جامع البيض

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سيد يوسف مرسى
    أديب وكاتب
    • 26-02-2013
    • 1333

    جامع البيض

    تعودت النساء فى قريتنا والقرى المجاورة على صوت المنادى ينادى يستحثهن على بيع ما جمعن من بيض دجاجهن اللاتى حصلن عليه فى يومين أوثلاث من أيام الأسبوع كانت الفلاحات يعتمدن كثيرا فى أمور بيوتهن على ناتج الدجاج سواء كان بيض أولحوم إنها وسيلة لسيدات البيوت فى الريف للتغلب على بعض مصاعب الحياة الصغيرة التى ترهق رب البيت أحيانا فتلجأ المرأة لهذا الطريق فتقوم بتربية الدواجن بجميع أنواعها دون تكلف أومشقة فهى تأكل من فضلات الماشية غير الذى يقدم لها من الحبوب فى بعض الأوقات ؛شيئ عادى فى الحياة الريفية؛كان جامع البيض يمتطى حمارا تبدوعليه علامات الهزل والشقاء فهويجول قريتنا والقرى المجاورة شارع شارع وحارة حارة ومن بيت إلى بيت زيادة على ذلك قلة الطعام المقدم له فكان الحمار يحتاج إلى عكاز فى بعض أرجله الأمامية لكن صاحبه لايرحمة فإن أبطأ نال نصيبه من العصا التى فى يدى صاحبه ؛كان الرجل يجمع البيض من القرى ثم يذهب به لبيعه فى المدن ؛للرجل ملامح لاتخفى للناظر أبدا كان جلبابه رث ؛قد لفحت الشمس حمرة وجهه فحولتها إلى سمرة ؛يبدو على وجه الرجل الإرهاق والتعب من كثرة المشى والتراب الذى يعتلى قدماه الحافيتين وقد تفجرت بهما الدروب الغائرة ؛ولم يكن تعب الحمار من فراغ كان حمله ثقيل فى كل الأوقات من النهارفكان يوضع فوق ظهره قفصين من جريد النخيل مصنعين بطريقة محبوكة ولايترك بين أصابع الجريد فتحتات واسعة بل تكون ضيقة فى صناعتها يعلو القفص فتحة تسمح بدخول اليد والزراع لإدخال البيض بطريقة مريحة حتى لايتعرض للكسر ثم يحشى القفص بأعواد الأرز الجاف كى يحافظ على البيض بداخله زيادة على ذلك كمية البيض المحصل والتى يحتويهما القفصان ؛كان جامع البيض يمسك فى يده تليسكوب بلدى ؛قام هو بتصنيعه وهو عبارة عن ورقة مقواة يقوم بلفها بطريقة إسطوانية ويربطها بخيط فى المقدمة والمؤخرة ثم يرفعه ناحية الشمس وفى يدة البيضة التى يضعها فى فتحة التيلسكوب؛ويلفها ذات اليمين وذات الشمال ثم يعطى تقريرة عن البيضة وسلامتها؛وكان كثير من البيض يأخذ عدم صلاحية وخصوصا فى فصل الصيف؛وهذا التيلسكوب اليدوى بمثابة سلاح رهيب لجمع أكبر كمية من البيض بأقل سعر؛وكان جامع البيض بالنسبة لإغلب النساء فى القرية بمثابة الفرج لهن ؛فهو يوفر عليهن الذهاب إلى الأسواق ؛ثانيا كان بعض النسوة لايخرجن من بيوتهن حسب عادة بعض العائلات والعرف المتبع عندهم ؛تسطيع النساء من بيع بيضهن قضاء بعض حوائجهن قبل حدوث تلف للبيض وبهذا فالتيلسكوب يعد سلاحا فتاكا يحصل به على أكبر كمية من البيض بأقل الأسعار؛
    كنت أيامها صغيرا وكنت أنتظر بائع البيض مع أمى لأننى أنال بعض القروش من أمى بعد بيع البيض
    لأشترى بعض الحلوى وأحيانا تدفعنى أمى للإنتظار له فى أول الشارع مرغبة لى فى الدفع دون علم أبى
    بذلك؛؛ هذا الصورة مازالت عالقة فى الوجدان ؛؛؛
    لكن تمر الأيام والزمن يتغير وتتغير الناس وتنقلب الدنيا على عقبيها ؛فلا الراكب ظل ركبا ولا الماشى ظل يمشى رجليه ؛ودار الزمن دورتة ومرت السنين والأيام وقد كان حلما لنا لم نفق منه
    وفى إحدى الليالى كنت راجعا من عملى ووجدت جرس التليفون يدق رفعت السماعة لإعرف من يريدنا وجانى الصوت القادم إنه إحد أقربائى بالقرية بعد السلام والتحية أخبرنى أنهم يريدون منى الذهاب للقرية
    قلت لماذا قال نحن الآن فى موسم الإنخابات النيابية ويأتى بعض الأعضاء إلى قريتنا وإلى ديوان العائلة وكل عائلة تحضر شبابها وشيوخها للمقابلة ؛حاولت التخلص من هذا العمل المرهق دون جدوى ؛لقد كان صاحبى لديه القدرة على إقناعى بالسفر ؛؛سلمت الأمر لله وسافرت أشارك أهلى فى إستقبال النواب المرشحون كنت قدوصلت متأخرا بعض الوقت وجاء بعض المرشحين إلى ديواننا قبل وصولى،وكان اليوم التالى فى إستقبال المرشحين ووجدت حركة غير عادية أمام الديوان وبعض عمال الفراشة يدقون وينصبون الأعمدة الخشبية التى سوف تلف حولها الفراشة وكذلك العناقيد الكهربية المدلاة سألت أحد الواقفين بجانبى عن هذا المرشح الذى نال كل هذا الإهتمام ؛قال لى محدثى إنه فلان ياراجل إنه يبذر الفلوس بذرا ؛قلت ألهذا تهتمون ؛قال محدثى ؛إعلم أخى اننا لانفرط ولانعطى غير قريبنا فلان ؛لكن لابد من مقابلة أمثال هذا بنفس الوضع ؛إنها المقابلة ؛قلت إنه نفاق ؛نظر إلى وجهى وأصطنع حديثا مع من يقابله وذهب بعيدا عنى ؛تركته وذهبت لصلاة العشاء ؛وبعد الصلاة سمعت مكبر الصوت القادم من الديوان يعلن الترحيب بالزائر ؛سارعت لأرى الرجل ودخلت وبدأت أتقدم ؛حتى جذبنى أحد الجالسين كى أجلس بجانبة؛جلست وأنا أشكره على ذلك ؛مع أن عيناى قدأمتدت إلى المنصة المعدة لذلك نظرت إليه طويلا الصورة ليست بعيدة عن خيالى أننى أعرف هذة الصورة ؛متى رأيت ذلك الرجل ؛كانت قواديس الذاكرة تعمل تحاول التعرف على هذا الرجل ؛كانت تروس الذاكرة تكاد تتأكل ؛سرعان ما إستقرت وهدأت
    (إنه جامع البيض )ثبتت أعضائى ما من حراك فيها يدب بالرغم من الهتاف والتصفيق ؛ركعت عيناى وأخذت رأسى معها لأسفل ؛نادانى صاحبى الذى يسكن بداخلى ؛إنها الفلوس والتلاعب بالنفوس
    وتذكرت قول الله سبحانه وتعالى(وتلك الأيام نداولها بين الناس) صدق الله العظيم

    التعديل الأخير تم بواسطة سيد يوسف مرسى; الساعة 28-03-2013, 17:12.









يعمل...
X