ...
ثم لم يكتف الخبيث بهذا ، بل إنه كان إذا دمر قرية نسب إلى أهلها دمارها ، وادعى بأنه دخلها لينقذها منهم ويحميها من شرهم فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ...
وقد أتى الشبيحة بأفعال يعجز البنان عن وصفها ويحتار اللسان في وجد ألفاظ لذكرها ، واستصرخ الانس والجان ، وذهل القاصي والدان ، وتعجب العدو من فعلهم بأنباء البلد ، وأصبحوا بإجرامهم مضرباً للمثل ومخوفاً للولد ... واكانوا يسجدون تحت أصنام أبيه وفوق صوره القذرة ، ويأمرون الناس بتأليهه ويعبدونه من دون الله أو مع الله ، ونسبوا إلى الله الضعف والخذلان ، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ...
وكان إذا استعصت عليه بلد من البلدان ، نصب منجنيق من حديد ، على بعد آلاف الأمتار أو يزيد ، ثم يرمي بها حمم ممزوجة من نار وحديد ، تحدث عند اصطدامها بشيء دماراً هائلاً وصوتاً عالياً مرعباً ... فإذا خاف الناس وفروا ولديارهم تركوا وعنها كروا دخلها بجموعه وفعل فيها أفاعيله التي لا يفعلها بشر ...
وقد فعل بالناس ما لم يحدث مثله في التواريخ ولا ما يقاربها أو يدانيها ، بل عقمت الليالي والأيام عن أن تأتي بمثلها ، فقد عمت الطوائف في الشام وخصت المسلمين ، فقد فعل فيها ما لم يفعله بخت نصر ببني اسرائيل من القتل والتخريب ، أو الفرنجة الصليبيين بأهل ديار المقدس من أعاجيب ، أو هولاكو في أهل بغداد من أغاريب ، أو تيمور في بني الإسلام أو الأعاريب ... ليقضي الله أمراً كان مفعولاً ....
فهام الناس على وجوههم وهجروا أهليهم وديارهم ، وتركوا أرزاقهم وذراريهم ، وخلفوا مدنهم وضيعاهم ، وتفرقوا في الأرض أيادي سبأ ، وتشتتوا شزر مزر ، لجأوا إلى ما جاورهم من البلدان وما أحاط بهم من الأقطار ، وسكنوا الخيام بعد القصور وأقاموا في ديار تشبه القبور ، وعم الخطب وعظم المصاب وأكلوا أوراق الشجر وجلد الميتة ، وحشائش الأرض ، وشربوا العكر من الماء إن وجدوه ، وغلقت أبواب العلم ودوره ، وأطفأت أنوار المدن ، وتحول العامر منها إلى خراب ، قد نقل لي بأن حمص وحدها وكان يسكنها أكثر من ألف ألف إنسان ، قد تحولت إلى مقبرة أو مدينة تسكنها الاشباح ، وقد هجروها أهلها وغادروا ، ومن الموت والتخويف فروا ، وخرج منها أكثر من سبع مائة ألف مسلم ... وحرم الناس الخبز وأطايب الطعام ، وغلب المرض على سائر الناس ....
وقد أسمى أهل الشام حربهم هذه بثورة الكرامة ، لأنهم لأجلها نهضوا نهضتهم ، وقامت قائمتهم ونفر نفيرهم ...
وذلك أن أهل الشام في السنة التي سبقت هذه قد أعلنوا الخروج على ملكهم ، ونادوا بحقوقهم وطالبوا بحريتهم ، وأرادوا نزعه عن سلطان الشام واختيار سلطان آخر ، وظنوا بهذا الخبيث خيراً ، فإذا فيه من الشر ما ليس في أحد حتى في والده الذي ورث عنه ملك الشام .
وبداية أمرهم أنهم كانوا يجتمعون بالساحات والطرقات ، ينادون عليه بالألفاظ والهتافات ، ويصرخون بنزعه وطرده عن الشام وما فيها من جنبات ، وكانوا يسمون فعلهم هذا بالتظاهرات ، لم يظهر منهم فيها لون من عنف ، أو شكل من شدة ، أو نوع من مغالبة ، فواجه جلاوزة الحاكم الناس بالنير والنار ، والحد والحديد ، وسالت الدماء وغلب البلاء وعم الغلاء والشقاء واستغاث المسلمون بالمسلمين من غير أن يجدوا لندائهم مجيب ...
فما كان من فرسانهم إلا أن نهضوا وغبار الذل والخنوع عنهم نفضوا ، فشهروا الأسنة والحراب وانطلقت جموعهم من كل مسجد ومحراب ، ورفعوا راية الحق وناد مناد الجهاد أن حي على الفلاح وحرب أهل العناد ... وهب الناس وتنادوا لفعل الخيرات ، وتسابقوا للتصدق بفضل أموالهم للمحاربين ، فتشكلت سريا وكتائب ـ تسمت أغلبها بأسماء الآل والأصاحب ، وأول ما بدأوا في حربهم من أرض شمال حمص يقال لها تلبيسة ، هي أول من أعلن شق يد الطاعة ، وحمل السلاح لنصرة السنة والجماعة ، وكان ذلك في أوائل هذه السنة ، وإليها يعود فضل خلق هذه السنة ... وهذه المنطقة التي تصدى بها أهل حمص للتتار ، وبها حصلت مواقع طاحنة عبر تاريخ البشر ...ثم امتدت نار الحرب فعمت الشام ، وسائر أقطارها ، وهاج الناس وكثر الهرج بين الشبيحة ودحر المجاهدون جنوده وردوهم على أعقابهم مدحورين مهزومين ، وكسروا شوكته وأعلوا راية الدين ، وكفى الله المؤمنين القتال في أكثر من موقعة ، فلله الحمد والمنة والفضل ... وقد أعطبوا كثيراً من دباباته وأسقطوا العديد من نسوره ودحروا أنصاره غير مرة في غير موقعة ، وظهر الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً ...
وفيها وصل إلى حكم مصر حاكم جديد ، وصل بعد أن اختاره الشعب ، وأصل الأمر بأنهم خرجوا على ملكهم الظالم المدعو محمد مبارك ، وهو من البركة بعيد ولها معاد عنيد ، حكم زيادة عن ثلاثين سنة ، كانت أقبح من ثلاثمائة ، نشر فيها الشرور وهادن الكفرة والمردة وحارب الدين ولم يكن خيراً من صاحبه بشار ، عليهما من الله الخزي والعار ... فنهض الناس عليه ، وقاموا إليه فعزلوه وسجنوه وخلف القضبان وضعوه وبالأصفاد قيدوه ... وحكمهم العسكر مدة وتسلطوا عليهم ، ثم تركوا الأمر للعامة فاختاروا ذلك الرجل المسمى بمحمد مرسي ، فقد اختاره العامة منتصف السنة وبايعوه ، وفيه توسموا الخير ، وقد كان أول أمره كذلك ، فقد خفض الأسعار ووضع الأتاوات والضرائب عن الناس ، وشد على يد الظالم ونصر المظلوم ... وأكثر ما يعيبه ترك نصرة إخوانه في الشام ، على طاغيتها وأعوانه الظلام ...
وفيها نشبت حرب في أرض السودان ، وهي وسط افريقيا ، بين النصارى والوثنيين وبين اهل التوحيد المسلمين ، وكان سببها أن الكفرة قد اعتدوا على أرض غنية للمسلمين على حين غرة ، وهي أرض هيجليج ، فقتلوا من قتلوا وغنموا غنائم كثيرة ، فما كان من جيوش السودان إلا أن قامت للذود عن حياض الدين ورد المشركين عن أرض المؤمنين ، فحصل الفتح وعم الأمن وغلب الحق وكفى الله المؤمنين في سائر البلدان القتال .
في من مات فيها من الأعيان :
وفيها كان مصرع جملة غير قليلة من الظلمة والجبابرة ، وكثير منهم من أعوان الخبيث بشار ، فقد مات الطاغية آصف شوكت وهو من الثلة النصيرية الخبيثة ، مات مسموماً أو محروقاً بأيدي المجاهدين من المسلمين ، وهو ختن اللعين بشار ، زوج اخته المسماة بشرى ، لا بشرى لهم إلا بالنار والخزي والعار ...
وقتل أمير من أمراء جيش الشبيحة وهو حسن تركماني ، وثلة غير قليلة من الظلمة ، ففرح الناس واستبشر المؤمنون ، وحمدوا الله وأثنوا عليه ، وعمت الفرحة وهنئ الناس أنفسهم ورأوا في ذلك فتح من الله وبشارة لنصر قريب ...
ومات أحد أمراء أرض نجد من عشائر عنيزة وهو نايف بن عبد العزيز ، وهو ولي عهد الملك ، وخليفة الحكم المنظور ، مات مريضاً بعد أن عمر من السنين ما لا يعد ، وغير ذلك من حوادث مما الله به عليم .
ثم دخلت سنة أربع وثلاثين وأربعمائة وألف .......