حدثنا عبد الباسط العموري قال: رمتني الأيام بسهم الترحال، و اجهاض الأمال، فكانت الغربة هي النهاية والمآل، ومن عظيم الكرب أن تساوت لدي الأيام والليال، وبقيت على هذه الحال، حتى وَطِئْتُ باب الجنوب، والشمس دانية من الغروب، فقلت لنفسي أَما حق فيك قدرٌ لا نصبَ فيه ولا لغوبْ، ودفءَ جدران أربعة بدل التشرد في الدروب، وما أتممت محاذثة نفسي الشقية، التي ألبستني عمامة الإفلاس والرزية، حتى خرق مسمعي صوت شجي، حداء كروان صاف نقي، فحملت جسدي المنهك قبلته، وهرولت علي أسعد برؤيته، فإذا بملاك في صورة بشر، قمر سطع وقلبي منه انفطر، جارية حسناء، مسكها عَطَّر الهواء، وبسمتها أشرقت من بهاها الأرض والسماء، موردة الخد، منحوتة القد، رفيعة النهد، طلقت لروعتها رشدي، فنظرت إلي وقالت: يا أيها الغريب، سحرت العين والقلب لك حبيب، ولقد رفعت صوتي بالغِنَاء، علي أومئ لك بما طويته النفس وعلمه رب السماء، وما أن رمقتك العين حتى قلت أني وجدت لهذا الجسد كساء، ولقلبي المريض دواء، وإني بين يدك خاتم ، ومن دونك بعد اليوم حياتي مأثم، ولكن الوصال محال، إلا بعد موافقة زروال. قلت ومن هذا الزروال؟، فهتفت ويجك إن مثل زروال، لا يجهل على حال ،فكن على بال. إنه زروال بن يعسوب فريدة المكان، وأحدوثة الزمان، قائد ركب الرجال، و سارق أفئدة ربات الحجال، سل عنه الجنوب ورماله، و أدب الصحراء وضروبه، سل عنه القلم وما سطر، والورق ما حوى وما أضمر، سل الليل من ملأ سكونه بأنين العشاق، و القصيد من سبكه فكان للمكلوم ترياق، والخصوم من أزال بالحرف بينهم العداوة والشقاق.
ثم سكتت هنيهة و عينها لم تفارقا عيني وقالت: عيناك بحر متلاطم الأمواج، وارحمني من الكلام فالشوق بالقلب هاج وماج، وطِرْ بي إلى سيدي زروال حيث ستدق طبول البهجة بالزواج.
قال عبد الباسط العموري: فوليت وجهي شطر زاوية زروال، القائم بأمر الجارية أم الدلال، وما إن وقفت قبالته، حتى أحسست ببركة الشيخ ورفعته، وقال يا بني انكشف عني الحجاب، وعرفت نيتك من طرق الباب، ومالنا من حرمانك منها غاية، فالقلوب حرة في الولاية، وقد وليتك على جاريتنا قمر الزمان، شريطة أن تجيب على سؤالي بالبيان، قلت يا أمير الشعر، لك السمع في الأمر ، وإن بينته فذاك خير، وإن لم أفعل فاحفر بجانب فراشها القبر، قال ما قولك في النص؟ قلت: نظام لغوي ، كلامه مفيد صيغ في قالب بهي، وهو سلوك لسني مستقل مستغلق، وتودوروف كان لهذا التعريف أسبق وأصدق، لكن عندي للنص تعريف، مستطرف خفيف، النص حرفان ممتلآن لحما، مكتنزان شحما، قارئه يستوي فيه البصير والأعمى، غض طري ، لا يحتاج إلا للرّي، منظره غواية، تستدعي منك رفع الراية، لتكون القارئ والشارح وتحق لك عليه الولاية، وإن قرأته بعين ناقدة نهلت منه الطرائف و الفرائد، والنكت القلائد، واعلم انه لا يلين لك معناه، إلا بعد تلمس مبناه، وإن راعتك السرعة في التحليل، فقل يا نفس الصبر جميل، وإن كان البعض يعرف من أين تأكل الكتف، فالجهل باكل النص يصيرك حيران أسف.
قال زروال: شرحت ووفيت، ونص قمر الزمان عنيت، فمد يدك نعلن قرانك، وعجل للخلوة تسطر على النص بيانك، ثم نادى أحد مريديه وقال: ياشاوش بريك، اذبح دجاجة وديك، واطعم كل من علم لديك، من أحبابنا رحم الله والديك.
ثم سكتت هنيهة و عينها لم تفارقا عيني وقالت: عيناك بحر متلاطم الأمواج، وارحمني من الكلام فالشوق بالقلب هاج وماج، وطِرْ بي إلى سيدي زروال حيث ستدق طبول البهجة بالزواج.
قال عبد الباسط العموري: فوليت وجهي شطر زاوية زروال، القائم بأمر الجارية أم الدلال، وما إن وقفت قبالته، حتى أحسست ببركة الشيخ ورفعته، وقال يا بني انكشف عني الحجاب، وعرفت نيتك من طرق الباب، ومالنا من حرمانك منها غاية، فالقلوب حرة في الولاية، وقد وليتك على جاريتنا قمر الزمان، شريطة أن تجيب على سؤالي بالبيان، قلت يا أمير الشعر، لك السمع في الأمر ، وإن بينته فذاك خير، وإن لم أفعل فاحفر بجانب فراشها القبر، قال ما قولك في النص؟ قلت: نظام لغوي ، كلامه مفيد صيغ في قالب بهي، وهو سلوك لسني مستقل مستغلق، وتودوروف كان لهذا التعريف أسبق وأصدق، لكن عندي للنص تعريف، مستطرف خفيف، النص حرفان ممتلآن لحما، مكتنزان شحما، قارئه يستوي فيه البصير والأعمى، غض طري ، لا يحتاج إلا للرّي، منظره غواية، تستدعي منك رفع الراية، لتكون القارئ والشارح وتحق لك عليه الولاية، وإن قرأته بعين ناقدة نهلت منه الطرائف و الفرائد، والنكت القلائد، واعلم انه لا يلين لك معناه، إلا بعد تلمس مبناه، وإن راعتك السرعة في التحليل، فقل يا نفس الصبر جميل، وإن كان البعض يعرف من أين تأكل الكتف، فالجهل باكل النص يصيرك حيران أسف.
قال زروال: شرحت ووفيت، ونص قمر الزمان عنيت، فمد يدك نعلن قرانك، وعجل للخلوة تسطر على النص بيانك، ثم نادى أحد مريديه وقال: ياشاوش بريك، اذبح دجاجة وديك، واطعم كل من علم لديك، من أحبابنا رحم الله والديك.