الإبداع الفنّي للعلم اللبناني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسين أحمد سليم
    أديب وكاتب
    • 23-10-2008
    • 147

    الإبداع الفنّي للعلم اللبناني

    الإبداع الفنّي للعلم اللبناني
    وتاريخه التّشكيليّ المجيد
    بقلم: حسين أحمد سليم
    قبل إبتكار وإعتماد العلمالحالي كراية وشعار لدولة لبنان, عرف لبنان، قبل العلم الحاليأعلاماًعديدة، وصفتها المراجع التّاريخية, وحدّدت زمن إستخداماتها وإعتمادها, وبيّنت معالم مقاييسها وتشكيلاتها وألوانهاومعانيها ورؤى أبعادها الأخرى...ماضيا, كان للفينيقيين اللبنانيينعلمهم، وكان لكلّ شعبمرّ على أرض لبنان علمه, وقد ورد بكتاب "تاريخالنّصرانيّة" المطبوع في فلورنسا، عام 1685 للميلاد, التّشكيل الفنّي لرسمأوّل علم لبناني, عليه الأرزة اللبنانيّة, وقد كان اللون الأبيض يُزيّن أعلىالعلم,وعليه رسم غصن أرزة لبنان, أمّا اللون الأحمر, فكان يُزيّن آخر العلم, وعليه رسمسنديانةلبنانيّة... وقد تمّ الإعتراف رسميّاً بهذا العلم وبشرعيته...دارت الأيّام وتعاقبت الحقبالتّاريخيّة, وسادت فوق الأرض اللبنانيّة حضارات ثمّ بادت, وتوالى مع كلّ حضارة, إرتفاعالرّاياتوالأعلام المختلفة... حتى جاء العام 1848 للميلاد, حيث إعتزم مارون النّقّاش إفتتاحأوّلمسرحللتّمثيل في البلاد العربيّة, وذلك في شهر تشرين الأوّل من العام المذكور, وقد نصحيومهاالكاتب الإنكليزي اريكون هارد, مؤلّف كتاب "لبنانتاريخ ويوميّات" مارون النّقّاش, بأنيتّخذ شعاراً لفرقته, شارة تشير إلىلبنان... فتقرّر إتّخاذ الأرزة شعاراً للفرقة, ومنهاأخذت شعاراً يُرسم على علم لبنان...دخل الحلفاء إلى لبنان, بعدالحربالعالميّة الأولى, فإرتفعت رايتان, كان للأرزة نصيب في إحداها...ألوان القيسي واليميني في جبل لبنان...فيرى البعض إنّ اللونين الإبيض والأحمر في العلماللبناني الحالي, يُذكّران البعض بألوان الحزبين, القيسيواليمني, اللذين تنازعا الحكم في جبللبنان, في القرن السّادس عشر... بينما يرى البعضالآخر فيهما لون الدّم ولون الحرّيّة... وهناك صوراًمتسلسلةتاريخيّة للرّايات والأعلام اللبنانيّة, تبرز خلفيّة الأبيض والأحمر الطّاغية،ويظهراللونالأزرق عند الفينيقيين, ثمّ عند الشّهابيين, ثمّ أثناء الإنتداب الفرنسي... وأوّلمنإستعملعنصراً نباتيّاً في العلم, هو الأمير إبراهيم, الذي تُنسب إليه تسمية نهرإبراهيم...والأصفر هو للحقبة المملوكيّة,وإستعملها الحزب اليميني في جبل لبنان أيضاً,عبر رسم الشّمس الصّفراء, أو زهرة دوّارالشّمس... ويتطوّر العنصر النّباتي إلى إكليل غارعند المعنيين... أمّا الهلال والنّجمة,فظلاّ شعار العلم العثماني الرّسمي على خلفيّة حمراءقانية, وهو نفس اللون الطّاغي عندالجنبلاطيين, الذين إستبدلوا السّيف في القرن الّسادسعشر بالرّيشة, في علم الحزب التّقدمي الإشتراكيالحالي...أمّا العروبيّون والحركاتالوحدويّةفي السّاحل اللبناني, فقد تبنّوا جميعهم علم الثّورة العربيّة في مواجهة العلماللبناني,الفرنسي. أمّا ألوان علم الثّورة العربيّة فهي الأسود والأبيض والأخضروالأحمر,نسبة إلى قول شاعر القرن السّادس عشر, صفيّ الدّين الحلّي في قصيدته الشّهيرة:سل الرّماح, ومنها البيت الشّعريالذي يقول فيه:بيض صنائعنا، سود وقائعنا،خضرمرابعنا،حمر مواضينا...وثمّة من رأى في ألوان العلمالعربي, نسبتها إلى ألوانالدّول العربيّة عبر التّاريخ: الأسودللعبّاسيين, والأبيض للأمويين, والأخضر للفاطميين,والأحمر إمّا بسبب الثّورة علىالعثمانيين, وإمّا لأنهّ كان لون العلم العثماني نفسه...أمّا في لبنان فإنّ الألوانالثّلاثة الأساسيّة جرى الحفاظ عليها: الأبيض والأحمروالأخضر... أمّا اللون البنّي المائل إلىالسّواد, لون جذع الأرزة, فقد اختفى من النّصّالرّسمي, لتحديد ألوان العلم, وبقيواضحاً في النّسخة الأصليّة, لرسم العلم في جلسةالمجلس النّيابي الشّهيرة والتي وقّععليها النّوّاب...فنعّوم مكرزلصاحبصحيفة "الهدى" النّيويوركيّة, إقترح للبنان, علم فرنسا تتوسّطه الأرزة,كرمز للبنان المنتدب,وقد عرض هذا الإقتراح على رئيس الجمهوريّةالفرنسيّة ريمون بوانكاريه, فإستحسن الفكرة,وإتّخذ العلم المثلّث الألوان، متوسّطاًبالأرزة, راية للبنان في عهد الإنتداب... ويُروى أنّنخلة التّويني, كان أوّل من طاف بهذاالعلم في أنحاء بيروت يومها...هذا, وأكّد هنري فرعون الذي إغتيلفي 6/8/1993 للميلاد, بحديث الى مجلّة الجيش اللبناني العدد رقم 92 الصّادر في كانون الأوّل من العام 1992للميلاد, أنّ علم الإستقلال, هو من رسمه قائلاً: إخترت الأرزة في قلبه, لأنّهاخالدة,وقد وقّع سبعة نوّاب على العلم في منزل سليم سلام... وجاء رسم العلم اللبناني فيذلك الوقت عفويّا يومها...ولدى تعديل الدّستوراللبناني، سنة 1943 للميلاد، قُدّم إقتراح نيابي, يقضي بتغيير شكل العلم, بموجبالمذكّرةالآتي نصّها: عطوفة رئيس مجلس النّواب الأفخم...عملاً بالمادّة السّابعةوالسّبعينمن الدّستور, يتشرّف النّواب الموقّعون, بأن يقترحوا علىالمجلس تعديل المادّة الخامسة منالدّستور على الوجه التّالي:مادّة وحيدة... العلماللبناني, أحمر فأبيض فأحمر,أقساماً أفقيّة, تتوسّط الأرزة القسم الأبيضبلون أخضر، أمّا حجم القسم الأبيض, فيساويحجم القسمين الأحمرين معاً، وأمّا الأرزة,ففي الوسط, يُلامس رأسها القسم الأحمر العلوي,وتلامس قاعدتها القسم الأحمر السّفلي,ويكون حجم الأرزة, موازياً لثلث حجم القسمالأبيض...ويرجو النّواب الموقّعون عرضهذا الإقتراح, ليصير التّصديق عليه بالأكثريّةالدّستوريّة المطلوبة, في أوّل جلسة...وتفضلّوا يا فخامة الرّئيسبقبول فائق الإحترام...بيروت في 11 تشرين الثّاني سنة1943 للميلاد.وحمل الإقتراح النّيابيتواقيعنائب الشّمال سعدي المنلاّ، نائب البقاع هنري فرعون، نائببيروت صائب سلام، نائبالجنوب رشيد بيضون ونائب الجنوب مارونكنعان...لكنّ رئيس الجمهوريّة وبعضأعضاءالحكومة اللبنانيّة إعتقلوا في تلك الأثناء وألّف البعضالآخر حكومة شرعيّة فيبلدة بشامون, جنوب شرق بيروت...وفي 12 تشرين الثّاني 1943 للميلاد,دعا الرّئيس صبري حمادة إلى جلسة للمجلسالنّيابي, لكنّ الجنود السّنغاليين,ضربوا طوقاً للحؤول دون ذلك, ولم يتمكّن من إختراقالطّوق, سوى سبعة نوّاب هم: صبري حمادة،والنّوّاب هنري فرعون، صائب سلام، رشيد بيضون، مارونكنعان، محمد الفضل وسعدي المنلاّ, الذيحُمل هذا الأخير على مناكب الجماهير الثّائرة, وأُدخل منشبّاك أطلق عليه، منذ تلك السّاعة، إسم"شّباك سعدي المنلاّ"... وخوفاً من دخولالسّنغاليين عليهم سارع الحاضرون، بناءعلى إقتراح تقدّم به أحدهم, لتغيير العلماللبناني, وتحريره من الألوان الفرنسيّة،قُوبل بالهتاف والتّصفيق، إلى إقرار تعديلالمادّة الخامسة من الدّستور اللبناني،وجيء بقلم رصاص أحمر, فأخذ النّائب سعدي المنلاّ, مهمّة رسمالعلم الجديد. ولم يجد النّواب قلماًأخضر، فرسموا الأرزة بالقلم الرّصاصي العادي, ثموقّعوا بإمضائهم على الرّسوم وعلى الإقتراح...ووقف الرّئيس ووقفوا، وأقسم الجميع على أن تكون هذه الألوان علماً للبنان المستقل...كانت السّاعة الحادية عشرةمن صباح يومالأحد الواقع في 21 من تشرين الثّاني سنة1943 للميلاد, حين وصل إلى بشامون أربعة شبّان, ينتمي منهمإثنان إلى منظّمة الكتائب وإثنان إلى منظّمةالنّجّادة، يحملون العلم الجديد, وقد صنعتهأيدي نساء لبنان،ودخلوا به على الحكومة، وقد غمرهم،جميعاً، جوّ من الحماسةوالغبطة...كانت السّاعة الحادية عشرة،حينذاك، يوم إرتفع علم لبنان في بشامون... وقد أذاع رئيس الحكومة الشّرعيّة حبيب أبوشهلا أثر ذلك, البلاغ التّالي:فيالسّاعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحدفي 21 تشرين الثاني سنة 1943 إستلمت الحكومةالشّرعيّة في مقرّها الموقّت في بشامون,من يديّ شباب الكتائب والنّجّادة العلم اللبنانيالجديد, الذي أقرّه مجلس النّواب بتاريخ12 تشرين الثّاني سنة 1943 للميلاد, وقد تولّى أصحابالفخامة والمعالي, نائب رئيس مجلسالوزراء القائم بأعمال رئيس الجمهوريّة، ورئيس مجلسالنّواب ووزير الدّاخليّة والدّفاعالوطني والقائد العام لقوات الحرس الوطني, رفع العلمعلى سارية, نُصبت فوق مقرّ الحكومة المؤقّت,ثم مرّ من أمامه الحرس الوطني, وهم ينشدونالنّشيد الوطني اللبناني...صدر عن مقرّ الحكومة في 21 تشرين الثاني سنة 1943للميلاد...وقد واكب رفع العلماللبناني، للمرّة الأولى، فوقسارية دار الحكومة, السّرايا الصّغيرة, بعدإنزال العلم القديم عنها, حماسة قفزت لهاالقلوب من الصّدور في حين كانت ساحة السّرايا,تغصّ بألوف الجماهير والهتافات تشقّ كبدالفضاء والتّصفيق يتعالى كالعاصفة الزّائرة...وقد رفعت علم لبنان, أيديعصبة منالفتيان الميامين الملتهبين حماسة ووطنيّة...
    يتكوّن علم لبنان من قطعة قماش, طولهاضعف عرضها، ويُقسم عرضيا إلى ثلاثة أجزاء، بحيث يكون عرض الجزء الأوسط, عرض مجموعألجزئين الآخرين معا... أما لون الجزء الأوسط فهو الأبيض، ولون ألجزئين الآخرينالأحمر. ويتوسط الجزء الأبيض أرزة خضراء...
    إذن فالعلم اللبناني, أحمر فأبيضفأحمر, أقساماً أفقية, تتوسّط الأرزة القسم الأبيض بلون أخضر. أمّا حجم القسمالأبيض, فيساوي حجم القسمين الأحمرين معاً. وأمّا الأرزة فهي في الوسط, يلامسرأسها القسم الأحمر العلوي, وتلامس قاعدتها القسم الأحمر السّفلي, ويكون حجمالأرزة موازياً لثلث حجم القسم الأبيض.يرمز اللون الأحمر إلى دماء الشّهداء,التي أريقت في ثورة تشرين الثّاني 1943للميلاد, ويرمز اللون الأبيض إلى بياض الثّلج,الذي يتراكم على جبال لبنان, وهو رمز الصّفاء والسّلام، أمّا شجرة الأرز التياستمدّت من جبل لبنان، فهي ترمز إلى القداسة والخلود والصّمود والعراقة...وقد ترك لنا التّاريخ حكايات كثيرة عنالأعلام التي تمّ رفعها فوق الأراضي اللبنانيّة, ومنها: العلم الفينيقي بلونيه:الأحمر والأزرق, وعلم آل نكد بلونيه: الأصفر والأزرق, وعلم الإدارة العربيّةبألوانه الأفقيّة: الأسود والأخضر والأبيض والمثلّث الأحمر إلى اليسار, وعلمالحنبلاطيين بلونه الأحمر ضمن إطار رفيع أخضر وفي وسطه السّيف, وعلم القيسيينالأحمر وفي أسفله وردة بيضاء وخضراء, وعلم المملكة السّوريّة بألوانه: الأسودوالأخضر والأبيض والمثلّث الأيسر الأحمر تتوسّطه النّجمة السّباعيّة, وعلمالثّوّار المردة باللون الأحمر والسّيف وعلامة الجمع, وعلم ثوّار الأمير إبراهيمبلونه الأبيض وفيه وردة خضراء وحمراء, وعلم التّنّوخيين بألوانه: الأخضر والأحمروالأصفر والأزرق...وأمّا مسارات العلم اللبناني عبرالتّاريخ فتتلخّص بحقب متوالية سالفة: ففي العام 1516للميلاد, إعتمد المعنيّونعلماً مقسّماً جانبيّاً باللونين الأحمر والأبيض يتوسّطه إكليل أخضر... وفي العامالميلادي 1698 إعتمد الشّهابيّون على علم أزرق يتوسّطه هلال أبيض... وفي العام 1842للميلاد,أيّام المتصرفيّة، إستعملت راية حمراء يتوسّطها الهلال والنّجمة, الشّعار الذي يدلّعلى الدّولة العثمانيّة... وفي العام 1918للميلاد, وبعد إنتهاء الحرب العالميّةالأولى وإنسحاب العثمانيين، إستعمل اللبنانيّون راية بيضاء تتوسّطها أرزة خضراء...وفي العام 1920للميلاد, عند إعلان دولة لبنان الكبير، إستعمل الفرنسيّون علمهمالأحمر, الأبيض, الأزرق, ووضعوا أرزة وسطه... وفي العام 1943للميلاد, أعلن ثوّاربشامون إستقلال لبنان, وتحّول العلم إلى الشّكل الحالي وأقرّه المجلس النّيابياللبناني في كانون الأول 1943 للميلاد كعلم رسمي... ورفع لأوّل مرّة على سرايالحكومة الشّرعيّة في قرية بشامون، وأقرّه البرلمان اللبناني في كانون الأول 1943للميلاد...ومع كثرة الجمعيات السّياسيّة وغيرالسّياسيّة والأحزاب والتّنظيمات والتّجمّعات الفكريّة والإجتماعيةّ والأدبيّةوالفنّيّة والتّجاريّة والصّناعيّة والزّراعيةّ والعلميّة والثّقافيّة وغيرها, فوقالأراضي اللبنانيّة, إضافة للوزارات والإدارات والجامعات والمؤسّسات... كثرتالأعلام والرّايات والشّعارات التي يتمّ إستخدامها من قبل هذه الجمعيّات والأحزابوالفئات والتي تجاوزت الآلاف...
    حسين أحمد سليم
    hasaleem
يعمل...
X